نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية ومصحوبة بالبرد مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    عاجل .. هؤلاء هم أعضاء المكتب السياسي الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة    بحضور العديد من الدول.. تنظيم الدورة ال20 من تمرين "الأسد الإفريقي" بالمغرب    انطلاق الأعمال التحضيرية للقمة العربية في دورتها ال 33 بالمنامة بمشاركة المغرب    كرة القدم.. حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية ومصحوبة بالبرَد مرتقبة اليوم السبت بعدد من مناطق المملكة        بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة لتحقيق التنمية المشتركة    اضطرابات في حركة سير القطارات بين البيضاء والقنيطرة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    بنعدي، بلحاج، العيادي، بنحمو وآخرون بالمجلس الوطني لحزب "البام"... هل يدخلون المكتب السياسي؟    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    إطلاق أشغال إنجاز خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال قريبا    "أسبوع القفطان" يقدم عرض أزياء لدعم المواهب الشابة في مجال صناعة القفطان    أحكام قضائية.. تعزز مرامي مديرية الأمن في التخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    مستشار بوتين السابق: الأمريكييون ينجذبون إلى جُحر الثعابين.. والحرب ستنتهي باستسلام الغرب في أوكرانيا    مظاهرات في 58 مدينة مغربية تضامنا مع غزة ورفضا لاجتياح رفح (فيديو وصور)    مباراة انتقامية بين حسنية أكادير والرجاء الرياضي وصدام متكافئ بين "الماص" والمغرب التطواني    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    مدرب عالمي يهاجم بقوة المغربي حكيمي    طقس السبت.. أجواء حارة ونزول قطرات مطرية بهذه المناطق    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    سحب 317 "رخصة ثقة" من "سيارات الأجرة في مدينة واحدة بسبب ممارسات مخالفة للقوانين    بأگادير : وبحضور الاستاذ عزيز الرباح انتخاب السيدة سميرة وكريم رئيسة فرع جهة سوس ماسة لجمعية المبادرة "الوطن أولا ودائما"    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    لحجمري ينصب 3 أعضاء جدد في الأكاديمية    مزور تستقطب شركة عالمية رائدة للمغرب    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    أصالة نصري تنفي الشائعات    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطانة الأضحية.. عمل إحساني وثروة تجارية لا يحسن استثمارها
نشر في التجديد يوم 30 - 10 - 2012

فضلا عن مقاصده الدينية ومساهمته في ترسيخ القيم الإيجابية في المجتمع وخلق احتفالية في صفوف مختلف الفئات الاجتماعية. يتفق محللون، على أن عيد الأضحى يشكل محطة هامة في السنة تنعش الدورة الاقتصادية للبلاد الإسلامية ومن بينها المغرب، يتجلى ذلك من خلال الإقبال الكبير للمواطنين بمختلف فئاتهم على تجهيزات العيد، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور مهن موسمية تجعل أغلب المدن تعيش حالة استنفار قصوى. ومن بين هذه المهن التي تظهر في عيد الأضحى تجارة الجلود التي تخلق دورة اقتصادية هامة، ذلك أن أغلب المغاربة يلجؤون إلى التصدق ب»البطانة» للمحتاجين والمساكين، وتزداد عملية البيع من الذين حصلوا عليها عن طريق التبرع أو الذي جمعوها من حاويات الأزبال أو ممن بيعونها جهلا بتعاليم الدين.
وفي هذا الصدد، عبد الرحمان البوكيلي الأستاذ الجامعي في الدراسات الإسلامية، يقول إن الأضحية نسك يقربها العبد بين يدي الله عز وجل تطهيرا له من ذنوبه واستنانا بسنة النبي إبراهيم عليه السلام، ويضيف أن البني المصطفى صلى الله عليه وسلم نهى أن تمس بما يخل من هذا المقصد التعبدي الرفيع، ومنها أن يباع منها، مشيرا في تصريح ل»التجديد»، أنه بإمكان العبد أن يقدم شيئا منها كهدية أو تصدق أو إكرام. وأبرز البوكيلي، أن العبد المسلم يقدم الأضحية كلها لله عز وجل فتأتي يوم القيامة بلحمها وشحمها وجلدها وشعرها لتكون شاهدة عليه، مشددا على أنه لا يجوز بيع جلودها، ويجوز التصدق بها للمسكين والمحتاج الذي يجوز له أن يبيعها وينتفع بها.
