البوليساريو تتسلل من جديد تحت عباءة الجزائر إلى اجتماع وزاري أوربي مع الاتحاد الإفريقي    نقابة تستنكر الحملة الإعلامية المغرضة ضد الجامعة المغربية بعد قضية "المتاجرة بشواهد الماستر"    مندوبية التخطيط: انخفاض صافي في معدلات الفقر على مستوى الأقاليم بين سنتي 2014 و2024    ONMT يطلق حملة "نتلاقاو فبلادنا" لتشجيع السياحة الوطنية    "نساء المحار" في تونس يواجهن خطر التغيرات المناخية و"السلطعون الأزرق"    تراجع أسعار الاستهلاك في أبريل 2025.. انخفاض ملحوظ في المواد الغذائية والمحروقات    قبل الصافرة الأولى.. نافذة تعاقدات محدودة تمنح الأندية هامشًا للمناورة    كأس العالم للأندية: مهاجم ريال مدريد اندريك يغيب عن المسابقة بسبب الاصابة    تقارير.. مودريتش قد يودع جماهير ريال مدريد أمام سوسيداد    جامعة الكرة تكشف البرنامج الكامل لمباريات السد    فوزي لقجع: تنظيم مونديال 2030 و"كان" 2025 امتداد لمسار تنموي مستدام يقوده الملك محمد السادس    إدانة أفراد من عائلة "اليوتوبر" جيراندو بالحبس والغرامة    طنجة.. 7 إصابات في اصطدام عنيف بين سيارة لنقل العمال وطاكسي    مقتل موظفين بسفارة إسرائيل بواشنطن    حجيرة يدعو إلى تجارة دولية أكثر ملاءمة لواقع القارة الإفريقية    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    احتجاجات دولية بعد إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسي في جنين    طقس الخميس .. أجواء حارة نسبيا وزخات رعدية بعدة مناطق    فاجعة بجماعة إونان.. حريق مأساوي يودي بحياة أسرة كاملة    كيوسك الخميس | مناورات لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    مندوبية التخطيط: عدد فقراء المغرب انخفض من 4.5 مليون إلى 2.5 ملايين شخص خلال 10 سنوات    رقم قياسي جديد.. عدد زوار فضاء الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تجاوز مليوني زائر    مقتل موظفيْن إسرائيليين في واشنطن    أمام نظيره الجنوب إفريقي وعلى مسمعه: ترامب يدين 'الإبادة الجماعية' ضد الأقلية البيضاء    الإمارات تتوسع في غرب إفريقيا: جولة دبلوماسية رفيعة المستوى تفتح آفاقًا استثمارية جديدة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر    الجديدة: تسليط الضوء على الأدوار الاستراتيجية للقوات الخاصة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    من تطوان إلى إشبيلية.. مسيرة فنية تحتفي بجسور الثقافة بين المغرب وإسبانيا    إسبانيا تراقب عن كثب تقارب المغرب وكوريا الجنوبية بشأن قضية الصحراء    عزلة الجزائر تتفاقم في الساحل: نظام غارق في الخطابات ومتخلف عن دينامية التحالفات    العثور على رضيع حديث الولادة داخل علبة كرتونية بطنجة    كرة القدم والاستثمار .. المغرب يسرع الخطى نحو كأس إفريقيا والمونديال    مدرب نهضة الزمامرة: الزعيم استحق التأهل إلى ربع نهائي كأس العرش    الحسيمة تحتضن المؤتمر الدولي JIAMA'25 حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    الوكيل العام الجديد للملك لدى محكمة النقض يؤكد التزامه باستقلال القضاء وحماية الحقوق والحريات في كلمة تنصيبه الرسمية    مصرع سائق دراجة هوائية دهساً تحت عجلات شاحنة بطنجة (فيديو)    استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي للسفير المغربي بفلسطين يثير موجة من التنديد    توتنهام يتوج بلقب الدوري الأوروبي    المصالح الأمنية المغربية عززت قدراتها في مواجهة المخاطر المرتبطة باستضافة التظاهرات