سالم عبد الفتاح ل"رسالة 24″: بريطانيا تُكرس الشراكة التاريخية مع المغرب وتكشف دور الجزائر في النزاع    أسعار المحروقات تعود للارتفاع في المغرب رغم التراجع العالمي        التعاون العربي في مجال المكتبات الوطنية ليس خيارا بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة (بنسعيد)    استئناف محاكمة سعد لمجرد بتهمة الاغتصاب    ماجدة الرومي تنضم إلى قائمة نجوم الدورة العشرين لمهرجان موازين    الناقد المغربي حميد لحمداني يفوز بجائزة العويس الثقافية        عيد الأضحى.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يدعو القطاع الخاص لمنح يوم 9 يونيو عطلة للأجراء        مونديال 2030 ينعش النقاش حول التوزيع العادل للمشاريع بالمغرب    لدغة قاتلة تنهي حياة رجل خمسيني    جلسة حاسمة في قضية المهدوي… والمطالب تتعالى بإسقاط التهم الجنائية        توقيف أربعيني عرض فتاتين للاعتداء بالشارع العام بأكادير    باحثون يطورون أداة لرصد أمراض معدية في أقل من 10 دقائق    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    مجازر أكادير تُغلق أبوابها مع إقتراب العيد    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    إتحاد طنجة يتوج بطلا للنسخة الأولى لكأس الصداقة المغربي الإسباني والعصبة الوطنية للكرة المتنوعة تتفوق على نظيرتها الإسبانية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    وفد اقتصادي ومؤسساتي من جهة فالنسيا يقوم بزيارة عمل لطنجة    دورة سادسة للمهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط    تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    ديستانكت يكشف عن ألبومه المرتقب «BABABA WORLD» بمشاركة نجوم عالميين    في المؤتمر الإقليمي الخامس للصويرة .. إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب: المعارضة الاتحادية ستمارس دورها الرقابي المسؤول بعيدا عن النفاق السياسي    حكيمي يترجم موسمه الاستثنائي مع سان جرمان بلقب ثان في مسيرته الاحترافية    أخبار الساحة    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    إلموندو: الاعتراف البريطاني بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية "آخر مسمار في نعش جبهة البوليساريو الانفصالية"    المقاولة المغربية تعيش حالة اختناق غير مسبوقة في غياب التحفيز وضعف التنافسية    ماكرون يشيد بأشرف حكيمي بعد التتويج التاريخي بدوري الأبطال    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    اكاديميون يناقشون أزمة السياسة والسياسي في لقاء بالرباط    الذهب يرتفع في ظل تراجع الدولار وتهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة    نص رسالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في دورة سنة 2025 لملتقى 'إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة'    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    قافلة "حفظ الذاكرة إقرار للعدالة والإنصاف" تجوب المغرب أواخر يونيو المقبل    تأهل نهضة بركان إلى ربع النهائي بفوزه على الكوكب المراكشي (3 – 0)        محاولة تهريب أكثر من أربعين أفعى توقف رجلا في مطار هندي    الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الايطالي يفتقد خدمات مدافعيه بونجورنو وأتشيربي    حادث مروع بطريق الحرارين في طنجة يودي بحياة شاب ويصيب مرافقه بجروح خطيرة    المغرب ينتزع أربعة عشرة ميدالية ، منها أربع ذهبيات خلال بطولة العالم للمواي طاي بتركيا    مع العلّامة الفقيه المنوني .. زكاة العلم إنفاقه    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    لمنور "أفضل مطربة عربية" بألمانيا    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    موسم الحج لسنة 1446 ه .. الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الظواهر الثقافية في المجتمع
نشر في الصحيفة يوم 03 - 12 - 2021


1
