حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    تعيينات جديدة في صفوف الأمن الوطني بالإدارة المركزية واللاممركزة    المحكمة الدستورية تسقط الفقرة الأولى ومواد أخرى من قانون المسطرة المدنية        استيراد الأبقار بالمغرب يلامس سقف 150 ألف رأس والحكومة تتجه لإصدار قرار جديد    حقينة سدود المغرب تواصل الانخفاض رغم التحسن النسبي في معدل الملء    طيران مباشر يربط الأردن بالمغرب    فرنسا تعلق إعفاء جزائريين من التأشيرة    تحطم مروحية يقتل وزيرين في غانا    وفيات سوء التغذية تزيد بقطاع غزة    هل يُضفي الذكاء الاصطناعي الشفافية والمصداقية على الانتخابات المغربية؟    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    قرعة الأبطال و"الكاف" بدار السلام    "إعارة بلا شراء" للضحاك مع الرجاء    تنظيم جديد للسفر من "طنجة المتوسط"    تقلب الجو يوقف الصيد بمياه بوجدور    ضمنهم جزائريون وباكستانيون.. السلطات المغربية توقف "حراگة" بالشمال    دعم السينما يركز على 4 مهرجانات    خبيرة غذائية تبرز فوائد تناول بذور الفلفل الحلو    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس    ماكرون يرفع سقف المواجهة مع الجزائر ويدعو حكومته لنهج أكثر صرامة    مصرع شخصين واصابة ثلاثة اخرين بجروح خطيرة في حادثة سير نواحي الناظور    بادس.. ذاكرة شاطئ يهمس بحكايا التاريخ        نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الأربعاء إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة        رئيس الفيفا جياني إنفانتينو: دعم الملك محمد السادس جعل المغرب نموذجاً كروياً عالمياً    دقيقة صمت في هيروشيما إحياء لذكرى مرور 80 سنة على إلقاء القنبلة الذرية عليها    المغرب... تضامن مستمر ومتواصل مع فلسطين بقيادة الملك محمد السادس    حين ينطق التجريد بلغة الإنسان:رحلة في عالم الفنان التشكيلي أحمد الهواري    النجمة أصالة تغني شارة «القيصر» الدراما الجريئة    توقيف أفارقة متورطين في تزوير جوازات سفر وشهادات مدرسية أجنبية ووثائق تعريفية ورخص للسياقة    حزب الله يرفض قرار الحكومة اللبنانية تجريده من سلاحه    نشوب حريق في شقة سكنية بمدينة الفنيدق    قراءة ‬في ‬برقية ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬دونالد ‬ترامب ‬إلى ‬جلالة ‬الملك ‬    نتنياهو يتجه نحو احتلال قطاع غزة بالكامل    أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    نقل جندي إسباني من جزيرة النكور بالحسيمة إلى مليلية بمروحية بعد إصابته في ظروف غامضة    عدد ضحايا حوادث السير يرتفع بالمدن فيما يسجل انخفاضا خارجها خلال شهر يوليوز    المديرية العامة للأمن الوطني تطلق حركية الانتقالات السنوية    طفل يرى النور بعد ثلاثين عامًا من التجميد    غزة.. انقلاب شاحنة مساعدات يخلف 20 قتيلا ومستوطنون يهاجمون قافلة معونات قرب مخيم النصيرات    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    "وصل مرحلة التأزم البنيوي".. 3 مؤسسات رسمية تدق ناقوس الخطر بشأن أنظمة التقاعد    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    الذهب يتراجع متأثرا بصعود الدولار    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحراء وقلوب المغاربة
نشر في اليوم 24 يوم 05 - 11 - 2018

دخل ملف الصحراء، منذ الأسبوع الماضي، مرحلة استثنائية ومنعرجا جديدا في مسار تدبيره من لدن المنتظم الدولي. وعكس ما ألفناه منذ أعوام، فإن انتهاء اجتماعات مجلس الأمن الدولي ومصادقته على قراره الجديد، لم يكن هذه المرة إيذانا بعودة سيوف الحرب إلى أغمادها، والخلود للراحة في انتظار اجتماع جديد.
سبب هذا التحوّل في مسار ملف الصحراء هو أن كلا من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا على موعد مع جلسة محادثات أولية ستحتضنها جنيف السويسرية بعد شهر من الآن. جلسة سعى إليها بكل عزم المبعوث الأممي الجديد هورست كوهلر. الرئيس الألماني السابق فرض على بيروقراطية المنظمة منذ البداية تشكيل فريقه الخاص، والانتقال به إلى ألمانيا لتكون مقرا لعمله، ومنذ انتزاعه تلك المطالب، راح كوهلر يطوف العالم، ويستغل جل اللقاءات والمؤتمرات الدولية، بما فيها تلك التي لا علاقة لها بملف الصحراء، ليمارس دبلوماسية الكواليس، ويبحث عن منفذ لتحقيق اختراق في ملف وجده جامدا.
مع إتمامه عامه الأول في منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، ونجاحه في انتزاع دعم مجلس الأمن، وموافقة الأطراف المعنية على عقد أول لقاء مباشر، وإن كان مجرد طاولة مستديرة، وجد كوهلر نفسه أمام تحوّل آخر شهده تعاطي الدبلوماسية الأمريكية مع هذا الملف. واشنطن، التي اعتادت اتخاذ القرارات المرتبطة بهذا الموضوع في مكتب موظفها في وزارة الخارجية، المبعوث السابق كريستوفر روس، عادت إليه من زاوية جديدة، هي تلك التي حملها الرئيس الحالي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.
