مكتب نتنياهو يٌعلن إصابته بتسمم غذائي.. والصحافة العبرية تتهمه بافتعال المرض للتهرب من محاكمته    الإبادة مستمرة… مقتل 73 فلسطينيا ينتظرون المساعدات في غزة بنيران إسرائيلية    أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر    الديكتاتورية العائلية تفتك بحزب أخنوش في طنجة .. والانهيار بات وشيكاً!    طنجة.. توقيف 3 أشخاص وحجز كميات من الكوكايين والأقراص المخدرة    سوريا.. هدوء نسبي في السويداء ونزوح جماعي بسبب أعمال العنف        إبراهيم دياز يغرس قيم النجاح في شباب مالقة    غزة: تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية            هذه خسائر حريق المركز التجاري بإمزرون والتجار يتضامنون بالإغلاق    تصدّع داخلي بجبهة البوليساريو بسبب أزمة موعد المؤتمر    مأساة على شاطئ سيدي قاسم.. غرق شرطي شاب يخلّف صدمة بين زملائه    معركة أنوال .. صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار    تظاهرة حاشدة في الرباط تندد بعدوان اسرائيل على غزة وتجويع أهلها(صور)    فيلدا يؤكد جاهزية المنتخب النسوي لنصف نهائي أمم إفريقيا    قرعة الدوري الاحترافي لموسم 2025 – 2026 .. مواجهة قوية مع صافرة البداية والديربي في الدورة الخامسة    نجاح باهر لامتحانات البكالوريا بجهة الدار البيضاء-سطات .. الأكاديمية تشيد بالمجهودات الجماعية وتثمّن النتائج المحققة    آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    بالصدى .. «الإدارة المغربية» وثقافة الإنصات    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    "حماية المستهلك" ترفض تلويح الصيادلة بالإضراب وتدعم الحكومة في خفض الأدوية    تحسن ‬متواصل ‬يعكس ‬جاذبية ‬الاقتصاد ‬الوطني    بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    احتجاجات بإسبانيا على معادلة رخص سائقي الشاحنات المغاربة    العرائش ترفض طمس الشرفة الأطلسية    زلزالان قبالة أقصى الشرق الروسي    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    إسرائيل توسع العمليات في وسط غزة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا    المغرب خارج قائمة ال50 الأوائل في الإنترنت المحمول.. وسرعة الثابت أقل بأكثر من أربعة أضعاف من فيتنام    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة    بنكيران يطالب وهبي بالاستقالة بعد تسريبات التهرب الضريبي        يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    توقيف مستشارة جماعية متلبسة بحيازة "الكوكايين"    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيد أحمد الزايدي... مناضل فقدناه
نشر في التجديد يوم 15 - 11 - 2014

صدمة قوية أصابت الرأي العام المغربي نهاية الأسبوع المنصرم بعد خبر وفاة النائب البرلماني والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية..
هول الفاجعة لم يكن نابعا من الطريقة المحزنة التي لقي الراحل بها حتفه فقط، حيث مات غرقا داخل سيارته بعدما اختار طريقا مختصرا للعودة إلى بيته ببوزنيقة عبر وادي صغير (على بعد حوالي 30كلم من العاصمة الرباط) دون أن ينتبه إلى أن منسوب المياه ارتفع بسبب الأمطار، وعندما همّ بالعبور بدأت سيارته تغرق، حيث توقف محركها وأقفلت نوافذها، مما صعب عليه مهمة طلب النجدة..
ولكن الفاجعة الكبرى، كانت في التوقيت وفي الزمن السياسي الذي كان الفقيد يملأه في الآونة الأخيرة..
قاد الزايدي تيارا قويا داخل حزب الاتحاد الاشتراكي هو تيار الانفتاح والديمقراطية، وذلك في أعقاب المؤتمر الوطني الأخير للحزب الذي لم يمر في أجواء طبيعية، وجاء بقيادة جديدة سال مداد كثير عن تورط جهات من خارج الحزب في دعمها...
خاض الزايدي ورفاقه معركة كبيرة للدفاع عن استقلالية القرار الحزبي، وحمايته من المؤثرات الخارجية، كما خاض حملة كبيرة لتخليق جوهر الممارسة السياسية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، وإرجاعها إلى أصولها الأخلاقية، بعدما لاحظ بعض المسلكيات المنحرفة التي من شأن التطبيع معها أن يسيء إلى المعنى النبيل للسياسة..
ناضل الزايدي ورفاقه من أجل معارضة بناءة نابعة من حاجة الديمقراطية الفتية في المغرب إلى معارضة مختلفة عن بعض المعارضات الشعبوية البعيدة عن الأخلاق السياسية، وحاجة التحولات السياسية الجارية في المغرب إلى نوع مختلف من المعارضة يساهم في ترسيخ وتثبيت المسار الديمقراطي بعد الدفعة القوية لرياح الربيع العربي..
كان الزايدي ورفاقه يدرك بأن مرحلة الانتقال الديمقراطي التي يعيشها المغرب تحتاج إلى بناء ثقافة سياسية جديدة، وكان يدرك بأن الديمقراطية في المراحل التأسيسية هي القدرة على بناء جسور فكرية وسياسية صلبة ب «الإسمنت المسلح» قبل العبور نحو الديمقراطية التمثيلية بمفهومها الرقمي..