الرياضية الكبرى    يومية "لو باريزيان" الفرنسية: أشرف حكيمي.. "رياضي استثنائي"    اكتشاف أثري يظهر التقارب الحضاري بين طنجة ومناطق إسبانية وبرتغالية    مجلس المنافسة: الترخيص لمؤسسات الأداء والشركات الفرعية للبنوك بالعمل ابتداء من 1 ماي 2025    الفنانة سمرا تصدر "محلاها ليلة".. مزيج إسباني عربي بإيقاعات عصرية    نادي "صرخة للفنون" يتألق ويمثل المديرية الإقليمية بالعرائش في المهرجان الجهوي لمؤسسات الريادة    التشكيلي بن يسف يتألق في اشبيلية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    تتويج المواهب الشابة في الدورة الثالثة لمهرجان الفيلم المغربي القصير بالجوال    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    باحثون بريطانيون يطورون تقنية جديدة تسرع تشخيص أورام الدماغ    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    طنجة تحتفي بالثقافات في أولى دورات مهرجان الضفاف الثلاث    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    تلك الرائحة    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    









دعاة على أبواب جهنم
نشر في الصحيفة يوم 29 - 04 - 2022

على هامش النقاش/الجدال الذي أثاره تدخل أحد شيوخ التطرف والكراهية ، ياسين العمري، في عمل فني يُعرض على القناة الثانية ، حيث تهجّم على الممثلة بوطازوت في دور الشيخة بقوله"ياك طالقين على عباد الله ومحرشين عليهم كلب من كلاب الإعلام ، بالنسبة لي كلاب الإعلام هم الأفلام والمسلسلات والدراما وبعض البرامج . ياك طالقين عليهم واحد المسلسل ديال الشيخة .. المرأة ملي تتسمع كلمة الشيخة لحمها تيشوك . هما باغيين عباد الله تطبّع مع هذا المنكر". تهجّم من هذا النوع من شخص يدعي "المشيخة" ويستغل الدعوة لنشر ثقافة الكراهية وعقائد التكفير ، يعكس الانحطاط الأخلاقي والقيمي لفئة من الشيوخ/الدعاة الذين ينهشون أعراض الناس ويسترزقون منها ،وهم خارجون عن المذهب الفقهي الجامع بين المغاربة ودخلاء على ثقافة المجتمع وأعرافه وعاداته وقيمه . ذلك أن المجتمع المغربي، وككل شعوب الأرض، باستثناء تلك التي عملت الوهابية والسلفية المتطرفة على تنميط سلوكها وتفكيرها ، يتميز بغنى موروثه الثقافي والفني الذي يشكل الرقص والغناء الفردي والجماعي أحد أبرز تعبيراته التي لا تخلو مناسبة من المناسبات العائلية من أجواء الفرح والبهجة التي تخلقها الفرق الغنائية التي يلعب فيها العنصر النسوي الدور المتميز في الرقص والغناء .فالمجموعات التي تؤدي الرقصات والتعابير الجسدية الجماعية مثل أحيدوس ، الهيت ، الڴدرة ، العيطة .. تعبيرا عن الأفراح والمسرات، ليست دخيلة على المجتمع، بل هي تعبير أصيل عن ارتباط الإنسان المغربي بأرضه وتفاعله مع بيئته الجغرافية وظروفه الاجتماعية .
وظلت هذه الفنون الغنائية تمارسها المجموعات ، سواء بقيادة نساء "شيخات" أو رجال "شيوخ"، بكل حرية وتلقائية على مر العصور دون أن يتدخل الفقهاء في تحريمها أو التنفير منها. هكذا عاش المجتمع المغربي منسجما ومستمتعا بكل التعابير الفنية الغنائية ، إذ لم يحدث أن هاجم فقيه هذه الفنون الشعبية حتى غزت مجتمعنا ظاهرة الارتزاق بالدين والمتاجرة به من طرف شيوخ الوهابية/السلفية التكفيرية ، بعد أن كانت نجوم شيوخ كبار تنير عقول المغاربة عبر ركن المفتي مثل العلامة أحمد الغازي الحسيني وعبد الكريم الداودي رحمهما الله تعالى بواسع رحمته ، أو إطلالة الشيخ المكي الناصري كل فجر بتفسيره الرصين للقرآن الكريم .
