بمناسبة عيد الأضحى.. جلالة الملك يصدر عفوا عن على 1526 شخصا    أمير المؤمنين يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    "إير نوستروم" الإسبانية تكثف رحلاتها إلى المغرب صيف 2025    مرحبا 2025.. عروض بحرية استثنائية للجالية المغربية    المديرية العامة لأمن نظم المعلومات تنفي تسجيل أي اختراق لأنظمة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وتكشف مصدر التسريبات    دينامية سياسية متسارعة بالحسيمة استعدادًا للاستحقاقات التشريعية المقبلة    منتخب أقل من 17 ينهزم أمام اليابان    الملك يبعث تعزية إلى الرئيس الزامبي    اللحوم تنفد في محلات للجزارة    انتقادات للتراجع الكبير في عدد المستفيدين من برامج التخييم ومخاوف من تفويت مراكز الاصطياف للخواص    مخيمات الأمن ترسخ القيم الإنسانية    على هامش غياب الكاتب حسونة المصباحي    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    برشلونة يتلقى "عرضا مغريا" لمواجهة فريق مغربي بالدار البيضاء    أمير المؤمنين يؤدي غدا السبت صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد الحسن الثاني بمدينة تطوان    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الملك يهنئ السويد بالعيد الوطني    طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    ملف الصحراء في إفريقيا .. الدبلوماسية المغربية تُسقط شعارات الجزائر    حجز كميات كبيرة من زيت الزيتون المغشوش ومشتقاته بتارودانت    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    التوقيت والقنوات الناقلة لودية الأسود وتونس    متجاوزا التوقعات.. النمو الاقتصادي الوطني لسنة 2024 يسجل تحسنا بلغ 3,8%    غموض يلف تقرير الحسابات واعتقالات تربك جماعة الرباط    قبيل مباراة المغرب وتونس.. المركب الرياضي لفاس يكتسي حلة جديدة بعد الإصلاحات    فرنسا.. فتح تحقيق قضائي بتهمة التواطؤ في الإبادة بسبب عرقلة إيصال المساعدات إلى غزة    تقارير.. بيكهام سينال لقب فارس من قبل الملك البريطاني    الأوقاف بطنجة تحدد موعد صلاة عيد الأضحى لسنة 2025    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    إسرائيل تهدد بمواصلة ضرب لبنان في حال لم ينزع سلاح حزب الله    أكثر من 42 ألف مغربي يحصلون على الجنسية الإسبانية في عام واحد    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    أسعار الذهب ترتفع    السياحة الوطنية تسجل أكثر من 4,2 ملايين ليلة مبيت مع نهاية فبراير    عشرات آلاف يقيمون صلاة العيد بالمسجد الأقصى وسط قيود إسرائيلية        التربص الانتقائي الخاص بأبطال المواي طاي لفئة أقل من 17 سنة بمدينة الجديدة    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    ترامب يصف ماسك ب"المجنون".. والأخير يهدد بإلقاء "القنبلة الكبرى"    مونديال الأندية: الوداد يضم المدافع الهولندي مايرس    قاض يوقف "مؤقتا" حظر التحاق الطلاب الأجانب بجامعة هارفارد    الاتحاد الأوروبي يدعم المحكمة الجنائية على خلفية العقوبات الأميركية وإصدار مذكرة توقيف ضد نتنياهو    مع تأييد 81% من المغاربة لحق المرأة في العمل.. هل تكون "كوطا النساء" حلا لأزمة البطالة؟    أكثر من مليون ونصف حاج يؤدون رمي الجمرات في منى صباح الجمعة    أسود الأطلس يتعهدون بإسعاد الجماهير في وديتي تونس والبنين    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    الحجاج يودعون "عرفات" متوجهين إلى مشعر مزدلفة    معرض للفن التشكيلي والمنتجات المجالية بمولاي ادريس زرهون    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    









بورتريه: مانويل بيليغريني .. المهندس
نشر في دوزيم يوم 16 - 09 - 2020

في عام 1987 عندما كانت مباراة نهاية كأس الشيلي تقترب من نهايتها على إيقاع التعادل بين أونيفيرسيداد و كوبيرياندينو تحت أنظار الدكتاتور الدموي أوغوست بينوشي ، نزلت كرة داخل معترك فريق أونيفير .. هناك كان يقف العميد المدافع مانويل بيليغريني العملاق صاحب التجربة الطويلة المعروف بتفوقه في الكرات العالية .. صعد معه مهاجم شاب متوسط القامة لم يكمل السابعة عشر من عمره إسمه إيفان زامورانو .. خطف منه الكرة بمقدمة رأسه و أركنها في الزاوية البعيدة المرمى مسجلا هدفا ثمينا يساوي كأسا لم تكن في حسبان فريقه المغمور .
