برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية جيبوتي بمناسبة عيد استقلال بلاده    لبؤات الأطلس يواجهن تنزانيا ودياً استعداداً لكأس إفريقيا    أمن طنجة يطيح بشبكة إجرامية تنشط في النصب والاحتيال والسرقة تحت التهديد بالسلاح    عاجل.. سماع دوي انفجارات في نواحي السمارة والسلطات تفتح تحقيقًا    بورصة الدار البيضاء تنهي الأسبوع بأداء جيد    شاطئ هوارة بطنجة يلفظ دراجة مائية محملة بالمخدرات    الطالبي العلمي: المغرب يعتمد مقاربة إنسانية في معالجة الهجرة    الملياردير هشام أيت منا.. تاريخ من الفشل يلازم رجلا يعشق الأضواء وحب الظهور    الجزائر وصناعة الوهم الكبير في "غيتو تندوف" بين حصار الهوية وإستثمار المعاناة    مناورات عسكرية جوية مغربية-فرنسية بمدينة كلميم            بحضور الأميرة لمياء الصلح.. فوضى تنظيمية خلال حفل كاظم الساهر ومسرح محمد الخامس يتحول إلى "حمام بلدي"    "أولاد يزة 2" يفوز بالجائزة الثانية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قتيلة وجرحى في غارة إسرائيلية بلبنان    موجة حر شديدة تجتاح منطقة البلقان مع تسجيل درجات قياسية    كاتس: خامنئي تفادى الاغتيال بالاختباء    الصين تؤكد اتفاقا تجاريا مع أمريكا    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    أزمة أدوية حادة تثير قلق المستهلكين والجمعيات الحقوقية تدق ناقوس الخطر    لماذا يخاف مغاربة المهجر من الاستثمار بالمغرب ويقتنون العقار فقط؟    محمد مدني: دستور 2011 نتاج وضعية سياسية توفيقية متناقضة    سوريا ولبنان تستعدان للتطبيع مع "إسرائيل"    300 ألف طلب في ساعة على سيارة "شاومي" الكهربائية رباعية الدفع    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي        توقعات طقس الجمعة بالمغرب    غوتيريش: ميثاق الأمم المتحدة ليس "قائمة طعام" بحسب الطلب    رحيل مأساوي يهز الرياضة النسوية.. وفاة لاعبة نهضة بركان مروى الحمري في حادثة سير بالخميسات    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    بوغطاط المغربي | حصري.. قرار جديد للقضاء الألماني يُثَبِّت نهائيا قانونية تصنيف محمد حاجب كعنصر إرهابي ويرفض الطعن    الوداد يسقط في اختبار العالمية: حضور باهت أساء لصورة كرة القدم المغربية    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    قوانين جديدة للمركبات والدراجات في المغرب    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    ضجة الاستدلال على الاستبدال    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخمر وصراع المشاريع المجتمعية- بقلم محمد عيادي
نشر في التجديد يوم 25 - 01 - 2010

فجرت فتوى للدكتور أحمد الريسوني بعدم جواز التسوق من المجمعات التجارية التي تبيع الخمر جدلا في المغرب تجاوز حدود الفقه إلى السياسة، بعد أن دخلت جمعية من جمعيات المجتمع المدني +بيت الحكمة؛ للرد على الفتوى واعتبارها تهديداً للأمن الروحي للمغاربة، وتدخلاً في الحرية الفردية، بل تجاوزت رئيسة الجمعية السيدة خديجة الرويسي ذلك بالدعوة إلى إلغاء القوانين التي تمنع بيع الخمر للمسلمين؛ لأن المغاربة الذين يشربونها يفعلون ذلك بمحض إرادتهم ويمارسون حقوقهم الفردية.
طبعاً فتوى الدكتور الريسوني الخبير في المجمع الدولي للفقه الإسلامي بجدة وأحد المختصين المعروفين في العالم الإسلامي في مجال مقاصد الشريعة الإسلامية، تبقى فتوى قابلة للخطأ والصواب، وللعلماء أن يعقبوا عليها وينتقدوها ويصوبوها أو يخطِّئوها من أساسها في إطار قواعد الاجتهاد والفتوى.
