طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان التخوين من شيوخ الإخوان
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022

الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة
1. الرئيسية
2. آراء
بيان التخوين من شيوخ الإخوان
سعيدالكحل
الجمعة 18 أبريل 2025 - 0:00
أصدر شيوخ تنظيمات جماعة الإخوان بالمغرب، يوم 12 أبريل 2025، " بيان شرعي يحرم، ويدين رسوّ سفن أمريكية بميناء طنجة محمّلة بعتاد عسكري موجه للكيان الصهيوني"، تجاوزوا فيه حدود الشرع الذي يعلي من قيمة الوطن ويجعل التضحية من أجله استشهادا، بأن حرّموا رسو سفن دولة صديقة وداعمة للوحدة الترابية للمغرب؛ مما يعرض مصلحة الوطن للخطر. وقد وضعهم بيانهم هذا خارج دائرة الوطن وأظهر عدم ولائهم له واستعدادهم للتضحية بمصالحه العليا. فلا حب لهم للوطن ولا استعداد للتضحية من أجله. علما أن النصوص الشرعية تحث وتحبب الدفاع عن الوطن والاستشهاد في سبيله (من قاتل دون أرضه فهو في سبيل الله).
بل إن القرآن الكريم أعلى من قيمة حب الوطن وجعلها في مقام حب النفس كما في قوله تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾. وقد فسر الفخر الرازي الآية بأن الله جعل فراق الوطن معادلاً لقتل النفس. ولذلك قال العز بن عبد السلام: "اعتناء الشرع بالمصالح العامة، أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة".
كما تجاوز أصحاب البيان حدود الواقع بتنكّرهم لجسامة التضحيات التي قدمها ويقدمها الشعب المغربي من أجل الوحدة الترابية على مدى نصف قرن، وتجاهلهم لحجم المخاطر والمؤامرات التي يحيكها أعداء الوطن، وعلى رأسهم النظام الجزائري الذي يصرف ثروات الشعب في التسلح وتمويل الإرهاب بهدف تقسيم المغرب وتدمير كيانه.
إن الموقعين على البيان تطاولوا على وظيفة الإفتاء. فهم ليسوا أعضاء في مؤسسة دينية رسمية مختصة بالإفتاء، ولا يمثلون المجلس العلمي الأعلى الذي هو، بمقتضى الدستور "الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة".
بل هم في غالبيتهم ينتمون لحركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان وبعض المتورطين في ملفات الإرهاب ومن عُرف عنهم "التْبَحْلِيس" للخوانجية، لا تهمهم "غزة ولا تازة"، وإنما مهمتهم تنفيذ الإستراتيجية التي رسمها المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان في مصر، مصطفى مشهور، والتي كشفت عنها رسالته إلى قياداتها سنة 1996. ومن أهدافها الأساسية نزع الشرعية الدينية والشعبية عن الملك. وقد اتخذوا لهم سبلا خبيثة منها:
1 التشكيك في الأهلية الدينية لأمير المؤمنين
إذ سبق لرئيس حركة التوحيد والإصلاح، أحمد الريسوني، أن قال، في حوار لصحيفة "Aujourd'hui le Maroc" ماي 2003، بأن جلالة الملك محمد السادس غير مؤهل ليتولى مسؤولية إمارة المؤمنين، وطالب أن تسند لغيره. والريسوني اليوم هو على رأس الموقعين على النداء خدمة/تنفيذا لنفس الأجندة التي انخرط فيها منذ اعتناقه لإيديولوجية الإسلام السياسي.
2 تكفير الملك بفتاوى مرشد جماعة العدل والإحسان، عبد السلام ياسين، ومنها:
أ إن الملك يمثل المنكر والخروج على الدين (المنكر الأكبر هو حكم المنافقين الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يقولون )(ص 146 الإحسان2).
ب إنه وثني وبالتالي كافر بسبب اتخاذه شعار: الله، الوطن، الملك، شعارا للمملكة. إذ سبق لياسين أن خاطب الملك الحسن الثاني رحمه الله، في رسالة "الإسلام أو الطوفان" بقوله (تب إلى الله من تألهك وشركك لأنك جعلت شعار جيش المسلمين ثالوثا تشرك نفسك فيه وتؤلهها، وإن تثليث النصارى حين ينادون الأب والابن والروح القدس لشرك أهون خطرا من شركك حين تفرض على المسلمين أن ينادوا الله والوطن والملك ومن الشعار تتولد طقوس الكفر التي تحشد لإقامتها كل قوتك فاتخذت لنفسك أعيادا لم يأمرنا بها الله).
