ميكرونيزيا تؤكد أن "الصحراء تعد، وكانت على الدوام، جزءا لا يتجزأ من تراب المغرب"    ب20 مليار درهم.. الملك محمد السادس يُطلق مشاريع سككية بالدار البيضاء    استطلاع: 78% من المغاربة يعتبرون التغير المناخي تهديدا حقيقيا.. والجفاف في صدارة التحديات    وزارة السياحة تسجل إضافة 240 وحدة سياحية و5600 سرير منذ 2021    بعد استهداف 9 سفن.. محامي مغربي: "أسطول الصمود" يُعد لقضية أمام الجنائية الدولية    شريط فيديو يستنفر أمن مراكش ويقود لتوقيف شخصين متورطين في حيازة أسلحة بيضاء    جيش إسبانيا يساعد أسطول الصمود    وزارة التربية الوطنية تطوي أحد الملفات الثقيلة بإصدار مذكرة حول الترقية            إفران تحتضن المؤتمر الدولي الأول للسياحة البيئية والاستثمار المستدام    شيشاوة.. مصرع 5 أشخاص 4 منهم من أسرة واحدة اختناقا داخل "مطمورة" للصرف الصحي    "التقدم و الاشتراكية ينبه الحكومة إلى التخلي عن "خطاب التعالي و إنكار الواقع الصعب    سوريا تكشف عن سجن سري جديد تحت الأرض في ريف حمص    الخطاب السياسي في المغرب : من الوطنية إلى الشعبوية    مونديال أقل من 20 سنة.. وهبي: جئنا بطموحات كبيرة ونسعى للجاهزية الكاملة لمواجهة إسبانيا    الحسيمة تتصدر المدن الأغلى وطنيا في أسعار الاستهلاك    بتهمة إهانة موظف عمومي ابتدائية سطات تحكم ب 180 ساعة خدمة اجتماعية في مستشفى بدل السجن شهرين    اعتقال مستشار جماعي نواحي اقليم الحسيمة للاشتباه في ارتباطه بتجارة المخدرات    عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    وفد اقتصادي أمريكي يزور ميناء طنجة المتوسط لتعزيز التعاون مع المغرب    مدرب جيرونا يشيد بأداء أوناحي بعد تألقه أمام بلباو    TV5MONDE تحتفي بالفرنكوفونية المغربية في سهرة ثقافية خاصة    مهرجان "عيطة بلادي" يكشف تفاصيل نسخته الأولى في الدار البيضاء    الصراع مستمر بين المغرب وإسبانيا على استضافة نهائي مونديال 2030    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق قسما إخباريا حول الذكاء الاصطناعي ضمن منصتها الرقمية    بزشكيان: إيران لا تريد أسلحة نووية    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    تقرير: "آلية تعديل الكربون الأوروبية" ستؤثر على صادرات المغرب وتدفع نحو تسريع إزالة الكربون من الاقتصاد الوطني    المغرب يجدد بنيويورك تأكيد دعمه لحل الدولتين بشأن القضية الفلسطينية    عضو الكونغرس الأمريكي 'جو ويلسون': البوليساريو منظمة إرهابية تزعزع السلم والأمن العالميين    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    توقيف حركة السير بعدد من المحاور الرئيسية يوم 28 شتنبر الجاري بالدار البيضاء    استئنافية طنجة تدين "البيدوفيل الألماني" وشريكه المغربي ب12 سنة سجنا نافذة        سباق الفضاء الثاني .. الولايات المتحدة تتقدم نحو القمر    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد            نزيف الطرق متواصل.. 33 قتيلا و3058 جريحا في أسبوع واحد    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سيطايل بالكوفية الفلسطينية وفي بيت سفيرة فلسطين في باريس.. بعد اعتراف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين            الدفاع الجديدي يعلن رسميا استقبال الرجاء بملعب الزمامرة    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية    ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة            المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحكام الدستورية الخاصة بالعفو والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
نشر في الرأي المغربية يوم 10 - 08 - 2013

يقصد بالعفو، إقالة المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه إقالة كلية أو جزئية، أو استبدالها بعقوبة أخف منها. ويصدر هذا النوع من العفو(1) في الأنظمة القانونية الوطنية عن مؤسسات دستورية عهد إليها الدستور أو القانون سلطة إصدار قرار العفو وغالبا ما تكون تلك المؤسسات رئاسة الدولة(2) .