بعد يومين من مباراة النهاية خرج المدافع بيليغريني إلى وسائل الإعلام في تصريح مقتضب أنه لم يعد لديه ما يقدمه على المستطيل الأخضر و أعلن اعتزاله لعب كرة القدم بصفة نهائية و التفرغ لمهنته الأخرى التي زاوج بين دراستها و بين الرياضة بنجاح باهر طيلة سنوات عديدة .. كان مهندسا مدنيا متخصصا في وضع تصاميم البنايات و دور السكن.
في إحدى أحياء الطبقة المتوسطة في العاصمة سانتياغو ولد مانويل بيليغريني ريبامونتي سنة 1953 .. من أصول إيطالية جاء جده مهاجرا من إقليم بوتينزا لينتشر مع عشيرته في أرض أمريكا اللاتينية الواسعة و ينتهي به المقام في الشيلي .. هناك تزوج و أشرك سلالته مع عائلة مهاجرة من رومانيا .
الطفل مانويل لم تبدو عليه علامات التفوق بين أقرانه في كرة القدم .. فقط بضع سنتيمترات زائدة في قامته كانت تميزه داخل الملعب .. كان يلعب فقط لأن رفاقه يحتاجون صمام أمان ثابث أمام حارس المرمى لقطع الكرات كيفما اتفق .. تفوقه الأكبر كان في مساره الدراسي تحت مراقبة صارمة لأبيه لويس الذي رغِب في أن يحقق إبناه مانويل و خوصي هدفا لم يستطع تحقيقه في حياته ألا و هو نيل أعلى الشواهد الجامعية .
استطاع مانويل أن يبهر أسرته في التوفيق بين الدراسة و احتراف كرة القدم .. في سنوات دراسته بشعبة الهندسة المدنية بجامعة سانتياغو كان قد وقع عقدا مع نادي أونيفيرسيداد سنة 1973 .. كان يمضي حثيثا نحو نيل شهادته العليا بموازاة مع التدرب اليومي مع فريقه و لعب مباريات حارقة نهاية الأسبوع برسم البطولة الشيلية و كأس ليبيرتاتودريس .. نقصه الواضح في الجانب التقني غطت عليه شخصيته القيادية لخط الدفاع و نظرته الثاقبة لمجريات اللعب .. لقد أهله ذلك ليصبح عميدا للفريق في سن مبكرة .
في بداية الثمانينات سيحصل مانويل بيليغريني على دبلوم الهندسة المدنية و سيبدأ مسارا آخر .. سيستغل فترة العطل بعد نهاية الموسم الكروي في الشيلي ليعود إلى أرض أجداده إيطاليا ... هناك في معهد كوبيرسيانو لتكوين المدربين سيحصل مانويل على ديبلوماته الأولى في عالم التدريب .
في صيف 1985 و هو يحوز دبلوم التدريب الرفيع من إيطاليا و يستعد للعودة إلى ناديه أونيفيرسيداد ، تلقى دعوة من الحكومة الشيلية بصفته مهندسا مدنيا للتطوع في برنامج إعادة إعمار جنوب الشيلي الذي كان قد ضربه زلزال مدمر بمقياس ثماني درجات على سلم ريشتر و خلف وراءه كارثة وطنية بعد انهيار معظم المنازل و المباني و بقاء ملايين من الشيليين في العراء .. عاد مانويل و نسي أمر كرة القدم مؤقتا و انخرط رفقة أطر البلاد في مهمته الإنسانية النبيلة لرفع مظاهر الخراب و تصميم مبان جديدة تأوي المشردين ضحايا الزلزال .. يقول في حوار مع صحيفة " صن سبورت " البريطانية : " كان اختبارا حقيقيا لي على الأرض لمعرفة قيمة دبلوم الهندسة الذي كافحت كثيرا من أجل نيله بتفوق " .