أهميةُ الظواهر الثقافية تتجلَّى في قُدرتها على ربط العناصر اللغوية بالطبيعة الرمزية للعلاقات الاجتماعية ، وهذا يعني أن مُهمةَ الثقافة هي دَمْجُ اللغة والمجتمع في كِيان فلسفي واحد ، وتحويلُ تفاصيل الحياة اليوميَّة إلى أفكار إبداعية ، ونقلُ المعنى مِن الأنظمة الاستهلاكية القاسية إلى المعايير الأخلاقية السامية . وبالتالي ، تُصبح اللغةُ مُجتمعًا فكريًّا في المَضمون المَعرفي ، ويُصبح المُجتمعُ لُغَةً واقعية في السِّياق الحياتي ، وهذا الحراك الإنساني أفقيًّا وعموديًّا يُساهم في تكوين أشكال تعبيرية قادرة على كشف اتجاهات السلوك الاجتماعي تحت ضغط الواقع . وكشفُ هذه الاتجاهات هو أساس عملية التَّحَكُّم بمسارات الوَعْي ، باعتباره صِفَة مُميِّزة للوجود الإنساني ، وبداية مرحلة التغيير الاجتماعي . وإذا استطاعَ الإنسانُ تَحديدَ نُقْطَتَي البداية والنهاية في المجتمع، بِوَصفه طريقًا إلى تحقيق الأحلام الفرديَّة والطُّموحات الجماعيَّة، فإنَّه سَيَحْمي الثقافةَ مِن التَّحَوُّل إلى أداة سياسية وظيفية بأيدي المُتَنَفِّذين لصناعة وَعْي زائف، من أجل السيطرة على الناس، والتلاعب بمشاعرهم ، وتَوجيه علاقاتهم ، والاستحواذ على مصائرهم . والإشكاليةُ الحقيقيةُ في النسق الاجتماعي الثقافي هي وجود جِهات مُغرِضة تَسعى جاهدةً إلى إعادة تشكيل الثقافة ، بحيث تُصبح نظامًا مُغْلَقًا ، ومُسَيْطَرًا عَلَيه ، للهيمنة على التفاعلات الاجتماعية والتأثيرات الفكرية . وهذا يتنافى معَ طبيعة الثقافة وَدَورها المركزي في المجتمع ، فهي تُمثِّل نظامًا مفتوحًا على جميع الاحتمالات المعرفية ، والاجتهاداتِ اللغوية ، والتحليلاتِ العقلانية ، والحالاتِ العاطفية ، وتاريخًا مُتفاعلًا مع الإفرازات المنطقية للكِيانات الاجتماعية التي تمنع تَحَوُّلَ الحُلْم الإنساني إلى كِيان وَظيفي هَش، وهُوِيَّةً مُشْتَبِكَةً معَ صُعوباتِ الحياة المعيشية ، وتناقضاتِ المشاعر الوِجدانية ، وتعقيداتِ التراتبية الاجتماعية ، وتركيباتِ الأنظمة اللغوية . ويجب المحافظة على الثقافة كنظام مَفتوح ، لأنَّ هذا المبدأ الوجودي هو الضمانة الأكيدة لتحليل بُنى العلاقات الاجتماعية، التي تتَّخذ أشكالًا هَرَمِيَّةً ( طَبَقِيَّة ) في حياة الفرد والجماعة ، وتتجسَّد في الوَعْي الإنساني سُلطةً جوهريةً ، وحقيقةً رمزيةً ، وتجربةً معنويةً .
2
العلاقاتُ الاجتماعية هي أفعال قَصْدِيَّة،أي إنَّ كُل علاقة اجتماعية تَدفع الذهنَ باتِّجاه موضوع ثقافي مُعيَّن، وإذا أدركَ الذهنُ حقيقةَ هذا الموضوع ، فإنَّه _ أي الذهن _ سيُنتج فِعْلًا نَفْسِيًّا قائمًا على الشُّعور والتَّخَيُّل والذكريات ، ويتم إسقاط هذا الفِعل على أرض الواقع . ولا بُد مِن إخراج الفِعل من الذهن إلى الواقع ، لضمان حَيَوِيَّة الذهن ، والمُحافظةِ على الحراك الاجتماعي في الحياة اليومية . وهذه العمليَّة تُشبِه خُروجَ الجنين مِن بَطْن أُمِّه ليرى نُورَ الحياة الخارجية . وكما أنَّ الجنين قَد يَقتل أُمَّه إذا لَم يُغَادِرْ جَسَدَها ، كذلك الفِعْل قَد يَقتل الذهنَ إذا لَم يَنتقل منه إلى التطبيقات العمليَّة في الواقع . والفرقُ بين الحالتين هو أنَّ العلاقات الاجتماعية تَملِك وَعْيًا تاريخيًّا يعتمد على التَّوليد المُستمر للأفعال القَصْدِيَّة . والأفكارُ في حالة ولادة مُستمرة ، وجسدُ اللغة في حالة تجسيد دائمة للوَعْي والسلوك . والاستمراريةُ الفكريةُ والدَّيمومةُ اللغويةُ تُكوِّنان الأساسَ الفلسفي لِصَيرورة التاريخ وعدم ثباته . وكما أن الأفكار لا تنتهي ، واللغة لا تَجِفُّ ، كذلك التاريخ، فهو يتحرَّك في مسارات لا نهائية، وينتقل عَبر ينابيع معرفية لا تَجِفُّ .
3
كُل ظاهرة ثقافية تُمثِّل علاقةً اجتماعيةً تَربط الأفكارَ بالمواضيع ، وتُؤَسِّس فلسفةً خاصَّة لتفسيرِ علاقة الأفكار بالواقع الاجتماعي ، وتأويلِ معنى الأفكار أثناءَ صِناعتها لِمُستويات الوَعْي الذي يُساهم في تَكوين إرادة إنسانية حُرَّةٍ في ذاتها، ومِن أجل ذاتها، ومُتحرِّرةٍ مِن الدَّلالاتِ الجاهزة ، والمواضيعِ المُعلَّبة ، والوُجودِ الوهمي. مِمَّا يدلُّ على أنَّ هناك فلسفة كامنة خلف كُل ظاهرة ثقافية. ووظيفةُ النشاط اللغوي أن يُميِّز بين المعنى الحقيقي والمعنى المَجَازي في هذه الفلسفة الكامنة، مِن أجل إظهارها، وتحليلِ علاقتها بالثقافة كَكُل لا يتجزَّأ، وهذه الكُلِّيةُ تَحْمِي الظواهرَ الثقافية مِن الفَوضى ، وتَمنع الأنساقَ الإبداعية في المُجتمع مِن الذَّوَبَان في مُشكلات الإنسان اليوميَّة ، وصراعاته الحياتيَّة . ووظيفةُ الظواهر الثقافية هي مَنْعُ مَوْتِ الإنسان في الحياة ، ولَيس رَش السُّكَّر على المَوت ، وتشييدُ البناء الاجتماعي على أساس عقلاني ، ولَيس البُكاء على الأطلال ، وإعادةُ كَينونة وجود الإنسان إلى الفِطْرَة النَّقِيَّة ، ولَيس إجباره على العَيش بدافع الغريزة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.