بعد مطالب بضرورة حضوره.. وزير الصحة يحل بمستشفى تطوان    مصرع شاب بعد سقوطه من قنطرة بضواحي العرائش    المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة ل"لوفيغارو": المغرب يطمح إلى تسريع وتيرة نمو عدد السياح في أفق 2030    في سياق اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، الحكومة الأمريكية تعلن أنها تشجع الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية    بعد أشهر من الجدل.. البواري يقرر السماح بذبح إناث الأغنام والماعز باستثناء الحوامل    نيويورك: وزراء خارجية تحالف دول الساحل يشيدون بالمبادرة الأطلسية للملك محمد السادس    محام مغربي: أسطول الصمود يقرر التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية    خشية الاعتقال.. طائرة نتانياهو تتجنب أجواء دول أوروبية في رحلتها الى الولايات المتحدة    انطلاق بيع تذاكر كأس أمم أفريقيا "المغرب 2025"    جلالة الملك يعطي انطلاقة مشاريع سككية مهيكلة ذات وقع كبير على التنقل داخل الحاضرة الكبرى للدار البيضاء .. برنامج شامل رصد له غلاف مالي قدره 96 مليار درهم لمواكبة النمو المطرد الذي يشهده القطاع السككي    ساركوزي يعلن استئناف الحكم بسجنه    تراجع تزويج القاصرات ب65%.. ائتلاف يطالب بالإلغاء الكلي ويحذر من استمرار "زواج الفاتحة"    حكيمي يكسر صمته: "تهمة الاغتصاب أقوى شيء حدث لي.. لقد شوهوا صورتي واسمي"    أشرف حكيمي ينفي تهمة الاغتصاب "الكاذبة" ويؤكد أنه "مرتاح البال"        "محطات الوقود" تقاطع بنعلي وتتهم الوزارة بالتغاضي عن العشوائية    الذهب يرتفع وسط إقبال على الملاذ الآمن وترقب بيانات أمريكية    عبد اللطيف حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    بيان حقيقة: ولاية أمن مراكش تنفي مزاعم منسوبة لعناصر الأمن الوطني بمطار مراكش المنارة تم نقلها على لسان مواطنة أجنبية    تنديد بفض وقفة احتجاجية لساكنة "كيش لوداية" بالقوة ومطالب بسراح الموقوفين وإنصاف المتضررين    اعتداء بشع يثير التضامن مع إيمان ويفتح نقاش حماية النساء من العنف    برنامج مباريات "أشبال الأطلس" في كأس العالم بالشيلي    مونديال ال(شيلي 2025) لأقل من 20 سنة .."أشبال الأطلس" يطمحون لتحقيق إنجاز عالمي جديد لكرة القدم المغربية    "يوتيوب" تطرح ميزة جديدة تتيح إخفاء نوافذ التوصيات التي تظهر في نهاية مقاطع الفيديو    طقس الخميس.. زخات رعدية فوق الريف وانخفاض في درجات الحرارة شمال المملكة    مونتريال.. المغرب وروسيا يبحثان سبل تعزيز الربط بين البلدين في مجال النقل    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الرئيس الصيني يشارك في احتفالات الذكرى السبعين لتأسيس منطقة شينجيانغ    الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة لإبراز رؤية المغرب (أخنوش)    بينهم 11 بمجزرة.. إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بقطاع غزة الخميس    الجامعة تكشف عن تعيينات حكام الجولة الثالثة من البطولة الاحترافية        حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    بطولة فرنسا.. توقيف مدرب مرسيليا دي تزيربي مباراة واحدة        نيويورك.. أخنوش يتباحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية    إصابة نحو 50 إسرائيلياً في هجوم بطائرة بمسيّرة يمنيّة على إيلات    إطلاق اتفاقية متعددة الأطراف بالرباط لمكافحة المنشطات في المجال الرياضي    بابوا غينيا الجديدة تجدد تأكيد دعمها لمغربية الصحراء، ولسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وللمخطط المغربي للحكم الذاتي    طنجة.. أزمة الصرف الصحي ومياه الأمطار تُهدد منطقة "أوف شور بلازا" ودعوات عاجلة لوالي الجهة للتدخل    قيوح يحشد لتمكين المغرب من مقعد دائم بمجلس المنظمة العالمية للطيران    عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    TV5MONDE تحتفي بالفرنكوفونية المغربية في سهرة ثقافية خاصة    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية            المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطانة الأضحية.. عمل إحساني وثروة تجارية لا يحسن استثمارها
نشر في التجديد يوم 30 - 10 - 2012

فضلا عن مقاصده الدينية ومساهمته في ترسيخ القيم الإيجابية في المجتمع وخلق احتفالية في صفوف مختلف الفئات الاجتماعية. يتفق محللون، على أن عيد الأضحى يشكل محطة هامة في السنة تنعش الدورة الاقتصادية للبلاد الإسلامية ومن بينها المغرب، يتجلى ذلك من خلال الإقبال الكبير للمواطنين بمختلف فئاتهم على تجهيزات العيد، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور مهن موسمية تجعل أغلب المدن تعيش حالة استنفار قصوى. ومن بين هذه المهن التي تظهر في عيد الأضحى تجارة الجلود التي تخلق دورة اقتصادية هامة، ذلك أن أغلب المغاربة يلجؤون إلى التصدق ب»البطانة» للمحتاجين والمساكين، وتزداد عملية البيع من الذين حصلوا عليها عن طريق التبرع أو الذي جمعوها من حاويات الأزبال أو ممن بيعونها جهلا بتعاليم الدين.