لكن الذي حدث أن الذي دخل على الخط جمعية لا علاقة لها بالعلوم الشرعية، ولرئيستها موقع مهم في الحزب الجديد الأصالة والعاصرة، الأمر الذي أعطى للجدل بعدا سياسيا بامتياز، لم يعد يقف عند حدود جواز التبضع من محلات تبيع الخمر أم لا، بل تجاوزه إلى المطالبة كما سلفت الإشارة بالتطبيع مع الخمر في المجتمع بدعوى أن الغالبية التي تقتني الخمر مغاربة وليسوا أجانب (الذين يسمح لهم القانون بذلك) والدعوة لقبر القوانين المحرمة لبيعه للمغاربة وجعلها من الماضي.
بمعنى آخر إن فتوى الدكتور الريسوني لم تكن إلا مبررا وفرصة مناسبة لإعلان الجمعية المذكورة لمطلب مبيَّت عندها من قبلُ؛ بدليل أنها قالت في بيان لها: إن الدعوة لإلغاء القوانين التي تجرم بيع الخمور للمسلمين ليست إلا جزء من الرد على الدكتور الريسوني، مما يشير إلى أن هناك جزءا آخر لم تكشف عنه بعد.
بالطبع لن يتحقق حلم الجمعية فذلك مستحيل، صحيح أن هناك مسلمين يشربون الخمر في المغرب، وهذا واقع لا يرتفع كما هي الحال في كثير من الدول الإسلامية، ولكن أن يتم السماح بذلك قانونا وشرعا فذلك أمر غير وارد على الإطلاق، وسيبقى حلم الجمعية وأحلام التيار العلماني المتطرف بالمغرب بشكل عام مجرد أحلام، ربما تضاف إليها الدعوة إلى السماح بتناول المخدرات وتقنينها، فضلا عن دعوات سابقة من جهات أخرى من داخل نفس التيار المدعوم بوسائل إعلامية من قبيل الدعوة للتطبيع مع ظاهرة إفطار رمضان بدعوى احترام الحريات الفردية وغيرها من الدعوات.
نعم ستبقى المطالبات المذكورة مجرد أحلام لسببين رئيسيين:
الأول: أن الدولة المغربية دولة إسلامية، وسبق للملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين أن أعطى إشارة قوية في هذا الباب لا تحتمل التأويل عندما كان النقاش مستعرا حول إصلاح مدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة) بين التيار الإسلامي والتيار العلماني بقوله في افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة للبرلمان يوم 10 أكتوبر 2003 لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين، أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله، وذلك ردا على من طالبن خفية حينا وجهرة حينا آخر بالمساواة بين الرجال والنساء في الإرث.
الثاني: أن المجتمع المغربي سيقاوم هذه الدعوات وسيرفضها لطبيعته المتدينة والمحترمة للدين، خاصة للمحرمات والكبائر المعروفة لديه ولدى كل المجتمعات الإسلامية في العالم، صحيح هناك شريحة تشرب الخمر على سبيل المثال.. ولكنها تقر بأنه حرام وتطلب وتسعى للتخلص منه ولا تفاخر بصنيعها، وستكون على رأس من يعترضون على إلغاء القوانين المحرمة لبيعه ومن تم تداوله بين المسلمين.
بالطبع هناك شريحة محدودة جدا مؤدلجة وربما لا تشرب الخمر، لكنها تطالب بالتطبيع معه في المجتمع، خاصة بالأحياء الشعبية في إطار خدمة مشروعها العلماني الحداثي، ومصالح جهات اقتصادية، من دون الالتفات لمخاطره الصحية والاجتماعية التي لا تكاد تتناسب مع ما يتحدثون عنه من تشغيل مصانع الخمر لليد العاملة... إلخ.
وما يثير الانتباه في الدعوة لإلغاء القوانين المحرمة للخمر على المسلمين المغاربة، أنها تأتي معاكسة لتوجه عدد من الدول بمنع الخمر لمخاطره الصحية والاجتماعية، وهي دول لا يمكن المزايدة عليها في الحداثة من قبيل فرنسا ..
أخيرا: إن الجدل المثار بشأن الخمر في المغرب يعكس بوضوح صراع القيم والمشاريع المجتمعية في البلد بين مشروع مجتمعي يرى إمكانية التطور والتحديث ومواكبة العصر مع المحافظة على القيم والأخلاق الإسلامية والخصوصيات الوطنية والحضارية، ومشروع يرى أن مواكبة العصر والحداثة لا تستقيم دون ركن الدين وحصاره في أماكن العبادة، وإطلاق الحريات الفردية حتى وإن كانت متعارضة مع هوية البلد وخصوصيته ودستوره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.