برادة يلتقي النقابات التعليمية لتقييم تنفيذ الاتفاقات وتحفيز الأطر التربوية    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية لفيتنام    أزيد من 35 ألف سجين مرشح للاستفادة من قانون العقوبات البديلة عند دخوله حيز التنفيد في غشت المقبل    مجلس المنافسة يكشف بالأرقام والإحصائيات عن الوضع العام لسوق المحروقات بالمغرب    وزير الفلاحة يترأس بالجديدة أشغال الدورة الأولى للمجلس الإداري للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة.    العيون.. أشغال بناء أكبر جسر طرقي بالمغرب تتقدم بوتيرة متسارعة    السفير الأمريكي في إسرائيل يسخر من ماكرون: مكان دولة فلسطين هو الريفييرا الفرنسية    رسمياً.. الرجاء الرياضي يحسم صفقة بلال ولد الشيخ    تنظيم طواف الصحراء الدولي النسوي    بعد فشل تجربته مع الرجاء.. بنعمر يوقع في صفوف نادي سيسكا صوفيا البلغاري    مسؤول بارز من "الكاف" يحل بطنجة لمعاينة تقدم أشغال تهيئة الملعب الكبير    طقس استثنائي يعصف بإقليم الحسيمة ويتسبب في اضطرابات بحرية ومناخية    مهرجان إفران الدولي يوصل برنامجه المتنوع.. فنانون يبدعون في منصة التاج بحضور جماهيري قياسي    كانكا إفريقيا.. روح كناوية تحتفي بجذور الانتماء الإفريقي    الدورة الثامنة لمهرجان القصبة للفيلم القصير بورزازات    ستشكل منصة دولية للفن والحوار تحت شعار «الهجرة والقيم» .. أكادير تحتصن مهرجان إمينيك 2025    المغاربة وسؤال التقدم.. حين تركض البنية التحتية ويترنّح الوعي الجماعي    دعوات لتنظيم احتجاجات واعتصامات بقرع الأواني في عدة مدن مغربية تنديدا بتجويع غزة    مدن إسبانية تتحول إلى أنهار.. مشاهد مأساوية بسبب سوء الأحوال الجوية    وزير خارجية سوريا التقى وزيراً إسرائيلياً في باريس برعاية أمريكية    إعادة تعيين المغرب، في شخص محمد بلعيش، ممثلا خاصا لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ورئيسا لمكتب إتصال الاتحاد الإفريقي في السودان    أطباء يضربون في إنجلترا من أجل رفع الأجور    مجلس المنافسة: 9 شركات كبرى تهيمن على 84% من سوق المحروقات    تقرير رسمي يرصد حرمان متقاعدين من التغطية الصحية وسط صمت حكومي    نادي الفتح السعودي يخطف الأنظار بفيلم وثائقي    النهائي الثاني على التوالي.. لبؤات الأطلس تصطدم بنيجيريا بحثا عن المجد الإفريقي    "كان" السيدات: تحكيم ناميبي للمباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    رؤية من أمريكا اللاتينية : منجزات المغرب تحت قيادة الملك تحظى بإشادة دولية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مؤسسة محمد السادس للعلوم تجري أولى عملياتها الجراحية الباطنية بمساعدة روبوت    مهرجان الراي يضيء سماء وجدة بعد غياب أربع سنوات    3534 محطة وقود عاملة في المغرب.. الشركات الكبرى تسيطر على 72% من السوق    ارتفاع عدد شكايات زبناء البنوك في المغرب إلى 2298 شكاية عام 2024    مسيرة حاشدة بمراكش تنديدا بسياسات التجويع الإسرائيلية في غزة    المغرب يقتحم سباق مراكز البيانات الخضراء.. والوزيرة السغروشني تكشف لوكالة رويترز تفاصيل مشروع الداخلة الضخم    ندوة بالقصر الكبير تسلط الضوء على معركة أنوال: قراءة متعددة الزوايا في الذاكرة والتاريخ والقانون    هذا المساء في برنامج "مدارات":جلسة أدبية مع الشاعر الزجال مراد القادري    وزير الخارجية البريطاني: الوضع المتدهور في غزة لا يمكن الدفاع عنه    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جنوب المحيط الهادئ        الجزائر والتطبيع الصامت... حين تنطق البيانات بما لا تقوله الشعارات: تبون يعترف ضمنيا بإسرائيل        طنجة.. نقل قاصر إلى المستشفى إثر تعرضه للسعة عقرب بطريق المنار    لماذا لا تصل إلى الغزيين مساعدات يحتاجون إليها بشدة؟        نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاك الزين اللي فينا
