عبد الله بوصوف يتوّج بجائزة التميز الثقافي في لقاء دولي حول بناء الإنسان    زيارة إلى تمصلوحت: حيث تتجاور الأرواح الطيبة ويعانق التاريخ التسامح    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    كرة القدم النسوية.. الجيش الملكي يتوج بكأس العرش لموسم 2023-2024 بعد فوزه على الوداد    العيدودي رئيساً ل"المتصرفين الحركيين"    أكثر من 100 مهاجر يتسللون إلى سبتة خلال أسبوعين    لا دعوة ولا اعتراف .. الاتحاد الأوروبي يصفع البوليساريو    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    أوجار من العيون: إنجازات حكومة أخنوش واضحة رغم أن عددا من الأصوات تسعى للتشويش على عملها    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يعود في دورة استثنائية احتفاءً بربع قرن من حكم الملك محمد السادس    سوريا تعتزم فتح سفارة في الرباط    نهضة بركان يهزم سيمبا بثنائية في ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    "الأشبال" يستعدون ل"بافانا بافانا"    بنهاشم يدرب فريق الوداد لموسمين    ضمنها مطار الناظور.. المغرب وإسبانيا يستعدان لإنشاء 10 فنادق بمطارات المملكة    التعاون الدولي يطرق "أبواب الأمن"    السلطات السورية تعلن تشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية وللمفقودين"    شذرات في المسألة الدمقراطية    ألمانيا تعبر عن قلقها إزاء الهجوم البري الإسرائيلي على غزة    طنجة.. العثور على جثة موظف بنكي قرب بحيرة مجمع القواسم في ظروف مأساوية    تطوان.. توقيف شقيقين متورطين في سطو "هوليودي" على 550 مليون سنتيم    سوريا تشكر جلالة الملك على قرار فتح سفارة المغرب بدمشق    افتتاح فضاء بيع السمك بميناء الحسيمة ب60 مليونا    بعد رفع أول حلقة من سقف ملعب طنجة.. الوالي التازي يُكرم 1200 عامل بغداء جماعي    طنجة تستعد لاحتضان الدورة السابعة للمؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتنمية المستدامة تحت الرعاية الملكية    انتخاب نور الدين شبي كاتبا لنقابة الصيد البحري التقليدي والطحالب البحرية بالجديدة .    بيع الماستر والدكتوراه.. تطورات مثيرة وتورط شخصيات وازنة    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    الخارجية المغربية تتابع أوضاع الجالية المغربية في ليبيا في ظل اضطراب الأوضاع وتضع خطوطا للاتصال    سيدات الجيش يتوجن بكأس العرش على حساب الوداد    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    اعتقال مقاتل "داعشي" مطلوب للمغرب في اسبانيا    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    الهاكا تضرب بيد القانون.. القناة الأولى تتلقى إنذارا بسبب ترويج تجاري مقنع    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    ريال مدريد يضم المدافع الإسباني هاوسن مقابل 50 مليون جنيه    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    









تناقضات مذكرة حركة التوحيد والإصلاح لإصلاح مدونة الأسرة(3/3)
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
تناقضات مذكرة حركة التوحيد والإصلاح لإصلاح مدونة الأسرة(3/3)
سعيد الكحل
الثلاثاء 19 دجنبر 2023 - 13:28
4 مسائل الإرث وحفظ مصالح الأطراف الضعيفة: بشكل محتشم حاولت الحركة في مذكرتها التطرق للتعصيب في الإرث دون أن تجسر على المطالبة بإلغائه، مكتفية ببعض الاقتراحات التي لا يمكن أن تحمي البنات والزوجات، عند عدم وجود ابن ذكر، من أكل أموالهن بالباطل وتشريدهن. فقد اقترحت بعض الخيارات تطبّق على حالات استثنائية فقط ولا تشمل كل الأسر التي لم تنجب ذكورا. ومما اقترحته الحركة:
وقف العمل بالتعصيب في "حالة شخص له زوجة وبنات صغيرات وليس له ولد ذكر، وقدّر أن ما يُخلّفه لا يفي بحوائجهم عند اقتسام تركته". وهذا مقترح غير عملي لأن تقدير الحاجيات يظل نسبيا ولا يمكن تحديد سقفها. وقد يعرّض الورثة البنات إلى التشرد في حالة قرر العصبة اللجوء إلى القضاء وحرمان البنات من الانتفاع بالتركة إلى حين صدور الحكم القضائي بمختلف درجاته.
