نشرة انذارية والحرارة تصل 45 بالمغرب    الأميرة للا أسماء تترأس حفل نهاية السنة الدراسية 2024-2025 لمؤسسة للا أسماء    الملك يعزي الهند بضحايا تحطم الطائرة    ما الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في أي تصعيد؟    إيران تعلن مقتل 3 علماء نوويين جدد    مقتل إسرائيليين واصابات العشرات في الرد الإيراني على تل أبيب    الصين تطلق قمرا صناعيا لرصد الكوارث الطبيعية    كأس العرش: أولمبيك آسفي يتجاوز فخ الاتحاد الإسلامي الوجدي    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. برنامج مباريات الأحد    العمراني: مشاركة الوداد في كأس العالم للأندية مؤشر قوي على تقدم الرياضة الوطنية    نتائج البكالوريا 2025: الإعلان عن عدد الناجحين والمستدركين والإناث يتفوقن بجهة الدار البيضاء سطات    الرصاص يلعلع بالجديدة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد بالمغرب    الجزائر تتهم المغرب بسرقة الكسكس    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    فريدة خينتي تطالب وزير الداخلية بإحداث سوق عصري نموذجي بجماعة بني أنصار    توقيف مشتبه به في سرقة عنيفة بالدار البيضاء    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    الأهلي يتعادل في افتتاح الموندياليتو    بنهاشم يثمن تحضيرات نادي الوداد    من حكيمي إلى بونو .. 31 أسداً مغربياً يشعلون ملاعب مونديال الأندية    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    تبادل للقصف بين إسرائيل وإيران    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    30 من نجوم كرة القدم المغاربة يشاركون في كأس العالم للأندية لكرة القدم بأمريكا    تفكيك شبكة إجرامية تستغل نساء راغبات في الهجرة للاستيلاء على عشرات السيارات    أوزين ينتقد "جفاف الرؤى الحكومية" .. ويؤكد وحدة صف الحركة الشعبية        عمر الحريري وهبة بناني يتصدران نتائج الدورة العادية للبكالوريا    تكريم الفنانين أحمد حلمي ويونس ميكري في حفل افتتاح مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي    تخصيص ميزانية 113 مليون درهم لتحديث وتأهيل مطار العروي    غوغل تُحوّل نتائج البحث إلى بودكاست صوتي باستخدام الذكاء الاصطناعي    المغرب يحتفي باليوم الوطني للتبرع بالدم لتعزيز روح التضامن والإنقاذ    جيلان تتألق في "ها وليدي": ملحمة فنية مغربية تنبض بالحب والولاء للوطن.. المغرب لا يُغنى عنه، بل يُغنّى له    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى عاهل المملكة المتحدة بمناسبة عيد ميلاده    تامر حسني يكشف تطورات الحالة الصحية لنجله    "صفعة للاستثمار وضربة لصورة المغرب".. نخرجو ليها ديريكت يكشف كواليس توقيف مشروع فندقي ضخم في قلب الدار البيضاء    إيران تقرر إغلاق الأجواء حتى إشعار آخر    حصيلة وفيات تحطم طائرة هندية ترتفع إلى 270 شخصا    اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    مطالب للحكومة باتخاذ إجراءات ملموسة تحفز اندماج القطاع غير المهيكل بالاقتصاد الرسمي        الطالبي العلمي يستقبل وفد المنتدى البرلماني الإفريقي لبحث قضايا الدفاع والخارجية    ريال مدريد يضم اللاعب الأرجنتيني ماستانتوونو    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو يتوج ملكة جمال حب الملوك    أسماء غنائية عربية تعتلي خشبة موازين في دورته العشرين    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كادحون".. الهواية صحافيون
نشر في اليوم 24 يوم 03 - 05 - 2017

أتحسس الآن جيبي وأنا ألعنه ألف مرة لأنه ليس ضمن خانة الفئات التي تطالها الدراسات والتقارير، الباحثة عن أرقام تصف حاله، وتبحث له عن حل ليبقى ممتلئاً بعرق جبين صاحبه، وليس بشيء آخر.
أتحسسه مرة أخرى، وأتابع ما يصدر من مقالات ودراسات وتقارير… تحاول نقل واقع صاحبة الجلالة في كل رقعة من هذه الكرة الأرضية، التي يسهل الصحافيون على البشر فوقها، معرفة أحوال بعضهم دون الحاجة للتنقل آلاف الكيلومترات.
أتحسسه وأنا أحاول لثالث مرة، أخاطبه: هون عليك، لسوء حظك أملكك، ولحسن حظك كذلك لا أثقلك طوال الشهر بقطع معدنية وأوراق يصفها المغاربة ب"وسخ الدنيا". أتركك نظيفاً لوقت طويل من الزمن، لا أزعجك بحشر اليد داخلك عنوة، سواء لتصدح بما في داخلك ملموساً، أو لأخرج تلك البطاقة اللعينة التي تنتهي صلاحيتها قبل نهاية الشهر بكثير.
كل ما صدر ويصدر في اليوم العالمي لحرية الصحافية، والذي يصادف ال3 من شهر ماي من كل عام، يتحدث عن أوضاع الصحافة والصحافيين مهنياً. لكن لا نسمع أو نرى أو نتابع ما يتحدث عن الأوضاع الشخصية، الحياة اليومية لمقترفي هذه المهنة. وإذا كان للصحافيين في الغرب وبعض من الشرق نصيب كبير من قيمة مهنتهم، فإن لزملائهم في الجنوب مجدٌ زائف، لأنهم يقاومون يومياً البؤس لصناعته، أو يموتون جوعاً وهم يحاولون.