«التجديد» تفتح ملف تجارة الجلود التي تنشط بشكل كبير في «العيد الكبير» لتوفر نصف استهلاك السنة وفقا لمهنيين، وتحاول أن تقدم صورة مقربة عن واقع تجارة الجلود في العيد، وحقيقة هذه الثروة التي لا ينتبه إليها المغاربة.
مهنيون: نصف استهلاك السنة من الجلد يوفره عيد الأضحى
يتفق محللون اقتصاديون، على أن عيد الأضحى يشكل دورة اقتصادية مهمة ويساهم في خلق رواج تجاري "مهم" يستفيد منه المواطن والتاجر والدولة على حد سواء، وتؤكد المعطيات، أن رقم المعاملات بالنسبة للاقتصاد "الطارئ" الذي يخلفه "العيد الكبير" تساهم في انتعاشة الاقتصاد الوطني، وعلى سبيل المثال، فإن عملية بيع رؤوس الأغنام لوحدها تؤدي إلى انتقال أموال كبيرة من المدينة إلى البادية في فترة وجيزة، وفي هذا الصدد، تتوقع وزارة الفلاحة أن يفوق رقم المعاملات في هذا الشأن أزيد من 8 ملايير درهم، يحول في مجمله إلى العالم القروي بما يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية بهذه المناطق، ويدفع ساكنتها إلى اقتناء الملابس والأثاث والمواد الاستهلاكية المصنعة وأدوات الصيانة وغيرها..
وحسب مصدر من وزارة الفلاحة، فإن القطاع الفلاحي بالمغرب يساهم في الناتج المحلي الخام بنسبة تتراوح بين 16 و20 في المائة، وعندما يكون الموسم الفلاحي جيد يصل معدل النمو إلى مستويات مرتفعة (6 أو 7 في المائة)، وإذا لم يكن الموسم الفلاحي بالمستوى المطلوب فإن نسبة النمو تكون أقل من 2 في المائة، وهو ما يفيد أن تأثير الفلاحة على الواقع الاقتصادي والنمو كبير جدا رغم أنها لا تشكل إلا خمس الناتج الداخلي الخام.
وبعيدا عن رقم المعاملات المتعلقة بشراء الأضحية، فإن هناك شحا في أرقام المعاملات المتعلقة ب"الرواج" الذي يخلقه عيد الأضحى، ومن بينها ما يتعلق بتجارة الجلود التي تظهر وتختفي مع العيد.
لا تنتهي الحركية التجارية التي يخلقها العيد مع ذبح الأضحية، بل تتجاوزها إلى بقايا الأضحية بعد ذبحها، يتعلق الأمر بتجارة الجلود أو ما يسمى بالعامية بتجارة "البطانة" لدى فئة من التجار "الجدد" الذين يلعبون دور وسيط بين المواطن والمهنيين.
وخلال يوم العيد والأيام التي تليه، تعيش بعض الأحياء الشعبية بأغلبية المدن على إيقاع تجارة الجلود التي لا تحتاج إلى رأس مال ضخم حسب ما أكده مزاولوها، حيث يختار الوسيط ويكون في الغالب من أبناء الحي على افتراش زاوية من زوايا الحي لشراء "البطانة" من الذين حصلوا عليها عن طريق التبرع أو جمعوها من أمام المنازل أو في حاويات الأزبال أو ممن يبيعونها جهلا بالتعاليم الدين، بمبلغ يتراوح بين 20 و30 درهم، ويؤكد أحد تجار الجلود بفاس، أن ثمن الجلود لا يتجاوز حاليا 50 درهم بعد أن كان قبل سنوات يتراوح بين 80 و100 درهم، مضيفا أنه يمكن تخيل الأرباح التي يجنيها التاجر خاصة إن قام بجمع الجلود دون مقابل. وعاينت "التجديد" في كل من فاس وسلا والبيضاء أسرا تلجأ إلى رمي جلود الأضحية مع القمامة قبل أن تقوم شركات النظافة بجمعها وبعض الشباب الذين يبيعونها إلى التجار.
