انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة للتعاون بين المغرب وبوروندي    القضاء يمنع مصطفى لخصم من مغادرة التراب الوطني بعد متابعته بتهمة تبديد المال العام    انعقاد عاجل للمجلس الوزاري يُغيّب أخنوش عن جلسة المساءلة في البرلمان    محطة كهرباء في الجهة الشرقية تدعم أهداف المغرب للطاقة المستدامة    ارتفاع مبيعات الإسمنت بالمغرب ب10.34% مع نهاية أبريل الماضي    الجزائر تطرد 15 موظفا آخر من السفارة الفرنسية.. وباريس: "سنرد بشكل حازم"    تتويج أشرف حكيمي بجائزة أفضل لاعب إفريقي بالدوري الفرنسي    توتر وطني في قطاع المقاهي بسبب الرسوم.. هل تصل شرارته إلى الناظور؟    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    الاستثمارات الصينية في المغرب تجاوزت حاجز 10 مليارات دولار    نيسان تعلن تسريح 20 ألف موظف عالميا لمواجهة أزمتها المالية    إحباط عملية تهريب كبيرة لمخدر الشيرا بأكادير    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    بنعلي يطالب ب"الفهم النبيل للسياسة"    بنهاشم ينهي مهمته كمدرب مؤقت للوداد ويعود إلى الإدارة الرياضية    أشرف حكيمي يتوج بجائزة "فيفيان فوي" كأفضل لاعب أفريقي في "الليغ 1"    مبابي يحطم رقم زامورانو القياسي    الرجاء يحتفي بأطفال مدينة الداخلة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الحكومة تؤكد أهمية التحولات التكنولوجية في تدبير المؤسسات السجنية    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    حريق مهول يلتهم قيسارية عريقة في بني ملال وخسائر مادية جسيمة دون إصابات    أمطار رعدية محتملة في العديد من مناطق المغرب    بلجيكا تحيي ذكرى معركة "جومبلو" وسط تكريم بطولات الجنود المغاربة في الدفاع عن حرية أوروبا    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    نعيمة بن يحيى تترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    "كان الشباب".. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    حماس ستفرج عن الرهينة الإسرائيلي-الأميركي الإثنين بعد اتصالات مع واشنطن    كيوسك الاثنين | 86 ألف تاجر متجول استفادوا من برنامج إدماج التجارة الجائلة    مصرع سائق دراجة من امزورن في حادثة سير بجماعة تروكوت    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    المتسلقون يتوافدون على "إيفرست" قبل الزيادة في الرسوم    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    آلاف المتظاهرين في طنجة يطالبون بوقف حصار غزة وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انحراف قطار أم انحراف سلطة
نشر في اليوم 24 يوم 19 - 10 - 2018

قبل خمس سنوات، انحرف قطار عن سكته في مقاطعة «غاليسيا» بإسبانيا مخلّفا عشرات القتلى والجرحى، تماما مثلما حدث قبل يومين على الطريق الرابط بين سلا والقنيطرة عند بوقنادل، مخلفا بدوره عددا أقل من القتلى والمعطوبين. إليكم كيف تصرفت حكومة جارتنا الشمالية إزاء الحادث، وكيف تصرفت الحكومة المغربية؛ في إسبانيا، وخلال اليوم نفسه الذي وقع فيه الحادث، ألقى الملك خوان كارلوس خطابا قال فيه إن كل الإسبانيين يشعرون بألم أسر الضحايا، ثم زار المصابين في المستشفى. أما رئيس الحكومة، ماريانو راخوي، فقد زار مكان الحادث مباشرة لمواساة المصابين والتعبير عن الحزن والأسى، في حين أعلن وزير النقل استقالته من الحكومة، وأعلن القضاء الإسباني فتح تحقيق لمعرفة أسباب الحادث. وقدمت شركة النقل المالكة للقطار المنحرف اعتذارا رسميا إلى الشعب الإسباني، ثم قدّم مديرها العام استقالته، في حين أحيل المستخدمون الذين لهم علاقة بالحادث على التحقيق القضائي. وفوق ذلك، جرى إعلان حداد رسمي لمدة ثلاثة أيام، فيما استمر الحداد سبعة أيام في مقاطعة غاليسيا. وبعد يوم من الحادث، أعلنت الحكومة، في خطاب رسمي، تكفلها بعلاج المصابين، والتكفل برعاية أصحاب العاهات المستديمة، مع تخصيص راتب شهري لهم مدى الحياة، كما قررت تعويض عائلات الذين ماتوا، وتخصيص علاج نفسي لمن نجوا من الراكبين يُنسيهم مشاهد الموت والدم والأشلاء المتقطعة. وفي اليوم الثالث، أعلن القضاء نتائج التحقيق الأولي، مؤكدا أن انحراف القطار عن سكته حدث بسبب السرعة المفرطة.
