1. الرئيسية 2. تقارير نحو استغلال "الفرصة السانحة".. هكذا حسمت المملكة المتحدة موقفها من قضية الصحراء للتركيز على مصالحها المتنامية مع المغرب الصحيفة - حمزة المتيوي الأثنين 2 يونيو 2025 - 22:25 من الأمور التي كانت مثيرة للانتباه في كلام وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، عند حديثه عن موقف بلاده الجديد من قضية الصحراء، المتمثل في دعم مقترح الحكم الذاتي في المنطقة تحت السيادة المغربية، تأكيده على التزام بلاده على تنزيل هذا الموقف على عدة مستويات، وخص بالذكر الجانب الاقتصادي في نطاق العمل الثنائي مع الرباط. وانضمت لندن إلى قائمة الدول الكبرى التي انتبهت إلى كم الفرصة المُهدرة بسبب النزاع حول الصحراء الذي طال أمده ل50 عاما كاملة، خصوصا على المستوى الاقتصادي، في بلد أصبح ينظر للمغرب بنظرة أخرى منذ خروجه من الاتحاد الأوروبي أواخر يناير من سنة 2020، وهو أمر كان عاملا من بين عوامل أخرى حاسمة دفعت المملكة المتحدة لتغيير موقفها بخصوص الصحراء. فرصة "اقتصادية" سانحة بالنسبة للامي، فإنه أصبح من المُلح استغلال "الفرصة السانحة" المتوفرة حاليا من أجل التوصل إلى حل نهائي لملف الصحراء، لذلك أعلن من الرباط أن بلاده "ملتزمة ببلوغ هذا الهدف، ومقتنعة بأنه مع حسن نية جميع الأطراف، يمكن إيجاد تسوية بشكل سريع جدا"، مشددا على أن المملكة المتحدة "ستُواصل عملها على الصعيد الثنائي، بما في ذلك على المستوى الاقتصادي، والإقليمي والدولي، انسجاما مع هذا الموقف من أجل دعم تسوية هذا النزاع". كلام لامي وجد قراءةً واضحة لدى صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، التي أوردت أن المملكة المتحدة "أعربت عن دعمها لخطة المغرب لحل نزاع الصحراء الغربية، في تحول عن موقفها التقليدي، بهدف منح الشركات البريطانية فرص وصول أكبر إلى السوق المغربية قبل تنظيم كأس العالم 2030"، وأوضحت أن الاتفاقيات التجارية الجديدة مع المغرب ستمنح الشركات البريطانية أولوية في تقديم العروض لتنفيذ مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالمونديال الذي ستنظمه المملكة بالمشاركة مع إسبانيا والبرتغال. وبالنسبة للحكومة البريطانية الحالية، التي يشكلها حزب العمال، فإن الأمر محسوم على مستوى البحث عن فرص استثمارية في الصحراء، حتى قبل الإعلان رسميا عن دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، ففي أبريل الماضي قال ديفيد روتلي، مساعد وزير الخارجية البريطاني المكلف بشؤون الأميركيتين والبحر الكاريبي، في جواب برلماني، إن بلاده لا تعتبر النشاط التجاري في منطقة الصحراء غير قانوني. وقبل ذلك، وفي مارس الماضي، أورد جوابٌ كتابي موجهٌ لمجلس العمومي، صادرٌ عن دوغلاس ألكسندر، وزير الدولة البريطاني المكلف بالسياسة التجارية والأمن الاقتصادي، بخصوص استثمارات الشركات البريطانية في الصحراء، أن الأمر "متروك للشركات لاتخاذ قراراتها الخاصة بشأن ممارسة الأعمال التجارية هناك"، فاصلا بين ذلك وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة. مصالح متنامية كان ذلك مقدمةً لتغيير المملكة المتحدة لموقفها من الصحراء، خصوصا وأنها أصبحت تبدو بعيدة عن حليفتها