الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعيد هيكلة مجلسها التأديبي    مرصد يطالب بفتح تحقيق في زيادات مفاجئة طالت أسعار أدوية أساسية    سباق جهوي في رياضة الدراجات الهوائية بجرسيف    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    عبد الله وزان جاهز لمباراة مالي غدا في ثمن نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تطوان.. بنسعيد يتفقد مركباً تربوياً استعداداً لإطلاق برنامج "كان ياما CAN"    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    الأمم المتحدة تشيد بالجهود المغربية في تطهير الصحراء من المخلفات الحربية    التنقل النظيف.. تعبئة أزيد من 78 مليار درهم بالمغرب في أفق 2029    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يقدم تجارب سينمائية آسرة لجميع أفراد العائلة    حقائق تهيئة شارع خليل جبران بالجديدة... حين تتكلم الوقائع ويسقط خطاب الركوب على المنجزات    بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    اندلاع حريق داخل منزل بشارع بمدينة الحسيمة يثير حالة هلع بين السكان    إعلام عبري: شركة إسرائيلية تفتح مصنعا لإنتاج الطائرات الانتحارية المسيرة في المغرب    حركة ضمير تدعو إلى نموذج سياسي جديد يعيد الثقة للمغاربة    إطلاق إجازة في السينما داخل السجون لتعزيز إدماج النزلاء بالمغرب    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    تراجع أسعار الذهب مع صعود الدولار وترقب بيانات أمريكية    القضاء يؤيد حكما ابتدائيا يلزم مصحة بأكادير بأداء أزيد من 2.3 مليون درهم لصندوق الضمان الاجتماعي    وزير الفلاحة يترأس افتتاح النسخة 32 للمعرض الجهوي للزيتون بجرسيف    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    انعقاد ‬الدورة ‬العادية ‬الثالثة ‬للمجلس ‬الوطني ‬لحزب ‬الاستقلال    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    وقفة احتجاجية في طنجة تندد بالحصار الإسرائيلي وتجدد التضامن مع السودان    ‬المغرب ‬يمنح ‬10 ‬تراخيص ‬جديدة ‬لمشاريع ‬صناعية ‬دفاعية ‬    حقوقيو تيزنيت يطالبون بالتحقيق في تسمم 25 تلميذا بداخلية ثانوية الرسموكي    استغلال جنسي لشابة في وضعية إعاقة نتج عنه حمل .. هيئة تطالب بفتح تحقيق مستعجل وإرساء منظومة حماية    بن سلمان يجري زيارة لأمريكا لبحث التطبيع مع اسرائيل    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    طقس ممطر في توقعات اليوم الإثنين    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تفاصيل جديدة في قضية سرقة "مجوهرات التاج" من متحف "اللوفر"    لقد ونمَ الذبابُ عليه..    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    جمعية بتيفلت تستنكر طمس جدارية فنية وتطالب بتوضيح رسمي ومحاسبة المسؤولين    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل استفتاء ديمقراطي - بقلم حسن بويخف
حسن بويخف
نشر في التجديد يوم 28 - 06 - 2011

إذا كان مشروع الدستور الحالي أكثر ديمقراطية من سابقيه فيجب أن يكون الاستفتاء عليه، حملة وتصويتا، ديمقراطيا أيضا. هذا أقل ما يمكن التواضع عليه واعتباره الرهان الحقيقي بعد إنجاز مشروع الدستور الجديد. فهل سيكون الأمر كذلك؟
ثمة مؤشرات مشجعة وأخرى مقلقة بهذا الصدد. أما المؤشرات المشجعة فتتعلق أولا، بالسياسة الإعلامية العمومية التي انفتحت على "جميع" القوى ذات الشرعية، مؤيدين لمشروع الدستور ومعارضين له، رغم ما يمكن تسجيله حول مدى دمقرطة التوزيع الزمني بينها حيزا وتوقيتا. كما تتعلق ثانيا، بتوفر نسخ مشروع الدستور قبيل بدء الحملة الاستفتائية عليه وخلالها مما سمح لعموم المهتمين والراغبين بفرصة الاطلاع عليه. كما تتعلق ثالثا، بعدم تسجيل مضايقات واضحة على أنشطة مناهضي مشروع الدستور كما عهدناه في الأزمنة الغابرة، ولم يكن إعلان موقف الرفض والمقاطعة والدعوة إليهما أعسر من إعلان موقف التأييد.