وفي هذا الصدد، عبد الرحمان البوكيلي الأستاذ الجامعي في الدراسات الإسلامية، يقول إن الأضحية نسك يقربها العبد بين يدي الله عز وجل تطهيرا له من ذنوبه واستنانا بسنة النبي إبراهيم عليه السلام، ويضيف أن البني المصطفى صلى الله عليه وسلم نهى أن تمس بما يخل من هذا المقصد التعبدي الرفيع، ومنها أن يباع منها، مشيرا في تصريح ل»التجديد»، أنه بإمكان العبد أن يقدم شيئا منها كهدية أو تصدق أو إكرام. وأبرز البوكيلي، أن العبد المسلم يقدم الأضحية كلها لله عز وجل فتأتي يوم القيامة بلحمها وشحمها وجلدها وشعرها لتكون شاهدة عليه، مشددا على أنه لا يجوز بيع جلودها، ويجوز التصدق بها للمسكين والمحتاج الذي يجوز له أن يبيعها وينتفع بها.
«التجديد» تفتح ملف تجارة الجلود التي تنشط بشكل كبير في «العيد الكبير» لتوفر نصف استهلاك السنة وفقا لمهنيين، وتحاول أن تقدم صورة مقربة عن واقع تجارة الجلود في العيد، وحقيقة هذه الثروة التي لا ينتبه إليها المغاربة.
مهنيون: نصف استهلاك السنة من الجلد يوفره عيد الأضحى
يتفق محللون اقتصاديون، على أن عيد الأضحى يشكل دورة اقتصادية مهمة ويساهم في خلق رواج تجاري "مهم" يستفيد منه المواطن والتاجر والدولة على حد سواء، وتؤكد المعطيات، أن رقم المعاملات بالنسبة للاقتصاد "الطارئ" الذي يخلفه "العيد الكبير" تساهم في انتعاشة الاقتصاد الوطني، وعلى سبيل المثال، فإن عملية بيع رؤوس الأغنام لوحدها تؤدي إلى انتقال أموال كبيرة من المدينة إلى البادية في فترة وجيزة، وفي هذا الصدد، تتوقع وزارة الفلاحة أن يفوق رقم المعاملات في هذا الشأن أزيد من 8 ملايير درهم، يحول في مجمله إلى العالم القروي بما يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية بهذه المناطق، ويدفع ساكنتها إلى اقتناء الملابس والأثاث والمواد الاستهلاكية المصنعة وأدوات الصيانة وغيرها..
وحسب مصدر من وزارة الفلاحة، فإن القطاع الفلاحي بالمغرب يساهم في الناتج المحلي الخام بنسبة تتراوح بين 16 و20 في المائة، وعندما يكون الموسم الفلاحي جيد يصل معدل النمو إلى مستويات مرتفعة (6 أو 7 في المائة)، وإذا لم يكن الموسم الفلاحي بالمستوى المطلوب فإن نسبة النمو تكون أقل من 2 في المائة، وهو ما يفيد أن تأثير الفلاحة على الواقع الاقتصادي والنمو كبير جدا رغم أنها لا تشكل إلا خمس الناتج الداخلي الخام.
وبعيدا عن رقم المعاملات المتعلقة بشراء الأضحية، فإن هناك شحا في أرقام المعاملات المتعلقة ب"الرواج" الذي يخلقه عيد الأضحى، ومن بينها ما يتعلق بتجارة الجلود التي تظهر وتختفي مع العيد.
لا تنتهي الحركية التجارية التي يخلقها العيد مع ذبح الأضحية، بل تتجاوزها إلى بقايا الأضحية بعد ذبحها، يتعلق الأمر بتجارة الجلود أو ما يسمى بالعامية بتجارة "البطانة" لدى فئة من التجار "الجدد" الذين يلعبون دور وسيط بين المواطن والمهنيين.
وخلال يوم العيد والأيام التي تليه، تعيش بعض الأحياء الشعبية بأغلبية المدن على إيقاع تجارة الجلود التي لا تحتاج إلى رأس مال ضخم حسب ما أكده مزاولوها، حيث يختار الوسيط ويكون في الغالب من أبناء الحي على افتراش زاوية من زوايا الحي لشراء "البطانة" من الذين حصلوا عليها عن طريق التبرع أو جمعوها من أمام المنازل أو في حاويات الأزبال أو ممن يبيعونها جهلا بالتعاليم الدين، بمبلغ يتراوح بين 20 و30 درهم، ويؤكد أحد تجار الجلود بفاس، أن ثمن الجلود لا يتجاوز حاليا 50 درهم بعد أن كان قبل سنوات يتراوح بين 80 و100 درهم، مضيفا أنه يمكن تخيل الأرباح التي يجنيها التاجر خاصة إن قام بجمع الجلود دون مقابل. وعاينت "التجديد" في كل من فاس وسلا والبيضاء أسرا تلجأ إلى رمي جلود الأضحية مع القمامة قبل أن تقوم شركات النظافة بجمعها وبعض الشباب الذين يبيعونها إلى التجار.
