مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.. الوفد المغربي: "وفقا للرؤية الملكية المتبصرة.. المغرب يجعل من التعليم ركيزة استراتيجية للتعاون جنوب-جنوب"        اتحاد طنجة يعلن انتقال حارس مرماه الشاب ريان أزواغ لإشبيلية الإسباني    احباط محاولة لتهريب 52 كلغ من الكوكايين عبر ميناء طنجة المتوسط    الحسيمة.. حادثة سير خطيرة على طريق المطار ترسل شخصين الى المستشفى (صور)            ألفيس بيريز: البطل الذي فتح... صخرة    عادل شهير يطرح كليب أغنيته الجديدة سيري باي باي -فيديو-    مصر تدين "ما يسمى بإسرائيل الكبرى"    متى تخرج مصر من المنطقة الرمادية؟    جامعة الدول العربيه تدين تصريحات إسرائيلية عن اقتطاع أجزاء من دول عربية لإقامة إسرائيل الكبرى    غوغل تعتزم إنفاق 9 مليارات دولار لتوسيع بنية الذكاء الاصطناعي    المغرب يخلد الذكرى ال46 لاسترجاع وادي الذهب    "شان 2024": مباراة مصيرية للمنتخب المغربي أمام نظيره الزامبي    بورنموث يضم دياكيتي لاعب تولوز    الاتحاد الألماني يرفع قيمة جوائز كأس ألمانيا    إنجاز تاريخي.. حكيمي يصبح ثالث أكثر لاعب إفريقي تتويجاً بالبطولات    درجات الحرارة الدنيا والعليا المرتقبة غدا الجمعة    وادي الذهب: أيقونة السيادة المغربية ومسار التنمية المستدامة    الجامعي يهاجم الرميد بعد تدوينته عن ابتسام لشكر: "أصبحت قاضي شارع تقمع حرية الأخرين في التعبير"    حاقدون بلا حدود    ديرها غا زوينة.. مفكر كبير كيكشف مصايبنا/ لائحة بأسماء اللي على باب الحبس/ ابتسام لشكر والعدل والإحسان (فيديو)    حقيقة اعتداء أشخاص على سائق سيارة بتارودانت    أسعار النفط ترتفع    ارتفاع أسعار الذهب مدعومة بتراجع الدولار    الدورة الثانية لمهرجان "سيني بلاج" من 15 إلى 30 غشت الجاري بعدد من مدن المملكة    حين تتحطم الأكاذيب على جدار الاستخبارات المغربية الصلب    أهم منصات الصين الإعلامية الرسمية ترد التاريخ للمغرب بنشر خريطة المغرب بصحرائه موحدة    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للانترنت    إسترجاع وادي الذهب ملحمة بيعة وإنتصار في مسار إستكمال الوحدة الترابية    ذكرى استرجاع وادي الذهب: محطة تاريخية مهمة في مسار الوحدة الترابية للمملكة    فريد الصمدي مدير مهرجان السلام والتعايش ببروكسيل يكرم في العاصمة الرباط            "قطبية" دوغين و"مدينة" أفلاطون    سلطان يلهب الجمهور ب"الركادة"    أب أبكم وابنه يلقيان حتفهما غرقاً في حوض مائي بنواحي قلعة السراغنة    المحلي ينهي الاستعدادت للقاء زامبيا            المداخيل الجمركية بالمغرب تتجاوز 54,79 مليار درهم وتواصل صعودها    وفاة مبدع «نجمة أغسطس» و«اللجنة».. صنع االله إبراهيم    "آخر اختيار" يتوج بجائزة أفضل فيلم روائي بالهند    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    "مناجم"... رقم المعاملات يبلغ 4،42 مليارات درهم عند متم يونيو 2025    المغرب: إشعاع ثقافي متصاعد وتحديات تمثيل صورته في السينما الأجنبية            الدكتور بوحاجب: غياب مراقبة الجودة أحيانا يفتح المجال أمام التلاعب بصحة الناس..!!    تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خوف الغالب من ثقافة المغلوب- بقلممحمد الحمداوي
نشر في التجديد يوم 03 - 01 - 2010

القرار السويسري بمنع بناء الصوامع في مساجد المسلمين المقيمين على أراضيها هو نتاج للحملة التي يقودها الغرب لتخويف أبنائه من زحف الثقافة الإسلامية، وإحداث حالة فوبيا من الإسلام والمسلمين في صفوف مجتمعاته ، في محاولة لبناء حاجز نفسي بينهم وبين الإسلام، وحالة المنع هذه ليست مقتصرة على سويسرا وحدها بل تأتي في سياق حالة غربية تكاد تكون عامة، كما رأينا في فرنسا حين منعت الحجاب في المدارس، ومثلما رأينا من تلكؤ في الاستجابة لطلب انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وكلها حالات تبرر بالخوف من الإسلام.
