الداخلة تستقبل السفير الهنغاري: آفاق جديدة للتعاون والاستثمار بين المغرب وهنغاريا    نزار بركة يستقبل وفد الحزب الشيوعي الصيني ويؤكد تقاطع الرؤى حول السيادة والتنمية والسلام    فضيحة اختطاف معارض في فرنسا تهز النظام الجزائري: خمسة موقوفين وتحقيقات تصل إلى تبون    إسرائيل تواصل هجماتها الدامية على مستشفى خان يونس وتقتل 28 شخصا    ترامب يرفع العقوبات عن سوريا طارحا نفسه "صانع سلام" في المنطقة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون يتعلق بجبايات الجماعات الترابية    المسطرة الجنائية.. وهبي يتمسك بتقييد دور الجمعيات في قضايا الفساد ويرفض تعديلات المعارضة    إحباط تهريب 14 ألف قرص إكستازي بميناء الناظور    درك باب برد يطيح بمشتبه فيه رئيسي في ترويح مخدرات قوية بالمنطقة    نادية فتاح: حجم الدعم المخصص للمواد الأساسية تجاوز 100 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2022 و2025    أشادت بالرؤية الملكية من أجل إفريقيا .. بوروندي تجدد تأكيد دعمها للوحدة الترابية للمغرب ولسيادة المملكة على صحرائها    الركراكي: حكيمي قائد حقيقي ومرشح للكرة الذهبية    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأخضر    الشعب المغربي يحتفل بالذكرى ال69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    واشنطن والرياض تُعلنان عن أكبر صفقة أسلحة في التاريخ    هشام بلاوي الوكيل العام الجديد للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة    ‮«‬الأسد ‬الإفريقي ‬2025‮»‬: ‬أكبر ‬مناورة ‬عسكرية ‬في ‬القارة ‬تنطلق ‬من ‬المغرب ‬بمشاركة ‬أمريكية ‬ودولية ‬واسعة    محمد وهبي يؤكد أن شبان المغرب قادرون على تحقيق أشياء عظيمة    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة محليا بتساقط للبرد بعدد من مناطق المملكة    قطرات مطرية متفرقة مرتقبة بطنجة وجهة الشمال يوم الأربعاء    حريق بشقة سكنية في حي بن كيران بطنجة يخلّف خسائر مادية    الاستقلال يدعو لفتيت إلى تسريع مراجعة القوانين الانتخابية استعدادًا للاستحقاقات المقبلة    فشل الجزائر الذريع في جرّ مصر إلى فخ بوليساريو؟    وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية: الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية "تحت السيطرة"    احباط تهريب 58 كيلوغرام من الحشيش بحيلة غريبة    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    صافرة رومانية تضبط نهائي دوري أبطال أوروبا    الصين تعزز شراكتها مع أمريكا اللاتينية بخمس مبادرات تنموية وإنسانية جديدة    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    في برنامج "مدارات" : لقاء مع الباحث الأستاذ أحمد متفكر ، وحديث حول سيرة محمد ابن الموقت المراكشي    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.. انتخاب سفيان البقالي رئيسا للجنة الرياضيين    أسعار ‬الأسماك ‬في ‬ارتفاع ‬متواصل ‬وسمك ‬الفقراء ‬بات ‬نادرا ‬في ‬الأسواق    مراكش ومدن مغربية أخرى تحتفي بموسيقى موزارت لتوحيد المواهب المتوسطية    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    رسوم بذيئة تعبث بموقع "تشان تشان" التاريخي في البيرو    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    مجموعة OCP توقع اتفاقيتَي تمويل    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    شرطة ألمانيا تفكك "شبكة متطرفة"    المغرب الفاسي يثق في منتوج النادي    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تؤشر على المنشور المتعلق ببيع أسهم "رونو"    النفط يهبط بفعل مخاوف من زيادة المعروض وحذر حيال اتفاق أمريكا والصين    برشلونة على أعتاب لقب "الليغا" وريال مدريد يودّع أنشيلوتي    حكيمي يعزز استثماراته الرياضية بشراء نادي إسباني    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يفتقد لجهود فينيسيوس وفاسكيس للاصابة    من الناظور إلى اسبانيا.. سقوط إمبراطورية الحشيش بقبضة الشرطة وهكذا وضف "الزعيم" عشيقاته لتبييض الأموال    تركيا.. أزيد من 64 مليون مسافر عبروا مطارات البلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرحلة رفع القدم
