منذ اللحظة الأولى لوصول جماهير كرة القدم إلى المغرب لمتابعة مباريات كأس إفريقيا للأمم، القادمين من مختلف بقاع العالم، انطلقت آلاف الهواتف الذكية والكاميرات في العمل، تلتقط الصور وتوثق المشاهد فور نزولهم من الطائرات وعبورهم مطارات المملكة. تختلف لغاتهم باختلاف جنسياتهم، وتتنوع شعاراتهم بتنوّع الرايات التي يناصرونها، غير أن قاسما مشتركا واحدا يجمعهم: الإعجاب العفوي بالبلد المنظم. منذ مونديال قطر 2022، أصبح المغرب قبلة لعشاق كرة القدم، بعدما حقق إنجازا تاريخيا غير مسبوق، بتفوّقه على منتخبات عالمية وازنة مثل إسبانيا وبلجيكا والبرازيل وكرواتيا، وبلوغه نصف نهائي كأس العالم. ثم واصل إشعاعه الكروي بحصد ألقاب عالمية، من بينها كأس العالم لأقل من 20 سنة في تشيلي، وكأس العرب التي أسدل عليها الستار الأسبوع الماضي في قطر. غير أن الإعجاب بالمغرب لا يقتصر على إنجازاته الرياضية وحدها، بل يتغذى أيضا من تألق مدني وحضاري وعمراني يوازي هذا النجاح الكروي، ويجذب الأنظار كما يجذب المغناطيس قطع الحديد. فما تزال صور العاصمة الرباط، وهي تستقبل المنتخب الوطني في موكبه التاريخي نحو القصر الملكي، راسخة في أذهان مئات الملايين عبر العالم. صور فائقة الجمال تناقلتها وسائل الإعلام الدولية، ووسعت شبكات التواصل الاجتماعي من دائرة انتشارها. ووفقًا لإحصائيات محرك البحث العالمي "غوغل"، تم خلال تلك الفترة تسجيل نحو مليار عملية بحث عن المغرب، إلى جانب ملايين التعليقات التي أشادت بجمال المملكة ونظافتها وحسن تنظيمها. منذ تلك اللحظة وإلى اليوم، وخلال أقل من ثلاث سنوات، قفز المغرب بخطوات واثقة إلى الأمام، متحصلا على شرف تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم 2030، واضعا نصب عينيه تحديا كبيرا يتمثل في الاستعداد الأمثل لهاتين التظاهرتين القاريّة والعالميّة. ومع انطلاق مباريات "الكان"، انطلقت معها موجة جديدة من الصور ومقاطع الفيديو التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، محتفية بالبنيات التحتية المتطورة: ملاعب كرة قدم في غاية الروعة، طرق سيارة وجسور حديثة، مطارات تزاوج بين الحداثة ولمسات التراث المغربي الأصيل، محطات قطارات من الجيل الخامس، فنادق فاخرة، منتجعات سياحية، وحدائق غناء. وليس هذا وحده ما يشد انتباه ضيوف كأس إفريقيا بالمغرب، بل لفتهم أيضا جمال البلاد، وحيوية شعبها، ودفء الاستقبال، ودقة التنظيم، ورفاهية العيش التي تعكسها العمارات الشاهقة، والسيارات الفارهة، والأحياء الراقية، إلى جانب تراث عريق تحتضنه المدن العتيقة، فتجعل منها متاحف مفتوحة على التاريخ. ورغم الأجواء الماطرة، تتواصل الحفلات في مختلف زوايا المدن المحتضنة للمباريات، يوثقها ضيوف "الكان" بالصورة والصوت، يرقصون ويغنون، ثم يرسلونها إلى العالم، في شكل بطاقات حب وإعجاب بالمغرب، مرفوقة بعبارات وتصريحات من قبيل "سافرنا عبر الزمن"، و"هذه أوروبا وليست إفريقيا"، و"كم هو رائع هذا المغرب". عندما تتقن العمل يكون الإشهار إعلاميا وعالميا وتلقائيا ولا تنفق عليه درهما واحدا. *إعلامي مغربي