إن استدعاء هذه الحالات لا يندرج في إطار التحريض ضد الغرب، ولا يدخل في مجال البكاء وندب حظ المسلمين وزرع اليأس والإحباط، بقدر ما يشكل ذلك كله قضايا تستوجب التأمل في اللحظة الحضارية التي تعيشها الأمة اليوم، ومؤشرات دالة في رصد مسارات التحول والتفاعل الحضاريين، وعلامة فارقة مع المرحلة التي كان فيها الغرب الغالب والمتفوق، مصدرا رئيسيا للقيم العالمية والكونية، مقابل عالم إسلامي مغلوب ومهزوم وخاضع، يعيش حالة من الانبهار والافتتان بهذا الغرب وبقيمه، إلى حد الهوس والاستلاب الفكري.
وهي مرحلة كان فيها جزء كبير من نخبة البلاد العربية والإسلامية، لا يرى سبيلا للخروج من حالة التخلف إلا بإتباع الغرب الغالب وتقليده، ولا يرى مسارا للنهوض إلا باعتناق الفكر المادي الغربي وتجاوز للفكر الديني، ولا سبيل لبناء دولة الحق والقانون إلا باعتناق العلمانية الغربية، ولا سبيل لتحقيق التحضر والتمدن إلا بتقليد نمط الغرب في العيش، غير أن المؤشرات المشار إليها سابقا تؤذن بوضع حد لحالة الافتتان هاته يوما بعد يوم، وأن أبناء المسلمين بما فيهم أولئك الذين تربوا في المجتمعات والمدارس والجامعات الغربية أصبحوا أكثر اعتزازا وتشبثا من ذي قبل بانتمائهم للإسلام، بل أصبح أبناء الغرب أكثر إقبالا وتعرفا على الدين الإسلامي وثقافته وقيمه.
فإذا كانت كفة الميزان على المستوى العسكري والاقتصادي والمادي لازالت تميل لصالح الغرب، فإن المعادلة على المستوى الثقافي تبدو مختلفة، وأن القاعدة التي تقول بأن المغلوب مولع دائما بتقليد الغالب، بدأت تتكسر، بل تنقلب في الاتجاه الآخر، ذلك، أن الأمر لم يقف فقط عند انتهاء افتتان المغلوب بقيم الغالب، بقدر ما انتقل الإعجاب بقيم المغلوب بعد انتفاء موانع الإكراه وانبساط الحريات إلى أفراد ومجتمعات هذا الغالب وهو ما ترجم إلى حالة النزوع نحو الإيديولوجيات اليمينية الآخذة في التصاعد بشعاراتها العنصرية وأفكارها المتطرفة. مما جعل زعماء الغرب مستعدين لفعل أي شيء للحيلولة دون اتساع ظاهرة إعجاب الغربيين بالثقافة الإسلامية وإقبالهم المتزايد عليها.
إن هذه الخلاصات لا ينبغي أن يفهم منها أن ثقافتنا قد غلبت وأن المعركة الحضارية قد حسمت وإنما هي وقائع تستصرخ المفكرين والمثقفين ومنتجي المعرفة من أجل النظر في الأفق الاستراتيجي للقضية، انطلاقا من التأمل في هذه الإشارات التي يجب التقاطها، وهذه المؤشرات، التي تدلنا وتنبهنا إلى بداية انعطافة جديدة في مسار معركة التدافع الحضاري مع الغرب، وأننا اليوم بصدد مرحلة جديدة، تجاوزت فيها الأمة مرحلة الدفاع والتحصين ضد الانبهار والافتتان، لتقبل على مرحلة يجب على النخبة المثقفة أن تتحمل فيها مسؤوليتها التاريخية، وذلك عن طريق العمل المتواصل والاجتهاد المستمر من أجل إنتاج فكر إسلامي إنساني مستوعب، وبلورة خطاب قادر ليس فقط على تفنيد دعاوى أعداء الإسلام وخصومه، ومؤكدا على البراءة من التشدد والغلو، ولكن أيضا مركزا ومؤكدا بالأساس على معاني التعارف بين الشعوب والأمم، مصداقا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، والتعارف الذي يشمل الحوار والتلاقح والتبادل بين الثقافات، سينتقل بالتدافع الحضاري من مجال ردة الفعل ضد الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق المسلمين ومقدساتهم، وهي أمور ضرورية عل كل حال، إلى مجال التدافع القيمي الثقافي الفكري المبادر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.