الهبة والوصية: "مشروعة للأقارب وغيرهم، وقد تتأكد بالنسبة لمن هم في أمس الحاجة إليها من مثل الأبناء الصغار، ومن عندهم احتياجات خاصة (إعاقات)، أو الزوجة التي يخشى تشردها بعد الوفاة". لكن ما تجاهلته الحركة هو أن القضاء يسمح بالطعن في الهبة والوصية فيُحْرم المستفيدين منهما فيستأثر العصبة بالموهوب والموصى به. لهذا طالبت الجمعيات النسائية بحماية الوصية والهبة من الطعن أمام القضاء، بينما لم تفعل حكرة التوحيد والإصلاح.
العمْرى وحق الانتفاع: وهما إجراءان لا يحميان حقوق الورثة من البنات لأنه يمكن التراجع عنهما لأي سبب، كما أن حق الانتفاع لا يعني حق التملك. وقبل كل شيء لا أحد يضمن عمره، فقد تباغت الموت أي شخص ليس له ولد ذكر دون أن يترك له الفرصة لإبرام عقدي العمرى وحق الانتفاع فيضيع حق البنات والزوجة.
تأجيل اقتسام السكن الرئيسي إلى ما بعد بلوغ البنات واستغنائهن بالكسب: وهذا اقتراح عديم الجدوى ولا يضمن حقوق البنات في تركة والديهم التي كدّوا من أجل تحصيلها. فقد تشتغل البنت بأجر لا يغطي تكاليف المعيشة والسكن معا فتضطر إلى اتخاذ المنزل الموروث سكنا دائما لها، الأمر الذي سيطعن فيه العصبة. ثم ماذا لو احتاجت البنات للمنزل الذي ورثنه بسبب الطلاق أو الطرد من العمل أو العجز؟ هل العصبة سيتخلون عما ورثوه؟ ثم ماذا لو باع العصبة ذلك المنزل؟ أكيد لم تستحضر الحركة هذه الاحتمالات وهي تقترح الخيارات البئيسة عديمة الفائدة ولا يمكنها حماية حقوق الإناث وصيانة كرامتهن.
كل الاقتراحات التي قدمتها الحركة فيما يتعلق بالميراث هي تحايل على القوانين وإجبار الأسر على اتباعها، رغم أنها غير مضمونة النتائج، أملا في حماية حقوق البنات. لهذا لا سبيل لحماية هذه الحقوق إلا بإلغاء التعصيب واعتماد قاعدة الرّد في جميع الحالات التي توزع فيها التركة بين البنات والعصبة. والسند الشرعي في هذا هو أن التعصيب لا أصل له في القرآن، فضلا عن كون الرسول (ص) عمل بقاعدة الرد وألغى التعصيب. وتقوم قاعدة الرد على توزيع التركة على أصحاب الفروض وما بقي من التركة يعاد توزيعه عليهم حسب أنصبتهم خصوصا عند وجود الإناث حماية لهن من التعصيب. وقد طبق الرسول (ص) قاعدة الرد وجعل التركة من نصيب البنت/البنات دون العَصَبة كما هو بيّن في الأحاديث النبوية التالية:
قال النبي صلى الله عليه وسلم "من ترك مالا فلورثته ومن ترك كَلاّ فإليّ" وفي لفظ "من ترك دَيْنا فإليّ ومن ترك مالاً فللوارث" إذن المال للورثة من ذوي الأرحام وليس للعصبة.