كان متشبعا بوعي سياسي مدرك لطبيعة المرحلة السياسية التي يعيشها المغرب، ومستوعب بأن سياق الربيع العربي للديمقراطية لم يكتمل بعد ومن الصعب الحديث عن إنجاز تحول ديمقراطي حقيقي في ظل عدم الاستقرار وفي ظل نخب متشبعة بثقافة سياسية موروثة من زمن الاستبداد والتسلط، وهي نخب متشبعة بمرض الطائفية والعقلية الحزبية المقيتة ولا تمتلك من التحرر الفكري ما يؤهلها لإنتاج ثقافة سياسية انتقالية قائمة على التوافق وأنصاف الحلول.
اللحظة التاريخية الراهنة كانت تحتاج بنظر المرحوم الزايدي إلى ترسيخ ثقافة الحوار والتوافق لبلورة عناصر التفاهم المشترك بين النخب الوطنية المختلفة، لكن مع ضرورة التمييز بين هذه اللحظة «التأسيسية» وما تستلزمه من قواعد، وبين اللحظة «التنافسية» التي لم تتبلور معالمها بعد إلا في ظل النظام الديمقراطي الحقيقي، وهو الهدف الذي لم يتحقق بعد.
ولذلك هناك حاجة ماسة لضرورة التفكير في تطوير أدوات التواصل السياسي بين التيارات الفكرية والسياسية المختلفة لمواجهة التحديات المشتركة.
سجل الزايدي ورفاقه تحفظات أساسية على نوعية المعارضة التي دشنها رئيس الحزب إدريس لشكر، بمعية بعض حلفائه في أحزاب أخرى، وهي معارضة استهدفت منذ البداية وضع حد لتجربة العدالة والتنمية في الحكومة، وتوسلت إلى ذلك بمختلف الوسائل.
كان الزايدي ورفاقه يؤمنون بأن هذا النوع من المعارضة لا يخدم مصالح البلاد ولامصلحة الاتحاد الاشتراكي أيضا، كما كان يؤمن بحاجة الحزب الذي أنهكته سنوات من التدبير العمومي إلى بناء داخلي وتأهيل فكري وسياسي ليكون في مستوى تطلعات الجماهير الشعبية..
جنازة المرحوم أحمد الزايدي لم تكن جنازة عادية..الحضور القوي والمتنوع لكافة أنواع الطيف السياسي والنقابي والجمعوي يعكس حقيقة واحدة وهي أن الرجل كان من طينة خاصة، وأن الحضور الكبير للطبقة السياسية وللمثقفين ولحشود المواطنين التي حجت إلى بوزنيقة في جو مهيب هو شهادة اعتراف بمكانة الرجل وبعطائه وبنضاله السياسي..
الكلمة التي تكررت كثيرا على لسان أصدقائه ورفاقه ومحبيه هي: الأخلاق..
كل الذين عاشوا مع الفقيد أحمد الزايدي رحمه الله، أو احتكوا به في المجال السياسي يشهدون له بنضاله المستميت من أجل ربط السياسة بالأخلاق وبالأفكار وبالمبادئ.. جمعتني به بعض اللحظات القصيرة، كان يتحدث بمرارة عن المآل الذي وصل إليه الاتحاد الاشتراكي، وعن طموحه في بناء معارضة سياسية قوية بمنظور مختلف، معارضة تثمن الإيجابيات وتصفق لها، وتعارض الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة وتنتفض ضدها..
كان يدرك بحسه السياسي المرهف أن التحولات السياسية الجارية في المغرب تحتاج إلى معارضة قوية لترسيخها وتثبيتها..
كان يحرص رحمه الله على انتقاء عباراته بدقة متناهية، وكان يعتني بلغته السياسية وجعلها لغة أنيقة لا مكان فيها للخطابات السياسية المبتذلة..
كشفت الجماهير التي حجت إلى جنازة المرحوم الزايدي والشهادات التي قدمت في حقه، والمتابعة الواسعة للرأي العام لحدث الوفاة، حجم التعاطف الذي كان يتمتع به الراحل، وحجم المتابعة الدقيقة لحركته التصحيحية التي خاضها داخل حزبه إلى جانب نخبة متميزة من أطر الحزب ومناضليه..
وأعتقد جازما أن هذا التعاطف يعكس حجم الآمال المعلقة على هذه التجربة لإنقاذ مستقبل الاتحاد الاشتراكي، بقدر ما يعكس حجم السخط على القيادة الجديدة للاتحاد وعلى طريقة تدبيرها لشؤون الحزب ..
لقد كان الصديق رضا الشامي دقيقا حينما قال: «ما كان يجمعنا مع الزايدي هي مجموعة من الأفكار وسنستمر في الدفاع عن نفس الأفكار»..
تعازينا الحارة في وفاة الشهيد أحمد الزايدي إلى أسرته الصغيرة والكبيرة..
نحسبه شهيدا لأن من مات غرقا عند المسلمين وهو يشهد الشهادتين ، فهو – بإذن الله – من الشهداء..
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولانقول إلا ما يرضي الرب..
إنا لله وإنا إليه راجعون..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.