كرة القدم المغربية .. من شغف الملاعب إلى قوة ناعمة واقتصاد مزدهر    طنجة.. توقيف أزيد من 20 مرشحًا للهجرة غير النظامية بمحطة القطار    أمن طنجة يوقف ثلاثة قاصرين بعد تداول فيديو يوثق تراشقًا بالحجارة قرب مدرسة    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    المغرب يستعد لإطلاق رحلات جوية مباشرة بين الدار البيضاء وسانت بطرسبورغ    ادحلي تستقبل الوزير المستشار بالسفارة الصينية لبحث سبل تعزيز التعاون البرلماني بين المغرب والصين    بني كرفط.. الدرك الملكي يحجز طناً و400 كيلوغرام من "الكيف" الخام بإقليم العرائش    نادي نهضة بركان يحط الرحال بالقاهرة    السعدي يحفّز الحوار الاجتماعي القطاعي    بورصة البيضاء ترتفع بنسبة 1,31 بالمائة    الصحف الشيلية تحتفي بإنجاز المغرب    مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة.. "الأشبال" يدخلون التاريخ كأول منتخب عربي يتأهل إلى النهائي منذ 44 سنة    كأس العالم 2026.. بيع أكثر من مليون تذكرة خلال مرحلة البيع المسبق لحاملي بطاقات "فيزا"    أمن طنجة يوقف مبحوثًا عنه في حالة تلبس بسرقة دراجة نارية باستعمال العنف والسلاح الأبيض    الدريوش تعطي انطلاقة أشغال الورشة الدولية حول: "الأسماك السطحية الصغيرة في ظل الإكراهات المناخية والصيد المفرط.."    مربّو الدجاج بالمغرب يتهمون لوبيات القطاع بالاحتكار ويحمّلون الحكومة مسؤولية فشل الإصلاح    "هيومن رايتس ووتش" تطالب السلطات بالاستجابة لمطالب شباب "جيل زد" والتحقيق في الوفيات والانتهاكات    المندوبية السامية للتخطيط: تحسن سنوي في ثقة الأسر المغربية    محمد وهبي: سنواجه الأرجنتين بنفس الحماس لانتزاع كأس العالم    المؤتمر الاستثنائي الاتحادي العام 1975 مؤتمر متوهج عبر امتداد الزمن    في صلب النقاش المفتوح بخصوص الورقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. شعار المؤتمر …. الاختيار الموفق    جيل زد في المغرب: بين الكرامة وخطر الهجرة    جيل 2022 فتح الباب .. جيل 2025 يعبر بثقة من مونديال قطر إلى كأس العالم U20... المغرب يصنع مدرسة جديدة للأمل    قطاع التعليم بين حركية الإصلاحات وثبات الأزمة    تهم اقليم الحسيمة ومناطق اخرى .. نشرة انذارية تحذر من امطار رعدية قوية    محمد سلطانة يتألق في إخراج مسرحية والو دي رخاوي    عاصمة البوغاز على موعد مع الدورة أل 25 من المهرجان الوطني للفيلم    أبناء الرماد    قطاع غزة يتسلم جثامين من إسرائيل    لوكورنو ينجو من تصويت بحجب الثقة    "جنان الجامع" يحترق في تارودانت    توقعات بإنتاج 310 آلاف طن من التفاح بجهة درعة-تافيلالت خلال 2025    "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل"    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    مجموعة "سافران" الفرنسية تثمن بيئة الاستثمار في المغرب وتوسع أنشطتها بالنواصر    رفع التصنيف السيادي للمغرب محطة مفصلية للاقتصاد الوطني    نتانياهو: "المعركة لم تنته" في غزة والمنطقة    إجراءات ‬جديدة ‬لتسهيل ‬دخول ‬المغاربة ‬إلى ‬مصر ‬دون ‬تأشيرة    الرباط تحتفي بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتجدد المطالب بإسقاط التطبيع    فرحة عارمة بمدن المملكة بعد تأهل المنتخب الوطني لنهائي مونديال الشيلي    الأمم المتحدة.. المغرب يجدد تأكيد دعمه "الثابت والدائم" لسيادة الإمارات العربية المتحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى    طقس حار نسبيا بأقاليم الجنوب مع سحب غير مستقرة وأمطار متفرقة اليوم الخميس    "إيزي جيت" تراهن على المغرب بإفتتاح أول قاعدة لها في إفريقيا بمطار مراكش عام 2026    هلال: الصحراء المغربية قطب للتنمية .. وركيزة للأمن والاستقرار في إفريقيا    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منطقة الساحل والصحراء.. التحديات والآفاق المستقبلية(1)


ما الساحل والصحراء؟ التحديات وتشابكاتها
"الساحل والصحراء" منطقة تلاقٍ بين الشعوب والثقافات والحضارات، كانت لقرون واحة تواصل وجسر عبور وربط بين شمال القارة الأفريقية ووسطها وجنوبها، لكنها أضحت بفعل عوامل متداخلة ساحة صراعات وتهديدات ومصدر قلق وخوف لأهلها وللعالم من حولها.
