مندوبية المقاومة تخلد عيد الاستقلال    صحراويون يراسلون المبعوث الأممي    رصيف الصحافة: مرصد ينتقد الزيادات المتكررة في أسعار أدوية أساسية    الرياض تستضيف الدورة ال21 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية    حقيقة الديمقراطية الإسرائيلية    الكونغو الديمقراطية في ملحق المونديال    منظمة حقوقية تنبه إلى جريمة جنسية    وزير الخارجية الفرنسي يرجح عودة بوعلام صنصال إلى فرنسا "في الأيام المقبلة"    أزيد من 3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    ارتفاع الفائض التجاري لمنطقة اليورو بدعم من الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة    ألعاب التضامن الإسلامي.. المغرب يحصد ذهبية وبرونزية في منافسات التايكواندو    حكيمي وصلاح وأوسيمين يتنافسون على لقب أفضل لاعب إفريقي 2025    أمريكا تأمل إتمام "اتفاق المعادن النادرة" مع الصين قبل نهاية شهر نونبر    ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب    تقرير إخباري: كلميم على حافة التهميش والاحتقان الاجتماعي.. ودور السلطة الترابية في تعثر التنمية المجالية    كلية أيت ملول تستضيف محاضرة حول التصوف ودوره في بناء الجسور الدبلوماسية بإفريقيا    أربعاء أيت أحمد : حملة طبية بتينكطوف تعيد الدفء الصحي إلى منطقة جبلية وتخفف عبء التنقل عن الساكنة.    نقاش ساعات العمل بالتعليم الابتدائي يتجدد على إثر فهم الوزير لدراسة "طاليس".    عزيمان: المصالحة لا تبنى بالنسيان .. والذاكرة الجماعية رافعة للديمقراطية    سفيرة الصين بالرباط تلتقي محمد أوجار وأعضاء بارزين في حزب الأحرار    بنكيران: المغاربة يلتقون بي و يخاطبونني "أيامك كانت زينة آسي بنكيران"    جامعة الكرة تكرم الدوليين السابقين المنتمين للعصبة الجهوية طنجة تطوان الحسيمة    3.3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    الركراكي يفاجئ مشجعا طنجاويا بترت قدمه إثر مرض عُضال بزيارة إنسانية في منزل أسرته    التمويلات المبتكرة: خدمة جيدة أم ديون مقنعة؟ نقاش هادئ مع لقجع    قبل ساعات من التصويت .. إسرائيل تتمسك برفض قيام دولة فلسطينية    "الحرارة وشح المياه وارتفاع منسوب البحر".. مخاطر المناخ في المغرب تفوق ما تسمح به قدرات التكيف الحالية    عكاشة: "الأحرار" يستعد لانتخابات 2026 بطموح المحافظة على الصدارة    الوزير مزور يترأس بتطوان أشغال المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال ويشرف على تنصيب مفتش جديد للحزب بعمالة المضيق    جمعية بتيفلت تستنكر طمس جدارية فنية وتطالب بتوضيح رسمي ومحاسبة المسؤولين    يشارك في هذه الدورة 410 فنانا وفنانة من 72 دولة .. أكادير تحتضن الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا    صالون "الشاي يوحّد العالم" يجمع المغرب والصين في لقاء ثقافي بالبيضاء    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    أكرد يغادر معسكر المنتخب المغربي    أشرف حكيمي يطمئن جماهيره بصور جديدة خلال مرحلة التعافي    "إعادة" النهائي الإفريقي.. المغرب في مواجهة مصيرية مع مالي بدور ال16 لكأس العالم    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    النسخة الثانية من الندوة الدولية المنعقدة بوجدة تصدر اعلانها حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منير أبو المعالي يكتب: “لا أيتام في قانون بنعبد القادر”
نشر في اليوم 24 يوم 07 - 05 - 2020

مشروع القانون الخاص بالشبكات الاجتماعية والبث المفتوح هو الابن غير الشرعي لقوانين مكافحة مقاطعة البضائع الإسرائيلية. هذه ليست مبالغة، ولكنها حقيقة. المواد الثلاث في مشروع 22.20، ليست سوى محاكاة محلية لقوانين جرى إقرارها في سياقات معينة، ولم يجر في المغرب سوى استبدال الهدف: الشركات المحلية بدل الإسرائيلية. للقانون، إذن، أصل ومرجع ورقم، وطابع غير شريف.