وفي هذا الصدد، أكد عمر الكتاني المحلل الاقتصادي، أن الكثير من الجلود تضيع دون أن تفكر الدولة في جمعها وإعادة استثمارها في القطاعات التي تستعمل هذه المواد، مشددا في تصريح ل"التجديد"، على أن مبادرة من هذا النوع يمكن أن تفرز مجموعة من المشاريع الاجتماعية، وتعطي دفعة للصناعات الجلدية والصناعة التقليدية، وتوفر الجلود بأقل كلفة.
وبعيدا عن استثمار الدولة من عدمه، مصدر من فيدرالية المنتوجات الجلدية أكد ل"التجديد"، أن قرابة نصف استهلاك السنة من الجلد يتم توفيره في عيد الأضحى. وبعملية حسابية، يمكن أن يوفر 7 مليون من رؤوس الأغنام التي يضحي بها المغاربة ما مجموعه 14 مليار درهم كرقم للمعاملات إن افترضنا أن ثمن البطانة 20 درهم فقط لدى الوسطاء. وفي حالة افترضنا أن 50 في المائة من الأسر المغربية تبرعت بالجلود، أي 3 ونصف مليون رأس، وقدرنا أن كل جلد يبلغ ثمنه 50 درهم، فإنه يمكن توفير 175 مليون درهم للدولة.
***
"دار الدبغ" بفاس.. استنفار على وشك الانفجار !
بدا المكان مكتظا والناس في حركة دؤوبة بين وافد ومغادر، وبين بائع ومشتر، وهو الموقع "الوحيد" الذي لا يوجد به متفرجون ومن يفضلون التجول في الأسواق وأخذ فكرة عن الأسعار!
على مشارف "دار الدبغ" بالمدينة العتيقة بفاس، تنبعث رائحة الجلود "التي لا يقوى الكثير على شمها واستنشاق هوائها، سوى الأسر التي تسكن الدور العتيقة بجانب "الدار"، ومن يضطر يوميا إلى المرور من الزقاق الذي يؤدي إلى "بين المدن" أو المتوجه إلى جامع القرويين والبليدة من الجهة الخلفية، قابلنا سي احمد، عسكري متقاعد في الستينات من عمره وأب لسبعة أبناء وافق أن نرافقه في رحلته في الداخل، حيث يوجد رجال تظهر على ملامحهم علامة قسوة العيش، حفاة القدمين يلبسون ثيابا رثة، وتفوح من كل جسمهم رائحة الجلود، يتحركون بين جداول مائية تنتشر على طول المدبغة ويغطسون بقدميهم في مستنقعات مائية صغيرة طول النهار؛
"دار الدبغ" أشبه بخلية نحل يعرف كل فرد فيها دوره بحكم المراس، وكل ما يجب أن يقوم به، حيث يرمي الدباغ جسده داخل أحواض مائية مليئة بالجلود التي ستصبح بعد دبغها أحذية وسترات جلدية ومحفظات تعرض للبيع في مختلف المدن المغربية.
ضيق المكان والدرج تجلب الدوار، -الذي لم نسلم منه أثناء جولتنا-، أكد السي احمد ل"التجديد"، أنه يتجول في المكان قبل أن يبدأ في مساومة الدباغة عن ثمن بيع الجلود التي جمعها من الأحياء الشعبية بسيدي بوجيدة وباب الفتوح والمصلى.. كان يتجول على الدباغة وسط الزحام الشديد واحدا تلو الآخر متمسكا بالمبلغ الذي يقترحه، إلى أن رسمت على محياه ابتسامة عريضة بعد أن ساوم أحد الدباغة.
وفي حديث مع أحد الدباغة القدامى، أكد أن أغلب الدباغة اليوم باتوا يعانون من قلة الدخل، مشيرا أن اقتناء "البطانة" انخفض في السنوات الأخيرة إلى أقل من النصف بسبب عدم انخفاض ثمن الصوف، مشيرا أن أغلب الصوف الذي توفره جلود الأضحية يتم إتلافه لأنه ليس له أي قيمة.
ورغم انخفاض بيع وشراء الجلود، فإن "دار الدبغ" تعيش حالة استنفار قصوى يستحيل معها التجول وأخذ صور للذكرى كما يكون الأمر طيلة السنة، ف"الدار" معلمة بفاس تعيش غليانا كبيرا في عيد الأضحى يقص خيط الحزن الذي خيم على أغلب الدباغة في الأشهر الماضية بعد أن حولت السلطات سوق الجلود باب الكيسة الذي كان على مقربة من "الدار" إلى منطقة عين النقبي البعيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.