مثلما فعلت وزارة التربية الوطنية، في سائر أطوار التعليم الأساسي، أصدرت كتابا خاصا بشرح أهداف مرحلة التعليم الأولي وتوجيهاته العامة والضرورية سمته"أهداف وتوجيهات". الكتاب التوجيهي الذي ظهر سنة 1997، وزع على سائر العاملين بهذا القطاع الحيوي، في مجموع التراب الوطني، يشكل بحق مرجعا توجيهيا جيدا في موضوعه. هو كذلك لأنه صيغ بلغة مركزة، وأحاط بالقضية المتناولة من شتى جوانبها. من هذه المضامين نذكر"الطفل ومؤسسة التعليم الأولي"، و"المضامين والمجالات" (9مجالات) و"المنهجية العامة"، و"منهجية تطبيق مكونات الوحدة الديداكتيكية". ولم يغفل أهمية المربي ولا تنظيم المكان والزمان والوثائق. ومما زاد في قوته اعتماده على لائحة من المراجع المتخصصة تجاوزت الأربعين (41 مرجعا منها 12 مرجعا بالفرنسية). فهو إذن وثيقة رسمية، صادرة عن وزارة التربية الوطنية(الكتابة العامة، المديرية العامة للشؤون التربوية، مديرية التعليم الأولي والسلك الأول من التعليم الأساسي، قسم التعليم الأولي). على أساس هذا الكتاب الوثيقة ينبغي أن تنبني المناهج التفصيلية، والكتب الدراسية الموجهة لمربي وأطفال التعليم الأولي. غير أن سوق الكتاب المدرسي في هذه المرحلة من التعليم يشهد فوضى كبيرة. وتتجلى هذه الفوضى في السلاسل التعليمية المتعددة من الكتب المدرسية المتناحرة والمتضاربة. وعند استقراء هذه الكتب ومناهجها، يتبين أن هدف الربح التجاري الصرف هو السبب في ظهورها وترويجها بهذه الطريقة أو تلك. والأدهى في الأمر ها هنا هو تجاوز كثير من هذه الكتب القواعد القانونية والعلمية المسطرة في الوثائق الرسمية للوزارة الوصية. وفي غياب كتاب رسمي من وزارة التربية الوطنية، يتيه العاملون بهذا القطاع بين النداءات المباشرة وغير المباشرة لأصحاب الكتب المعروضة. أسماء وأشكال: تتعدد الكتب المعروضة شكلا ومضمونا واسما. واختلافها فيما بينها راجع إلى رصيد الأموال المصروفة على إنتاجها، وإلى الهيئة المشرفة وإلى كفاءتها العلمية وإقبال هيئة التعليم الأولي على اعتمادها والعمل بها، تحسم فيه كثير من المعطيات أهمها التكوين العلمي لهيئة الإدارة والتسيير والتربية الميدانية، أو شبكة العلاقات والمصالح المتبادلة،أو الاختيار العشوائي.وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض أسماء هذه المجموعات التربوية: فهناك «المجموعة التربوية تطبيقاتي الجديدة»، والتي تصف نفسها على أنها وضعت «وفق توجيهات وأهداف وزارة التربية الوطنية». هذه المجموعة تضم تسع كراسات لكل من المستوى الأول والمستوي الثاني. بالإضافة إلى لوحات التعبير وبطاقات القراءة، ويتراوح ثمن الكراسة بين 18 درهما و22 درهما. وهناك مجموعة «أنشطتي التربوية لتعليم اللغة العربية حوار التفتح». وتضم تسع كراسات أيضا لكل مستوى وثمنها حوالي 14 درهمالكل واحدة منهن. وهناك «مجموعة الأنشطة التطبيقية للتعليم الأولي» وتضم ثماني كراسات، ويصل ثمن البيع إلى حوالي 21 درهما. وهناك كذلك «المجموعة التربوية أتعلم»، وتضم ست كراسات وبنفس الثمن. وهناك «المجموعة التربوية كمال وسميرة»، وفيها خمس كراسات. وهناك مجموعات أخرى. ناهيك عن المجموعات التربوية المكتوبة باللغة الفرنسية، سواء منها ما كان نسخة لهذه المجموعات