وفي الواقع، كان من الصعب تحديد أصل سلالة مشروع 22.20، لو لم يتفضل واحد من المدافعين عنه، وهو إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (وزيره في العدل هو من طرح المشروع قبل أن يسحبه مضطرا) ليمنح المناقشات هذه الارتباطات. في حواره مع «أخبار اليوم»، لم ينتقد لشكر مشروع قانون 20.22، بل أضفى عليه شرعية مستمدة من القانون المقارن. قال: «شخصيا، بحثت في القانون المقارن، الفرنسي والألماني حول المواد الثلاث، وعندما سيفتح النقاش العمومي، سنطرح كيف تعاملت هذه الديمقراطيات المتقدمة مع هذه القضايا». بسماع كلمات رنانة مثل القانون المقارن، والديمقراطيات المتقدمة، يُخيل للمرء أننا كنا نتصرف إزاء المناقشات المحلية حول مشروع القانون المذكور، وكأننا منفصلون عن الواقع. لكن ذلك ليس صحيحا. الكلمات المنتقاة بعناية، ناهيك عن الاقتضاب المتعمد في الإيضاح يدفع المرء إلى الشك. ماذا يعني لشكر بالقانون المقارن؟ ببساطة، إنه يقصد قانونا واحدا يتعلق بتجريم الدعوة إلى مقاطعة البضائع التي مصدرها إسرائيل. وفي الاستشهاد المرجعي بكل من القانونين الفرنسي والألماني، يسكن الشيطان. لم يكن ذلك اعتباطيا بالمرة. في ألمانيا، كما أشار إلى ذلك لشكر نفسه، جرى إقرار هذا القانون في 2019، وفي فرنسا، حدث ذلك في العام 2015. ليس هناك شيء آخر. لم يشر لشكر إلى الولايات المتحدة، لأن مشروع قانون مماثلا جرت عرقلته هناك عام 2018، لكنهم يملكون قانونا قديما يعود إلى عقد السبعينيات، يتضمن عقوبات ضد المقاطعين تكاد تكون مطابقة لما هو موجود في مشروع قانون 22.20.
ولشكر، على ما يبدو، وهو المتحمس لمضامين القانون المقارن، غير مكترث بالتفاصيل كثيرا، فهو يساري ميال عموما إلى أعمال الليبراليين، فهؤلاء أنفسهم هم من يقفون وراء قوانين تجريم مقاطعة الشركات والبضائع ذات المصدر الإسرائيلي. في ألمانيا، كانت جماعة من النيوليبراليين، والكيانات السياسية المعادية للمهاجرين، هي من صممت على إقرار القانون، ونجحت في ذلك. وفي فرنسا، كان الليبراليون المدعومون باليمين حريصين على دفع الداعين إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية إلى المحاكم.
