لليوم السابع على التوالي؛ تواصل القوات العسكرية الفرنسية المستفيدة من دعم لوجستي بريطاني ومخابراتي أمريكي وجزائري، تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعات المتشددة التي تحكم سيطرتها على شمال مالي (ثلثي البلاد) منذ أشهر، وبدأت تقدمها نحو العاصمة باماكو الأسبوع الماضي، وسط أنباء عن قيام القوات الفرنسية باجتياح بري خلال الساعات القادمة للمناطق التي يسيطر عليها المقاتلون بعد مغادرة 30 مدرعة فرنسية للعاصمة. وأكد الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند في تصريح صحفي لدى زيارته قاعدة عسكرية لبلاده بأبوظبي أول أمس، أن السلطات المغربية والحزائرية سمحت لقوات بلاده باستخدام مجالهما الجوي لعبور المقاتلات إلى مالي. وأعلن المتحدث، تواجد 750 عسكريا فرنسيا على الأرض، حققوا ضربات للأهداف وأجبروا الجهاديين على التراجع إلى مناطق غير تلك التي كانوا يسيطرون عليها. في الوقت الذي أغلقت الجزائر حدودها الجنوبية مع مالي على طول 1300 كلم، من أجل منع هروب المقاتلين ومحاصرتهم، ومن ثمة إجبارهم على الاستسلام، وذلك بعد طلب تقدم به الرئيس المالي غداة زيارته إلى الجزائر. وقد أسفرت الغارات الفرنسية، تبعا لمصادر إعلامية، عن مصرع نحو 60 متشدداً في مدينة غاو الاستراتيجية لوحدها، وإخلاء المقاتلين المدن الكبرى في الشمال بعد تعرضها لقصف جوي من المقاتلات الفرنسية، بينما تمكنت الجماعات الإسلامية المتطرفة؛ القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد، وأنصار الدين، رغم القصف الفرنسي، من السيطرة على بلدة ديابالي، الواقعة على بعد 400 كيلومتر شمال العاصمة المالية باماكو. وتعليقا له، أكد خالد الشكراوي الخبير في الشؤون الإفريقية، أن التدخل الفرنسي السريع جاء كمرحلة استباقية بعد قرار مجلس الأمن رقم (20.85) الأخير، وسيطرة الجماعات على مدن كوما وسفارا القريبة من باماكو، وقال في تصريح ل"التجديد"، إن التدخل سينجح في إبعاد الجماعات عن قواعدها لكن دون أن يحل الأزمة نهائيا، مشيرا إلى تأثيره على منطقة الساحل والصحراء من خلال تنفيذ المتشددين لعمليات إرهابية ضد الدول التي حاربتها، وأيضا على الشمال الإفريقي بعد اضطرار الجزائر إلى تغيير موقفها ومسايرة الموقف الدولي. ودعا المتحدث، إلى اعتماد المقترح المغربي الذي تم طرحه في دجنبر الماضي، والذي يروم إيجاد حل شمولي عن طريق طرح المسألة الأمنية إلى جانب المسألة الثقافية والهوياتية والاقتصادية، وترتيب المصالحة بين العسكريين والمدنيين، وإعادة تأهيل الأنظمة العسكرية والأمنية بمالي. من جهته، اعتبر خالد الشيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أنه فضلا عن الطبيعة الأمنية التي يكتسيها التدخل الفرنسي فإنه يهدف إلى حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في المستقبل المتوسط، مؤكدا في تصريح ل"التجديد"، أن المغرب مدعو إلى الانخراط بشكل فاعل في الأزمة لأن ما يجري سيؤثر على ميزان القوى بين المغرب والجزائر، هذه الأخيرة التي تقدم مساعدات مخابراتية إلى فرنسا رغم إبداء انعزالها وإغلاق حدودها، يضيف الشيات. وفي سياق متصل، أعلن حسن الناصري سفير المغرب في بماكو عن تشكيل خلية أزمة للسهر على تتبع الوضع وعلى أمن الجالية المغربية بمالي التي يبلغ عددها 380 فردا، وذلك خلال لقاء نظمته السفارة أول أمس، لإطلاع أفراد الجالية على آخر التطورات التي يشهدها الوضع في هذا البلد والإجراءات المتخذة. يشار، إلى أنه في تطور لافت، أعلنت حركة تحرير أزواد الانفصالية ذات التوجه العلماني، مساندتها للتدخل الفرنسي، وعزمها المساعدة في القضاء على خصومها الذين حلوا مكانها في السيطرة على الشمال.