وها هم أصحاب البيان يكرسون النهج التكفيري لياسين: "نعلن ما يلي:
1- يُحرَّم شرعًا السماح برسوّ هذه السفن في أي ميناء مغربي يُستخدم في العدوان على المسلمين، وخصوصًا على فلسطين المحتلة، لما في ذلك من موالاة لأعداء الأمة على أبنائها، وهو من أعظم صور الخيانة والمعاداة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
مغالطة المصادرة على الإشاعة
لدوافعهم الخبيثة، أسس أصحاب البيان فتواهم على "مغالطة المصادرة على الإشاعة" وكأنها حقيقة ثابتة مستغلين صمت الجهات المسؤولة على ميناء طنجة (الوزارة، إدارة الميناء، الحكومة) كالتالي: " نُعلن رفضنا التام لما تردَّدَ من سماح السلطات المغربية برُسوّ سفن عسكرية أمريكية بميناء طنجة، تحمل قِطَعَ غِيارٍ لطائرات حربية موجهة إلى الكيان الصهيوني المحتل، الذي يواصل عدوانه الغاشم على شعبنا في غزة وسائر فلسطين".
إذ لم يكلفوا أنفسهم مراسلة الوزارة أو طرح سؤال على الحكومة من طرف أحد برلمانيي حزب العدالة والتنمية لمعرفة الحقيقة. وكان أحرى بهم استحضار التنبيه الإلهي ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾؛ لكن الخبث والتآمر على النظام أعميا بصيرتهم. فغايتهم ليس البحث عن الحقيقة بقدر ما هي إلصاق تُهم "الخيانة" "والمشاركة" و"التواطؤ" للنظام لضرب شرعيته الدينية والشعبية بشكل صارخ: "إن تسهيل مرور هذه القطع الحربية تواطؤٌ مادي ومعنوي مع آلة القتل الصهيونية، ومشاركةٌ في العدوان على الأبرياء، وهو ما يُعَدّ خيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولدماء الشهداء، وللمواقف الشعبية الرافضة للتطبيع".
لقد تنكّر أصحاب البيان لكل الجهود التي بذلها ملك المغرب ولا يزال يبذلها لصالح الفلسطينيين، سواء من خلال بيت مال القدس لدعم صمود المقدسيين في مواجهة خطط التهويد (الوكالة أنجزت ما بين 2000 و2022، نحو 200 مشروع كبير وعشرات المشاريع المتوسطة والصغيرة، استفادت منها فئات المجتمع المقدسي كافة.
وبلغت كلفة هذه المشاريع ما مجموعه 64 مليون دولار، شملت مجالات الإعمار والصحة والتعليم، ومشاريع دعم الأيتام والأرامل والمسنين والأشخاص في وضعية الإعاقة). علما أن المساهمات المالية للدول في الوكالة توقفت منذ عام 2011؛ إذ لم تتوصل الوكالة منذ ذلك الحين بأي مساهمة من أي دولة باستثناء المملكة المغربية التي ظلت هي «الممول الوحيد لهذه المؤسسة بنسبة 100 في المائة في صنف تبرعات الدول»، ونحو 70 في المائة في صنف «تبرعات المؤسسات والأفراد» وفق ما أكده السيد محمد سالم الشرقاوي، مدير وكالة بيت مال القدس الشريف، في فبراير 2023.
فضلا عن المبادرات الإنسانية للمغرب عبر بناء مؤسسات صحية (إعادة بناء وتجهيز مستشفى القدس التخصصي في غزة بعد تدميره بالكامل سنة 2008)،وجامعية (إعادة بناء كلية الزراعة والبيئة ومنشآتها المختلفة، بعد أن تم تدميرها بالكامل خلال الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2009 بقيمة 4.5 مليون دولار من المال الخاص لجلالة الملك)، يضاف إليها بناء مستشفيات ميدانية في فترتي وباء كورونا والحرب على غزة، وإرسال آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية للتخفيف من معاناة الفلسطينيين.
وتكفي هنا الإحالة على بيانات منظمة التحرير الفلسطينية وهي تعبر"عن تقديرها لثبات ووضوح مواقف القيادة المغربية بشأن القضية الفلسطينية وكذا الدعم والمساندة الذي تقدمه الرباط للمقدسيين وجهودها المتواصلة لصيانة مدينة القدس والحفاظ على معالمها الإسلامية". وحظيت المبادرة الملكية للتخفيف من أزمة الفلسطينيين المالية، من خلال تدخل جلالته لدى حكومة إسرائيل للإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة، بتقدير عال من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية التي وجهت (فبراير 2025) عبر أمين سر لجنتها التنفيذية، حسين الشيخ، الشكر للعاهل المغربي، الملك محمد السادس والحكومة المغربية، مثمنة "هذا الجهد الاخوي المتواصل والمستمر في دعم صمود وثبات شعبنا على أرض وطنه".
