منذ الإعلان عن قمة دمشق والسؤال الذي لا يفتا يتردد على كل الألسن وعلى صفحات الجرائد هو: هل تستطيع سوريا أن تجمع القادة العرب في هذه الظروف بالذات.هذا السؤال لم يطرح بهذه الحدة من قبل في أي قمة عربية أخرى. ولكن لأن سوريا هي البلد المستقبل؛ ولأول مرة في تاريخها؛ فإن السؤل سرعان ما وجد طريقه للطرح.والذين طرحوا السؤال الغريب في منطق العلاقات الدولية لو كانت طبيعية وتملك فيها كل دولة سيادتها على قرارها؛ إنما طرحوه لأنهم يعلمون أن العرب لم يعودوا قادرين على اتخاذ قرار مصيري مثل هذا دون إذن من واشنطن؛ ويعلمون أن واشنطن لن تترك دمشق تنجح في عقد قمة عربية في هذا الظرف بالذات. وعندما نصحت الولاياتالمتحدةالأمريكية العرب بعدم المشاركة في قمة دمشق؛ قضي الأمر وعُلم أن القمة لن يحضرها من القادة العرب إلا من لم يتلق أمرا صريحا بعدم الحضور؛ أي الذي لا يغير حضوره أو غيابه شيئا في واقع المنطقة. وأمريكا لم تأمر العرب صراحة بعدم الحضور، نصحت فقط؛ فهي لا تصدر أوامر؛ بل اقتراحات فقط؛ ولكنها اقتراحات يجب تنفيذها بالحرف؛ وإلا. عندما غزت أمريكا العراق كان في نيتها تقسيم هذا البلد إلى دويلات لا سيادة لها ولا حدود واضحة ولا قرار. على مثال دويلة كردستان العراق التي لا هي منفصلة عن السلطة المركزية في بغداد ولا هي تابعة لها؛ وإنما تأتمر بأمر السفير الأمريكي في المنطقة الخضراء ببغداد، وهي دولة مستقلة عن بغداد عندما تحتاج واشنطن لتمثيليتها بهذا الوضع؛ وتابعة لبغداد عندما تحتاجها واشنطن بهذا الوضع . لم يكن في نية واشنطن التوقف عند العراق؛ بل بعد العراق كان سيأتي الدور على سوريا ثم لبنان ثم مصر ثم... لتقيم في كل بلد بلوتيستانات غامضة المعالم. ولكن المقاومة العراقية أفشلت المخطط، ثم لقنت المقاومة اللبنانية درسا آخر للغزاة وأتباعهم الخانعين عندما أفشلت تكملة المخطط من طرف الكيان الصهيوني الغاصب في صيف .2006 غير أن الفشل لا يعني الاستسلام عند هؤلاء؛ فهم مستمرون في مخططاتهم. وعلينا الاستمرار في اليقظة لإفشال ما يُخطط لنا. ولأن مقاومة الشعوب ليست هي مواقف الأنظمة؛ فإن المسعى الجديد هو أولا إفشال القمة العربية للإفشال سوريا؛ والضغط على لبنان ولو بالبوارج الحربية التي أصبحت جاثمة على شواطئه لإرغامه على انتخاب رئيس ترضى عنه وشنطن وتل أبيب؛ ولذلك نصحت واشنطن أصدقاءها العرب بعدم الحضور إلى دمشق.