عدم استكمال هياكل مجلس النواب يؤجل تقديم الحصيلة البرلمانية    المبادرة الملكية الأطلسية تطمح لجعل المنطقة الأفرو – أطلسية فضاء أمن ورخاء مشترك    الموعد الجديد لمواجهة بونو ورحيمي في قمة "أبطال آسيا"    مركز تصفية الدم بالعيون.. التزام تام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة مرضى القصور الكلوي    قرار جديد لمحكمة فاس في قضية "شر كبي أتاي"    26 قتيلا و2725 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع واحد    وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الزيادة في الأجور بأثر رجعي نهاية أبريل    سانشيز: كأس العالم 2030 "سيكون ناجحا"    صديقي: مجزرة بوقنادل تضمن جودة عالية    صندوق النقد يتوقع نموا ب 3.1 % في المغرب    أمطار غزيرة تُغرق دول الخليج والسيول تودي ب18 شخصا في عُمان    النيابة العامة تستدل بالقرآن الكريم وتتمسك بالإعدام في قضية الشاب بدر    عصابة المجوهرات تسقط في قبضة أمن البيضاء    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الهجوم الإيراني على إسرائيل؟    مجلس المستشارين.. بنسعيد يبرز دور الثقافة في النهوض بالأوضاع الاجتماعية للشباب    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    شركة ميتا تكشف عن سعيها لإحداث ثورة في التعليم    الحسن أيت بيهي يصدر أولى إبداعاته الأدبية    جلالة الملك يهنىء رئيس جمهورية سلوفاكيا الجديد    نجم برشلونة الإسباني: لا إحساس يضاهي حمل قميص المنتخب المغربي    ابن كيران: رفضنا المشاركة في ملتمس الرقابة بسبب إدريس لشكر(فيديو)    إسبانيا توفر خدمات لعاملات مغربيات    أرباب المقاهي يفاجئون المغاربة برفع أسعار القهوة والمشروبات الغازية    دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي سابق    بحالو بحال قيوح: القاديري البرلماني الاستقلالي كيموت على المناصب وداير حملة وحرب باش يبقا فمكتب مجلس النواب ومكفاتوش تعدد المسؤوليات وبغا ريع الامتيازات وطوموبيل البرلمان باش يتفطح    الصندوق المغربي للتقاعد.. نظام التقاعد "التكميلي" يحقق نسبة مردودية صافية بلغت 5.31 في المائة سنة 2023    تأجيل جلسة البرلمان المخصصة لعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى وقت لاحق    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : لمحات من سيرة وشعر الأمير الشاعر المعتمد بن عباد دفين أغمات    مسؤولية كبيرة قدام الطالبي العلمي للي مصر على تطبيق الدستور وابعاد البرلمانيين المتابعين فالفساد من المسؤولية: اليوم عندو اجتماع حاسم مع رؤساء الفرق على مناصب النيابات ورؤساء اللجان وكولشي كيستنا لاليست ديال البام    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية    كمية الصيد المتوسطي تتقلص بالمغرب    الحصيلة الإجمالية للقتلى ترتفع في غزة    الأمين بوخبزة في ذمة الله .. خسارة للحركة الإسلامية والعمل التطوعي بالمغرب    هذه مستجدات إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    دراسة: الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع التراجع    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    الجزائر تغالط العالم بصورة قفطان مغربي .. والرباط تدخل على خط اللصوصية    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    سليم أملاح في مهمة صعبة لاستعادة مكانته قبل تصفيات كأس العالم 2026    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    هل قبل الله عملنا في رمضان؟ موضوع خطبة الجمعة للاستاذ إلياس علي التسولي بالناظور    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب مغاربة.. السباحة أو الموت غرقا في المضيق
نشر في اليوم 24 يوم 21 - 10 - 2019

هذه قصة واحد من الشباب المغاربة الذين فقدوا الأمل في المستقبل داخل بلادهم. حمزة لم ير طريقا سوى الهجرة عبر قارب موت كي يغير وضعه، ويمنح لنفسه أملا في الحياة.
قصة حمزة تلخص الكثير من المعاناة الشخصية والمرارة التي يعيشها الكثير من الشبان في هذه البلاد. حيث يصبح الخطو نحو الموت مسلكا إلى الحياة.
نجا الشاب المغربي حمزة الوزاني بأعجوبة، سنة 2018، من واحدة من أسوأ مآسي الهجرة السرية التي عرفتها سواحل مضيق جبل طارق في السنوات الخمس عشرة الأخيرة.
البرد، الكثير من البرد. سقط شاب من القارب بعدما أنهكته أربعة أيام من الرحلة. كان قائد القارب ينتحب ويتوسل العفو والمغفرة. من بين المهاجرين ال45 الذين كانوا على متن القارب، فقط اثنان كانا يرتديان سترة الإنقاذ. بعضهم سقط في الماء بسبب سوء أحوال البحر. مهاجر آخر بدين كان يبكي وحده في ركن. القارب يغرق في ثوان. تتعالى الصرخات في الليلة الليلاء، كانوا يصارعون الموت وسط الأمواج. «الموت أو السباحة»، يتذكر حمزة الذي كان يبلغ حينها 17 ربيعا؛ كان واحدا من المهاجرين الذين قرروا السباحة بدل الاستلام للموت، فيما لم يستطع ال23 الآخرون المقاومة. لقوا حتفهم غرقا قبل سنة قبالة سواحل قاديس، في أسوأ تراجيديا في مضيق جبل طارق في السنوات ال15 الأخيرة.