ويعتبر استمرار استهداف رعايا غربيين -مثل قتل صحفيين فرنسيين شمال مالي يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واختطاف راهب فرنسي شمالي الكاميرون يوم 13 من الشهر ذاته- دليلا آخر على أن معالجة الوضع تحتاج إلى مقاربة أكثر واقعية وشمولية مما تم اتباعه حتى الساعة.
فما عوامل الوضع القائم؟ وما آفاق المستقبل؟ما الساحل والصحراء؟
يُعرف الساحل بأنه منطقة شبه قاحلة استوائية ذات طابع بيئي متجانس، وهو في كثير من خواصه مرحلة انتقالية من الصحراء الكبرى شمالا إلى المنطقة الأكثر خصوبة جنوبا، ويغطي -كليا أو جزئيا- 12 بلدا أفريقيا.
أما الصحراء -وتسمى الصحراء الكبرى- فتحتل الجزء الأكبر من شمال أفريقيا، وتعتبر أكبر الصحارى الحارة في العالم، وتمر عبر 11 دولة.
وتعتبر منطقة الساحل والصحراء منطقة محورية في العلاقات والتفاعلات بين أفريقيا الاستوائية وشمال أفريقيا، كما بين أفريقيا والمشرق العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط.
في هذه المنطقة العازلة هناك عوامل عديدة تؤدي إلى الهشاشة وعدم الاستقرار، أهمها أنها مساحة ممتدة لا تكاد تفصل بينها حدود طبيعية تضاريسية، بل هي -في أغلبها- حدود هندسية عشوائية موروثة عن المرحلة الاستعمارية، وشاسعة وصعبة الضبط.
كما يتزايد الصراع فيها على الموارد الطبيعية من غاز وبترول ومعادن مختلفة، مما جعلها منطقة حيوية بالنسبة لأمن واستقرار جميع المناطق المحيطة بها وخصوصا الشرق الأوسط والفضاء المتوسطي، وكل إستراتيجية لا تأخذ ذلك بعين الاعتبار تكون محكوما عليها بالتعثر أو الفشل.
التحديات وتشابكاتها
تتسم التحديات التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء بالتداخل والتعقيد، واستعراض أهمها وأخطرها يفيد في تلمس موجهات لأفضل السبل للتعامل معها:
أولا- البروز القوي للخصوصيات العرقية والثقافية، إذ يتميز فضاء الساحل والصحراء بتعدد عرقي وثقافي كبير، وكثيرا ما تسيطر عرقيات محددة على الثروة والسلطة، ويسلط على غيرها -رغم مكانته عدديا أو تاريخيا أو سياسيا- التهميش والحرمان.
وتعرف كثير من دول المنطقة بعد استقلالها هذه الحالة بسبب محاولات الإدماج الثقافي الذي يحاول أن يوحد الثقافات الوطنية في ثقافة الجهة صاحبة السلطة في الغالب.
ومع تعقد الظروف الاقتصادية وازدياد الوعي، زاد الإحساس بالإقصاء السياسي والثقافي والغبن الاجتماعي والظلم الاقتصادي، فبرز الاعتداد بالهويات والثقافات المحلية.
وبسبب بطء الاعتراف بهذه الخصوصيات، عرفت أغلب دول المنطقة مشكلات داخلية كثيرة -سواء في صورة صراعات وحروب أهلية أو في صورة نزاعات عرقية- تتبنى أحيانا أطروحات انفصالية، أو في صورة انقلابات وتمردات عسكرية، وهو ما سبب ضررا كبيرا للأمن والاستقرار في تلك الدول وكذلك الشعور بالهوية والانتماء للدولة، وأدى إلى ضعف الاندماج الوطني لصالح المنطقة أو القبيلة أو العرق، وانعكس سلبا على البنيات الاجتماعية والنشاط الاقتصادي.
نجد مثالا لهذا الأمر في دارفور غربي جمهورية السودان حيث تعيش قرابة 195 قبيلة، تقسم إجمالا إلى عرب وزرقة. وكانت العلاقة غير المتكافئة بين الهامش والمركز وتضافر عوامل أخرى سببا في انفجار نزاعات وآلام وإزهاق أرواح. وفي عمق المشكلة نجد عدم الاعتراف المبكر بالخصوصيات العرقية والثقافية، وغياب ديمقراطية وتنمية متوازنتين.