بقلم: مهدي عامري

يعتبر الفيلم السينمائي خطابا فكريا وثقافيا وإبداعا فنيا متكامل العناصر، يسعى صاحبه من خلال رؤية معينة إلى التأثير على المُشاهد، بامتلاك حسه الشعوري والفكري، لذا تمثل السينما قيمة فنية بكل تمظهراتها الإنسانية. السينما أيضا "نافذة على العالم" ، و الكثير منا سمع مرارا و تكرارا بهذه الاستعارة الكلاسيكية، و بما أن السينما كانت باستمرار تحت رحمة السلطة السياسية خاصة في الشرق و السلطة المالية خاصة في الغرب فلقد عانى الإبداع الفردي كثيرا في القرن العشرين من هاتين السلطتين، و لكن على أعتاب القرن الحادي و العشرين، اختلف الموقف جذريا ، فأصبح السينمائيون بفضل الثورة التكنولوجية المدهشة قادرين أن يتصوروا أنفسهم في أوضاع سينمائية جديدة، سلاحهم في ذلك كاميرات في منتهى خفة الوزن و الصغر بحيث يقترب وزنها و حجمها من العدسات اللاصقة لا سيما أن ثقل الآلات السينمائية، في العقود السابقة، كان يعوق المبدع في العديد من الاختيارات و التنفيذات السينمائية.
كثيرة هي أيضا الكتب التي تتحدث عن الفيلم السينمائي على مستوى الكتابة و التأثير و الإخراج. من ضمن هذه الكتب علامات بارزة في المكتبة السينمائية، مثل كتاب "الإخراج السينمائي لقطة بلقطة - صناعة المشاهد البصرية من الفكرة إلى الشاشة" لمؤلفه ستيفن كيتز، و الذي صدرت طبعته الأولى عام 1991 و كتاب " تقنيات إنتاج الفيلم الوثائقي" لمؤلفه هوغ بادلي و الذي صدرت طبعته الأولى عام 1963. و من الكتب التي صدرت في السنوات الأخيرة كتاب "صناعة الأفلام الوثائقية و أفلام الفيديو الواقعية لمؤلفه هاري بامب.
فيلم "الزين اللي فيك" من جنس الأعمال السينمائية التخييلية رغم أنه ذو نفس وطابع وثائقي صميمي يتكشف من خلال الأضواء التي يسلطها على ظاهرة الدعارة في الواقع اليومي لمدينة مراكش. هذا الفيلم الذي لم يتح لنا مشاهدته بفعل المنع الذي طاله (حيث أعلنت وزارة الاتصال أن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص لعرضه بالمغرب، نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية، ومس صريح بصورة البلاد) أسال الكثير من المداد و هوجم بشراسة في منابر التواصل الاجتماعي و أثار و ما زال يثير الكثير من الجدل بفعل بعض مقاطعه المسربة على اليوتيوب و التي شوهدت من قبل مئات الآلاف من متصفحي الأنترنت.
كل هذا معروف، فما القيمة المضافة لهذه السطور ؟ نريد أن ندلي بدلونا في النقاش الدائر حول "الزين اللي فيك" لمخرجه المغربي الفرنسي نبيل عيوش. نريد أن نساهم في تأسيس و بلورة تفكير هادئ و عقلاني، بعيدا عن الأحكام الجاهزة و سلطان العاطفة العمياء، حول فيلم أثار زوابع من النقد و مقدارا هائلا من الضجيج. بداية، إن قرار منع عرض الفيلم في القاعات السينمائية يمليه حرص السلطات على صيانة الأخلاق العامة و حماية سمعة المغرب حيث أظهرت اللقطات المسرّبة من الفيلم، كلمات نابية ومشهد رقص ماجن يحمل إيحاءات جنسية واضحة، فضلًا عن مشهد آخر لعاهرة ترقص وتغني بما مفاده أن مواطني بلد خليجي بعينه يحبون ممارسة الجنس مع المغربيات.