الإنقطاع المؤقت عن لعب كرة القدم في تلك الفترة و التقدم التدريجي في سن الممارسة تسبب لبيليغريني في انحدار مستواه حتى تحول في مباريات عديدة كان يرى مدربه فيها أن عميد الفريق من الأفضل أن يبقى بجواره على كراسي الإحتياط .
عندما اعتزل المدافع بيليغريني اللعب ، كانت لديه خيارات عديدة لرسم طريق المستقبل .. شهادة عليا في الهندسة و أخرى للتدريب من الصنف الأول ... اختار كرة القدم بكل شهرتها و ضغطها الرهيب .. كانت الميزة التي التصقت به طيلة مشواره بعد ذلك ، هي الإشراف على النوادي الصغيرة و جعلها تكبر لتصبح محط التألق و احترام الجميع .. يقول أنه كان دائما يستلهم ذلك من تقنيات البناء و وضع التصاميم و إيجاد الحلول لمشاكل الحديد و الإسمنت .
إنطلق " المهندس " مع نواد صغيرة في بلاده الشيلي .. في كل نادٍ يترك شيئا للتاريخ و يصنع حوله الإحترام بشخصيته البسيطة الهادئة .. اجتازت صورته الحدود ليصبح مطلوبا في بلدان مجاوره .. درب في الإكوادور و بعدها حط رحاله وسط جنون الكرة في الأرجنتين .. أخرج نادي سان لورينزو من غياهب مؤخرة الترتيب لينتزع معه في عامه الثاني لقب البطولة من بين فكي البوكاجينيور .. و من قلب ملعب البونبونيرا الشهير .
كان ختام مشوار التدريب في بلاد الطانݣو ، تجربة قصيرة مع الريفر بلايت فاز فيها أيضا بلقب البطولة و لعب نهاية كأس أمريكا اللاتينية للأندية .. بعدها قطع المحيط الأطلسي نحو بلدة صغيرة في إسبانيا إسمها فياريال ليخوض تجربة أثارت الإستغراب لكون " الغواصات الصفر " كان ناديا يعتبره متتبعو الليغا رقما هامشيا لإكمال أندية " البريميرا " ... لكن بيليغريني سيصنع الإعجاز في زمن قصير و سيتحول الفريق الصغير بلاعبيه المغمورين إلى آلة ترعب الأندية العريقة في إسبانيا و سيصل لأول مرة في تاريخه إلى لعب المربع الذهبي لعصبة الأبطال الأوربية .
ما حققه بيليغريني مع فياريال جذب إليه أنظار النادي الملكي و " بارونه " فلورينتينو بيريز .. عقد مع ريال مدريد لمحاولة منافسة بارصا لابورتا و غوارديولا التي كانت تحصد وقتها كل شيء في إسبانيا ... موسم واحد للمهندس مع الميرينݣي كان كافيا ليعلن في ندوة صحفية عن استقالته من تدريب الريال بسبب عدم توافق منهجيته في العمل مع سياسة النادي بالإضافة إلى انعدام التواصل مع الرئيس بيريز بعد إقصائه من كأس الملك أمام فريق ألكوركون الصغير في سابقة تاريخية و من الشامبيينس ليغ أمام ليون الفرنسي .
كانت أندلوسيا محطته التالية ضمن نادي مالقا الذي سيعيد معه الإعتبار لإسمه بعد أن حوله من فريق صاعد من القسم الثاني إلى متأهل لعصبة الأبطال الأوربية ضمن كوكبة الكبار في الدوري الإسباني .. تجربة ناجحة أهلته للإنتقال إلى إنجلترا ليصنع نجاحا آخر مع مانشستر سيتي و بعدها إلى تجربة أخرى في الصين ثم العودة لإنجلترا للإشراف على ويست هام و أخيرا هذا الموسم مع بتيس الإسباني .
مانويل بيليغريني مدرب عشقه الأكبر أن يصنع شيئا من لا شيء .. بشخصيته الهادئة و ملامحه الثابثة التي لا تتغير سواء عند الفوز أو الخسارة أو في ظروف الضغط العصيبة .. تكوينه " الإيطالي " في التدريب لم يمنعه في العديد من الأندية من تنويع خطط اللعب حسب ما يتوفر عليه من رصيد اللاعبين .. تلك نقطة قوة " المهندس " الشيلي الذي صنع بها المجد لأندية لم تكن..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.