بعيداً عن الشعارات الرنانة، ومطالب الحق في الوصول إلى المعلومة، وضرورة وضع المسافة الكافية – وزيادة – بين قانون الصحافة والقانون الجنائي، كذا منح حرية التعبير، وتحمل الدولة لمسؤوليتها تجاه حماية الصحافيين… بعيداً عن كل هذا وإن كامن مهماً دون شك، لماذا لا نقف لحظة تأمل أمام أوضاع من نطالبهم بالاستقلالية في كتابة الخبر، ونتحسس تحركاتهم وسكناتهم، نبحث لهم عن الهفوة التي تقترف في مناسبات كثيرة دون سوء نية، نرغب منهم فضح الجميع، وحين يتابع فرد من الجميع واحد من قبيلتهم يردد القوم "جابها في راسو…"
وقبل اقتراف المحاولة هنا، وجب التأكيد أنها تعني من يقاومون بعرق جبين القلم أو الأصح عرق الحاسوب واللوحات الإلكترونية. تعني فقط الذين يعيشون من الصحافة كما هي وليس من ما يشبهها.
عندما تقران بين أجور الصحافيين المغاربة وزملائهم في الغرب والشرق قد تصاب بأزمة قلبية أو جلطة دماغية من فرط هول المفاجأة. عندهم قبيلة الصحافيين يجب أن تحصن أمام أي اغراء.
الظروف المهنية في المغرب بفعل نسبة قراءة الجرائد وحجم التحكم في صنابير الإشهار وغياب الدعم الحقيقي للمهنة كما يجب أن تكون، تفرض أن يكون الصحافي المغربي "سوبر زمانه". يأتي بالخبر، ويحرره، ويحرص على أخطائه الإملائية والنحوية واللغوية (كي لا يكون محط سخرية). عليه أن يكتب في غياب الولوج إلى المعلومة أكثر من خبر في اليوم، وهو يفكر في 7000 كلمة تنتظره ليقدمها نهاية الأسبوع. عليه أن يتقمص أحياناً مهنة قائمة بذاتها (بحجة الصحافي خاصو يعرف يدير كلشي) ويوثق ما يعمل عليه بالصوت والصورة. مطالب كذلك بفهم خبايا السياسة، والاطلاع على متغيرات الاقتصاد، ومتابعة برامج الفن والبيبل وما يجاور كل هذا، دون أن يغفل معرفة متوسطة بشؤون المثقفين، وقد يطلب منه يوماً خط حروف تهم أسرار الطبخ والجمال… بخلاصة بسيطة، مطالب بالإجابة عن كل شيء وأي شيء مثل محرك البحث "غوغول". ويطمع المسكين يومياً أن يُقنع.
عندهم يكفي القول إن للعنوان الصحافي قسم خاص يصيغه. وإن من يأتي بالخبر يبعثه برؤوس أقلام يكلف جيش من المحررين بصياغته. دون الحديث عن رؤساء كل قسم، ومنسقيه، وفريق من سكرتارية التحرير، وما فوقه من رئاستها، وما.. وما…
عندنا ينهي الصحافي جلسات اللجان البرلمانية وسط العاصمة الرباط، يحيط به النواب من كل جانب، يتابع كي يصل الخبر لكل الفئات في حينه، وما إن تنتهي الجلسات بعد منتصف الليل بكثير، يبحث هو عن وجبة مصيره معها في مناسبات كثيرة اسهال حاد، وقبلها، يتابع نواب الأمة يغادرون بسياراتهم الفارهة، ويترجل هو نحو محطات سيارات الأجرة لعله يغنم توصيلة آمنة إلى بيته، مع التشديد على ضبط منبهه على الساعة السابعة صباحاً، وحرصه على سلك الأزقة التي تجنبه النشالين.
الصحافي مرغم داخل بعض المؤسسات على تحمل موقف من يرأسه، بل والتطبيل له دون كل ولا ملل، بعيداً عن ما تتطلبه وتفرضه المهنة. مرغمٌ، أن يفيق ويتجول وينام ويأكل ويجوع ويلعب بل وأن يمارس هوايته ويتمتع بأحلامه كذلك وفق ما يرسمُه لهُ من يملك سلطة تحويل راتبه.
عنده وجبة الغذاء إشاعة. وحياته ملخصة في الجري وراء اقتناص الحروف ليعيش بها، في محيط وبلد لا يقدس مضمونها. يخال الجميع وهم يتابعون صوره رفقة "كبار القوم" أنه ينال بعض من "هيبتهم" مالاً وجاهاً، لكن لا يعرفون أنه ما إن تنتهي لحظة الصورة واقتناص قصتها وخبرها، حتى يعود إلى واقعه، ويبحث عن تأمين أقساط بيته وسيارته وأكله، ومنهم من يؤلف القصص لتبرير تأخير دفع مستحقات كراء خمه الذي يسكنه.
حرية الصحافي من حرية جيبه. وأحياناً يتمنى الصحافي أن تجود سلطة فوقه، لتتكلف هي عوضاً عنه بنقل الأرقام عن واقعه. لأن الصحافي وأخص بالذكر المغربي، ينقل مطالب كل الفئات، ولا يجد من يُرافع عن مطلب واحد يضمن الحياة البسيطة للسواد الأعظم من الزملاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.