وكانت آخر مبادرة أطلقتها وكالة بيت مال القدس الشريف بالرباط، يوم الاثنين 15 أبريل 2025، تهم التكفل ب 300 طفل مبتور الأطراف، و500 طفل يتيم ضمن مشروع كفالة اليتيم المقدسي الذي ترعاه وكالة بيت مال القدس الشريف منذ سنة 2008. فليعلم موقعو البينا أنه لما اختار القادة العرب الحرب ضد إسرائيل كان المغرب أول المشاركين فيها، ولما انحازوا للسلم عبر مبادرة "الأرض مقابل السلام"، دعم المغرب ويدعم جهود السلام التي أثمرت اتفاق أوسلو الذي انقلب عليه تجار وسماسرة القضية الفلسطينية خدمة لمصالحهم المناقضة لمصلحة الفلسطينيين.
إن اللؤم والعقوق من أبرز سمات الموقعين على البيان والواقفين خلفه لدرجة أنهم تجاهلوا، كلية، تضحيات الجنود المغاربة بدمائهم الزكية، في حرب 73؛ وكذا الالتزامات المغربية الرسمية وتأكيدات العاهل المغربي، في كل المناسبات، على أن القضية الفلسطينية "تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة"
ضرب المصالح العليا للوطن.
لا تخفى على المواطن النبيه أن ارتفاع وتيرة المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية وتمددها هما ليس بغاية وقف الحرب في غزة، بل المستهدف منها هو النظام الملكي واستقرار الوطن. ذلك أن تنظيمات الإسلام السياسي متأكدة من قوة النظام وتجذر الملكية في وجدان الشعب المغربي، فضلا عن قوة الدولة المغربية بكل مؤسساتها، وخاصة الأمنية والعسكرية؛ الأمر الذي يجعل إمكانية الانقلاب على النظام أو السيطرة على الدولة، أو حتى إشعال ثورة، من سابع المستحيلات. وقد حاولت ولا تزال، يائسة، جماعة العدل والإحسان تشكيل تحالف موسع مناهض للنظام.
لهذا، وإدراكا منهم بأهمية التحالف الإستراتيجي الأمريكي المغربي الإسرائيلي في تزويد المغرب بأسباب القوة العسكرية لمواجهة المخاطر التي تتهدد أمنه واستقراره، خصوصا من طرف النظام الجزائري الذي يرى فيه الإسلاميون عاملا حاسما في إنهاك النظام وإضعافه في حالة شن الحرب ضد المغرب؛ نجدهم يكثفون المظاهرات والمسيرات للضغط على النظام حتى يلغي اتفاقية أبراهام. فيكون لهذا الإلغاء تداعيات خطيرة على باقي الاتفاقيات العسكرية والدبلوماسية والأمنية مع أمريكا وإسرائيل، بحيث تتراجعان عن الاعتراف بمغربية الصحراء وتلغيان تزويدهما للمغرب بأحدث أنواع الأسلحة الرادعة للعدوان الخارجي؛ مما يجعل ظهر المغرب مكشوفا لأعدائه.
تلك أوهامهم وأوهام اليسار المفلس. فلا غرابة أن تتواطأ تنظيمات الإسلام السياسي مع أعداء الوحدة الترابية للمغرب لضرب أسس العلاقات القوية للمغرب مع حليفيه الأساسيين في حربه ضد أعدائه. ولعل إحاطة مبعوث الأمين العام للصحراء المغربية، السيد ستافان دي ميستورا، في إطار مشاورات مجلس الأمن بنيويورك يوم 14 أبريل 2025، كافية لوصف خطورة الأوضاع على الحدود مع الجزائر، حيث جاء فيها "في الواقع، لم نشهد أي تحسن في العلاقات الجزائرية-المغربية، بل على العكس تماماً. إن تحسناً من هذا النوع يُعد شرطاً ضرورياً لتفادي خطر نشوب صراع إقليمي، بالنظر إلى التوترات المستمرة، وانعدام الاتصال الدبلوماسي، وإغلاق الحدود، والزيادة الكبيرة في مشتريات الأسلحة والنفقات المرتبطة بها".