هذه الزاوية تحكمها عقيدة مفادها أن من يدفع يقرر، وإدارة ترامب قررت ربط جميع نفقاتها المالية الموجهة إلى المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، باستعادة زمام القرار وجعله في خدمة مصالحها، وإلا فنموذج «الأونروا»، المكلفة برعاية اللاجئين الفلسطينيين، ماثل أمام الجميع، حيث سحب عنها الدعم الأمريكي عندما أصبحت تتعارض مع مصالح الإدارة الأمريكية الجديدة.
كل من الأمين العام الأممي، البرتغالي أنطونيو غويتريس، ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، الألماني هورست كوهلر، كانا، حسب ما تضمنه تقريرهما المنشور مستهل أكتوبر، يعتقدان أنهما أوشكا على الوصول بالملف إلى نقطة الانطلاق الجديدة التي أرادا إيصاله إليها، وهي إحياء المفاوضات بروح ومقاربة جديدتين. انتماء الرجلين الأوربي، ومسار تحركات كوهلر طيلة العام الماضي، يوضحان كيف أنهما حاولا إعادة الملف إلى سياقه الجيوسياسي الطبيعي الذي يجعل حلّه بطريقة توافقية ممكنا. وبدلا من التحكم الأمريكي الذي يجعل مصير الوحدة الترابية للمغرب يدخل حسابات المعادلات الدولية الكبرى مع قوى كالصين وروسيا، طرق كوهلر عدة مرات أبواب الاتحادين الأوربي والإفريقي، وكانت جل المؤشرات تدل على أن الخبرة الاقتصادية للرجل، ومعرفته بالمجال الإفريقي، ومحاولته إشراك الأطراف المعنية بشكل مباشر بالانعكاسات الأمنية والاستراتيجية للملف، أي المجال المتوسطي والأوربي والإفريقي، كلها عناصر جو جديد سيحيط بالملف.
ما وقع في النصف الثاني من شهر أكتوبر الماضي، هو أن غويتريس وكوهلر اصطدما بيد ترامب التي باتت تمسك مباشرة بزمام بعثة واشنطن لدى الأمم المتحدة بعد استقالة السفيرة نيكي هيلي. وتوصية الأمين العام بتمديد ولاية المينورسو شهرا كاملا، كانت أول ما أسقطته هذه اليد. فأمريكا التي ألفت تحضير مسودة مشروع القرار، لم تعد تقبل بمجرد قيادة التفاوض بين دول مجموعة أصدقاء الصحراء، بل لها كلمة تريد أن تفرضها، وفعلت ذلك بالفعل حين فرضت على الجميع تقليص التمديد للمينورسو إلى ستة أشهر. وخطاب ممثلها الحالي في مجلس الأمن حمل أكثر من عبارة للدلالة على اتخاذ واشنطن مسافة حتى من أقرب حلفائها، أي فرنسا التي تمسكت بالتمديد السنوي للمينورسو.
الحقيقة أن أمريكا كانت دائما الماسك الحقيقي بخيوط ملف الصحراء، وذلك منذ عهد وزير الخارجية، كيسنجر، في لحظة ميلاد هذا الملف بتنظيم المسيرة الخضراء واندلاع الحرب. المغرب كان دائما محسوبا على «المعسكر الغربي» ودائرة أصدقاء واشنطن الذين تراعي مصالحهم في جميع الأحوال. لكن، علينا ألا ننسى أننا في لحظة فارقة واستثنائية يعيشها العالم، لحظة هدم جل ما بني عليه النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وإعادة تشكيله، لحظة عودة أمريكا إلى سياستها الانعزالية تاركة الخراب في المجالات التي يزحف عليها خصومها الصاعدون. علينا ألا ننسى أن السفارة الأمريكية بالرباط بقيت خالية من أي سفير منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وأن دخول وزير خارجيتنا، ناصر بوريطة، إلى مكتب جون بولتون المجاور للمكتب البيضاوي من بوابة مهاجمة إيران، لم يحقق لنا سوى تجنب الأسوأ. كصحافة لا يمكن إلا أن نصفق لمبادرة بوريطة للتواصل والنقاش، لكن ما نخشاه هو أن يكون انتباهنا إلى الجبهة الداخلية متأخرا، وألا نجد في حال داهمتنا التهديدات، لا قدر الله، سوى مؤسسات دستورية وسياسية مفتقرة إلى الثقة والانخراط الشعبيين، وأحزاب ونقابات وجمعيات كسيحة، وإعلام فُرض عليه دخول الصف والتطبيل تحت ضربات الخنق الاقتصادي للمقاولات، والاستهداف بالاعتقالات والمحاكمات المخدومة للأقلام.
هناك عبارة منسوبة إلى الملك الراحل الحسن الثاني، قالها في منتصف التسعينات، عندما استقبل وفدا من قادة البوليساريو، مفادها أننا «ملكنا الأرض لكننا لم نملك قلوب الصحراويين». اليوم، ونحن في سياق يتسم بقتل كل ما يمتّ إلى الإرادة الشعبية والرأي الحر بصلة، علينا أن ننتبه إلى ما نفعله بقلوب المغاربة، الصحراويين منهم وغير الصحراويين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.