تحويلات مغاربة الخارج تسجل رقما قياسيا    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين        الملك يأمر المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    ملعب الأمير مولاي عبد الله في حلته الجديدة يحتضن مباراة استثنائية لأسود الأطلس    مجلة The Economist: المغرب يتحول إلى قوة تجارية وصناعية كبرى بفضل ميناء طنجة المتوسط وشبكة مصانعه    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا    غانا.. مواجهات وأعمال عنف قبلية تخلف 31 قتيلا وتهجر حوالي 48 ألف مواطن        معتقلو حراك الريف بسجن طنجة يدينون رمي رجال الأمن بالحجارة.. إصابات واعتقالات        غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    كيوسك الجمعة | أكثر من 8 ملايين تلميذ يلتحقون بمدارسهم    شاب يلقى حتفه طعنا إثر خلاف حول نعجة    ليلة إنقاذ بطولية بحي إبوعجاجا بعد سقوط حصان في بئر    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف            "زرع الأعضاء المطيلة للعمر والخلود"… موضوع محادثة بين شي وبوتين    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    "النكبة الثانية": 700 يوم من الإبادة في غزة… أكثر من 225 ألف شهيد وجريح    كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    مباراة المغرب ضد النيجر .. مجمع مولاي عبد الله بالرباط يفتح أبوابه للجمهور الساعة الرابعة بعد الظهر    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    الزفزافي يعود إلى سجن طنجة بعد نهاية جنازة والده    عفو ملكي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف    وزراء الخارجية العرب يشيدون بالجهود المتواصلة التي يبذلها الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة        مالي تجرّ النظام الجزائري إلى محكمة العدل الدولية بتهمة "الاعتداء المسلح" على سيادتها ورعاية وتصدير الإرهاب    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    دياز يفخر بحمل رقم 10 للتيمومي    اجتماع حاسم بوزارة الصحة يرسم خريطة طريق لإصلاح قطاع الصيدلة بالمغرب    "الأسود" يتدربون في ملعب الرباط    حين يضحك العبث السياسي    النباتات المعدلة وراثياً .. الحقيقة والخيال    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    حكاية لوحة : امرأة بين الظل والنور    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    بعد هوليوود… الذكاء الاصطناعي بدأ يغزو بوليوود    الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد لتعويض ضحايا حوادث السير... 7.9 مليار درهم تعويضات خلال 2024    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    ارتفاع طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    الصناعة التحويلية: أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية التخطيط)    غاستون باشلار: لهيب شمعة    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب بوش: محاولة بائسة لتبرئة الاحتلال وإدانة العراقيين
نشر في أسيف يوم 30 - 10 - 2006

خطاب الرئيس جورج بوش يوم 25 أكتوبر الفائت، والذي أعلن فيه أنه لن يغير الاستراتيجية الأميركية في العراق، ولكنه سيغير التكتيك فقط، سيكون بداية مرحلة جديدة في التعاطي مع القضية العراقية. بدءا من هذا الخطاب سنبدأ بسماع نغمة أميركية جديدة، وحملات أميركية جديدة، تركز على أن الجيش الأميركي أنجز ما هو مطلوب منه، ولكن العراقيين عجزوا عن تحمل مسؤولياتهم. الجيش الأميركي نجح والعراقيون فشلوا. الجيش الأميركي أسقط نظام الرئيس صدام حسين، ولكن العراقيين لم يستطيعوا بناء دولة، ولم يستطيعوا بناء جيش عراقي يحفظ الأمن، وها هم يقتتلون طائفيا، ومع ذلك سيقوم الجيش الأميركي بمواصلة تقديم المساعدة للعراقيين، وسيصبر عليهم، ولكن للصبر حدودا.
هذا الخطاب للرئيس بوش يقيم فصلا متعمدا بين الجيش الأميركي وأنصار الأميركيين في العراق، بين الجيش الأميركي والعراقيين الذين تعاونوا مع الاحتلال. وهو يريد أن يبرئ نفسه، وأن يحمل المسؤولية لطرف آخر، مع أن هذا الطرف الآخر هو جزء أساسي منه، وهو يعمل تحت إشرافه، ولكن الرئيس بوش لا يريد الاعتراف بذلك علنا أمام الأميركيين. لقد جاء الجيش الأميركي إلى العراق وهو يجر وراءه مجموعات من المتعاونين، سياسيين وعسكريين ومثقفين، لكي يساعدوه في إنجاز مهمته. وجاء الجيش الأميركي إلى العراق وقرر فورا التعاون مع مجموعة من التنظيمات الطائفية المسلحة وغير المسلحة، معتبرا أنها ستكون موالية له ما دامت معارضة لنظام الحكم الذي سقط. وهؤلاء الذين جاؤوا معه من الخارج، وأولئك الذين تعاونوا معه من الداخل، هم الذين يريد بوش الآن الابتعاد عنهم، وإيجاد مسافة بينه وبينهم ليحملهم