الرئيسية، الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تعترف بالسيادة المغربية على كامل أراضي المنطقة، منذ دجنبر 2020، وصار موقفها التقليدي أيضا أقل حسما من فرنسا التي اتخذت موقفا مماثلا منذ نهاية يوليوز 2024، بل ولا يتماشى حتى مع مواقف دول أخرى ذات ثقل دولي مثل إسبانيا وألمانيا. وفي المقابل، فإن لندن كانت تنظر إلى شبكة مصالحها المتنامية في المغرب، من خلال العديد من الاستثمارات والمبادلات التجارية، خصوصا مشروع الكابل البحري الأطول في العالم لنقل الطاقة الكهربائية، الذي سينطلق من السواحل الأطلسية للصحراء المغربية على مسافة 3800 كيلومتر، ليصل إلى الجزيرة البريطانية من أجل ضمان الإنارة ل 7 ملايين منزل. هذا المشروع، الذي أُدرج ضمن الرؤية الاستراتيجية للبلاد لعام 2022، وتم الاعتراف به من طرف الحكومة البريطانية في عام 2023 كمشروع ذي أهمية وطنية، تصل كلفته التقديرية إلى 22 مليار جنيه إسترليني، ومبدئيا سيعتمد على مشاريع الطاقة الريحية في طانطان، بجهة كلميم واد نون، إحدى جهات الصحراء الثلاث، لكن الموقف البريطاني الجديد سيسمح له، نظريا، بالاعتماد على مصادر أخرى من كل أراضي الجهة، وليس فقط من المدينة الواقعة خارج ما يعرف ب"المنطقة المتنازع عليها". التجارة والطاقة.. كلمتا السر المملكة المتحدة ستكون أيضا، بعد موقفها الجديد الذي يمثل "اعترافا فعليا" بمغربية الصحراء، وفق توصيف الصحافة البريطانية، أكثر "أريحية" في معملاتها التجارية مع المغرب، التي نمت بشكل متسارع خلال الأعوام الماضية، وبلغت قيمتها، وفق أرقام حكومة لندن، 4,2 مليار جنيه إسترليني خلال سنة 2024، بزيادة 562 مليون جنيه مقارنة بسنة 2023، وبارتفاع نسبته 15,4 في المائة. وتصدر بريطانيا للمغرب ما قيمته 1,6 ملايير جنيه إستريني، في حين تستورد منه 2,6 ملايير جنيه من البضائع، منها حوالي 503 ملايين جنيه من الخضر والفواكه، وهي المنتجات الفلاحية التي تعول عليها بريطانيا كثيرا في ظل عودة الرسوم الجمركية إلى معاملاتها مع الاتحاد الأوروبي، هذا الأخير الذي عليه حسم موقفه من دخول تلك التي يصدرها المغرب والتي يكون مصدرها أقاليم الصحراء، على اعتبار أن الرباط ترفض بشكل قاطع الفصل بينها وبين منتجاتها القادمة من باقي مناطق البلاد. موقف المملكة المتحدة الجديد سيفتح فصلا آخر لاستثماراتها في مجال الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، خصوصا وأن شركاتها، قبل نحو سنتين من الآن، كانت قد أبدت رغبتها في الاستثمار في الصحراء، وتحديدا شركة "أوبلين"، التي زار وفد منها جهة الداخلة وادي الذهب في يوليوز من سنة 2023، يقوده الرئيس المدير العام برنان تيمبس. وكشف تيمبس أن الشركة تعتزم استثمار 100 مليار دولار مشروع كبير للطاقة المتجددة من أجل إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في الأقاليم الجنوبية للمغرب، قائلا إن مناخ مدينة الداخلة ملائم لهذه الفكرة، حيث يتعلق الأمر بمدينة ساحلية تتمتع بوفرة في أشعة الشمس والرياح، وأرود أنه من المنتظر أن يخلق المشروع 5000 فرصة شغل، حيث سيتم إنشاء منطقة صناعية خضراء تتم فيها صناعة الألواح الشمسية الكهروضوئية وشفرات أعمدة الطاقة الريحية.