في مداخلة الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية لمناقشة مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة .. عمر اعنان: ضرورة أن لا يُختزل دور المجلس في الزجر والعقاب، بل يجب أن يكون فضاء لتطوير المهنة        المغرب يحتفل بتخرج 678 مجندا ومجندة في القاعدة البحرية بالدار البيضاء    توقعات بتفاقم العجز التجاري في المغرب من 19.8% سنة 2025 إلى 20.1% سنة 2026    وزارة الفلاحة تدافع عن جمعية مربي الأغنام والماعز وتؤكد أن حساباتها تُدقَّق سنويا    إسرائيل تواصل اعتداءاتها على سوريا وتقصف آليات عسكرية بالسويداء    دعم المغرب، بقيادة جلالة الملك، للقضية الفلسطينية    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    تضامن واسع مع الإخوة الشبلي بعد حبسهما بسبب مطالبتهما بكشف ملابسات وفاة أخيهما    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    تحت قيادة جلالة الملك، المغرب يرسخ مساره التنموي في احترام تام لهويته بروافدها المتعددة (رئيس دائرة غولوا)    حجز أزيد من 37 ألف قرص مخدر وتوقيف ثلاثة متورطين في ترويج المؤثرات العقلية    المغرب نموذج للتحديث المؤسساتي والتنمية الاقتصادية (ثاباتيرو)    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بتراجع    فيضانات تجتاح نيويورك ونيوجيرزي جراء أمطار غزيرة    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    التحريض ضد مغاربة مورسيا يجر زعيم "فوكس" إلى المساءلة القضائية    وفاة أكبر عداء ماراثون في العالم عن عمر يناهز 114 عاما    تقارير أرجنتينية.. المغرب وقطر والبرازيل في سباق محتدم لتنظيم كأس العالم للأندية 2029    موجة حرّ شديدة وأجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    رئيس ‬دولة ‬فلسطين ‬يعزي ‬في ‬وفاة ‬المناضل ‬محمد ‬بنجلون ‬الأندلسي    حالة غرق ثانية بسد المنع في أقل من شهر تستنفر السلطات    وفاة معتصم خزان المياه بأولاد يوسف بعد فشل محاولات إنقاذه بمستشفى بني ملال    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    فرانكو ماستانتونو: مكالمة ألونسو حفزتني.. ولا أهتم بالكرة الذهبية    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    إيرادات الجمارك المغربية تتجاوز 47,3 مليار درهم في النصف الأول من 2025    إسبانيا: توقيف عشرة أشخاص إثر اشتباكات بين متطرفين يمينيين ومهاجرين من شمال أفريقيا    كيوسك الثلاثاء | توجه جديد لتقنين استعمال الهواتف داخل المؤسسات التعليمية    منتخبون عن إقليم الحسيمة يلتقون وزير الفلاحة للترافع حول توسيع المشاريع    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    بوريطة: الشراكة الأورو-متوسطية يجب أن تصبح تحالفا استراتيجيا حقيقيا    الداخلة، "ملتقى طرق" يربط بين فضاء البحر المتوسط ومنطقة جنوب الصحراء (صحيفة كندية)                فيدرالية اليسار الديمقراطي تنتقد الوضع العام وتطالب بإسقاط "التطبيع" وإطلاق سراح الزفزافي ورفاقه    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    الصين تواكب المغرب في إطلاق الجيل الخامس: فتح باب التراخيص يعزز الشراكة التكنولوجية بين الرباط وبكين    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي    دراسة علمية: السمنة تسرّع الشيخوخة البيولوجية لدى الشباب وتعرضهم لأمراض الكهولة في سن مبكرة        اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في عقيدة لزمن الشؤم..العلمانية بين العروي والجابري -الحلقة الأخيرة
نشر في اليوم 24 يوم 29 - 05 - 2019

لماذا اختار العروي، بعد مسار عمري طويل، أن تكون وصيته الفكرية التي يتوج بها إنتاجه الفكري والمعرفي الغزير، عبارة عن تأملات في الكتاب العزيز؟ ما دلالة ذلك عند مفكر كبير ظل وفيا لشعاره الخالد «التاريخانية»، باعتبارها مفتاح تحررنا من التأخر التاريخي، والتحاقنا بركب التقدم الحضاري والرقي الإنساني، الذي ليس شيئا، سوى تحقيق الغرب في ديارنا؟ وماهي المسوغات التاريخية والقيمية التي تجعل العروي يعتبر الإسلام الأول هو مهد هذا الغرب والحضارة الغربية المعاصرة؟ ولماذا اختار العروي أسلوب الرسالة لبث بنود وصيته هذه، التي وسمها ب»عقيدة لزمن الشؤم»؟ ولماذا اختار النطق على لسان امرأة؟ هل لأن المرأة ، بحكم ما تكابده من أشكال المنع والميز، في عالمنا، أقرب إلى الحقيقة كما يعتقد؟ هذه وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي سنحاول إثارتها ونحن نتأمل في «عقيدة» العروي التي استخلصها من معايشته للقرآن الكريم.
