البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" لكرة القدم.. الفتح الرياضي يتعادل مع اتحاد تواركة (1-1)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    محادثات عطاف وبولس تتفادى الصحراء    تدريب ل"الأشبال" قبل لقاء إسبانيا    أخنوش: التكنولوجيا تستوجب إرساء الثقة        الأصالة والمعاصرة يؤكد على مركزية قضايا الشباب ويدعو لجعل فلسطين في قلب النضال الديمقراطي خلال مؤتمر شبيبته        الأمن ينهي نشاط لصوص يستهدفون محتويات السيارات بمدينة الحسيمة    تتويج أمهر الصناع التقليديين بأكادير    "سيدي علي" المزود الرسمي بالمياه خلال لكأس الأمم الإفريقية (المغرب – 2025)    رقم معاملات "مكتب الفوسفاط" يرتفع إلى 52.2 مليار درهم خلال النصف الأول من 2025    السلطة تقرر منع احتجاج في خريبكة    البرتغال تجدد تأكيد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الأساس البناء الأكثر جدية ومصداقية        عجز السيولة البنكية يتراجع بنسبة 3,37 في المائة من 18 إلى 24 شتنبر (مركز أبحاث)    أستاذ يفارق الحياة بالحسيمة متأثرًا بتناول مادة "حارقة"        هل فقدت المحاكمة الجنائية مقوماتها!؟    تونس.. توقيف أجنبي متهم بالاعتداء على سفينة ب"أسطول الصمود"    شكايات المواطنين تتزايد ومهنيون يحذّرون .. تحركات وزير الصحة مناسباتية بإجراءات محدودة عوض قرارات هيكلية    القسم الوطني الثاني يفتتح موسمه بمواجهات متكافئة وطموحات كبيرة    ترامب: أعتقد لدينا اتفاقا بشأن غزة    منظمة العفو الدولية: تجريم الإجهاض في المغرب يعرض حياة النساء للخطر    نتنياهو: دولة فلسطين انتحار لإسرائيل        بن عاشور: الأَنسيّة الديمقراطية تراث إنساني مشترك لا يحتكره أحد ولا يُروّض    ميناء طنجة المتوسط خامسًا عالميًا في كفاءة موانئ الحاويات        رئيس الفيفا: كل شيء جاهز تقريبا.. يمكننا تنظيم كأس العالم من الآن    مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر    "نوستالجيا".. عرض مضيء لطائرات "الدرون" بموقع شالة الأثري        شركات كبرى مثل Airbnb وBooking ضمن 158 شركة متورطة بأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية    الداخلة على موعد مع النسخة الرابعة من منتدى "Africa Business Days"    منشور الخارجية الأمريكية واضح ومباشر: لا استفتاء، لا انفصال، الصحراء مغربية إلى الأبد    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    الحكم على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالسجن لخمس سنوات    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو    ترامب يهدد بتغيير المدن الأمريكية المستضيفة للمونديال بسبب "انعدام الأمان"    جمجمة عمرها مليون سنة توفر معطيات جديدة عن مراحل التطور البشري        عبد الوهاب البياتي رُوبِين دَارِييُّو الشِّعر العرَبيّ الحديث فى ذكراه    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس    وفاة فيغار مهاجم أرسنال السابق            محامون يطالبون فرنسا بحماية المشاركين في "أسطول الصمود العالمي"    النرويج: السلطة الفلسطينية تتلقى دعما ماليا طارئا من الدول المانحة    نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    "أولتراس الجيش" تقاطع لقاء بانجول    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحراء وقلوب المغاربة
نشر في اليوم 24 يوم 05 - 11 - 2018

دخل ملف الصحراء، منذ الأسبوع الماضي، مرحلة استثنائية ومنعرجا جديدا في مسار تدبيره من لدن المنتظم الدولي. وعكس ما ألفناه منذ أعوام، فإن انتهاء اجتماعات مجلس الأمن الدولي ومصادقته على قراره الجديد، لم يكن هذه المرة إيذانا بعودة سيوف الحرب إلى أغمادها، والخلود للراحة في انتظار اجتماع جديد.
سبب هذا التحوّل في مسار ملف الصحراء هو أن كلا من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا على موعد مع جلسة محادثات أولية ستحتضنها جنيف السويسرية بعد شهر من الآن. جلسة سعى إليها بكل عزم المبعوث الأممي الجديد هورست كوهلر. الرئيس الألماني السابق فرض على بيروقراطية المنظمة منذ البداية تشكيل فريقه الخاص، والانتقال به إلى ألمانيا لتكون مقرا لعمله، ومنذ انتزاعه تلك المطالب، راح كوهلر يطوف العالم، ويستغل جل اللقاءات والمؤتمرات الدولية، بما فيها تلك التي لا علاقة لها بملف الصحراء، ليمارس دبلوماسية الكواليس، ويبحث عن منفذ لتحقيق اختراق في ملف وجده جامدا.
مع إتمامه عامه الأول في منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، ونجاحه في انتزاع دعم مجلس الأمن، وموافقة الأطراف المعنية على عقد أول لقاء مباشر، وإن كان مجرد طاولة مستديرة، وجد كوهلر نفسه أمام تحوّل آخر شهده تعاطي الدبلوماسية الأمريكية مع هذا الملف. واشنطن، التي اعتادت اتخاذ القرارات المرتبطة بهذا الموضوع في مكتب موظفها في وزارة الخارجية، المبعوث السابق كريستوفر روس، عادت إليه من زاوية جديدة، هي تلك التي حملها الرئيس الحالي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.