لا غرو أن ياسين العمري الذي يتاجر بالدين وينهش أعراض الشيخات ، إنما بسلوكه المرفوض هذا يثبت جهله بالدين وتنطعه بشعبوية مقيتة لزيادة نسبة مشاهدي قناته ومداخيله . فهو ينطلق من تزكية نفسه ومن هم على شاكلته أنهم متقون ، بينما غيره "فاسقون" مصيرهم جهنم . إن الداعية الحقيقي الذي يخشى الله لا يقول لغوا ولا فسوقا . فليس دخول الجنة بكثرة السجود ولا بصيام الدهر ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها» . فالشيخة التي يستهزئ بها ياسين العمري ويرميها ظلما وعدوانا بالعهر والفسق قد تكون أشرف من كثيرات ممن يحكم عليهن بالتقوى والورع . فياسين العمري وهو ينهش عرض الشيخة ، أحب أن أذكّره بما قاله الرسول الكريم عن مصير امرأتين ، إحداهما باغية والثانية قوّامة .
ففي الحديث الذي رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ؛ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ». إنها مومس يا ياسين العمري وشملها الله بواسع مغفرته لعمل واحد قامت به وهو تقديم ماء لكلب كاد يقتله العطش . فليس في ميزان حسناتها سوى هذا العمل البسيط في ظاهره والجليل في دلالته وأجره . إنها الرحمة التي لا ينزعها الله إلا من قلب شقي . ومن نُزعت الرحمة من قلبه فالنار أولى به كما يخبرنا به الحديث النبوي الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت " . فمن يُحرم المخلوقات من الرحمة والشفقة لن يشمله الله برحمته ف"الراحمون يرحمهم الرحمن" . فلا تعتقد أن الإكثار من العبادات دون كف أذى اللسان عن الناس ستدخل صاحبتها أو صاحبها إلى الجنة . وإليك هذا الحديث: قال رجل: (يا رسول الله! إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها -باللسان- قال: هي في النار، قال: يا رسول الله! فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تتصدق بالأثوار من الإقط -الإقط هو اللبن المجفف، وهو من الشيء الزهيد- ولا تؤذي جيرانها، قال: هي في الجنة)رواه أبو هريرة . لن تستوعب أيها العمري هذه الأحاديث النبوية الشريفة ولن تستشف دلالاتها السامية في حسن التعامل مع كل المخلوقات لأنك سجين عقيدة التطرف وفقه التكفير الذي تفتي به أينما حللت وارتحلت ضدا على دستور المغرب وقوانينه المدنية التي استبعدت نهائيا الفتاوى الفقهية من القانون الجنائي، لتأتي أنت بفتاوى قتل تارك الصلاة وتحريم الفنون ، معتديا على اختصاصات المجلس العلمي الأعلى . مكانك يا ياسين العمري هناك في أفغانستان ودولة طالبان ، حتى السعودية،مهد الوهابية ، لن تقبل بك بعد أن طهرها ولي العهد بن سلمان من كل شيوخ التطرف والتكفير وفتحها على قيم العصر وفنونه حتى غدت مراكزها الحضرية تستضيف أشهر الفنانات والفنانين العالميين .
إنك وأمثالك من دعاة الكراهية يصدق عليكم وصف الرسول الكريم لكم بأنكم "دعاة على أبواب جهنم": روى البخاري في "صحيحه" بسنده إلى حُذَيفَة بن اليمان رضِي الله عنه؛ أنَّه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن يُدرِكني، فقلتُ: يا رسول الله، إنَّا كنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير مِن شر؟ قال: ((نعم))، قلتُ: وهل بعد ذلك الشر مِن خير؟ قال: ((نعم، وفيه دَخَنٌ))، قلتُ: وما دَخَنُه؟ قال: ((قومٌ يَهْدُون بغير هَدْيِي، تَعْرِف منهم وتُنْكِر))، قلتُ: فهل بعد ذلك الخير مِن شر؟ قال: ((نعم؛ دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها))، قلتُ: يا رسول الله، صِفْهُم لنا؟ قال: ((هُمْ مِن جِلدَتِنا، ويتكلَّمون بألسِنتِنا))، قلتُ: فما تأمرني إنْ أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم))، قلتُ: فإن لم يكُن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتَزِل تلك الفِرَق كلها، ولو أن تَعَضَّ بأصْل شجرة حتى يُدرِكَك الموت، وأنتَ على ذلك)).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.