الاتحاد الإفريقي يشيد بمساهمة المغرب في تكوين ملاحظي الانتخابات في إفريقيا    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد    تشييع جنازة الدولي المغربي السابق أحمد فرس بالمحمدية    كأس أمم إفريقيا للسيدات (ربع النهائي – المغرب/مالي).. مدرب منتخب مالي: "بطولة جديدة تبدأ بالنسبة لنا"    بوريطة: دخول أزيد من مليون و500 ألف من أفراد الجالية المغربية بالخارج إلى غاية 10 يوليوز الجاري    السجن 30 سنة لطالب قتل أستاذته بأرفود    الشغف الموسيقي يصدح من كورنيش ابي رقراق    محمد رضا يطلق "كشكول شعبي" يحتفي بالتراث بروح عصرية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    مؤسسة الرعاية الاجتماعية مركز الأمل الجديدة تحتفي بتلاميذها المتفوقين    المحكمة تستمع لشهادة مثيرة: الناصري احتفل بطلاق رأفت من بارون المخدرات بالرقص والغناء    طنجة.. توقيف رجل تنكّر في هيئة امرأة لمحاولة إصدار بطاقة هوية وتسجيل رضيع    توري باتشيكو...حين تحولت حادثة معزولة الى وقود حرب لليمين المتطرف على المهاجرين وبيدروسانشيز    جلالة الملك يبعث برقية تعزية إلى أفراد أسرة المرحوم عبد الله أزماني    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    السلطات السويسرية تدعو مواطنيها إلى أخذ الحيطة من الكلاب الضالة في المغرب    مؤسسة وسيط المملكة تلقت أزيد من 13 ألف شكاية وتظلم وطلب تسوية ومبادرة تلقائية خلال سنتي 2022 و2023    توقيف مواطن فرنسي بالدارالبيضاء مبحوث عنه ويشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    تدشين توسعة مصنع «ستيلانتيس» بالقنيطرة    الجيش الفرنسي يغادر السنغال مُنهيا وجوده الدائم في غرب إفريقيا    حصيلة القتلى جراء أعمال العنف في جنوب سوريا تجاوزت 500 قتيل    الحكومة تصادق على مشروع قانون إحداث المؤسسة المحمدية لقضاة وموظفي العدل    البلاوي: التحديات الوطنية والدولية تتطلب من فضاء النيابة العامة التأهيل على مستوى الممارسة القضائية    الأهلي يتعاقد مع اللاعب المغربي أيوب عمراوي ل 3 مواسم    بيلينغهام يغيب حوالي ثلاثة أشهر عن ريال مدريد بعد جراحة ناجحة في الكتف    النفط يستعيد توازنه بدعم من انتعاش الاقتصاد الأمريكي    القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاما في السجن    رئيس الحكومة وسؤال السنة المرجعية وصدقية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية (12)    بورصة الدار البيضاء تغلق على وقع الارتفاع    موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025        قيادة الأصالة والمعاصرة تستقبل جاكوب زوما    الرجاء يحصّن عرينه بخالد أكبيري علوي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    إقليم زاكورة يستعد لاحتضان الدورة ال4 للملتقى السنوي للجالية المغربية بالخارج    المغرب، بقيادة جلالة الملك، يؤكد مكانته كقوة اقتصادية صاعدة (رئيس البنك الإفريقي للتنمية)    وفاة صالح الباشا تحزن الأوساط الفنية    رئيس سوريا يكشف عن وساطات أوقفت ضربات إسرائيل على بلاده    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    من حضن جدّته إلى قميص ميسي .. لامين يامال يبدأ رحلته الذهبية مع برشلونة    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    وفاة أربعيني غرقاً بشاطئ غير محروس نواحي الحسيمة    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشر بلا قيمة وسياسة بلا رحمة
نشر في اليوم 24 يوم 26 - 11 - 2014

لم يجدوا غير شاحنات جمع الأزبال ليحملوا فيها جثث ضحايا الفيضانات الأخيرة في كلميم والجنوب المقصي من أية تنمية أو بنيات أساسية. يخجل المرء من نفسه وهو يرى بشرا كرمهم الله أحياء يُحملون وهم أموات في شاحنات حمل الأزبال.. هذه الصورة تقول كل شيء، والإنجليز يقولون: «صورة واحدة أفضل من ألف كلمة»…
الفيضانات قدر من الله ولا راد لقضاء الله، لكن الإهمال وغياب وسائل الإنقاذ وتهالك الطرق والقناطر مسؤولية البشر. لقد حان الوقت لأن تتحرك آليات المحاسبة والمراقبة وتحريك المسؤولية الجنائية عن التلاعب بحياة بسطاء الناس، وألا نفتح في كل حادث سرادق عزاء وبعده نغلق الملف وننتظر كارثة أخرى.
