1. الرئيسية 2. تقارير الحكومة الإسبانية تفوّض مؤسسة الهندسة واقتصاديات النقل لإنجاز التصميم التفصيلي لنفق تحت البحر مع المغرب الصحيفة من الرباط الأحد 23 نونبر 2025 - 15:00 تتجه إسبانيا والمغرب إلى إعادة إحياء مشروع الربط القاري عبر مضيق جبل طارق، بعدما اتخذت مدريد خطوة وُصفت بالحاسمة ضمن مسار ظل متجمداً لعقود، حيث فوّضت الحكومة الإسبانية مؤسسة هندسية متخصصة هي الهندسة واقتصاديات النقل لإنجاز التصميم التفصيلي لأول نفق أسفل قاع المضيق، وهو ما يُعتبر نقطة تحول حقيقية في مسار الدراسات التقنية للمشروع. المعطيات الجديدة التي نقلتها وسائل إعلام إسبانية تشير إلى أن الخطوة تُعدّ أول تحديث شامل للدراسات منذ نصف قرن، وهو ما أعاد المشروع القديم إلى دوائر النقاش الاستراتيجي، خصوصا بعد الإعلان عن أن التصميم سيتم تسليمه في صيف 2026، على أن يشكل لاحقا جزءاً من البنية التحتية النهائية سواء كمسار تقني، أو كنفق مساعد للسلامة والأعمال اللوجستية. وبحسب المصادر ذاتها، تعمل الشركة المكلفة حاليا على إعادة ضبط المسار في الجهة الشمالية وتحديد موقع المحطة الإسبانية الجديدة قرب منطقة "فيخار دي لا فرونتيرا"، مع وضع تصور شامل لوسائل الولوج وخطوط الربط السككي مع محور قادس- إشبيلية. كما يشمل البرنامج إعادة مراجعة الخرائط الجيوتقنية والهيدروجيولوجية، مستندا إلى قياسات حديثة من البر والبحر، إضافة إلى دراسة النشاط الزلزالي ومستويات الضغط تحت قاع المضيق، وتقييم مصادر مواد البناء الأنسب لمهمة قد تمتد لأكثر من عقد. ويتضمن العمل الهندسي المبرمج إعادة تجهيز منظومات السلامة والتهوية وفق المعايير الأوروبية، مع الاستعانة بمحاكاة رقمية لسيناريوهات تتعلق بالحرائق والطوارئ، في وقت يُنتظر فيه أن يصل حجم ساعات الاشتغال إلى أكثر من خمسة عشر ألف ساعة، بمشاركة فرق هندسية متعددة التخصصات. وتوضح الوثائق التقنية المتداولة في إسبانيا أن المشروع، في صيغته الحالية، يقوم على إنشاء نفق بطول يقارب 42 كيلومترا، منها 28 كيلومتراً تحت البحر بين ساحل قادس ومنطقة ملاباطا بطنجة، عبر أعمق نقطة في "عتبة المضيق" التي يصل عمقها إلى نحو 475 مترا. ويُفترض أن يضم النفق مسارين مخصصين للقطارات عالية السرعة ونقل البضائع، وقناة مركزية موجهة لأعمال الصيانة والنجدة. المرحلة الأولى من المشروع ستتمثل في شق نفق استكشافي من الجهة الإسبانية، وهي عملية مفصلية ستسمح بتحديد طبيعة الصخور والطبقات الرسوبية، وقد تمتد ما بين ست وتسع سنوات قبل الانتقال إلى الحفر الرئيسي، حيث تقدّر الجهات التقنية أن إطلاق طلبات العروض الخاصة بالنفق التجريبي سيتم خلال 2027، بينما قد تنطلق الأشغال الميدانية الأولى في حدود 2030 في حال اتُخذ القرار السياسي النهائي في الوقت ذاته. أما من ناحية التمويل، فتشير التقديرات الحديثة إلى أن الكلفة المتوقعة من الجانب الإسباني تصل إلى 8.5 مليارات يورو، مع بحث مدريد عن صيغ دعم إضافية من برامج الجيل الجديد الأوروبية، فيما يواصل المغرب تحيين الدراسات المتعلقة بواجهته البحرية ومساره السككي، ضمن رؤية تضع البلاد في موقع بوابة رئيسية لحركة التجارة نحو إفريقيا. وبالرغم من أن المشروع لا يزال في مراحله الأولية، إلا أن عودته إلى مقدمة الأجندة الثنائية تُقرأ باعتبارها تجديداً للاهتمام الرسمي بواحد من أشد المشاريع الهندسية طموحا في المنطقة، مشروع يُقارن من حيث جرأته بنفق المانش بين بريطانيا وفرنسا، لكن في ظروف جيولوجية أكثر تعقيداً. وبين الانتظار والاحتمالات الهندسية المعقدة، يظل مشروع نفق جبل طارق رهين قرار سياسي مشترك يُرتقب أن يُتخذ قبل نهاية 2027، ليكون بذلك مدخلاً لورشة بنيوية من شأنها تغيير ملامح الربط العابر للقارات خلال العقود المقبل، حيث أن مسار الربط القاري، في حال تم تنفيذه فعليا، سيعيد رسم خريطة الحركة التجارية والسفر بين أوروبا وإفريقيا، وسيساهم في تقليص الضغط على الممرات البحرية التقليدية، مع تعظيم دور المغرب كمركز لوجستي صاعد.