في ألمانيا، كما في الولايات المتحدة، كانت خطة تمرير قوانين تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية غارقة في السرية. في ألمانيا، لم يجر الكشف عن مشروع القانون سوى يوم واحد قبل خضوعه للتصويت، وفي الولايات المتحدة، كان مخططا أن يدرج المشروع، خفية، في اليوم الأخير لعمل الكونغرس قبل خروج أعضائه إلى العطلة الصيفية لذلك العام. تبدو هذه التفاصيل وكأن هناك تدبيرا واحدا لعمليات تجريم المقاطعة. ودعونا لا نتحدث عن تعريف لشكر أيضا للمقاطعة الموجبة للتجريم، فهي نفسها بالكلمات ذاتها، وبالترتيب نفسه كما هي مدرجة في هذه القوانين. هل هذه صدفة؟ دون عبء إثبات هائل، فإن وزير العدل، اليساري، وجماعة الضغط التي مارست حريتها بكل «ليبرالية جديدة» في نص المشروع، لم يكن لديهم أي مرجع يستندون إليه لتجريم مقاطعة بضائع الشركات، سوى نموذج تجريم مقاطعة البضائع الإسرائيلية. ولسوف يظهر، بعدما برزت الفضيحة إلى العلن، أن المسؤولين الحكوميين، الذين كانوا يأملون أن يمر مشروع القانون خلسة، على قادر بالغ من الاستهانة بالناس. ومن الطبيعي، تبعا لذلك، أن يتخلص الجميع من أي دليل يربطه بالجريمة، ولقد حاول الاتحاد الاشتراكي أن يلعب اللعبة نفسها، لكنه فشل.
لم يكن مشروع القانون نصا يتيما، بل كان نتيجة لاحتضان هؤلاء النيولبيراليين المحليين نصوص قانون مشينة أقرها نيولبيراليون آخرون في مكانين بعيدين. والاتحاد الاشتراكي، وقد تخلص من أي قيمة تربطه باليسار، ليست لديه مشكلة في أن يكون خادما للنيوليبراليين، على كل حال. ونحن نشعر بنوع من السعادة على الصراحة غير المتعمدة لشخص مثل لشكر، والتي أوضحت أن مشروع القانون ولد من رحم، وبحبل سُرِّي كذلك.
يدافع لشكر عن قانونه، كما يهاجم لوبيات يزعم وقوفها وراء حملات الدعوة إلى مقاطعة بضائع. في الواقع، وفي عام 2018، كانت التهمة الرئيسة، كما روجها أعضاء في الاتحاد الاشتراكي وفي التجمع الوطني للأحرار، هي وقوف شبكات موالية لحزب العدالة والتنمية وراء المقاطعة الشعبية آنذاك. وقد خلصت دراسة مشوهة ومجتزأة، وتنقصها الدلائل، إلى أن أعضاء في حزب العدالة والتنمية عملوا بفعالية لدفع الناس إلى مقاطعة منتجات شركة أفريقيا. ولشكر يعود مجددا إلى هذه الأقاويل ليصنع فذلكة محيرة: «إننا نواجه مسا بحرية المواطن في أن يقاطع ما يشاء». وهذه العبارة ليست، في نهاية المطاف، سوى دعوة إلى الصمت. قتل رحيم لأي تشكل جماعي لأي حملة، أي فرض نوع هادئ من الاستسلام لحكم الشركات.
في حقيقة الأمر، لا يمكننا أن نتوقع شيئا من حزب الاتحاد الاشتراكي. لقد بلغ به الوهن السياسي مبلغه في فترة لشكر، حتى إن أي تخمين حول وجود مستقبل لهذا الكيان قد لا يكون سوى أضغاث أحلام. كيان وضع تاريخه وراءه منذ 20 عاما، وراح يتخلص من أي معارضة كيفما كانت داخله، ثم باع رصيده الباقي إلى التجمع الوطني للأحرار.
إن لشكر لا يمنحنا آمالا زائفة، على كل حال، فهو لا يتزحزح عن مرافعته دفاعا عن مشروع وزيره في العدل، كما هو على أهبة الاستعداد لفعل ذلك في أي وقت تكون فيه الفرصة سانحة. مازال لشكر مؤمنا بأن الفرص متاحة في وضع تمارس فيه السياسة وكأننا في الغرب المتوحش. لكن، ما هو أهم هو أن تحذروا دعواته كل مرة؛ سواء إلى حكومة وحدة وطنية، أو إلى أي شيء آخر. يمكن أن يكون فُوه الاتحاد الاشتراكي فاغرا، وهو يملؤه بتبن الشركات، لذلك، لن يخسر شيئا إضافيا. لم يعد لهذا الحزب «شعب» يقف خلفه، ومن المؤكد أن لا شيء سيغير ذلك مستقبلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.