يلتقي العروي مع الجابري في الموقف من العلمانية، ويرفض مثله هذا اللفظ. إذ سبق للأخير أن دعا إلى نبذ هذه التسمية، لما علق بها من دلالات سيئة، واستبدالها بتسمية “العقلانية والديمقراطية” التي لا تثير أي مشكلة اليوم في واقعنا المعاصر.
وها هو العروي، يتخذ الموقف ذاته، ويتأسف على الإشارات القدحية التي علقت بكلمة علمانية، ويعتبر أن اختيار هذه التسمية كان خاطئا منذ البداية ولعب دورا سلبيا في التفاعل مع المقصود منها وهو: حياد السلطة فيما يخص معتقدات الخلق.
وإذا كان جورج طرابيشي قد انتقد ربط الجابري تسمية العلمانية بمسيحيي الشام واختياراتهم الإيديولوجية، فإن العروي يعتبر سبب التشويه الذي لحق بالعلمانية، هو المترجمين المسيحيين الشاميين تحت تأثير التعارض الذي كان قائما في أوروبا بين الدين والعلم الذي فرضته الكنيسة الكاثوليكية، وتمنى لو استعمل” لفظ آخر غيره: “دنيوي، أو معاملاتي أو سلطاني مقابل شرعي” (ص 210).
إن الذي يدعو العروي إلى تبني العلمانية، بمعناها الإنساني الإيجابي، مع نبذ ما علق بها من شوائب سلبية في العالم العربي، هو ضرورة الاستفادة من الدرس الكبير الذي علمه لنا التاريخ وهو أن البشر لا يمكنهم أن يؤتمنوا على العقيدة، و”في هذه الحال لا بد من سلطة محايدة، ترسم الحدود وتلزم كل طرف باحترامها، بعد أن علمتنا تجارب مرة كثيرة أن النفس لا تؤتمن” (ص 210).
هكذا يعتقد مفكرنا التاريخاني، أنه لو تم اعتماد هذا التمييز الإيجابي لما اتخذ منه فقهاء أهل السنة أي موقف سلبي لأنهم “(..) يتبنون مثله منذ زمن طويل”، باعتمادهم “التمييز بين الشرعي والسلطاني” كأمر عادي ومسلم به، وهو التمييز ذاته الذي يتبناه سعد العثماني في تصوره للعلاقة بين الديني والسياسي، تحت عنوان، كما نجده عند عبدالوهاب المسيري واختياره “العلمانية الجزئية”، التي لا تتناقض، حسب اعتقاده، مع معتقداته الإسلامية.
يتبنى العروي إذن، الموقف ذاته، الذي خلص إليه الجابري، قبل عقدين من الزمن، في تحليله للعقل السياسي العربي: تحويل العقيدة إلى مجرد رأي حر، لا يحق للسلطة الزمنية مراقبته والوصاية عليه. وهو بذلك يؤصل لهذا المفهوم من داخل المرجعية الفقهية، وليس فقط من خارجها، ويتقاطع مع أطروحة المفكر السوداني عبد لله أحمد النعيم الرابطة بين إسلامية المجتمع وعلمانية الدولة.
يريد العروي استبعاد العلم والسياسة من مجال المطلق والمقدس، ويدعو إلى العمل بمنطقهما القائم على البحث والتجربة، والنقاش والاختلاف، والتعدد والنسبية، والبحث عن المنفعة والمصلحة.لذلك نجده يعود إلى مخاطبة مراسلته المفترضة، بصدد تسمية اختياره هذا قائلا لها: ” سميه بأي لفظ شئت، سيدتي، أما أنا فإني أرضى لنفسي بكلمة عادية، متداولة، مفهومة للجميع منذ العهد الهلستيني، أعني لفظة فن بالمعنى الأوسع، الذي يشير إلى النفس وضرورة تهذيبها المستمر” (ص 212).
إنها عقيدة بسيطة لتهذيب النفس تلك التي يعتمدها العروي، ويوصي بها كعقيدة لزمن الشؤم، زمن الحاضر المؤلم، الذي تسعى السنة إلى تأبيده. من أجل ذلك نحن في حاجة إلى الإصلاح، الذي سيتم بمجرد انتباهنا لما أغفلناه من قبل، وملاحظتنا لما لم نكن نلحظه، أو، بتعبير العروي “ما لم نتعود على التقاطه (..) ما سبق السنة ومهد لها، وكذلك ما يصاحبها باستمرار وهي تنمو وتسمو، إذ يحددها رغما عنها، شكلا ومضمونا. نلحظ كل هذا دفعة واحدة، فندرك أن ما لم نكن نلحظه هو مجال واسع أُهمل عن قصد” (ص 196).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.