وفي دولتي مالي والنيجر، دفعت العوامل ذاتها الطوارق إلى حمل السلاح مرات عديدة طيلة عقود في وجه حكوماتهم المركزية، كان آخرها في يناير/كانون الثاني 2012 عندما طالبت "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" بانفصال شمال مالي وشنت "حرب التحرير".
ورغم وجود أياد لقوى إقليمية أو دولية ذات مصالح في منطقة غنية بالمواد الأولية، فإن توالي حالات التمرد دليل على أن هناك حاجات حقيقية ثقافية أو اجتماعية أو سياسية لم تُلَبّ، ومشاكل داخلية لم يعثر لها على حلول مناسبة.
ثانيا- التهديدات الأمنية المتعددة، فقد كانت منطقة الساحل والصحراء عبر التاريخ منطقة عبور القوافل التجارية في مختلف الاتجاهات، وهو ما استمر في العصر الحديث اعتمادا على الشبكات الاجتماعية التقليدية والقبائل والأسر الممتدة، واعتمادا كذلك على الترتيبات غير الرسمية مع أجهزة الأمن والجمارك.
ومع الصعوبات الاقتصادية في المنطقة خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، إضافة إلى الاضطرابات السياسية المتتالية والقصور الواضح لعدد من دول المنطقة في حماية حدودها والقيام بمهامها السيادية، عرف الاتجار غير المشروع في المخدرات والأسلحة والبشر ازديادا مطردا في توازٍ مع تصاعد نشاط جماعات التهريب والجماعات المسلحة بمختلف أنواعها.
وسنستعرض تباعا أهم تلك التهديدات الأمنية:
1- توسع أنشطة التهريب والجريمة المنظمة، إذ تُرجع العديد من الدراسات أهمية جماعات التهريب والجريمة المنظمة وانتشارها في المنطقة إلى عدة عوامل أهمها:
ندرة الأنشطة البديلة التي تحقق لسكان المنطقة أرباحا كافية، أو ثراء سريعا مماثلا لما تحققه عمليات التهريب المتنوعة، وبالخصوص في المخدرات والسيارات والسجائر والبنزين.
تنامي التشابكات بين جماعات التهريب ومسؤولين في بعض الدول، جعل هؤلاء يجنون أرباحا طائلة مقابل التعاون مع تلك الجماعات أو التستر عليها.
انتشار أسلحة نظام القذافي في كل مكان من المنطقة بعد سقوطه.
ولم يحظ ذلك التوسع لأنشطة الجريمة المنظمة لفترة طويلة إلا باهتمام قليل جدا، ربما بسبب تلك التداخلات بين عدد من المسؤولين والقيادات السياسية وبين الجماعات التي تمارسها، ولأن أنشطة التهريب والمتاجرة في المخدرات أكسبت أصحابها من الأفراد والشبكات ثروات، سرعان ما تحولت إلى نفوذ سياسي وقوة عسكرية.
فمثلا، تعتبر تجارة الكوكايين من كولومبيا والبيرو وبوليفيا في أميركا الجنوبية إلى أوروبا والشرق الأوسط مرورا بالساحل والصحراء، من أخطر الأنشطة التي تطورت بسرعة في العقد الأول من هذا القرن، حتى أضحت الأكثر ربحا من بين أنشطة الاتجار في المنطقة، وعند وصولها إلى الشواطئ الغربية لأفريقيا تنقل عن طريق الجو أو بواسطة القوارب أو برا عبر الصحراء.
ويقدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن نحو 14% من الكوكايين الذي دخل إلى أوروبا عام 2008 مر بغرب أفريقيا عبر خدمات الشحن الجوي.
وبينت التحقيقات أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 أقلعت طائرة من نوع بوينغ 727 من فنزويلا لتحط في تاركنت -المحلَّة القريبة من غاوو شمالي شرقي مالي- وكانت تنقل ما بين خمسة وتسعة أطنان من الكوكايين. وبعد تفريغها ثمّ محاولة إقلاع فاشلة، أحرقت الطائرة ولم تكتشف بعد ذلك إلابقاياها.
2- انتشار الأسلحة المتطورة والاتجار فيها، فبعد سقوط نظام القذافي أضيف عامل جديد ذو خطورة عالية، وهو الانتشار غير المسبوق لترسانة أسلحة متطورة ومتنوعة شكلت مصدرا لتسلح الجماعات المرتبطة بالقاعدة وجماعات الجريمة المنظمة في المنطقة.
