أتركوا عليكم أوسكار أن تربح 36 لقبًا وبطولة مختلفة الأحجام والقيم دون تكوين أكاديمي ودون شواهد، فهذا في إعتقادي المتواضع علامة من علامات النبوغ والعبقرية وشهادة دهاء تفوق بعض الديبلومات «المسلوقة» التي هي في حوزة الكثيرين ولا هم صعدوا يومًا بوديومًا أو طوقوا عنقهم حتى بمعدن القصدير. فلتذهب كل الديبلومات للجحيم، ولتحرق كل الشواهد ما لم تشهد للمدرب ولصاحبها بالكفاءة، كما أنجزها وسطر أحرفها المدرب الأرجنتيني أوسكار فيلوني، والذي يجابه في هذه الأيام حملةً غير بريئة ويواجه رياحًا مسمومة وأخرى مخدومة في الكواليس تحاول قدر المستطاع جرفه لحيث المآل المحتوم بإسم القانون الجديد وبإسم المقاربة الجديدة للجامعة، بمنعه من التدريب في البطولة، لا لشيء سوى لأن ذات الجامعة أولاً والأندية التي قادها أوسكار ثانيًا فطنت أخيرًا إلى أن إبن الطانغو غير مدعوم بشواهد الإثبات التي تجيز له الجلوس في دكة البدلاء. المسألة تبدو في ظاهرها إيجابية وفيها تنقيح للمشهد، فيها تمييز بين الغث والسمين، بين الدخيل والأصيل، وبين المرتزق القادم لأجل «سياحة ومتعة» والخبير الحامل لزاد المهنة والإبداع، لكنها بالمقابل وفي حالة أوسكار الذي لا أنصب نفسي مترافعًا عنه لأني لا أعرف هذا الإطار معرفة دقيقة وعميقة، بل معرفة سطحية محكومة بأصول التواصل المنقطع بحكم المهنة، قلت تتطلب حالته نوعا من المرونة، بعيدًا عن لغة التصلب في «التكييفات القانونية»، لا لشيء سوى لما قدمه هذا المدرب من خدمات للبطولة وكرة القدم الوطنية بشكل عام، بغض النظر عن الجوانب الأخرى التي تحكم شخصيته، أفعاله وسلوكياته.. بدعة الديبلومات والشواهد التي تروم الجامعة التعامل معها بنوع من الجدية المبالغ فيها، والتي تزكي طرح وزير الشباب والرياضة منصف بلخياط، مع المدراء الفنيين والمدربين قد تكون مسألة حصية وقد تشكل تقليعة محمودة، لكن يجب أن يقابلها في الجهة الأخرى نفس الإسقاط بخصوص عينة المسيرين، يجب تحسين فصيلة هذا الصنف وشله بفرض مسيرين بجودة عالية وبشهادة «إيزو» للكفاءة أيضا وإلا سنكون أمام الكيل المضاعف أي بمكيالين ونصف. إن لم يشفع لأوسكار أنه أول وآخر من أوصل ناديا مغربيا للعالمية باستحضار ما أنجزه مع الرجاء حين فتح أحضان البرازيل أمام مصراعيها، فعلى الأقل هو آخر مدرب تحصل معه الوداد على لقب قاري وهو آخر من جعل النسور الخضر يحملون أمجد كأس قارية في نهائي أنطولوجي بالمنزه. وكنت سأقبل لو أن الجامعة هيأت سندًا آخر لمنح التراخيص، بدل تخريجة الديبلوم التي تدرك قبل غيرها أن أوسكار من المستحيل أن لا يكون محتكمًا عليها، لأن ثقافته اللاتينية المجبولة على فطرة الموهبة تقدم هذه الخصلة على ما دونها وتطلق العنان لملكات الإبداع للتحليق دونما إغراق في مثل هذه الشكليات التي لا تتطلب كثير إجهاد في سبيل تحصيلها، لأنه في الوقت الذي كان فيه بعض المدربين يحضعون لدورات تكوينية معروفة «بكوكوت مينوت» كان سجل أوسكار يحفل بالنياشين والأوسمة ويتعمق في كنه وجوهر التحاليل النفسية وماهية الأشياء التي ميزته عما سواه. ومن يشاهد ثورة الشبان التي يحدثها هذا المدرب داخل كل النوادي المغربية التي يشتغل فيها، من يدقق في خططه التكتيكية التي تبدو بعض الشيء غريبة في شكلها بإناطة أدوار غير مألوفة بعناصر تنشيط في جبهات مختلفة، يتوصل لحقيقة عبقرية هذا المدرب دونما حاجة لشهادة أو ديبلوم. طيب لنجاري الجامعة من طرحها ونقبل بالطبخة التي تهيأ على نار هادئة في سبيل صد الأبواب أمام أوسكار وكل ذلك معلق بنتيجة مباراة نصف نهاية كأس العرش، ونقبل بهذا الإجراء «التطهيري»، لكن بالمقابل ماذا لو وسعت دائرة «التطهير» وقننت المهنة ونظفتها من بعض الشوائب المسيئة للمشهد مثلاً. بأن تحصر دائرة انتماء المدربين، فلا نشاهد مدربًا اليوم وغدًا معدًا بدنيا وبعده مدربًا للحراس وهذه حالات موجودة بالبطولة ومعروفة. بأن تفرض ميزان العدل بين الجميع وتضعهم في سلة واحدة عبر ميثاق أخلاقي لا يجيز التصدي والتربص ببعضهم البعض. وبأن تضمن لهم عقودًا واضحة وصريحة لا ترهن مستقبلهم ومستقبل أسرهم بنعرة طائشة للموسيو «بريزيدان». أحترم أوسكار وأدعو لتركه وشأنه وعدم التنكر لما أسدى، لأنه على الأقل يحترم مهنته بخلاف بعض من الكل، وعلى الأقل أوسكار عرفنا أنه مدرب عكس من هم بعشرات القبعات آخرها «التخليل التقني والتحريم الرياضي». العقاد صاحب العبقريات لم يتحصل على أكبر الشواهد الدراسية، ومخترعو الكرة الإنجليز هم أقل شعب يقرأ في القارة العجوز، فكيف لا نستبدل شهادة أوسكار التي يعدمها بعبقرية ودهاء ونبوغ لا يوجد من يضاهيه فيهم. منعم بلمقدم