قصة سعد ابن أبي وقاص حيث رُوِي أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه لما دخل على سعد بن أبي وقاص يعوده قال: "إني قد بلغ مني الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلاّ ابنة لي، أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: لا، فقلت: بالشطر (أي النصف) قال:" لا" قلت: "بالثلث،" قال: "الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون الناس". يدل هذا الحديث على أن الابنة تحوز ما زاد على الثلثين، وذلك لا يكون إلاَّ على جهة الرد. ففي حديث عمرو ابن شعيب عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم ورّث بِنت المُلاَعِنة من أُمّها أي ورّثها جميع المال ولا يكون ذلك إلا بطريق الرَّدّ. ثم حديث وَاثِلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تحوز المرأة ميراث لقيطها وعتيقها والابن الذي لُوعِنت به". وجه الدلالة هنا هو أن النبي جعل ميراث ولد الملاعنة لأمه، وهذا يقتضي أن يكون جميع ميراثه لها، ولا يكون لها الجميع إلا بالردّ. ثم ما روي أن امرأة قالت: يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية فماتت أمي وبقيت الجارية فقال (ص): (وجب أجرك وعادت اليك الجارية). فرجوع الجارية كلها إليها دليل على جواز الرد وإلا فليس لها إلا النصف فرضاً، بحيث يمكن بيع الجارية وأخذ نصف ثمنها والنصف الثاني يؤول إلى العاصب. لكن الرسول (ص) عمل بقاعدة الرد دون قاعدة التعصيب.
إن المراد من هذه الأحاديث النبوية الشريفة هو بيان تشريع الرسول (ص) لقاعدة "الردّ على ذوي الفروض مقدم على إرث ذوي الأرحام". أي في حالة وجود بنت أو أكثر دون الإخوة الذكور، فإن التركة كلها تؤول إلى البنت/البنات. وقد ذهب عدد من الصحابة والأئمة إلى القول "بالرّدّ"، ومن هؤلاء عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وعثمان بن عفان وابن عبّاس وابن مسعود وجابر بن عبدالله [= جابر بن يزيد] وشريح وعطاء ومجاهد وتَبِعهم في ذلك الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد في أشهر الروايتين عنه. وقال ابن سراقة: «وعليه العمل اليوم في الأمصار». أما قول عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وجابر بن يزيد: يُرد الفائض على جميع أصحاب الفروض حتى على الزوج والزوجة. ولعل الأخذ برأي الخليفة عثمان بن عفان سيحمي الزوجات اللائي لم يلدن أولادا، أو لهن فقط البنات، من ظلم العصبة، ويضمن لهن الاستفادة من كل التركة.
تناقضات حركة التوحيد والإصلاح:
إن إعلان الحركة رفضها سمو المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب على التشريعات الوطنية يدخل الحركة في تناقضات صارخة من عدة وجوه:
الوجه الأول: إنها صوتت ب"نعم" على دستور 2011 وقبلت بالعمل به وفي إطاره وقيادة الحكومة، عبر ذراعها السياسية حزب العدالة والتنمية، لمدة عشر سنوات دون أن تقدّم، من جديد، تحفظات المغرب على الاتفاقيات الدولية التي تراها مخالفة للشريعة.
الوجه الثاني: إن الدستور هو أسمى قانون أجمع عليه المغاربة ولا يمكن للحركة أن تفرض على الدولة والشعب وجهة نظرها أو موقفها أو تأويلها للدستور. وينص الدستور في ديباجته على سمو المواثيق الدولية فور المصادقة عليها على التشريعات الوطنية.
الوجه الثالث: إن الدولة المغربية لها التزاماتها الدولية التي صادقت عليها وتعهدت باحترامها في تشريعاتها، وما تدعو إليه الحركة يمس بمصداقية الدولة وبمؤسساتها الدستورية. إذ لا يمكن للدولة أن تصادق على اتفاقيات دولية ثم تخالفها في تشريعاتها، ومن ضمنها اتفاقية حقوق الطفل التي تنص المادة 7 منها على حق الطفل في معرفة والديه كالتالي: "يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقى رعايتهما". وكذلك المادة 8 من نفس الاتفاقية التي صادق عليها المغرب "تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، واسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.