ومقابل هذه المؤشرات الإيجابية التي ذكرنا أهمها، نجد مؤشرات مقلقة بعضها خطيرا للغاية. أول هذه المؤشرات يتعلق بما راج حول توظيف المال الحرام استنساخا لظاهرة شراء الذمم إبان الانتخابات، وإذا كان "مول الشكارة" هو الفاعل والسلطة هي المتفرج الرئيسي في الحملات الانتخابية فإننا اليوم نجد أن عناصر السلطات المحلية هم الفاعلون حسب ما وثقت بعضه مواقع الكترونية بفيديو واضح فاضح، لم نسمع نفيا ولا توضيحا ولا فتح تحقيق بشأنه ولا متابعة في الأمر.
ثاني هذه المؤشرات، وقد تكون له علاقة بالمؤشر السابق، يتعلق بالبلطجة السياسية، إذ تم تحريك جموع من المراهقين والمهمشين تحت زعم حرية التظاهر للحد من حرية التعبير ولفرض الحظر العملي على التظاهرات الشبابية المعبرة عن مواقف مخالفة للخطاب الرسمي وخاصة شباب 20 فبراير، إذ تم اللجوء إلى مهاجمة المتظاهرين بالعصي والحجارة والأسلحة البيضاء وغيرها من الوسائل في أكثر من منطقة، والمؤسف أن تلك الأعمال، التي لا يمكن تصنيفها إلا في خانة الإرهاب السياسي، تتم تحت شعارات مساندة الدستور وحب الملك والوطن وغيرها من الشعارات التي تصنف أيضا باقي المخالفين في خانة أعداء الوطن ومثيري الفتن!
ثالث هذه المؤشرات يتعلق بإقحام المساجد في الدعاية للدستور بتخصيص خطبة الجمعة الماضية للترويج للدستور والدعوة إلى التصويت عليه ب "نعم"، وهو ما يجعل خطبة الجمعة في واجهة الصراع السياسي وهو الأمر الذي تواضع المغاربة على تفاديه بنجاح كبير. ويفرض منطق الأشياء عقلا وقانونا أن يعتلي منبر الجمعة معارضون ينادون بمقاطعة الاستفتاء! وهذه زلة من الوزن الثقيل.
ورابع هذه المؤشرات المثبطة تتعلق بخطاب اتهامي تورط فيه مسؤولون حكوميون وحزبيون، مفاده أن من لم يكن مع الدستور الجديد فهو ضد الوطن أو أنه "جبان" أو أنه "يغرد خارج السرب" وما إلى ذلك من النعوت.
وخامس هذه المؤشرات، يتعلق بعدم تكافؤ الفرص بين المؤيدين للدستور والمعارضين له، ونسجل بهذا الصدد توظيف المال العام ومؤسسات الدولة للترويج لوجهة نظر واحدة هي "نعم للدستور"، في حين أن المطلوب أن تظهر الإدارة حدا معقولا من الحياد.
