ستحتاج المقاولة مستقبلا إلى اعتماد التقنيات الرقمية، وكذا الخاصة بجمع وتخزين ومعالجة المعطيات والبيانات الخاصة بالزبناء المنافسين الموردين والعاملين الموارد والطاقات البشرية . وأصبحت المعلومات والمعطيات تتسع وتكثر بشكل مذهل، وسيبلغ عدد مستخدمي الإنترنت ثلاثة مليارات نسمة حول العالم وسيحقق الإقتصاد الرقمي رقم معاملات يبلغ 4,2 تريليون دولار في الدول العشرين الأغنى والأكثر تصنيعا G/20 . ولن تستطيع أية مقاولة أو دولة تجاهل هذا المنحى الإستراتيجي الحتمي بل في الواقع لقد دخل العالم كله مرحلة جديدة من هذه الصيرورة التكنولوجية والحضارية والثقافية، حيث إن المدى والسرعة اللتان تتسم بهما المرحلة كفيلان بزعزعة وتهديد هيكلة نماذج صناعية واقتصادية قائمة وراسخة. المقاولات الحديثة والعصرية وحتى التقليدانية منها سوف تدرك أهمية خلق مصادر أفضلية تنافسية جديدة عبر استعمال واستغلال الأساليب والتقنيات الرقمية أو مايصطلح عليه إجمالا بالأنترنت الجديد The New Internet فالأنترنت الجديد سوف يكون مغايرا من حث نواحي وطرق عديدة لما كان عليه الإنترنت القديم The Old Internet وذلك كالآتي : - إن مركز ثقل الإنترنت الجديد يتغير، لقد أصبح أكثر تفاعلية وتشاركية من ذي قبل فهو يتحول من حصرية المصدر إلى تعددية المصادر فيما يتعلق بعمليات الربط الحصول و الدخول والتغذية بالمضمون والمعلومات، فلم يعد الأمر محصورا في أسواق الدول المتقدمة وإنما ينمو الإنترنت خاصة في الأسواق الناشئة والتي تغدو يوما بعد يوم متصدرة ورائدة الإبداع والإختراع. - الإنترنت الجديد يمتد إلى كل شيء، حيث إن مجموعة IBM تتوقع أن يصل مجموع الحواسب والآلات والهواتف والمعدات المربوطة بشبكة الإنترنت إلى تريليون بحلول سنة 2015، وهذا التطور القياسي سوف يغير بشكل راديكالي الأساليب التي تتبعها المقاولات للتفاعل مع الزبائن وكذا طريقة إدارتها لدورة التوريد لديها Supply chain - كما أن هذا التوجه الجديد سيسمح لمتدخلين جدد من الهجوم على أساسيات الصناعات التقليدية Cyber attacks . - الإنترنت الجديد يستجيب أيضا لمتطلبات الإقتصاد النظيف أو الإقتصاد الأخضر فهو يعني بالنظام البيئي والإيكولوجي بحيث يتأثر شكلا و مضمونا ومحتوى بالأساليب النظيفة التي تروج لها شركات مثل Amazon, Apple, Facebook ,Google وشركات آخرى Tencent و Baidu الصينيتان و Yandex الروسية . - إن الإنترنت الجديد أو الإقتصاد الرقمي يحقق قيمة وعائدا اقتصاديا هائلا داخل مجموعة العشرين، والاقتصاد الرقمي يحقق% 1 4,من الناتج الداخلي الإجمالي الكلي للدول مجتمعة أو ما يعادل ,32 تريليون دولار ، حسب إحصائيات سنة 2010 وهذا يفوق الإنتاج الخام الإجمالي لإقتصاديات كاملة كإيطاليا أو البرازيل مثلا، في دول أكثر تقدما يساهم الاقتصاد الرقمي بحوالي% 8 من الناتج الإجمالي الخام حيث يعد رافعة للنمو الاقتصادي ويساهم بشكل هام في خلق فرص العمل . - من خاصيته الكونية والعولمتية أضحى الإنترنت أيضا يتمتع بخاصية محلية فهو بالتعاقه بمفردات حياة لناس اليومية أصبح معبرا عن خصوصيات كل بلد على حدة من حيث المكونات الوطنية الإقتصادية الإجتماعية الثقافية وغيرها . - إن جيلا جديدا تربى على الإنترنت جيل الألفية الثانية لديه انتظارات وطموحات مختلفة كمستخدمين كزبناء وكمواطنين إن احتجاجات وتورات الربيع العربي وحركة Occupy Wall Street مثلا تمظهرات أولية لقوة أجيال الإنترنت الجديدة على التغيير في منظومات المجتمعات والتجارة والإقتصاد . - إن لهذه التغيرات والتطورات نتائج على المقاولات وعلى واضعي السياسات يتحتم استيعابها والتآقلم معها بدأ بالتالي : - سوف تحتاج المقاولات إلى فهم أعمق لأصولها الرقمية وبيانات ومعطيات عن الزبائن المنافسين الموردين .... وإلى تقويتها وحمايتها وكذا إلى تخفيض التزاماتها وديونها الرقمية digital liabilities والتي غالبا ما تكون ذات طابع تنظيمي داخلي والتي تحد من قدرتها على اقتناص الفرص وخلقها . - إن للحكومات دورا هاما في إحداث والمساهمة في التوجهات الجديدة للإقتصاد الرقمي فهي تستطيع دعم سياسات الإستثمار البحث والإختراع، التربية والتعليم، وحماية المستهلكين، والحق في الخصوصية والفضاء الحميمي وذلك عبر وشائل متعددة وربما تكون مقاربة رفع الأيديHands off Aproach- أي تقليل التحكم المباشر والحاد أجدي وأنفع، في عام 1980 قال والتررايسون الرئيس الأسبق لسيتي بنك إن المعلومة حول المال أصبحت هامة بقدر أهمية المال نفسه تقريبا . وأعتقد أن الحكومات المتعاقبة على دفة القيادة في المغرب تفتقد إلى الوعي الكافي بأهمية الإقتصاد الرقمي ووضعه كأولوية حيوية في برامج الإقلاع الإقتصادي المنشود ماعدا مبادرات محتشمة هنا وهناك، إن واقعا اقتصاديا مضطربا وصعبا يواجهه المغرب يستوحي وضع برنامج اقتصادي بسلم أولويات، يركز فيه على ما يخلق نماذج صناعية متطورة ويتجنب فيه تشتيت الجهد والموارد المالية، عبر قرارات سياسية شجاعة جريئة وحازمة وأعتقد أن المغرب يستطيع بناء نموذج صناعي للإقتصاد الرقمي، عبر تعبئة الطاقات والموارد وعبر وضع رؤية واضحة لأهمية الإقتصاد الرقمي ودوره في تحقيق العائد الإقتصادي المجزي، قوة تصديرية وفوماتية, وخلق الوظائف وفرص العمل للكثير من الشباب، ولدينا في الهند مثالا يستحق الدرس والإستلهام . مستشار وممثل إحدى بنوك الإستثمار في المغرب