ليس هناك أي جهة تتوافر على الخريطة الكاملة لانتشار تلك الأسلحة، فعلى سبيل المثال تقدر القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) أن عدد صواريخ أرض-جو أس.أي7 السوفياتية الصنع من تلك الأسلحة قد يرتفع إلى عشرين ألفا، بينما أعلن حلف شمال الأطلسي اختفاء قرابة عشرة آلاف صاروخ أرض-جو لم يتم التعرف على نوعيتها بالتحديد.
كما أفادت التقارير بوجود تداول واسع للعديد من الأسلحة الأخرى، بينها قذائف صاروخية وصواريخ سكود وصواريخ مضادة للدبابات وأسلحة أخرى مضادة للدبابات مزودة بشحنات حرارية.
وهكذا، أصبحت المنطقة مرتعا لسماسرة بيع الأسلحة المحليين والدوليين بموارد مالية مهمة ووسائل متطورة جدا، من آليات النقل المتطور ومعدات الاتصال وأجهزة التواصل الدائم عبر الأقمار الصناعية، وسهلت هذه الشبكات على عناصر جماعات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو الجريمة المنظمة أو الجماعات الانفصالية حصولهم على الأسلحة أو انخراطهم في بيعها، بل منهم من أحدثوا شبكات تهريب خاصة بهم.
3- أنشطة القاعدة والجماعات الشبيهة، إذ تشكل "الجماعات الإرهابية" أحد التهديدات الأمنية في المنطقة، فالوضع الجغرافي والسياسي والأمني المتوتر يعتبر بيئة مناسبة لها. ومنذ تحولت الجماعة السلفية للدعوة والقتال (الجزائرية) إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عام 2007، وهي تتوسع في المجال الصحراوي الواسع، لتنشق عنها أو تنضم إليها مجموعات أخرى، ونصبح أمام فسيفساء تتداخل مع جماعات الجريمة المنظمة والتهريب، ويستفاد منها في توفير مصادر التمويل واختراق المنطقة.
وإن كان سقوط نظام القذافي عاملا حاسما في مد هذه الجماعات بالأسلحة المتطورة، فإن هناك عاملا آخر مهما هو اختطاف مواطنين غربيين والمطالبة بإطلاق سراحهم مقابل فدية مالية، أو مقابل إطلاق سراح أعضاء هذه الجماعات المسلحة المسجونين.
كانت البداية اختطاف الجماعة السلفية للدعوة والقتال 32 سائحا أوروبيا عام 2003 في جنوب الجزائر، وأطلق سراحهم بعد ذلك على مرحلتين.
وبين أوائل عام 2008 وأبريل/نيسان 2012، اختطف 42 مواطنا أجنبيا أفرج عن 24 منهم، في حين قتل خمسة آخرون. وكان إطلاق سراح الغربيين المختطفين مقابل فدية، وفي بعض الحالات مقابل إطلاق سراح سجناء، كما هو الحال في مالي أو موريتانيا على سبيل المثال.
وأدّت بعض محاولات الإنقاذ أو رفض دفع الفدية إلى قتل الرهائن. فمن المفهوم إذن أن يركّز الخاطفون على مواطني الدول التي كانت معروفة باستعدادها للتفاوض على دفع الفدية، وإن كان هذا الأمر بالغ الحساسية وغالبا ما تنكره الدول المعنية.
وتقدر الأموال التي جناها الخاطفون والوسطاء من عمليات الخطف بنحو ستين مليون دولار، ساعدت على تحويل التنظيمات المسلحة في المنطقة إلى قوة سياسية وعسكرية.
4- الهجرة السرية، وهي تعتبر واحدة من المشاكل الأخرى التي تشكل تحديا أمنيا وإنسانيا في المنطقة. وتهرّب شبكات ممتدة أعدادا كبيرة من المهاجرين الذين يغادرون بلدانهم لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وتدخلهم بصورة غير شرعية إلى البلدان الغربية أساسا.
ويشكل ذلك خطرا على المهاجرين، إذ يعرضهم لمختلف أنواع المعاملات غير الإنسانية، كما يعرضهم لمخاطر الطريق، وفي أحايين كثيرة للموت في الصحراء أو في مقصورات الشاحنات أو غرقا في البحر، وقد ينتهي بهم المطاف إلى استغلال بشع في أعمال غير قانونية وغير أخلاقية، مثل الدعارة العابرة للحدود وترويج المخدرات والتجنيد للقيام بأعمال إرهابية أو إجرامية.
وتشير الإحصائيات إلى أنه على مدى السنوات العشرين الأخيرة توفي 17 ألف مهاجر غرقا في البحر المتوسط، أي بمعدل 850 شخصا سنويا.