إن الرهان على الديمقراطية في الاستفتاء يتطلب، إضافة إلى معالجة الاختلالات السابقة، العمل على تحقيق أهداف من الاستفتاء أكبر من مجرد رقم في صناديق الاقتراع، سواء على مستوى الحملة أو على مستوى التصويت، نجملها في أمرين أساسيين:
أولا، أن يكون الهدف المركزي للحملات الاستفتائية سواء للمعارضين أو للمؤيدين، هو أن يستوعب المواطنون مشروع الدستور، ذلك أن هذا الاستيعاب من أهم الضمانات التي تكرس الحقوق وتحميها، فالشعب الذي يجهل دستوره شعب لا يمكن أن يناضل من أجل حقوقه، فتكون فرصة الحملة الاستفتائية مدرسة للفهم والاستيعاب ولتكون المواقف مواقف وعي سياسي وليس مواقف استقطاب تلخص الحملة في التعبئة لأحد الموقفين نعم أو لا.
ثانيا، تخليص قيمة نتيجة الاستفتاء من وهم النتائج الساحة والماحقة، والتي كثيرا ما تدفع الإدارة سابقا إلى اعتماد أساليب انتخابوية تصيب مصداقية الاستحقاقات الشعبية في مقتلها مهما قاربت نتائجها المائة بالمائة. وفي هذا الصدد سيكون من نافلة القول التأكيد على أن زمن منطق الإجماع قد ولى ليحل محله زمن منطق النسبية، وأن زمن منطق الأغلبية الساحقة بنسب تقارب المائة بالمائة بدوره قد ولى ليحل محله زمن منطق الأغلبية المعتدلة التي لا ترى في تجاوز النصف بعشرة نقط أو أقل منها كارثة. وسيكون من بين أهم المؤشرات هنا أن يشهد معارضو مشروع الدستور بنزاهة الاستفتاء وسلامته حملة وتصويتا حتى ولو كانت نتائجه ضدهم. نقول هذا رغم أنه لا توجد عتبة قانونية لنسبة المشاركة أو لحصيلة "نعم" لاعتماد الدستور، كل ما هنالك هو "عتبة سياسية" كرستها السلطوية قديما وتتحدث عن نسب تقارب المائة، وهو ما يضع الاستفتاء الحالي، إذا تراجعت الألاعيب السلطوية، في مأزق تلك العتبة السياسية على اعتبار النسب العالية غير الواقعية التي واكبت تلك الدساتير.
إن تحقيق ما سبق يتطلب التحرر من العقلية السياسية التقليدية التي أنشأتها السلطوية المتطرفة عبر عقود من الزمن، وهذا التخلص أصبح اليوم شرطا للدخول في عهد الدستور الجديد الذي يتعتبره الفاعلون الأساسيون اليوم أكثر ديمقراطية من سابقيه ومن أمثاله في كثير من الدول المشابهة للمغرب.
نعم ثمة تحد يواجه مساندي الدستور والداعين إلى التصويت بالسلب، يتعلق بالعزوف عن المشاركة. وهو ظاهرة تكرست هي الأخرى عبر عقود من التدبير السلطوي لعلاقة المغاربة بصناديق الاقتراع والتي انتهت بقطاع عريض منهم إلى فقدان الثقة فيها وفي ما تفرزه. وهذا التحدي، الذي تستوي مسؤولية الأحزاب والسلطة في رفعه تقريبا، لا يمكن قبول رفعه بإحياء الآلية السلطوية التقليدية التي تعتمد على العالم القروي لإنعاش الصناديق، ولا على إرهاب المواطنين وخاصة في البوادي والقرى والأحياء الهامشية، أو اعتماد الوعود الكاذبة أو غير ذلك.
ورغم أن اللوائح التي سوف تعتمد في الاستفتاء تشوبها اختلالات كبيرة تجعلها بعيدة عن عكس إرادة الشعب المغربي الحقيقية، والتي لا يمكن قبول اعتمادها بعد الاستفتاء إطلاقا، رغم ذلك يمكن القول أن إنجاح ورش دمقرطة الاستفتاء، كما تمت مقاربتها أعلاه، يعتبر من الأولويات حتى بالنسبة لدعاة المقاطعة والتصويت بالسلب، وهذا هو الدرس الديموقراطي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.