وقد زاد سعار هذه التنظيمات لما تيقنت من عزم الإدارة الأمريكية، في عهد الرئيس دونالد ترامب، على إنهاء ملف الصحراء المغربية؛ الأمر الذي سيعصف بكل أوهامهم ورهاناتهم الخاسرة. إن أمريكا، بحكم وزنها في مجلس الأمن، تملك مفاتيح الملف، وقوة داعمة عسكريا ودبلوماسيا للمغرب؛ وأي إفساد للعلاقات معها هو حرمان للمغرب من دعمها. وسبق للعاهل المغربي أن نوه بأهمية الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في خطاب المسيرة 2021 " وإننا نعتز بالقرار السيادي، للولايات المتحدة الأمريكية، التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه. وهو نتيجة طبيعية، للدعم المتواصل، للإدارات الأمريكية السابقة، ودورها البناء من أجل تسوية هذه القضية. فهذا التوجه يعزز بشكل لا رجعة فيه، العملية السياسية، نحو حل نهائي، مبني على مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية".
ومن أجل حرمان المغرب من الدعم الأمريكي، لم يكتف الخوانجية بالمظاهرات والمسيرات من أجل إلغاء التطبيع، بل أرادوها مسيرات لمنع رسو السفن الأمريكية في الموانئ المغربية بذريعة نقلها الأسلحة لإسرائيل. وما يفضح مخططات لخوانجية، هو سكوتهم المطبق عن القواعد العسكرية الأمريكية في تركيا وقطر التي تُشحن إليها الأسلحة الفتاكة ومنها إلى إسرائيل، وكذا ابتلاع ألسنتهم عن المناورات العسكرية المشتركة بين قطر وإسرائيل، ثم دعمهم لتركيا أردوغان رغم التبادل التجاري والتعاون العسكري بينها وبين إسرائيل والذي لم يتوقف طيلة الحرب على غزة. وقد تداولت مواقع الاجتماعي صورا لشظايا صواريخ تركية استعملتها إسرائيل لقتل أطفال غزة. فلسان حال لخوانجية يقول: التطبيع حلال على قطر وتركيا، حرام على المغرب.
الإخوان لا يؤمنون بالأوطان
إن شيوخ الإخوان ومن وقّع معهم على البيان لا يؤمنون بالوطن ولا بالمواطنين. وكيف لهم أن يؤمنوا به وهم أسسوا تنظيماتهم وفق إستراتيجية مناهضة للأنظمة المدنية والديمقراطية. جميعهم يسعون إلى تطبيق الشريعة وإقامة نظام الخلافة على أنقاض الدولة المدنية. بل من الموقعين من كانوا قياديين في تنظيمات إرهابية وحوكموا في ملفات الإرهاب. ولولا العفو الملكي لظلوا في السجن سنين عددا. فهل لمثل هؤلاء يحق لهم الحديث عن الوطن أو الشعب وهم الذين خططوا لتفجير المنشآت الأمنية والاقتصادية والسياحية والأسواق العمومية؟
إن التاريخ يُسجل أن تنظيمات الإسلام السياسي لم يصدر عنها موقف وطني واحد منذ اندلاع الصراع المفتعل من طرف النظام الجزائري ضد المغرب. ذلك أن هذه التنظيمات لم تشارك في المسيرة الخضراء، سواء كأفراد أو كتنظيمات كانت مشكَّلة ونشطة حينها. بل إنها لم تدعم الدولة في لحظات مفصلية في الصراع حول الصحراء، ومنها لحظة تحرير معبر الڭرڭرات. فكل هدفهم التشويش على جهود الدولة والسعي إلى إفساد علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الداعمة لوحدتها الترابية، علما أن البيجيدي كان على رأس الحكومة التي وقعت على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وها هو اليوم، عبر شيوخه، يتهم ملك البلاد، بكل وقاحة وسفالة وانحطاط، بالخيانة والمشاركة في إبادة أهل غزة وأطفالها. ويتأكد أن حزب العدالة والتنمية وذراعه الدعوية "حركة التوحيد والإصلاح"، لم يستوعبا جيدا الدرس من التطاول على اختصاصات جلالة الملك رغم التنبيه والتوبيخ اللذين واجه بهما بلاغُ الديوان الملكي بيانَ الأمانة العامة للبيجيدي في موضوع الهجوم على السيد ناصر بوريطة. وقد شدد البلاغ على "إن السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص جلالة الملك، نصره الله، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية"، وأن "العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز من أي كان ولأي اعتبار، لاسيما في هذه الظرفية الدولية المعقدة".
طبعا لا تهم البيجيدي ولا باقي تنظيمات الإسلام السياسي المصالح العليا للوطن ولا كيفية التصدي للمخاطر المحدقة بوحدته الترابية، بقدر ما يهمهم إضعاف الموقف الدولي للمغرب وحرمانه من الدعم الدبلوماسي المتواصل لمبادرة الحكم الذاتي. إن هذه التنظيمات وشرذمة اليسار المتطرف يراهنون على فشل مخطط الحكم الذاتي ليتخذوه شرارة لإشعال الفتنة وتدمير الوطن. تلك أمانيهم وأوهامهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.