1. الرئيسية 2. تقارير من صفحة على "فيسبوك" إلى غرف "ديسكورد" المغلقة.. هكذا نسجت مجموعة "جيل Z" خيوط دعواتها للاحتجاج وسط غموض يلف هويتها وأهدافها الصحيفة من الرباط الخميس 2 أكتوبر 2025 - 18:22 في خضم احتجاجات اتسع نطاقها تدريجيا وفي ظرف 5 أيام فقط، بدأت الأسئلة تُطرح بإلحاح حول هوية مجموعة "جيل زِد" الناشطة تحت مسمى GenZ 212 ومن يقف وراءها، وحول طبيعة الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، أمام الغموض الذي يلف أسماء القائمين على إدارة صفحاتها، والتباين الواضح بين مضامين بعض منشوراتها. انتقال نشاط المجموعة من فضاء مفتوح ك"فيسبوك" إلى غرف أكثر انغلاقا على منصة "ديسكورد" جعل الرأي العام يتساءل عمّا إذا كان الأمر يتعلق فعلا بمبادرة شبابية عفوية للتعبير عن مطالب اجتماعية مشروعة، أم أن هناك أطرافاً أخرى خفية، داخلية أو خارجية، باتت تعمل على تحريك الخيوط واستثمار حالة الاحتقان القائم لإعادة إنتاج سيناريوهات لا أحد يعرف مآلاتها. البداية كانت من صفحة على فيسبوك حملت الاسم ذاته، حيث ظهرت منشورات مبعثرة وغير منتظمة تدعو بشكل صريح إلى التظاهر في الشارع ضد أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية، من دون أن تتضح هوية القائمين على الصفحة أو انتماءاتهم، ولا حتى الموقع الجغرافي الذي يُدار منه هذا الفضاء الافتراضي. ومع مرور الوقت، امتدت الدعوات نفسها إلى منصة "إكس" (تويتر سابقاً) عبر حسابات متعددة، بعضها جديد الإنشاء وبعضها الآخر قديم لكنه تحوّل بشكل مفاجئ إلى بث خطاب تعبوي يستهدف فئة الشباب على وجه الخصوص. غير أن التطور اللافت تمثل في ما تسرب من معطيات عن انتقال النقاش من الفضاء المفتوح إلى فضاء أكثر سرية، وذلك عبر غرفة خاصة على تطبيق "ديسكورد"، حيث يلتقي أعضاء غير معروفين خلف شاشاتهم لإدارة النقاشات وتنسيق الخطوات بعيداً عن الأنظار، وهو ما جعل العديد من المتتبعين يعتبرون أن الأمر لم يعد مجرد تعبير افتراضي عفوي، بل محاولة لتشكيل نواة احتجاجية منظمة تعتمد تقنيات إخفاء الهوية والتنسيق السري. وإذا كان طابع السرية والغموض هو السمة الطاغية على هذه المجموعة، فإن أكثر ما يثير التساؤل هو أن السيرفر الذي يحتضن غرفة "جيل Z" على "ديسكورد" مجهول الموقع، ولا يُعرف من يديره أو يمول خدماته، فضلاً عن غياب أي معطيات واضحة حول الأشخاص الذين يقفون وراء الحسابات الأساسية على فيسبوك أو "إكس". بل إن الصفحة الرئيسية للمجموعة على فيسبوك عرفت في أكثر من مناسبة ارتباكا تنظيميا واضحا، بعد خروج أو "إزالة" بعض المسؤولين عن إدارتها (الأدمينز)، وهو ما انعكس في نشر منشورات متناقضة أحيانا أو غير متماسكة، مما أعطى الانطباع بوجود أكثر من يد تحاول توجيه البوصلة كل حسب أجندته. المتابعون للشأن الرقمي في المغرب لاحظوا أن طريقة اشتغال صفحة "جيل زِد" تشبه إلى حد بعيد صفحات أخرى ظهرت في الفترة الأخيرة تتناول موضوعات مرتبطة بالمغرب لكنها تنشط من خارج الحدود أو داخلها، وتقوم بتوجيه محتوى يضخم المشاكل الداخلية ويستثمر في الأزمات الاجتماعية، ما يفتح الباب أمام احتمال وجود خلفيات غير معلنة وراء هذه الدعوات. وهنا تطرح المقارنة نفسها بشكل تلقائي مع تجربة حراك 20 فبراير سنة 2011، الذي ورغم طابعه الشبابي العفوي، كان يقوم على وجوه وأسماء معلومة خرجت للعلن وتحملت مسؤولية الدعوة والتعبئة والتمثيل الإعلامي، بينما حراك "جيل زِد" يبدو أقرب إلى كيان افتراضي بلا ملامح، يتبنى خطابا احتجاجيا دون أن يجرؤ أي شخص على الظهور باسمه الصريح أو تقديم نفسه كقيادة. فالغياب التام للأسماء والوجوه داخل صفحات هذه المجموعة يجعل جميع السيناريوهات مطروحة، فمن جهة، هناك من يرى أن الأمر قد لا يعدو كونه مبادرة لشباب عاديين اختاروا التخفي عن الأنظار تفاديا لأي ملاحقة، خاصة في ظل الرقابة التي تخضع لها الدعوات إلى التظاهر. ومن جهة أخرى، هناك أصوات تحذر من أن الغموض قد يخفي خلفه جهات منظمة تحرك الخيوط من وراء الستار، سواء كانت داخلية تسعى إلى توظيف الغضب الاجتماعي لمآرب سياسية، أو خارجية تسعى إلى زعزعة استقرار المغرب عبر أدوات رقمية يصعب تتبعها. