فوز هام، مردود مقنع ولاعبون بثقة عالية حقق المنتخب المغربي فوزا يمكن وصفه بالتاريخي، كيف لا وهو الإنتصار الذي جاء بعد عجز كبير عن إفراح الجمهور المغربي لسنتين كاملتين وبعد توالي النكسات.. فوز تحقق بفضل الإصرار الكبير والرغبة العارمة في كسبه وبعد العديد من اللحظات اليائسة التي أصبحت من الماضي عقب مباراة دار السلام. معنويات مرتفعة: بصم اللاعبون المغاربة على مستويات تقنية جيدة للغاية في لقاء دار السلام واعتبر الأداء الأفضل خلال السنتين الأخيرتين، غير أن أهم معطى والذي لا يمكن إهماله في سياق التحليل التقني للقاء هو المعنويات المرتفعة للعناصر الوطنية التي استفادت من الوضع الصحي الجيد لها خلال الفترة الماضبة رفقة نواديها (حجي وخرجة تألقا، الشماخ والحمداوي سجلا، بنعطية بدوره بأفضل حال، العربي لاعب الشهر بفرنسا بوصوفة كالعادة الأكثر جاهزية بأندرلخت وبرابح وتاعرابت بمستويات جيدة للغاية...) هذه العوامل برأيي مهدت الأجواء داخل محيط المنتخب المغربي وساعدت على خلق أجواء رائعة خاصة والتجديد بهولندا أزاح روتينية الإعداد بالرباط. المنظومة التكتيكية: إعتمد المدرب دومينيك كوبيرلي بتوصية فعلية من غيرتس بطبيعة الحال على المنظومة الشائعة حاليا والتي يعتمد عليها أغلب المدربين وهي (442) باعتبار أن الخصم كان متوقعا أن يلعب بنفس الأسلوب الذي أجبر من خلاله الجزائر على التعادل بالبليدة، وبالتالي توخي الحرص من المنافس الذي كان يعول على ربح نقاطا ثلاثا من الأهمية بمكان.. المياغري في حراسة المرمى، رواقين واحد تقليدي بظهور بصير وتعويض الكروشي بالسليماني، وتغيير استراتيجي بالدفع بالقنطاري مكان بنزوكان وتثبيث بنعطية.. الوسط هذه المرة بروح جديدة باللعب بخرجة وسقائين ولاعبي ارتكاز (الأحمدي وهرماش) وبوصوفة صانعا للألعاب ثم الثنائية الهجومية المعروفة (الحمداوي والشماخ). التنشيط الدفاعي: كان يبدأ بلاعبي خط الوسط الذين قاموا بادوار دفاعية هامة خففت العبء على لاعبي خط الظهر، وكان قلبي الهجوم بدورهما حاضرين للعب هذا الدور.. وظهر التنشيط الدفاعي في صورة (451)، إذ بمجرد ضياع الكرة كان على أحد المهاجمين الإرتداد للوسط الدفاعي بطريقة حديثة وتكوين ثلاث شبكات منظمة من أجل شل حركة المنافس، ثم الضغط على الخصم قبل التفكير في إنجاز الهجمة مساندين بلاعبي الوسط خاصة لاعبي الإرتكاز مشكلين جبهة دفاعية متقدمة، واستبسل لاعبو خط الوسط في الدفاع بالمنطقة بتطبيق أسلحة حديثة رفقة المدافعين (الميلان - الدفاع والصعود) مع استخلاص الكرة والتغطية وأمام هذا المعطى لم يتركوا للخصم سوى خياري التسديد والكرات الثابتة. التنشيط الهجومي: تم وضع قلبي الهجوم في منطقة دقيقة من معترك تانزانيا لإرباك لاعبي الدفاع الذين ظهروا عاجزين على إجادة أدوار التغطية والرقابة سيما وأن تحركات الشماخ المناور بلا كرة تكون عادة خطيرة، والحمداوي بأناقة كبيرة كان يسحب معه المدافعين للأطراف، وشاهدنا كيف نادى الشماخ على العديد من الكرات خلف ظهر مدافعي تانزانيا وتصيد ركلة جزاء رفقة الحمداوي لم يعلن عنها الحكم قبل أن يمرر كعادته كرة رائعة للحمداوي والهدف الثمين المحصل عليه. باستثناء هذين الفرصتين ظل لاعبو الوسط ومدافعو الرواق عاجزين عن نقل الكرات للشماخ والحمداوي، وظهر الرواق الأيسر الذي نشطه خرجة موفقا والرواق الأيمن أعرج. الخلاصة: أعاد لاعبو المنتخب المغربي الإبتسامة للجمهور بعد التحصل على النقاط الثلاث الهامة واستعادوا زئيرهم في عمق الأدغال الإفريقية وظهرت طفرة كبيرة بخصوص الأداء بشكل عام، إذ نشطت الحركة في مختلف الممرات والخطوط، انتصار صحيح سيرفع مؤشر الثقة عند العناصر الوطنية بعد فترة شك طالت كثيرا لكنه لا يجب أن يخفي جوانب كثيرة يتعين إصلاحها داخل المنتخب سيما والمباراة القادمة يفصلنا عنها وقت كاف ولقاء إيرلندا الشمالية الودي قد يكون مناسبة لزيادة عمق العمل.. المهم خلال اللقاء هو ظهور العديد من البوادر الجيدة والإيجابية والتي يجب استثمارها كمحطة للإنطلاقة واعتبار محطة دار السلام المنعرج الأكثر أهمية في مرحلة الإصلاح واستعادة التوازن. فؤاد الصحابي إطار وطني مسؤول عن رديف الوداد