هل يمكن مقارنة ما قامت به حكومة إسبانيا بما قامت به حكومتنا؟ سيكون من الإجحاف فعل ذلك، وإذا لم تصدقوا، اسمعوا قصة ناج من الحادث اسمه خالد، مهندس مغربي يعيش في ألمانيا، وُجد قدرا في قطار بوقنادل، حكى قصّته لإذاعة خاصة: «في ألمانيا، لو توقف القطار فجأة لسبب ما، يُحال جميع الركاب على الطبيب النفسي، لكن لم تكن هناك أي مصاحبة نفسية إثر حادث بوقنادل. لقد أخرجونا من المقطورة دون أي مساعدة، ثم طلبوا مني المغادرة، لأنني سليم معافى لم يمسسني ضرر. قيل لي: معك تذكرة القطار ويمكنك التصريح بها». خالد أكد أن أغلب الركاب تعرضوا للسرقة، «سرقوا مني جواز السفر الألماني، هاتفي، نقودي، كل شيء. لو لم يأت الدرك الملكي لسرقوا منا الملابس التي كنا نرتديها». غادر خالد مكان الحادث وحيدا دون نقود، وتوجه إلى مصحة خاصة، «داخل المصحة تلقيت الإسعافات الضرورية، لم أستطع النوم بسبب رائحة الموت التي مازالت في أنفي، وحوالي الساعة الثالثة، اتصلت بالسفارة الألمانية في الرباط، الذين جاؤوا لزيارتي في المصحة، وحوالي الساعة ال11 ليلا جاؤوني بجواز سفر ألماني مؤقت وتذكرة طائرة في الدرجة الأولى للمغادرة باتجاه ألمانيا». كان خالد يذرف الدموع على المباشر لأنه تعرض للإهمال على يد السلطات، وتعرض للسرقة على يد اللصوص، ثم قال كلمته الأخيرة: «على الأقل، علموا هذا الشعب».
كنت أتوقع أن يزور الملك أو رئيس الحكومة المصابين في المستشفى العسكري لمواساتهم، وأن يُلقى خطاب تقدم فيه التعازي، ويُعلن فيه التضامن مع عائلات الضحايا ومع المعطوبين وعائلاتهم، وأن يعوّض الضحايا، ويخصص راتب شهري لكل معطوب مدى الحياة. كنت أتوقع أيضا أن يستقيل مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية، ويستقيل معه الوزير المكلف بالنقل، لكن لا شيء من ذلك وقع حتى الآن. لماذا لم يقع كل ذلك؟ لأسباب كثيرة، على رأسها أن الماسكين بالسلطة في هذا البلد لم يتعلموا بعد كيف يحترمون كرامة هذا الشعب، وربما يرون أننا شعب دون كرامة أصلا، ولا نستحق أن نعامل باحترام مثلما عاملت الحكومة الإسبانية شعبها يوم حادث «غاليسيا». إن انحراف قطار عن سكّته، وهو حادث يقع مثله في بلاد الدنيا كلها، إنما يكشف انحرافا أكبر، هو انحراف السلطة التي تحكمنا عن التعبير الحق عن إرادة شعبها وآماله في الكرامة الإنسانية، وذلك هو المصدر الرئيس لكل الآلام التي يعانيها هذا البلد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.