نشر في اليوم 24 يوم 26 - 12 - 2014

كنت دائما أحس أن كلمة «ارحل»، التي اعتمدها المتظاهرون بالعالم العربي لا تعكس تماما حمولة «dégage»، التي خرجت مدوية من عمق الكائن التونسي قبل أربع سنوات في وجه الديكتاتور زين الدين بنعلي ونظامه. وكنت دوما أحس أن هذا المقابل العربي وديع ب«حائه» الصامتة، ويستطيع ربما ملامسة معنى اللفظة الفرنسية، ولكن حروفه اللطيفة لا تقوى بتاتا على حمل تلك الشحنة الملتهبة التي تقذفها حروف «ديكاج». ولكن «ارحل» اللطيفة هذه هي التي انتشرت في شوارع الكثير من بلدان العالم العربي، كأن الكائن العربي كان يريد التغيير الشامل، ولكنه يخشى ألا يكون قادرا على تبعاته ومتطلباته، وكان يعبر عن تلك الصرخة الملتهبة في دواخله بهذه اللفظة التي تحمل المعنى، ولكنها تكبتُ تلك الشحنة. وحتى الذين كانوا يفضلون كلمة «ديكاج»، كانوا يكتفون بحملها صامتة على لافتاتهم ولا يصدحون بها، إلا التوانسة الذين أصروا على الصراخ «ديكاج» في وجه «بنعلي»، وفي وجه «الاستبداد»، وفي وجه هذا الماضي القريب والبعيد، الذي تحول إلى مستنقع يعيق الخطى بدل أن يكون أرضا صلبة تساعد على السير قدما.
ولعل غياب هذا الإصرار هو السبب في انتكاس ثورات الشعوب العربية الأخرى. فتاه بعضها في حروب أهلية وطائفية لا يبدو أنها ستنتهي في المستقبل المنظور، وارتأى بعضها التخلي كلية عن أحلام الثورة الكبيرة والقبول بالعودة إلى «بيت طاعة» الاستبداد، بينما فضّل بعضها الآخر الارتكان إلى وضع ملتبس يجمع بين تقدم طفيف في النصوص وواقع عنيد يأبى التزحزح.
أما التوانسة، فلم يرضوا النكوص، وتقدموا بصعوبة، ولكن بثبات لحد الآن للخروج من مستنقع الاستبداد والتخلص من أثقاله، فكان المجلس التأسيسي، حيث خاضوا معركة الدستور، ثم انخرطوا في الانتخابات التشريعية ونجحوا في صد المد الإسلامي المحافظ، وها هم اليوم، ينجحون في تنظيم انتخابات رئاسية أفرزت نتائج تشبه تلك التي تعرفها الديمقراطيات الأوروبية (حوالي 55.6 في المائة من الأصوات لصالح الباجي قايد السبسي، مقابل حوالي 44.4 لصالح خصمه منصف المرزوقي)، وخرجت عن القانون المعمول به في هذا العالم العربي حيث لا يقبل الزعيم، سوى بنسب تفوق ال90 في المائة، هذا إن رضي أن يدخل انتخابات معدة سلفا على مقاسه.
كل هذا يغمرني بإحساس يبهج النفس ويُنعشها، ويخمد ذلك التوجس والخوف اللذين يسكنان «واو الروح»، ولكنه لا يطفئهما بشكل كامل. ليس فقط، لأن الرئيس الجديد لتونس، الباجي قايد السبسي، من أقطاب نظام الحبيب بورقيبة، وإن لم يكن من رجالات نظام بنعلي، بل لأنني أحس أن تونس الآن، في مرحلة رفع القدم للقيام بالخطوة الأخيرة والحاسمة للخروج من مستنقع الاستبداد. وهذه مرحلة حسّاسة ودقيقة لأن التوازن يكون فيها هشا للغاية، وتتطلب ثباتا وتركيزا وسرعة لنقل تلك القدم إلى الأرض الصلبة للسير نحو تلك الديمقراطية التي مازالت بعيدة، وأن بدت لنا في تونس، نحن العطشى إلى مائها مثل التائه في الصحراء، قريبة وفي متناول اليد. لأن الديمقراطية كما قال المفكر عبد الله العروي مرة: «لا تحل بعد الثورة» ولا حتى بعد «تغيير شامل في الآفاق والنفوس»، بل هي، وفقا للأستاذ عبد السلام بنعبد العالي، «برنامج قد يستغرق أجيالا». إنها فعلا رحلة الآلف ميل، ولكنها رحلة تعد فيها مرحلة رفع القدم هذه حاسمة حتى يكون لتلك ال«ديكاج» معناها الكامل والحقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.