تشهد أوروبا موجة حر شديدة غير مسبوقة تضرب عدة دول وتؤثر على الحياة اليومية بشكل واسع، حيث اتخذت السلطات إجراءات طارئة للحد من تداعياتها الصحية والبيئية والاقتصادية. وتنوعت التدابير بين إغلاق المدارس وحظر العمل في الهواء الطلق، وصولاً إلى إغلاق المعالم السياحية الشهيرة. إسبانيا تسجل أكثر شهور يونيو حرارة في تاريخها أكدت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية (AEMET) أن شهر يونيو المنصرم كان الأعلى حرارة على الإطلاق، إذ بلغ متوسط درجات الحرارة 23.6 درجة مئوية، وهو رقم قياسي جديد. وأوضحت أن مياه البحر المتوسط، خاصة في منطقة البحر البلياري، ارتفعت بحوالي 6 درجات مئوية عن المعدل المعتاد، لتصل إلى 30 درجة مئوية، نتيجة ظاهرة تعرف ب"القبة الحرارية" التي تحتجز الهواء الساخن فوق أوروبا. وأشارت وكالة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة تغير المناخ إلى أن القارة العجوز تعتبر الأسرع في ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، إذ يتضاعف معدل ارتفاع الحرارة مقارنة بالمتوسط العالمي. فرنسا تغلق المدارس وتتأهب لموجة حر قياسية وفي فرنسا، أطلقت هيئة الأرصاد الجوية "ميتيو فرانس" تحذيرات من درجات حرارة قد تبلغ ذروتها يوم الثلاثاء، لتتراوح بين 40 و41 درجة مئوية في بعض المناطق، وبين 36 و39 درجة في مناطق أخرى. رفعت السلطات مستوى التأهب إلى الدرجة القصوى في 16 مقاطعة، والثانية في 68 مقاطعة أخرى. وأعلنت وزارة التعليم عن إغلاق 1350 مدرسة بشكل كامل أو جزئي، مقارنة ب200 مدرسة فقط في اليوم السابق، نظراً لصعوبة توفير ظروف آمنة للتلاميذ. كما تقرر إغلاق الطابق العلوي من برج إيفل يومي الثلاثاء والأربعاء، مع دعوة الزوار للإكثار من شرب الماء تفادياً لضربات الشمس والإرهاق الحراري. إيطاليا تحظر العمل في الهواء الطلق وتحذر من الوفايات أصدرت السلطات الإيطالية تحذيرات من موجة الحر في 17 مدينة رئيسية، من بينها ميلانو وروما، وأعلنت عن تدابير وقائية تشمل حظر العمل في الهواء الطلق خلال ساعات الظهيرة، لتجنب التعرض لأشعة الشمس القوية. وفي حادث مأساوي، توفيت امرأة تبلغ من العمر 53 عاماً وتعاني من مرض قلبي في مدينة باجيريا بصقلية، ويُرجح أن سبب الوفاة هو ضربة شمس. خطر حرائق الحقول يدفع المزارعين للعمل ليلاً في فرنسا، ارتفع خطر اندلاع حرائق الحقول تزامناً مع موسم الحصاد، خاصة في منطقة "إندر" بوسط البلاد، التي شهدت عدة حرائق منذ أواخر يونيو. ولتفادي التعرض للحر الشديد، لجأ المزارعون إلى العمل ليلاً، بينما فرضت السلطات حظراً على العمل في الحقول بين الساعة الثانية ظهراً والسادسة مساء. تنبيهات صحية ومخاوف بيئية تتصاعد تسببت هذه الموجة في إصدار تنبيهات صحية واسعة النطاق من قِبل مختلف الحكومات، محذّرة من آثارها الخطيرة على كبار السن والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. كما أعربت منظمات بيئية عن قلقها من استمرار وتيرة التغير المناخي بهذا الشكل، ما ينذر بصيف طويل وشاق على سكان القارة الأوروبية.