ليالٍ في الجحيم
يتذكر حمزة متأثرا تلك المشاهد وهو جالس الآن في مقهى بشرفة ميناء القديسة مريا، إنه يسترجع ذلك الحدث المروع الذي غير حياته. ليس من السهل حتى الحديث عن ذلك. احتاج إلى 6 أشهر للتعافي من نوبات البكاء التي كانت تنتابه، لكنه لم يتحرر بعد من الكوابيس التي مازالت ترافقه كالظل. «عانيت كثيرا. عبرت الشوارع المظلمة، لكنني اليوم بخير»، يتنفس الصعداء وهو ينظر إلى إيستير بلاسيكث، الشابة البالغة من العمر 26 عاما، والتي تؤويه منذ أن وجد نفسه مطالبا بمغادرة مركز إيواء القصر قبل 5 أشهر. في الأيام المقبلة سيكمل ربيعه ال19. حمزة واحد من الشباب الذين استفادوا من الإيواء، والذين يعيشون اليوم مع 12 عائلة في إطار ما يسمى «شبكة الإيواء بالميناء»، أي أنه واحد من الشباب الذين قررت عائلات إسبانية تبنيهم.
قارب الموت الذي كان على متنه حمزة (أكبر أشقائه الخمسة وسط أسرة فقيرة)، ليس سوى القارب الذي كان يقل شباب سلا. من بين ال45 شابا الذين كانوا على متن ذلك القارب الخشبي المتهالك، 30 منهم من أبناء مدينة سلا، المدينة المغربية التي يبلغ عدد سكانها 890 ألف نسمة. «بعضهم كانوا جيراني في الحي نفسه الذي أعيش فيه، بعضهم نجوا وآخرون ماتوا –يحكي- كلهم كانوا يركضون صوب الشاطئ عندما أخبرنا الربان بأنه حان الوقت للخروج من القارب إلى الأراضي الإسبانية».
«كان يوم جمعة. كنت في الفصل الدراسي (الأولى بكالوريا). اتصلوا بي وخرجت مع أصدقائي»، يروي حمزة بمساعدة مهدي الوردي ومربين آخرين يلعبون دور المترجم (يبدو أن حمزة لم يتعلم اللغة الإسبانية بعد). يعترف بأنهم دفعوا 10 آلاف درهم لشراء تذكرة الصعود إلى قارب، بمحرك خارجي فقط صغير، مليء عن آخره. سعر التذكرة الذي دفعه للمافيا التي نظمت الرحلة يشمل سترة إنقاذ متهالكة، أيضا لكل مرشح. كلهم وضعوها في الحين، لكن سرعان ما بدأت الرحلة تتعقد، إذ إن «البعض بدأ في نزع السترة من شدة الازدحام داخل القارب»، يوضح حمزة.
استغرقت الرحلة أربعة أيام بلياليها، لمخر عباب 300 كيلومتر من المياه التي تفصل شاطئي سلا وقادس. «بالكاد تستطيع النوم. تشعر بألم في الرأس. أتذكر رجلا كبيرا كان يبكي، كما أن قائد القارب كان يطلب الصفح باكيا أيضا -يقول حمزة- وبجانبي كان هناك أيوب مبروك، البالغ من العمر 21 ربيعا وبطل العالم ثلاث مرات في الكيك بوكسينغ في المغرب، كان من الذين ماتوا حتى قبل غرق القارب». يتذكر حمزة رفيقه أيوب قائلا: «كان يتقيأ وكنت أقول له: هدر معيا، لكنه مكانش كيجوبني. لم يكن الوحيد، بل مات بسبب الأمواج بعض الأشخاص أيضا»، دون أن يدخل في التفاصيل.
في فجر يوم الاثنين 5 نونبر 2018، استدل الستار على مأساة على بعد أمتار قليلة من «آل كانيوس»، وهي قرية بالقرب من ساحل «بارباتي» بقادس. «أخبرنا القائد بأنه لم تتبق سوى ساعة لنصل. وطلب منا الجلوس والهدوء. لكننا لم نلتزم، وقمنا من أماكننا»، يستحضر تلك اللحظات الأخيرة. الغرق كان بسرعة البرق. بالكاد لمس القارب أول صخرة حتى تهشم إلى قطع خشبية. في ثوان سقط الجميع في البحر، وهم يحاربون من أجل البقاء فوق الماء.
جاهد حمزة وشاب آخر كانا يرتديان السترة لمقاومة الغرق، «كانوا يتصارعون في ما بينهم. حاولوا أن ينتزعوا مني السترة، لذلك، ابتعدت عنهم سباحة»، يشرح حمزة دون أن يقوى على رفع عينيه عن الأرض.
ترك وراءه مشهدا من الغرقى، 23 قتيلا على الأقل، قبل أن يلفظ البحر الجثث طيلة الأسبوعين المواليين للحادثة. كانت أسوأ مأساة غرق للمهاجرين في منطقة قادس منذ سنة 2003، عندما غرق قارب في منطقة «روتا»، مخلفا 37 قتيلا. خبر غرق القارب الذي كان على متنه حمزة نزل كالصاعقة على مدينة سلا. هم جزء من لائحة 513 مفقودا في الطريق الغربية للمتوسط خلال سنة 2018. هذه السنة، ورغم تراجع منسوب الهجرة السرية بين المغرب وإسبانيا ب50 في المائة تقريبا مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، فإنه سجل في الطريق الغربية غرق 317 شخصا، وفق توقعات منظمة الهجرة الدولية.
قاوم حمزة خمس ساعات أمواج البحر قبل أن يصل إلى اليابسة. «فقط كانت أفكر في أن البحر لن يسمح لي ببلوغ اليابسة.. لم يكن هناك خيار.. السباحة أو الموت. تجرعت الكثير من الماء»، يتذكر. عندما خرج إلى اليابسة كان مصدوما، إذ كان بالكاد يقدر على المشي. «كنت آخر واحد يخرج من البحر»، يلخص حمزة الرحلة.
عن «إلباييس»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.