لكن توازيا مع هذا لماذا هذا الكم الهائل من الحقد و وابل السباب و القذف و التهديد بالقتل الذي تعرضت له بطلة الفيلم لبنى أبيضار ؟ لماذا يلبس الكثير من المنتقدين عباءة الواعظ الديني و يمارسون الترهيب في حق امرأة، حتى و إن لعبت سينمائيا دورا فيه نوع من الإباحية، إلا أنها تظل إنسانة تندرج أفعالها و حركاتها و اختياراتها في دائرتي الصواب و الخطأ ؟ ككل الناس طبعا... لكل من يحكم على "الزين اللي فيك" بمنطق الحلال و الحرام نريد أن نقول : العين تزني فما كان هناك من داع أصلا لمشاهدة اللقطات المسربة و بها ما بها من صور و إيماءات و إيحاءات تعبق بالجنس و الشبق ! أ ليست الموعظة الحسنة و الإرشاد اللين إلى جادة الصواب أفضل من أن تلعن أو تعنف فلانا أو فلانة ؟ لكل من يعتبر العري و الإثارة المجانية للحواس و الكلمات الخادشة للحياء و ربح الأموال على حساب الأخلاق من صميم حرية الفن و التعبير نريد أن نهتف بأعلى صوت : ما الفرق بين الإنسان و غير الإنسان ؟ ما الفرق بين الفن الراقي الموظف للرموز و الفن الساقط في مهاوي الابتذال ؟
لقد ناضل الفنان منذ فجر التاريخ من أجل إيصال صوته إلى العالم بالكلمة والصورة المعبرة والصوت والأداء المؤثر، و في سبيل ذلك لم يتردد في الهجرة و التضحية بالغالي و النفيس من الجهد و الوقت و المال و امتشاق دروب الحياة، بعيدا عن أسباب الراحة و الطمأنينة، فالعمل الفني الحقيقي هو ما يمنح الاعتراف و المكانة و الاعتبار، و نحن لا نشكك في القيمة الفنية لنبيل عيوش من خلال كثير من أعماله السابقة، لكن أي قيمة لعمل فني لا يخدم الوطن ؟ أي قيمة لعمل فني لا يعمل على ترسيخ حب الوطن ويحافظ على قيم الشعب ويحرك مشاعره باتجاه الدفاع عن هويته وحقوقه والسمو بعواطفه الإنسانية ؟ أي قيمة أيضا لأحكام انفعالية حول شريط سينمائي لم يشاهد أصلا و عرف عن شعبه التشفي بالغير و تنزيه الذات من الوقوع في الزلل و تصيد أقل هفوة للآخر لأجل الفتك به ؟ و أخيرا لم هذه "الجنازة الحامية و الميت فار" ؟ بعبارة أخرى، لماذا هناك طاقات أهدرت و أعصابا أتلفت و أشخاصا شتموا و تهديدات بالقتل أطلقت في حق فيلم لم يعرض بعد في قاعات السينما، بل طاله المنع حتى قبل أن يبرمج عرضه... و الأدهى و الأمر أننا جميعا نملك كامل الحرية في مشاهدة أو عدم مشاهدة لقطاته المسربة، أو نسخته المقرصنة متى توفرت ؟
إن " الزين اللي فيك" سحابة صيف، إنها ظاهرة عابرة لا تستحق منا كل هذه الجلبة و الضوضاء. إن عواصف النقاش الدائرة حول هذا الفيلم و سهام النقد الموجهة له يمينا و يسارا لهي أكبر لعبة تمارس لإلهاء الرأي العام و شغله بتوافه القضايا و المواضيع عوض ما هو حيوي و مستعجل. إن أقصى الذكاء و "الزين اللي فينا" أن نهتم في حاضرنا و مستقبلنا بما هو أنفع و أهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.