هذه الزاوية تحكمها عقيدة مفادها أن من يدفع يقرر، وإدارة ترامب قررت ربط جميع نفقاتها المالية الموجهة إلى المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، باستعادة زمام القرار وجعله في خدمة مصالحها، وإلا فنموذج «الأونروا»، المكلفة برعاية اللاجئين الفلسطينيين، ماثل أمام الجميع، حيث سحب عنها الدعم الأمريكي عندما أصبحت تتعارض مع مصالح الإدارة الأمريكية الجديدة.
كل من الأمين العام الأممي، البرتغالي أنطونيو غويتريس، ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، الألماني هورست كوهلر، كانا، حسب ما تضمنه تقريرهما المنشور مستهل أكتوبر، يعتقدان أنهما أوشكا على الوصول بالملف إلى نقطة الانطلاق الجديدة التي أرادا إيصاله إليها، وهي إحياء المفاوضات بروح ومقاربة جديدتين. انتماء الرجلين الأوربي، ومسار تحركات كوهلر طيلة العام الماضي، يوضحان كيف أنهما حاولا إعادة الملف إلى سياقه الجيوسياسي الطبيعي الذي يجعل حلّه بطريقة توافقية ممكنا. وبدلا من التحكم الأمريكي الذي يجعل مصير الوحدة الترابية للمغرب يدخل حسابات المعادلات الدولية الكبرى مع قوى كالصين وروسيا، طرق كوهلر عدة مرات أبواب الاتحادين الأوربي والإفريقي، وكانت جل المؤشرات تدل على أن الخبرة الاقتصادية للرجل، ومعرفته بالمجال الإفريقي، ومحاولته إشراك الأطراف المعنية بشكل مباشر بالانعكاسات الأمنية والاستراتيجية للملف، أي المجال المتوسطي والأوربي والإفريقي، كلها عناصر جو جديد سيحيط بالملف.
ما وقع في النصف الثاني من شهر أكتوبر الماضي، هو أن غويتريس وكوهلر اصطدما بيد ترامب التي باتت تمسك مباشرة بزمام بعثة واشنطن لدى الأمم المتحدة بعد استقالة السفيرة نيكي هيلي. وتوصية الأمين العام بتمديد ولاية المينورسو شهرا كاملا، كانت أول ما أسقطته هذه اليد. فأمريكا التي ألفت تحضير مسودة مشروع القرار، لم تعد تقبل بمجرد قيادة التفاوض بين دول مجموعة أصدقاء الصحراء، بل لها كلمة تريد أن تفرضها، وفعلت ذلك بالفعل حين فرضت على الجميع تقليص التمديد للمينورسو إلى ستة أشهر. وخطاب ممثلها الحالي في مجلس الأمن حمل أكثر من عبارة للدلالة على اتخاذ واشنطن مسافة حتى من أقرب حلفائها، أي فرنسا التي تمسكت بالتمديد السنوي للمينورسو.
الحقيقة أن أمريكا كانت دائما الماسك الحقيقي بخيوط ملف الصحراء، وذلك منذ عهد وزير الخارجية، كيسنجر، في لحظة ميلاد هذا الملف بتنظيم المسيرة الخضراء واندلاع الحرب. المغرب كان دائما محسوبا على «المعسكر الغربي» ودائرة أصدقاء واشنطن الذين تراعي مصالحهم في جميع الأحوال. لكن، علينا ألا ننسى أننا في لحظة فارقة واستثنائية يعيشها العالم، لحظة هدم جل ما بني عليه النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وإعادة تشكيله، لحظة عودة أمريكا إلى سياستها الانعزالية تاركة الخراب في المجالات التي يزحف عليها خصومها الصاعدون. علينا ألا ننسى أن السفارة الأمريكية بالرباط بقيت خالية من أي سفير منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وأن دخول وزير خارجيتنا، ناصر بوريطة، إلى مكتب جون بولتون المجاور للمكتب البيضاوي من بوابة مهاجمة إيران، لم يحقق لنا سوى تجنب الأسوأ. كصحافة لا يمكن إلا أن نصفق لمبادرة بوريطة للتواصل والنقاش، لكن ما نخشاه هو أن يكون انتباهنا إلى الجبهة الداخلية متأخرا، وألا نجد في حال داهمتنا التهديدات، لا قدر الله، سوى مؤسسات دستورية وسياسية مفتقرة إلى الثقة والانخراط الشعبيين، وأحزاب ونقابات وجمعيات كسيحة، وإعلام فُرض عليه دخول الصف والتطبيل تحت ضربات الخنق الاقتصادي للمقاولات، والاستهداف بالاعتقالات والمحاكمات المخدومة للأقلام.
هناك عبارة منسوبة إلى الملك الراحل الحسن الثاني، قالها في منتصف التسعينات، عندما استقبل وفدا من قادة البوليساريو، مفادها أننا «ملكنا الأرض لكننا لم نملك قلوب الصحراويين». اليوم، ونحن في سياق يتسم بقتل كل ما يمتّ إلى الإرادة الشعبية والرأي الحر بصلة، علينا أن ننتبه إلى ما نفعله بقلوب المغاربة، الصحراويين منهم وغير الصحراويين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.