ويقتصر أثر العفو على إلغاء العقوبات الأصلية وحدها دون التبعية والتكميلية أو التعويضات ويطال جميع أنواع الجرائم ولا يستفيد منه إلا الشخص المعين الذي يرد اسمه في الأمر الصادر بالعفو (3) ، كما يقتصر أثر العفو على مجرد محو العقوبة فقط ولا يمس الوجود القانوني لحكم الإدانة الذي يظل قائما ومنتجا لجميع آثاره عدا تنفيذ العقوبة.
وإذا كان العفو له أساس قانوني ويحظى بالشرعية في الأنظمة القانونية الداخلية، فإنه لا يحظى بأي مبرر في مجال العقوبة الدولية الجنائية، نظرا لغياب مؤسسات دولية لها القدرة والصلاحية على إصدار قرارات دولية ملزمة بالإعفاء من الجزاء الدولي الجنائي المحكوم به من طرف محكمة دولية جنائية. فضلا عن أن الضمانات المحيطة بإجراءات المحاكمات الدولية تجعل احتمالات وقوع الخطأ في الحكم الجنائي يكاد يكون منعدما إن لم يكن مستحيلا. ولا يتضح من خلال النصوص الدولية الجنائية أنها أجازت أو نظمت نظام العفو عن العقوبة باستثناء ما ورد في المادتين 27،28 من ميثاقي محكمتي يوغوسسلافياTPIY ورواندا TPIR حيث سمحتا للمحكوم عليه أن يطلب العفو عن العقوبة المحكوم بها عليه وفقا لقوانين الدولة التي ينفذ فيها الحكم وطلب يتقدم به إلى سلطات تلك الدولة التي عليها إخطار المحكمة الدولية لهذا الطلب (4) .
وعلى هذه الأخيرة أن تبت فيه بما يتفق ومقتضيات العدالة ومبادئ القانون العامة. أما النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد أورد في المادة 110 منه حكما مماثلا، لكنه قصره على طلب تخفيض العقوبة وليس الإعفاء منها (5) .
يقصد بالعفو الخاص المخول عادة لرئيس الدولة، وهو في المغرب ذو قيمة دستورية بمقتضى الفصل 58 من دستور 2011، وينظم العفو الظهير رقم 387 – 57 – 1 في 06 فبراير 1958 الذي تم تعديله في 08 أكتوبر 1997، على نحو أصبح معه ممكنا منح العفو الخاص في سائر مراحل الدعوى، بل وقبل تحريك الدعوى العمومية أو خلال ممارستها أو بعد صدور حكم نهائي فيها، وذلك من طرف الملك.
والعفو الخاص لا يشمل سوى الجريمة أو العقوبة التي صدر من أجلها ولا يلحق ضررا بحقوق الغير، كما أنه يشمل الفرد والجماعة.
أما العفو العام يصدر بنص تشريعي صادر عن البرلمان (6) ، كما ينص على ذلك الفصل 51 من مجموعة القانون الجنائي المغربي.
ويختلف العفو العام عن العفو الخاص في كون الأول يمحو الجريمة ذاتها وبالتالي يمحو كل تبعاتها وما ترتب عنها من أحكام أو عقوبات أو تدابير استثنائية ما يتعلق بحق الغير، أما العفو الخاص فهو لا ينصرف سوى إلى العقوبة وحدها.
أما في ما يخص نظام روما فإنه لم يتضمن أي تصريح يمنع الدولة من ممارسة حق العفو سواء كان عفوا شاملا أو عفوا خاصا، اللهم في ما يتعلق بالمادة 10 التي تقضي في الفقرة 1 بأنه «لا يجوز لدولة التنفيذ أن تفرج عن الشخص، قبل انقضاء مدة العقوبة التي قضت بها المحكمة... وللمحكمة وحدها الحق في البت في أي تخفيف للعقوبة، وتبت في الأمر بعد الاستماع إلى الشخص».
