ثلاثية الإبداع مخطئ من قال أن زمن الكرة الجميلة قد ولى وأن الإبداع قد اغتالته الطقوس التكتيكية الصارمة، ومخطئ من ظن أن الكرة لم تولد للإستعراض، الأهداف والعروض الجميلة، ثم مخطئ من اعتقد أن المستديرة المجنونة لا تنصف دائما المبدعين والمهرة من الأندية· إشرأبت أعناقنا صوب ملعب الأولمبيكو بروما الإيطالية للوقوف على ما سيفرزه النهائي الحالم بين برشلونة الإسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي، بحكم أنه نهائي غير عادي جمع أعتد الأندية الأوروبية وأقواها هذا الموسم·· أسهبنا في قراءة هذه المباراة لمعرفة أي خلاصات ستفرزها وأي دروس ستقدم، وإن كان برشلونة قد قدم المؤشرات الأولى طيلة هذا الموسم أنه الفريق الذي لا يشق له غبار بعد أن بسط أسلوبه الذي يعتمد على الإمتاع والعروض الجميلة والمهارات الفنية، أسلوب كان السلاح الفتاك الذي أسقط به كل الخصوم تباعا، لذلك كان عليه أن يكرس هذا التفوق أمام فريق إنجليزي مدجج بالنجوم ومشهود له بالواقعية، كان عليه يستنجد بأسلحته مجددا ليصعد على عرش أوروبا· البارصا استطاع أن يحظى بأسلوبه المتميز بتعاطف كبير من طرف جل المحللين والخبراء، واعتبروا فوزه باللقب أنه انتصار لكرة القدم نفسها، والواقع أن صعود الفريق الكطلاني على منصة التتويج لم يكن مفاجأة قياسا بالمشوار الباهر الذي وقع عليه، لذلك انتظرنا هذا العرض الرائع في أمسية روما· لا أحد يشك في قيمة مانشستر يونايتد، في حنكة مدربه أليكس فيرغسون وفي نجومية لاعبيه، لأنه يبقى فريقا قويا صعب المنال رغم خيبة الخسارة، لكن برأيي أن أسلوب البارصا هو ما قزم نجومية هذا الفريق، فالطريقة التي لعب بها غوارديولا تسببت في إرباك حسابات فيرغسون وقوة لاعبيه، إذ لم يجدوا القوة الكافية لمجاراة إيقاع الكطلانيين، فما كان عليهم إلا أن استسلموا للآلة الإسبانية· البعض رأى أن مانشستر يونايتد لم يكن في برج سعده، لكن مجريات النهائي أكدت أن الفريق الإسباني كان الأفضل ومَلك المفاتيح الجيدة للفوز·· غوارديولا كان المفتاح الأول بحكم أنه أعاد الشخصية لهذ الفريق وقوى لحمته، بل اعتبر هو اللاعب رقم 12، إذ أننا نشعر ومن فرط قربه وتجانسه مع اللاعبين أن ظله وشبحه لا يفارقان عناصره بالملعب، كما أنه نجح في الإعتماد بأكبر قدر ممكن من اللاعبين الإسبان داخل فريقه، وتلك خطوة أولى تحسب له لأنه يعرف ماذا يعني الإنتماء الحقيقي وتمثيل البلد، أما المفتاح الثاني فيتجلى في مهندسي الوسط كزافي وإنييسطا، فالعنصرين معا هما من أفضل ما تجود به الكرة الحالية لما يملكان من الحلول السريعة للبناء وبلوغ الهدف في رمشة عين، كما يقدمان لزملائهما الشهد والكافيار والكرات الحاسمة، هما مثل النحلتين يتنزهان في البساتين بلا كلل وملل، أما المفتاح الثالث فتمثل في أن البارصا يملك متممي العمليات من الطراز الرفيع، إيطو وميسي وتيري هنري، ثلاثي الرعب الهجومي الذي يستغل جل الفرص أفضل استغلال وغالبا ما تهدر الفرص· هكذا إذن استطاع برشلونة أن يضفي على هذا النهائي نكهة خاصة، فلا عزاء على فيرغسون الذي قال قبل المواجهة أنه لعب بلون الريال الأبيض وأنه سيفوز، وعلى واين روني الذي رأى في المنامة أنه يحمل الكأس بقميص المانشستر الأبيض ليلعب الأخير بهذا اللون بدل الأحمر حتى تتحقق المنامة، برشلونة الفريق الذهبي أكد مجددا أن الذهب لا يصدأ·