1. الرئيسية 2. اقتصاد مسؤول حكومي روسي يؤكد رغبة موسكو في توسيع شراكاته الاقتصادية مع المغرب في مجالات النفط والغاز والتكنولوجيات الحديثة الصحيفة - خولة اجعيفري الجمعة 2 ماي 2025 - 0:39 في مؤشر دالّ على تحوّل استراتيجي في السياسة الروسية تجاه منطقة شمال إفريقيا، كشف فلاديمير موروزوف، نائب رئيس جامعة العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية (MGIMO)، عن تفاصيل الرؤية الجديدةلموسكو إزاء المغرب، مؤكدا رغبة روسيا في الارتكاز على الرباط كبوابة محورية نحو القارة الإفريقية، واستثمار رصيدها السياسي والمؤسساتي لتوسيع التعاون في مجالات التعليم والاقتصاد والتكنولوجيا. المسؤول الروسي، وفي حوار خصّ به صحيفة "موسكوفسكايا غازيتا"، عقب زيارته الرسمية إلى الرباط ضمن وفد رسمي روسي، أوضح أن الزيارة التي جرت بين 14 و17 أبريل الماضي، عرفت تنظيم سلسلة لقاءات استراتيجية مع شركاء ومسؤولين مغاربة، وتوجّها واضحا نحو بناء علاقة ثنائية جديدة متشابكة، تبدأ من الجامعة ولا تنتهي عند حدود الطاقة. ومن 14 إلى 17 أبريل، احتضنت العاصمة الرباط سلسلة من الفعاليات رفيعة المستوى، خُصصت لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين الرباطوموسكو، لا سيما في قطاعي التعليم العالي والاستثمار، حيث أوضح موروزوف أن اللقاءات التي جمعته بمسؤولين مغاربة، من بينهم ممثلون عن جامعة محمد الخامس ومعهد التدريب والبحوث الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية المغربية، كشفت عن رغبة متبادلة في تعزيز الشراكة الأكاديمية، تتجاوز التبادل الطلابي لتشمل الأساتذة والباحثين وتنظيم ندوات علمية مشتركة. وقال المسؤول الروسي ضمن الحوار ذاته مع الصحيفة الروسية: "المؤسسات المغربية أبدت اهتمامًا واضحًا بالتعاون، ليس فقط على مستوى الطلبة، بل أيضا من خلال تبادل الأساتذة والباحثين وتنظيم فعاليات علمية ثنائية، لقد اتفقنا على توقيع مذكرات تفاهم وتنظيم سلسلة من اللقاءات العلمية عن بُعد عبر الفيديو". وفي السياق ذاته، أشار موروزوف إلى أن عددا كبيرا من الطلبة المغاربة يدرسون حاليا في الجامعات الروسية، معبرًا عن أمله في أن يُتاح أيضا للطلبة الروس، خاصة أولئك المنتمين إلى الحقل الدبلوماسي، فرصة التدريب في المغرب، لما يشكله من فضاء سياسي وثقافي متنوع واستراتيجي. وإلى جانب التعاون الأكاديمي، شدد موروزوف على أن روسيا تتطلع إلى توسيع شراكاتها الاقتصادية مع المغرب، خصوصا في مجالات النفط والغاز، والتكنولوجيات الحديثة، وغيرها من القطاعات ذات الإمكانات العالية، كما كشف أن شركة التكنولوجيا الروسية العملاقة "ياندكس" بدأت بدورها في ولوج السوق المغربية بمشاريع فعلية، مرجّحًا أن يشهد الحضور الروسي في المغرب توسعًا خلال الفترة المقبلة، موردا أن الطرفين مهتمان بتطوير مشاريع مشتركة تخدم المصالح المتبادلة، وأن مناخ الاستثمار في المملكة يعتبر جاذبًا وواعدًا. وفي تعليق تحليلي على السياق العام لهذا التقارب، اعتبر المحلل السياسي الروسي يوري سفيتوف، أن انفتاح روسيا على البلدان الإفريقية، وفي مقدمتها المغرب، يدخل ضمن رؤية استراتيجية أوسع لإعادة التموقع في النظام العالمي الجديد. وأكد المتحدث، في تصريح لموقع "غراجدانسكي سيلي.رو" الروسي: "من المهم للدول العربية، التي تسعى اليوم لإبراز أدوارها في النظام العالمي المتشكل، أن تجد حلفاء جددا، لا يقتصرون على باريس أو واشنطن أو لندن، بل يشملون أيضًا قوى أخرى مثل روسيا".، مشيرا إلى أن موضوع التعليم وتبادل الطلبة والتدريب المهني يُعد ركيزة في بناء العلاقات طويلة المدى، مذكّرًا بأن الاتحاد السوفياتي أدرك هذا البعد مبكرًا، في حين أهملته روسيا الاتحادية لفترة طويلة. وأردف الخبير بالقول: "لسنوات، كان المسؤولون الروس يرون أن الإنفاق على تكوين الطلبة الأفارقة غير مجدٍ.. لكن إذا تغير هذا التصور اليوم، فعلينا أن نرحب بذلك، لأن القوة الناعمة تُصنع من داخل قاعات الجامعات". وأضاف سفيتوف أن الطالب الذي يقضي سنوات دراسته في روسيا، سيتعرف على المجتمع الروسي عن كثب، وعند عودته إلى بلده الأصلي سيتحول إلى جسر تفاهم بدل أن يكون متلقٍّ فقط للرواية الغربية، مشددا في ختام تصريحه على أهمية تكوين طبقة من النخب السياسية والإدارية الإفريقية والعربية، القادرة على التفاعل مع روسيا على أسس براغماتية ومربحة للطرفين. وفي ضوء هذه المؤشرات، يبدو أن روسيا تتعامل مع المغرب كحليف متعدد الأدوار، من بوابة اقتصادية، وممر دبلوماسي، وحليف تربوي يمكن التعويل عليه في تكوين نخب إفريقية أكثر انفتاحًا على موسكو، وفيما تتقلص مساحة النفوذ الفرنسي في الساحل والصحراء، وتُعاد صياغة معادلات التعاون في البحر الأبيض المتوسط، تتحول الرباط إلى منصة استقطاب لقوى دولية صاعدة، تعرف تمامًا كيف تدمج الدبلوماسية الصلبة بالناعمة، وتراهن على المعرفة قبل العقود.