مسؤولية الفشل، في محاولة ليبرئ نفسه وإدارته من هذه المسؤولية. وأخطر ما نواجهه عربيا، هو أن تنتقل هذه النغمة الأميركية الجديدة من الإعلام الأميركي إلى الإعلام العربي، ومن السياسة الأميركية إلى السياسيين العرب، ويظهر بيننا موقف يعفي الاحتلال الأميركي من مسؤولية ما يحدث في العراق، ويبدأ بتحميل هذه المسؤولية للعراقيين أنفسهم. من المفيد أن نذكٌر هنا، بأن هذا الذي يريد الرئيس بوش بلورته في العراق، سبق للإدارة الأميركية أن فعلته في فيتنام. هناك أيضا، وعندما أحس الجيش الأميركي ببدايات الفشل، لجأ إلى الاعتماد على فريق من الفيتناميين، واختار من بينهم هذا الجنرال أو ذاك، وساعد في بناء جيش فيتنامي، ونشأ جيش فيتنامي حقيقي، مجهز ومدرب ومنضبط حتى أن تعداده وصل إلى مليون جندي. وأسندت إلى هذا الجيش بمساعدة الجيش الأميركي طبعا مهمة مواجهة الثوار الفيتناميين الذين يريدون خروج الاحتلال. وكانت النتيجة كما يعرف الجميع، فشلا وراء فشل. وفي سياق عملية الفشل هذه، تخلى الأميركيون عن الجنرال الأول، ثم تخلوا عن الجنرال الثاني والثالث، إلى أن تبين لهم فشل خطتهم كلها. والذي يحدث في العراق الآن هو شيء مشابه، إذ تخلى الأميركيون عن رئيس الوزراء الأول، وتخلوا عن رئيس الوزراء الثاني، وها هم يهددون بالتخلي عن رئيس الوزراء الثالث، ولكنهم يمنحونه قبل ذلك فسحة من الوقت، وفسحة من الصبر، مشفوعة بتهديد يقول: إن للصبر حدودا. وهذا الذي فعله الأميركيون في فيتنام، ويريدون الآن تكراره في العراق، هو الذي يسميه الرئيس بوش الثبات في الاستراتيجية والتغيير في التكتيك فقط، متجاهلا الإشارة إلى أنه حين يفشل التكتيك تفشل الاستراتيجية أيضا. إن خطاب الرئيس بوش يريد أن يطوي صفحة كاملة من تاريخ الاحتلال الأميركي للعراق، وتتضمن هذه الصفحة كل الأسس التي مهدت للوضع المتفجر القائم في العراق الآن. نجد في هذه الصفحة الأميركية إلغاء فكرة المواطنية، واستبدالها بفكرة الطائفة والإثنية. وبدلا من الحديث عن مواطن عراقي، بدأنا نتحدث عن مواطن سني وآخر شيعي وثالث كردي. ونجد في هذه الصفحة الأميركية دفعا باتجاه إلغاء عروبة العراق التي كانت تسند فكرة المواطنية، وتربطها بانتماء له بعد وطني وتاريخي وثقافي. ونجد في هذه الصفحة دفعا باتجاه تقسيم العراق من خلال تكريس مبدأ الفيدرالية في الدستور، واستغلال فكرة الفيدرالية هذه لتجزئة المنطقة كلها من جهة، والضغط بواسطتها على جيران العراق الذين يتحسسون من هذه الفيدرالية أو تلك. هذه الصفحة بكل ما فيها من ألغام، هندسها وبلورها الحاكم الأميركي الأول للعراق بول برايمر، ولم يغادر العراق إلا بعد أن كرسها في الدستور، ثم بدأت تولد بعد ذلك تفاعلاتها السلبية. وهي تفاعلات يريد الرئيس بوش أن يتنصل منها الآن، وأن يلقي مسؤوليتها على عاتق العراقيين. وقد تم الترويج لهذه الصفحة بإسناد فكري لها، وقدم هذا الإسناد الفكري تحليلات عجيبة غريبة، بعضها يقول إن منشأ الديكتاتورية في العراق هو فكرة العروبة والقومية التي تبناها حزب البعث، وبعضها يقول إن العروبة في العراق هي شأن سني لا علاقة للشيعة به، وبعضها يقول إن الديمقراطية في العراق لن تتحق إلا إذا حكم العراق الشيعة العلمانيون. وهكذا تلاقت صفحة الدستور مع هذا النوع من الأفكار، وأنتج التلاقي صراعات مذهبية وطائفية، بل وأنتج صراعات داخل الطوائف نفسها. وعلى أساس هذا الوضع، لن تستطيع مساعي الرئيس بوش للفصل بين الجيش الأميركي والعراقيين المتعاونين مع الاحتلال، أن تجد طريقها للنجاح. تستطيع هذه المساعي أن تقفز إلى الواجهة الإعلامية ردحا من الزمن، ولكنها ستفشل في النهاية، لا لشيء إلا لأنها تقوم على أسس خاطئة. الشيء الوحيد الذي لا يريد الرئيس بوش أن يراه في العراق، هو المقاومة العراقية الوطنية للاحتلال. لا وجود لهذه المقاومة في خطاب بوش. يوجد فقط متطرفون وإرهابيون من أتباع بن لادن والزرقاوي. وهدف هؤلاء المتطرفين والإرهابيين حسب قوله «استغلال البلاد لإقامة إمبراطورية متشددة من إسبانيا إلى أندونيسيا». وهو يبرر سعيه للاستيلاء على النفط العراقي بالقول «إذا وقعت الموارد الطبيعية مثل النفط في أيدي المتطرفين، فإن الأجيال المقبلة ستسأل عن سبب عدم التنبه لمثل هذا الخطر». إن هذا الإصرار الأميركي على عدم رؤية المقاومة العراقية للاحتلال، هو منبع الخطأ في كل هذا الذي يجري. ولن يفيد الإدارة الأميركية أن تدعي بأن هذا الذي يجري، من الموصل إلى بغداد إلى البصرة، هو كله من عمل متطرفين من نوع الزرقاوي، فالشعب العراقي يقاوم الاحتلال مثله مثل أي شعب آخر، ويعرف ذلك بدقة أطفال العراق وجنرالات جيش الاحتلال، إلا إذا كان جنرالات جيش الاحتلال لا يبلغون الرئيس بوش بما يعرفون حركة القوميين العرب

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.