وفي هذا الصدد، أكد عمر الكتاني المحلل الاقتصادي، أن الكثير من الجلود تضيع دون أن تفكر الدولة في جمعها وإعادة استثمارها في القطاعات التي تستعمل هذه المواد، مشددا في تصريح ل"التجديد"، على أن مبادرة من هذا النوع يمكن أن تفرز مجموعة من المشاريع الاجتماعية، وتعطي دفعة للصناعات الجلدية والصناعة التقليدية، وتوفر الجلود بأقل كلفة.
وبعيدا عن استثمار الدولة من عدمه، مصدر من فيدرالية المنتوجات الجلدية أكد ل"التجديد"، أن قرابة نصف استهلاك السنة من الجلد يتم توفيره في عيد الأضحى. وبعملية حسابية، يمكن أن يوفر 7 مليون من رؤوس الأغنام التي يضحي بها المغاربة ما مجموعه 14 مليار درهم كرقم للمعاملات إن افترضنا أن ثمن البطانة 20 درهم فقط لدى الوسطاء. وفي حالة افترضنا أن 50 في المائة من الأسر المغربية تبرعت بالجلود، أي 3 ونصف مليون رأس، وقدرنا أن كل جلد يبلغ ثمنه 50 درهم، فإنه يمكن توفير 175 مليون درهم للدولة.
***
"دار الدبغ" بفاس.. استنفار على وشك الانفجار !
بدا المكان مكتظا والناس في حركة دؤوبة بين وافد ومغادر، وبين بائع ومشتر، وهو الموقع "الوحيد" الذي لا يوجد به متفرجون ومن يفضلون التجول في الأسواق وأخذ فكرة عن الأسعار!
على مشارف "دار الدبغ" بالمدينة العتيقة بفاس، تنبعث رائحة الجلود "التي لا يقوى الكثير على شمها واستنشاق هوائها، سوى الأسر التي تسكن الدور العتيقة بجانب "الدار"، ومن يضطر يوميا إلى المرور من الزقاق الذي يؤدي إلى "بين المدن" أو المتوجه إلى جامع القرويين والبليدة من الجهة الخلفية، قابلنا سي احمد، عسكري متقاعد في الستينات من عمره وأب لسبعة أبناء وافق أن نرافقه في رحلته في الداخل، حيث يوجد رجال تظهر على ملامحهم علامة قسوة العيش، حفاة القدمين يلبسون ثيابا رثة، وتفوح من كل جسمهم رائحة الجلود، يتحركون بين جداول مائية تنتشر على طول المدبغة ويغطسون بقدميهم في مستنقعات مائية صغيرة طول النهار؛
"دار الدبغ" أشبه بخلية نحل يعرف كل فرد فيها دوره بحكم المراس، وكل ما يجب أن يقوم به، حيث يرمي الدباغ جسده داخل أحواض مائية مليئة بالجلود التي ستصبح بعد دبغها أحذية وسترات جلدية ومحفظات تعرض للبيع في مختلف المدن المغربية.
ضيق المكان والدرج تجلب الدوار، -الذي لم نسلم منه أثناء جولتنا-، أكد السي احمد ل"التجديد"، أنه يتجول في المكان قبل أن يبدأ في مساومة الدباغة عن ثمن بيع الجلود التي جمعها من الأحياء الشعبية بسيدي بوجيدة وباب الفتوح والمصلى.. كان يتجول على الدباغة وسط الزحام الشديد واحدا تلو الآخر متمسكا بالمبلغ الذي يقترحه، إلى أن رسمت على محياه ابتسامة عريضة بعد أن ساوم أحد الدباغة.
وفي حديث مع أحد الدباغة القدامى، أكد أن أغلب الدباغة اليوم باتوا يعانون من قلة الدخل، مشيرا أن اقتناء "البطانة" انخفض في السنوات الأخيرة إلى أقل من النصف بسبب عدم انخفاض ثمن الصوف، مشيرا أن أغلب الصوف الذي توفره جلود الأضحية يتم إتلافه لأنه ليس له أي قيمة.
ورغم انخفاض بيع وشراء الجلود، فإن "دار الدبغ" تعيش حالة استنفار قصوى يستحيل معها التجول وأخذ صور للذكرى كما يكون الأمر طيلة السنة، ف"الدار" معلمة بفاس تعيش غليانا كبيرا في عيد الأضحى يقص خيط الحزن الذي خيم على أغلب الدباغة في الأشهر الماضية بعد أن حولت السلطات سوق الجلود باب الكيسة الذي كان على مقربة من "الدار" إلى منطقة عين النقبي البعيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.