العربية، أو كتبا مستوردة من فرنسا بالذات. ملاحظات سريعة: أول ما يلاحظ المشتغل بالميدان: أفضلية المجموعات الفرنسية على المجموعات العربية، سواء من حيث جودة الورق أو الصورة أو الشكل، أو الأدوات المصاحبة لها. وهذا رغم أن القانون المنظم لهذا القطاع يمنع تعليم لغة غير اللغة العربية في هذه المرحلة، ورغم أن الأبحاث اللسانية العلمية والتربوية تنصح باجتناب ذلك، إلا أن الواقع شيء والقانون والعلم شيء آخر. ولا يمكن تفسير ذلك سوى باللوبيات والمصالح المسيطرة، بالإضافة إلى الاستلاب الحضاري. الملاحظة االثانية، هي أن كراسة الرياضيات في المجموعات العربية أجود من باقي الكراسات من الناحية الفنية والمنهجية، وحبذا لو كانت باقي الكراسات تضع مثلها، إذن لكان خيرا وأحسن عملا. هذا مع بعض التحفظات حول شكل الكراسات عموما، وعلاقتها بالمجال البصري لطفل لا يزال في سنه الرابع والخامس.فالمفاهيم المنطقية والرياضية المعروضة في كراسات الأطفال صيغت بطريقة جيدة،وتعتمد على منهجية البناء المتصاعد ولا تكتفي بالتلقين،ولذلك فهي منسجمة مع منهجية تعليم الرياضيات في كل مراحل التعليم الأساسي.وخلافا لذلك،لم تتبع نفس المنهجية في المجالات الأخرى. الملاحظة الثالثة هي كثرة الكراسات (من 5 إلى 9) على طفل التعليم الأولي. ولوجمعت في كراسة واحدة شاملة أو وزعت على ملفات وأوراق منفردةلكان أفضل. وإذا أضيف إلى هذا ثمنها المرتفع، أدركنا عدم تناسبها مع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأطفال المغاربة وإنهاكها لكاهلهم. ولذلك تلجأ كثير من المربيات في المناطق الفقيرة والهامشية إلى الاستغناء التام عن كل هذه المجموعات والاقتصار على كتاب القراءة الخاصة بالسنة الأولى من التعليم الأساسي.ومن المعلوم أن هذا الحل يفوق قدرات الأطفال،ويحرق بهم المراحل، ويكتفي بالتلقين الممل والحشو الأعمى بدل البناء المتدرج. الملاحظة الرابعة: خلو الكتب والكراسات من توجيهات وشروح للمربيات والمربين. فباستثناء بعض المجموعات التي أنجزت كتبا خاصة للمربين، فإن المجموعات الباقية لم تفعل ذلك، مما يضعف من وصول آثارها التربوية إلى الأطفال،إذ أن المربين والمربيات يتعاملن مع هذه المناهج دون تكوين مسبق وبالمحاولة والخطأ. الملاحظة الخامسة: توجد بعض المجموعات التربوية لا نصيب فيها للتربية الإسلامية، من قرآن وحديث وعبادات ومعاملات وأخلاق، وسيرة نبوية، وإذا وجدت هذه المواد عند مجموعة من المجموعات، فهي تقدم بطريقة جافة وعتيقة، ولا يتعلق بها الأطفال تعلقا وجدانيا، مثل تعلقهم بمواد أخرى زينت أشكالها ورسومها وألوانها، وعززت بوسائل تعليمية حديثة. وعلى كل حال، فإن الفوضى التي يشهدها التعليم الأولي وتضارب المصالح والاتجاهات فيه، يجد تعبيره البليغ في الكراسات والمجموعات التربوية المعتمدة ومن الواجب أن تتدخل الوزارة المسؤولة لحسم الوضع، لكن بعد تشريح ودراسة شاملين، لوضع استراتيجية علمية واضحة،ومخطط عملي مدروس بعناية وتشارك. حسن السرات التعليم الأولي في إحصائيات وأرقام عدد الكتاتيب القرآنية: 408701 قسم 36199 حجرة عدد المؤسسات العصرية: 3001 قسم 3316 حجرة مجموع هيأة التدريس: 415131 منها 19092 إناث مجموع التلاميذ: 764200 منهم 272226 إناث