مسعد بولس يصفع من جديد النظام الجزائري: تفاؤل أمريكي بحل نهائي لقضية الصحراء المغربية قبل جلسة مجلس الأمن    بولس يتفاءل بحل نهائي لنزاع الصحراء    الانخفاض ينهي تداولات بورصة البيضاء    71 ألف و114 مستفيدا من دعم السكن    "اللبؤات" يواجهن كوريا في الأولمبي    سيدات الجيش في مجموعة متوازنة    الجمعية المغربية للباحثين في الرحلة وجمعية نظرة للثقافة والإعلام تنظمان:مصر في مرآة رحلات مغربية معاصرة    ابن يحيى: 955 دار طالب وطالبة تستفيد من دعم سنوي يفوق 120 مليون درهم لمحاربة الهدر المدرسي    التهراوي: إنجاز أكثر من 1200 مشروع صحي ضمن برنامج تنمية العالم القروي    البرنامج الجديد للنقل الحضري العمومي.. إستلام 257 حافلة جديدة بميناء الدار البيضاء    التهراوي يُعلن قرب إطلاق "الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية"    الحسيمة.. السجن النافذ لمتهم بالتحريض على التجمهر والمس بالوحدة الترابية    الأمين العام الأممي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    العلوم السياسية في الثانوي    زمن النسيان العام    محمد البارودي يقود الديربي بين الوداد والرجاء    مجلس الحكومة يستعد الخميس المقبل لمنح ثلاث شركات للاتصالات تراخيص الجيل الخامس    الكاتب المغربي سعيد بوكرامي مرشحا لنيل جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة 2025    بركة: سنطلق في غضون أسابيع الربط المائي بين أبي رقراق وأم الربيع لنقل 800 مليون متر مكعب من الماء    البلاوي: "حماية المال العام تعد من المهام الجسيمة التي تستلزم تعبئة تشريعية وقضائية ومؤسساتية متكاملة"    المانوزي: التمديد للشكر تم في منتصف الليل بشكل غير ديمقراطي وقد ألجأ للطعن إنقاذا للحزب    تحرّك قانوني مغربي ضد توكل كرمان بعد إساءتها للمغرب    اقتراب منخفض جوي يحمل أمطاراً ورياحاً قوية نحو الريف والواجهة المتوسطية    المدافع باعوف ضمن اللائحة الأولية لأسود الأطلس    Trevo تفتح باب التسجيل للمضيفين المغاربة‬    أهداف حاسمة ومساهمات قوية ل "أسود الأطلس" في صدارة المشهد الأوروبي    تيزنيت: بتنسيق مع "الديستي"… عناصر الشرطة القضائية توقع بشخصين متهمين باضرام النيران بسيارتين بالشارع العام    شبكة لغسل أموال المخدرات عبر "منتجعات صحية" تُطيح بمسؤولين بنكيين    في قلب بنسليمان..مهرجان عيطة الشاوية يرى النور في مدينة المونديال    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    تعديلات جديدة تحصر القيد في اللوائح الانتخابية وتضبط استطلاعات الرأي    تصريحات لامين جمال تُشعل الكلاسيكو    إسماعيل باعوف ضمن التشكيلة الأولية لأسود الأطلس عقب تتويجه بمونديال الشباب    يضم نقوشا صخرية وقبورا جنائزية.. مطالب بحماية موقع أثري بكلميم من التخريب    فينيسيوس بعد استبداله في"الكلاسيكو": "سأغادر الفريق.. من الأفضل أن أرحل"    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    فاطمة عاطف.. تكريم بطعم المواويل    عودة الاحتجاج على تعطيل التكرير في مصفاة "سامير" وضياع حقوق الأجراء والمتقاعدين    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    ارتفاع أسعار النفط بعد التوصل إلى إطار عمل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين    دراسة حديثة: الاحتباس الحراري يؤثر في توزيع الأمطار والثلوج    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    ترامب يرغب في لقاء كيم جونغ أون    روسيا تعلن اعتراض 193 مسيرة أوكرانية    النفط يرتفع بعد توصل أمريكا والصين إلى إطار عمل لاتفاق تجاري    الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار .. تقدم الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا    دونالد ترامب يبدأ زيارة رسمية لليابان    كيوسك الإثنين | إصلاحات جديدة لتعزيز الشفافية وتحصين العمليات الانتخابية    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى بنسبة 3,2 بالمائة عند متم شتنبر    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخلاق الفاضلة.. (2)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 18 - 12 - 2015

لم يحدث في التاريخ أن دينا من الأديان وفَّق بين مصلحتي الدنيا والآخرة بقدر ما فعل دين الإسلام، فالإسلام لم يجعل للجسد سلطة على الروح حتى تفنى فيه ويصبح الإنسان ماديا محضا، ولا للروح سلطة على الجسد بحيث يفنى فيها ويصبح مخلوقا غريبا عن هذا العالم.