لذلك فإنه بعد استقراء روح المادة 110 (الفقرة1) يمكن القول أن هذه الأخيرة تقصد العفو من العقوبة، وليس العفو الشامل عن الجريمة الذي لا يتقرر في معظم الدول إلا بنص قانوني، ولعل الفائدة من إدراج هذا البند ضمن مقتضيات النظام الأساسي للمحكمة يكمن في وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب، الذي يمكن أن يتم نتيجة لجوء سلطات التنفيذ إلى إعمال العفو لفائدة الجاني المدان.
العفو الخاص في المغرب يعتبر ذا قيمة دستورية بصريح الفصل 58 من الدستور ، وبالتالي فإن الأمر يتطلب مسألة مدى توافق هذا المقتضى مع المادة 110 (الفقرة1)، ما دام أن هذه المادة تقصد العفو عن العقوبة.
ولقد انتهى المجلس الدستوري الفرنسي إلى ان النظام الأساسي يقضي بإمكانية اللجوء إلى اختصاص المحكمة لمجرد تطبيق قانون عفو أو قواعد داخلية تتصل بالتقادم وأنه في مثل هذه الحالة يمكن أن تجد فرنسا نفسها مطالبة خارج إطار أي غياب للإرادة من جانب الدولة أو عدم توافر نظامها القانوني بأن تلقي القبض على أحد الأشخاص وتقديمه إلى المحكمة بسبب وقائع يشملها العفو أو التقادم وفق القانون الفرنسي، وأن ذلك من شأنه الإخلال بالشروط الضرورية للسيادة الوطنية (7).
ويبدو أن قرار المجلس الدستوري كان هو الأساس الذي استند عليه البعض للقول بوجود تعارض بين حق العفو الممنوح للملك بموجب الفصل 58 ومقتضيات المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة.
أما بالنسبة إلى بلجيكا، التي يشبه وضعها المغرب، إذ يمنح دستورها حق العفو للملك، فقد قرر مجلس الدولة أن حق العفو الذي يتمتع به الملك له طابع إقليمي، أي أن الملك لا يستطيع ممارسة هذا الحق سوى إزاء العقوبات، الصادرة عن محاكم بلجيكية، ومن ثم فلا تعارض في ذلك مع أحكام الدستور البلجيكي.
وعليه يمكن القول بأنه لا يوجد تعارض في المادة 110 من نظام المحكمة الجنائية الدولية والفصل 58 من الدستور الذي يمنح الملك حق العفو، خصوصا وأن النظام الأساسي تعرض للعفو عن العقوبة. لكن مع مراعاة تقييد هذا العفو, بالنسبة إلى الملك, حتى لا يشمل الجرائم المنصوص عليها في القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة وجرائم الحرب وجريمة العدوان.
* باحث في العلاقات الدولية،جامعة محمد الخامس،الرباط
__الهوامش____________________
[1]- د. ملياني محمد: توضيحات حول مؤسستي العفو العام والعفو الخاص في التشريع المغربي، مجلة المعيار، تصدر عن نقابة المحامين بفاس، مطبعة النصر، فاس، العددان 18- 19، أبريل 1993، ص: 35- 78.
[2]- في المغرب يمارس الملك حق العفو بمقتضى الفصل 34 من الدستور، وينظمه ظهير فبراير 1958، المعدل بظهير 5 غشت 1963، وبصفة جوهرية بظهير 8 أكتوبر 1977. والعفو الذي يمارسه الملك من الأسباب التي جعلت المغرب لا يصادق على معاهدة روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية إلى جانب الحصانة التي يتمتع بها الملك.
[3]- أحمد الخمليشي: شرح القانون الجنائي، القسم العام، مكتبة المعارف، الرباط، الطبعة الأولى 1985، المرجع السابق، ص: 318.
[4] - عبد الوهاب عبدول: المسؤولية الدولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين، "دراسة تأصيلية في إطار القواعد والممارسات الدولية،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الدولي العام،كلية الحقوق،جامعة محمد الخامس، الرباط، 2006، ص: 456.
[5] - المرجع نفسه، ص: 456.
[6] - الفصل 71 من الدستور .
[7] -رأي المجلس الدستوري الفرنسي، مرجع سابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.