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل الحضور الكثيف لآليات إعلامية أجنبية، جزائرية بالخصوص رسمية وشبه رسمية، التي سارعت منذ اللحظة الأولى إلى التقاط أخبار الدعوات الصادرة عن مجموعة جيل Z وإعادة تدويرها في تقارير ومقالات وتصريحات، ترافقها حملة واسعة من الحسابات المرتبطة بخطاب الولاء للنظام الجزائري على منصات التواصل الاجتماعي. قد بدا واضحاً أن هذا التفاعل لم يكن مجرد متابعة محايدة، بل انخرط في تغذية النقاش وتضخيمه وإضفاء طابع الشرعية على دعوات التظاهر، ما عزز فرضية أن هناك مصلحة إقليمية في تأجيج هذا النوع من الحركات الاحتجاجية الغامضة داخل المغرب. الأمر لا يقتصر على الدعوة إلى التظاهر فقط، بل يمتد إلى التخطيط اللوجستيكي وتوزيع المهام وربما صياغة الشعارات وتحديد توقيت التحركات، وهو ما يجعل من هذا "الحراك" تحديا أمنيا وسياسيا جديدا يختلف كلياً عن التجارب السابقة. ولعل ما يزيد من حدة الغموض هو أن كل شيء يجري في فضاء افتراضي يصعب ضبطه أو تفكيك خيوطه بسهولة، فالتكنولوجيا الحديثة مثل "ديسكورد" تتيح للمجموعات إمكانية التواصل في غرف مغلقة بتشفير عالٍ، وتسمح بتوزيع الأدوار داخل "سيرفر" مجهول الهوية. وفي هذا السياق، قال الخبير في الأمن السيبراني حسن خرجوج ل "الصحيفة" إن تطبيق "ديسكورد"، الذي انطلق في البداية وسط مجتمعات اللاعبين، بات اليوم إحدى أقوى المنصات للتواصل الجماعي، حيث يقوم على مبدأ "السيرفرات" التي تجمع الأعضاء حسب الاهتمامات أو الأنشطة، مشيراً إلى أنه داخل أي سيرفر توجد قنوات نصية وصوتية ومرئية، وينظم المشرفون الأعضاء عبر نظام "الأدوار" (Roles) الذي يحدد موقع كل عضو، سواء كان متابعاً عادياً أو مشرفاً بصلاحيات واسعة. وفي توضيح تقني، أضاف الخبير في التصريح ذاته أن الأدمين عادة ما يُميزون بوسم خاص أو لون مغاير يظهر بجانب أسمائهم، مما يسهل على الأعضاء التعرف على من يمتلك سلطة الإشراف، ويمنح السيرفر طابعاً منظماً. كما يقدم التطبيق مؤشرات علنية حول حالة الأعضاء مثل "Online"، "Idle"، "Do Not Disturb"، أو "Offline"، فضلاً عن أنشطة عامة كاللعب أو الاستماع للموسيقى، بينما تظل التفاصيل الدقيقة محصورة في صلاحيات المشرفين وحدهم. وإلى جانب ذلك – يضيف المتحدث – يعرض "ديسكورد" بعض الأنشطة العامة التي يباشرها الأعضاء بشكل تلقائي، فإذا كان العضو مثلاً يلعب لعبة فيديو متصلة بالمنصة يظهر اسم اللعبة تحت اسمه مباشرة، مما يتيح للآخرين معرفة ما يقوم به في اللحظة نفسها، ونفس الشيء ينطبق على خدمات مثل "سبوتيفاي"(Spotify) حيث يمكن أن يظهر ما إذا كان المستخدم يستمع إلى الموسيقى. وأردف الخبير التقني أن بعض السيرفرات تختار إضافة ما يُعرف بال"بوتات " (Bots)، وهي أدوات برمجية آلية تُدمج داخل القنوات. هذه البوتات لديها القدرة على تتبع بعض الأنشطة مثل عدد الرسائل التي يكتبها كل عضو، مدة تواجده في الغرف الصوتية، أو حتى إنشاء تصنيفات لأكثر الأعضاء مشاركة. ورغم أن هذه الوظائف تبقى اختيارية، إلا أنها تمنح المشرفين تصوراً أوضح حول تفاعل الأعضاء. ولفت المتحدث إلى أنه من المهم التأكيد على أن "ديسكورد" لا يسمح لأي مستخدم عادي بتتبع النشاط المفصل لباقي الأعضاء، إذ تبقى صلاحيات الاطلاع على التفاصيل الدقيقة محصورة في يد الأدمين أو المشرفين الذين بإمكانهم استخدام أدوات المراقبة المتوفرة داخل السيرفر، أما بالنسبة لباقي الأعضاء فالمتاح لهم يقتصر على المؤشرات الأساسية المذكورة أعلاه فقط، مشيرا إلى أن تتبع النشاط خارج حدود السيرفر أمر غير ممكن رسمياً عبر "ديسكورد". مظاهرات جيلZ