حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    تتويج إسباني وبرتغالية في الدوري الأوروبي للناشئين في ركوب الموج بتغازوت    تشكيلة "أشبال المغرب" أمام كاليدونيا    المنتخب الرديف يدخل مرحلة الإعداد الأخيرة لكأس العرب بقطر..    هذه تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة لمواجهة كاليدونيا الجديدة في مونديال قطر    تشييع جنازة الراحل أسيدون بالمقبرة اليهودية في الدار البيضاء    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    نفاد تذاكر ودية "الأسود" أمام موزمبيق    التجمع الوطني للأحرار بسوس ماسة يتفاعل مع القرار التاريخي لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    توقيف شاب متورط في اختطاف واحتجاز وهتك عرض فتاة قاصر بالعنف    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوسطية في العلاقة مع الآخرين
نشر في التجديد يوم 24 - 01 - 2006

ومن أهم مجالات وتجليات الوسطية في العصر الراهن التزام المسلمين والحركات الإسلامية الوسطية والعدل في العلاقة مع غير المسلمين سواء كانوا من المواطنين أم لم يكونوا مواطنين.
ومبنى الوسطية في هذا المجال عدم السقوط في الولاء المحرم شرعا لمن يحاربون المسلمين ويصدونهم عن دينهم ويتخذونهم هزءا، أو السقوط في الاعتداء على غير المسلمين من المواطنين أو من غيرهم ممن لهم حكم المعاهد مادام قد دخل إلى بلاد المسلمين غير محارب، وبناء على عهد وهو ما تترجمه اليوم القوانين والإجراءات المنظمة لدخول بلاد أخرى هي غير البلاد الأصلية للمسلم وللإقامة فيها.
إن الأصل في علاقة المسلم مع غيره أنها مبنية على العدل والقسط، بل أكثر من ذلك نجد الإسلام يأمر المسلمين بما هو أكثر من القسط أي بالبر الذي يعني الخير والفضل.
ولقد جاءت هذه الوسطية وذلك التوازن في العلاقة مع غير المسلمين واضحين في قوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم، وظاهروا على إخراجكم، أن تولوهم، ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون).
وهذا البر والقسط مطلوبان من المسلم في علاقته بالناس والخلق كافة، ماداموا مسالمين غير معتدين يقاتلونه في دينه، ويخرجونه من داره أو يظاهرون على إخراجه، وهو يشمل غير المسلمين أيا كان دينهم، أما أهل الكتاب: اليهود والنصارى، فلهم أحكام أكثر تفصيلا لما يليق بهم من البر كما أوصى القرآن بجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وألهنا وألهكم واحد ونحن له مسلمون).
أما عن الآيات التي وردت عن النهي عن موالاة غير المسلمين أو غير المؤمنين تحكمها ضوابط عديدة منها:
أن النهي ليس عن اتخاذ المخالفين في الدين أولياء بوصفهم شركاء وطن أو جيران دار أو زملاء حياة، إنما هو عن تولهم بوصفهم جماعة معادية للمسلمين تتخذ من تحيزها الديني لواء تستجمع به قوى المناوءة للمسلمين والمحادة لله والرسول.
إن المودة المنهي عنها هي مودة المحاربين لله ورسوله، لا مودة مجرد المخالفين ولو كانوا سلما للمسلمين.
إن غير المسلم الذي لا يحارب الإسلام قد تكون مودته واجبة وصلته فريضة دينية، وذلك شأن الزوجة الكتابية وأهلها الذين هم أخوال أبناء المسلم وجدته وجده.
إنه لاشك في أن الإسلام يعلي الرابطة الدينية على كل رابطة سواها، ولكن ذلك لا يعني أن يلقي المسلم بالعداوة إلي غير المسلم لمجرد المخالفة في الدين أو المغايرة في العقيدة، بل الأصل هو المودة والبر، و الاستثناء عندما تقوم دواعيه وأسبابه أن يمتنع المسلم عن موالاتهم أو مودتهم، انتصارا لدينه، وانحيازا لأهل عقيدته.
ومعنى ذلك أن العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمعات الإسلامية هي بالأساس علاقات مواطنة، فالمسلم مثله مثل غير المسلم يربطه بالدولة عقد يرتب له حقوقا ويلزمه بعدد من الواجبات.
ولقد تجلى هذا المعنى منذ اللحظة الأولى لتأسيس الدولة الإسلامية في المدينة، إذ كان من أوائل الأعمال التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، كتابة الصحيفة التي تنظم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين من سكان المدينة، التي عرفت باسم صحيفة المدينة .
وكان مما ذكرته هذه الصحيفة أن المؤمنين أمة من دون الناس، وأن اليهود أمة مع المؤمنين وأن أهل الصحيفة بينهم البر دون الإثم ، وأنهم يكونون يدا على من دهم يثرب وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وأن بينهم النصر والأسوة وهو هنا بمعنى المساواة.. إلى غير ذلك من الأمور التي ذكرت تفصيلا في هذه الوثيقة والتي تجعل غير المسلمين المقيمين في دولة المدينة مواطنين فيها، لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات مثل ما على المسلمين وهذه الصحيفة هي أول دستور مدون في التاريخ كله لم يسبق إلى مثله أحد ولم ينسج على منوالها أحد، إلى أن صنع الإنجليز بعد ثورتهم في سنة 1215 م وثيقتهم التي سموها (العهد الأعظم ).
وعلى أساس نصوص هذه الوثيقة النبوية مضت الحياة في المدينة المنورة إلى أن نقضت يهود العهود، فكانت مقاتلة اليهود وإخراجهم من المدينة على أساس نقضهم لعهدهم وخروجهم على ذلك الدستور لا على أساس مخالفتهم للمسلمين في العقيدة تماما كما كان يمكن أن يقاتل أي مواطن ولو كان مسلما آخر إذا بغى وأخل بميثاق المواطنة وبمقتضياتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.