من تأمل في أسباب سقوط الأمم واعتلائها، وجد أن سقوطها لم يكن إلا أثراً من آثار اقتصارها على العمل لأمر دنياها وحده، أو أمر آخرتها وحده، وأن اعتلائها ناتج عن اعتدال الأمرين وتوازن الكفتين والتمتع بكلتا الحسنيين، قال تعالى:
"وَابْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الاَخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الاَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" [القصص، 77]. وقال: "رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاَخِرَةِ حَسَنَةً" [البقرة، 199].
ووردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى، قال صلى الله عليه وسلم: "وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة"[1].
ووردت في روايات هذا الحديث، "احْرُثْ لَدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا"[2]، وورد "فاعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذرا تخشى أن تموت غدا"[3]، وذمَّ رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال الإمام: الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَدَارُ نَجَاةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا مَهْبَطُ وَحْيِ اللَّهِ[4].
التمييز بين الخير والشر
قال سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه "البر من لا يودي الذر وضد الخير والشر"؛ فإن ضمير الإنسان هو الحكم العدل بينه وبين ربه في معرفة الخير والشر، فلا يقول فلان يقول فلان أفتاني وفلان قال لي، وإنما يرجع إلى أعماق نفسه وحر ضميره فهو لا يكذبه ولا يدلس عليه قال عليه الصلاة والسلام "اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَلَوْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ"[5].
وقد أرشدنا المشرع الأكبر إلى عمل الخير بجميع أنواعه قال عليه السلام: "الدال على الخير كفاعله الدال على الشر كفاعله"[6] وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كل مسلم صدقة"، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: "فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق"، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: "فيعين ذا الحاجة الملهوف"، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: "فيأمر بالخير أو قال: بالمعروف"، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: "فليمسك، عن الشر فإنه له صدقة"[7].
وهناك حديث خص فيه صلى الله عليه وسلم بعض الواجبات ثم عمها فقال "ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع ومسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسئولة عنه والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"[8].
فالشارع صلوات الله عليه وسلم يعتبر كل واحد من البشر له عمل في دنياه يجب عليه أن ينصح فيه ويقوم به خير قيام وإذا قصر في ذلك أو أهمل كان مسئولا مؤاخذا فلا تتحقق إنسانية الإنسان وكرم أخلاقه إلا إذا أحسن إلى المسيء فإذا أحسن إلى المحسن فتلك تجارة معاوضة.
وعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْفَضْلُ فِي أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ"[9]. ومثل هذا الحديث ما وصف الله به الأبرار حيث قال "وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار" [الرعد، 24]. أي يدفعون الشر بالخير، بحيث إذا أساء إليهم مُسيء أحسنوا هم إليه، ولم يقابلوه على إساءته بالسوء فهم إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا.
ومن كلام أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه "يا سبحان الله ما أزهد كثيرا من الناس في الخير عجبت لرجل يجيئه أخوه في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا، فلو كنا لا نرجو جنة ولا نخاف نارا ولا ننتظر ثوابا ولا نخشى عقابا، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدل على سبيل النجاة".
ويقرب من كلام علي رضي الله عنه ما ورد عن سفانة بنت حاتم الطائي عندما أسرتها خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتوه بها فقالت: "هلك الوالد وغاب الرافد فإن رأيت أن تخلي عنى ولا تشمت بي أحياء العرب فإن أبي كان سيد قومه يفك العاني ويقتل الجاني ويحفظ الجار ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ويحمل الكل ويعين على نوائب الدهر وما أتاه أحد في حاجة فرده خائبا أنا بنت حاتم الطائى. فقال لها النبي يا جارية هذه صفات المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق"[10]. ثم أسلمت هي وأخوها عدي بن حاتم رضي الله عنهما.
يتبع..
————————————-
1. فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير للعلامة محمد عبد الرؤوف المناوي ضبطه وصححه أحمد عبد السلام الجزء الرابع تتمة حرف الراء، دار الكتب العلمية بيروتلبنان ح: 4368.
2. إصلاح المال لابن أبي الدنيا، إِصْلاحُ الْمَالِ، بَابُ فَضْلِ الْمَالِ، رقم الحديث: 48.
3. المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة، نعم البيت الحمام؛ فإنه يذهب بالوسخ، ويذكر الآخرة.. حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ.. رقم الحديث: 998.
4. المجالسة وجواهر العلم للدينوري، الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار نجاة لمن فهم عنها.. رقم الحديث: 1249.
5. المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي، الْبَابُ الثَّامِنُ، الْبَابُ الثَّامِنُ، رقم الحديث: 106.
6. الجامع لأحكام القرآن 3/6/33.
7. السنن الكبرى، كتاب الزكاة، جماع أبواب صدقة التطوع، باب وجوه الصدقة وما على كل سلامى من الناس منها كل يوم. حديث رقم:7627.
8. سنن الترمذي، كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الإمام. ح: 1705.
9. الزهد لهناد بن السري، بَابُ: صِلَةِ الرَّحِمِ، ح: 1017.
10. المستطرف، ج:1، صفحة، 368.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.