الجميع يعرف أن في المغرب مغربين؛ واحد نافع يستأثر بالحد الأدنى من البنيات، والآخر غير نافع يعيش في القرون الوسطى، منسي من رحمة الدولة، بلا حقوق سوى الحق في انتخاب رئيس جماعة فاسد أو برلماني يبحث عن مصالحه كل أربع سنوات، غير هذا لا حقوق ولا هم يحزنون.
أول أمس اتصل بي مواطن من كلميم باب الصحراء، وعبر الهاتف وصلني حزنه وإحساسه بالغبن. قال لي: «هل الدولة المغربية تريد الصحراء بدون سكانها أو ناسها؟»، قلت: «لا، لا قيمة لأرض بلا إنسان فوقها»، فرد: «إذن كيف يسمحون لأنفسهم بجمع جثث ضحايا الفيضانات في شاحنة الأزبال؟ الكلاب تلقى معاملة أفضل من هذه». قلت له: «الأمر لا يقتصر على الصحراء، فنقص سيارات الإسعاف قاعدة عامة من طنجة إلى الكويرة»، وحكيت له ما رأيت في زلزال الحسيمة سنة 2004، حيث لم نجد في إقليم الحسيمة كله، وتعداد سكانه آنذاك أكثر من 70 ألف نسمة، سوى سيارتي إسعاف، إحداهما كانت معطلة منذ أشهر، والنتيجة أن الذين قتلوا في هذا الزلزال أكثر من الذين جُرحوا لأن كل واحد أصيب كان مصيره الموت لأن الإنقاذ عملة غير قابلة للصرف في هذه المناطق…
المملكة كلها مثل الأقرع أينما ضربته يسيل دمه، وهذه نتيجة طبيعية لعقود من الفساد، وعقود من الاختلالات في الإدارة والتسيير، وعقود من تزوير الانتخابات، وعقود من سياسة اللاعقاب، وعقود من الاهتمام بالواجهة وترك العمق مشوها، والآن ما نراه من ضحايا وكوارث وهشاشة وبؤس وحكرة هو ما زرعته الدولة والنخب وجل الأحزاب والإدارة لعقود وعقود…
الدولة تصرف المليارات على مشاريع فاشلة، وعلى مخططات تذهب إلى جيوب اللوبيات والشركات الكبرى التي تعرف من أين تؤكل الكتف، وكيف تستفيد من الدعم المباشر للميزانية، ومن الإعفاءات الضريبية، ومن الوعاء العقاري للدولة، ومن الرخص الاستثنائية و… في حين يموت البسطاء في المدن المهمشة والقرى المنسية والمداشر البئيسة من البرد ومن «الفقصة»، وبسبب غياب أبسط شروط العيش الكريم، في حين أن النخب تتصارع في الرباط على «الخاوي».
اليوم قبل الغد يجب تشكيل لجنة تقصي حقائق عاجلة لتحديد خارطة المناطق الأولى بالرعاية في المدن والقرى والمداشر التي مازالت تعيش في القرون الوسطى، ووضع مخطط عملي لإخراجها من العزلة، فكيف يعقل أن تخصص الدولة ثلاثة مليارات دولار لTGV، وتعطيه «كادو» لشركة «ألستوم» الفرنسية، ولا تجد ميزانية لشراء 2000 أو 3000 سيارة إسعاف وبناء الطرق وتشييد القناطر وترقيع البنية التحتية…
تأسفت كثيرا لأنني لم أرَ رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يسافر إلى كلميم ليعزي أهالي الضحايا، ويصرف لهم إعانات مادية عاجلة، ويعقد مجلسا حكوميا في عين المكان، ويتعهد بإصلاح الطرق والقناطر وفك العزلة وتوفير وسائل الإنقاذ مستقبلا، ويقترح إعفاء عامل المنطقة ووالي الجهة وكل مدراء الوزارات المعنية، ويوجه وزير العدل إلى فتح تحقيق حول مسؤولية البشر عما وقع… تأسفت كثيرا لأن في بلادي حياة البشر بلا قيمة، أو بالأحرى حياة البشر ليست كأسنان المشط متساوية عند الدولة كما عند الله عز وجل.. هناك بشر فوق بشر، وموت خير من موت، وإنسان أفضل من إنسان، لكن حذارِ من غضب الفقراء والمستضعفين والمحگورين، والزمن ليس يوما ينقضي وآخر يبدأ…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.