وتقدر الأرباح المحققة من هذا النشاط من قبل شبكات التهريب بنحو 3.5 مليارات دولار سنويا، كما تشير عدة تقارير إلى العلاقة التي أضحت قائمة بين ظاهرة الهجرة السرية والاتجار بالسجائر والمخدرات وتهريب الأسلحة والحركات المسلحة المختلفة.
ثالثا- سوء الحكامة السياسية والاقتصادية، فلا يمكن فهم تطورات المنطقة دون استحضار عجزها عن بناء دول ديمقراطية حديثة وإقرار حكامة سياسية واقتصادية في خدمة الوطن والمواطن.
ويعتبر الباحثون اختلالات الحكامة سببا رئيسيا لانتشار جماعات الجريمة المنظمة بمختلف أنواعها، وسببا لانتشار الفساد وسيطرة "لوبيات" متحكمة تحتكر السلطة والثروة. وتصنف الأغلبية الساحقة لدول المنطقة في النصف الأخير من سلم ملامسة الرشوة، باعتبار مواطنيها الأكثر معاناة منها عبر العالم.
ومن نتائج ذلك، أن تهريب رؤوس الأموال من ثلاثين دولة أفريقية على مدى عشرين عاما بلغ 187 مليار دولار، وهو ما يفوق مديونيات هذه الدول مجتمعة.
ومن نتائجها أيضا، اختراق بنيات هذه الدول من قبل جماعات الجريمة المنظمة، مما أسهم أكثر في شل قدرتها على محاربتها، وأدى إلى عجزها عن الاستجابة للحد الأدنى من حاجيات المواطن.
هذا الفشل لأنظمة الحكم في المنطقة فاقم الصراعات الداخلية وشجع على كثرة الانقلابات العسكرية التي تزيد بدورها من ضعف الدولة وعجزها عن ضبط الأمن والاستقرار، وعن توفير الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والماء والكهرباء والصرف الصحي وغيرها.
ويعتبر الباحثون اختلالات الحكامة سببا رئيسيا لانتشار جماعات الجريمة المنظمة بمختلف أنواعها، وسببا لانتشار الفساد وسيطرة "لوبيات" متحكمة تحتكر السلطة والثروة. وتصنف الأغلبية الساحقة لدول المنطقة في النصف الأخير من سلم ملامسة الرشوة، باعتبار مواطنيها الأكثر معاناة منها عبر العالم.
ومن نتائج ذلك، أن تهريب رؤوس الأموال من ثلاثين دولة أفريقية على مدى عشرين عاما بلغ 187 مليار دولار، وهو ما يفوق مديونيات هذه الدول مجتمعة.
ومن نتائجها أيضا، اختراق بنيات هذه الدول من قبل جماعات الجريمة المنظمة، مما أسهم أكثر في شل قدرتها على محاربتها، وأدى إلى عجزها عن الاستجابة للحد الأدنى من حاجيات المواطن.
هذا الفشل لأنظمة الحكم في المنطقة فاقم الصراعات الداخلية وشجع على كثرة الانقلابات العسكرية التي تزيد بدورها من ضعف الدولة وعجزها عن ضبط الأمن والاستقرار، وعن توفير الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والماء والكهرباء والصرف الصحي وغيرها.
رابعا- تنامي المشكلات الاجتماعية، إذ تكتمل الحلقة المفرغة لهذه التحديات التي تعيشها المنطقة بالأوضاع الاجتماعية السيئة بسبب تضافر العوامل الأمنية وسوء السياسات التدبيرية، تضاف إليها العوامل البيئية مثل توالي سنوات الجفاف والتدهور البيئي والفيضانات.
ويعتبر معدل التنمية البشرية في هذه المنطقة من بين أدنى المعدلات عالميا، ويعيش أكثر من 11 مليونا من السكان في حالة انعدام الأمن الغذائي، منهم قرابة خمسة ملايين طفل دون سن الخامسة يواجهون خطر سوء التغذية الحاد.
وحسب منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، فإن معدلات سوء التغذية زادت بين عامي 2006 و2010 بنحو 10% في مجموع بلدان المنطقة، وزادت بنحو 15% في أجزاء من تشاد وموريتانيا والنيجر.
ويعتبر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الساحل أن هذا التفاقم للأوضاع الاجتماعية بما يؤدي إليه من الهجرة إلى المناطق الحضرية ومغادرة الأطفال المدارس، وتضاؤل قدرة السكان على مواجهة الجوع والفقر والحرمان، من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع الأطفال في المنطقة إلى الارتباط بالجماعات المسلحة.
المصدر: الجزيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.