الجفاف يحاصر تركيا... شهر يوليوز الأشد جفافا في إسطنبول منذ 65 عاما    كأس السوبر السعودية: الأهلي يحرز اللقب بفوزه على النصر بركلات الترجيح    المغرب يواجه السنغال في "الشان"        المغرب يختبر صواريخ EXTRA في مناورة عسكرية بالشرق    المغرب.. الضرائب تتجاوز 201 مليار درهم عند متم يوليوز    طقس السبت.. انخفاض في درجة الحرارة وامطار رعدية    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    الصين تكتشف احتياطيات الغاز الصخري    قصف إسرائيلي يقتل 39 فلسطينيا    فرض "البوانتاج" الرقمي على الأساتذة!        الركراكي يستعد لكشف "قائمة الأسود"    المغرب ضيف شرف الدورة ال 19 للمعرض الوطني للصناعة التقليدية ببنين        صوت الرصاص يلعلع بمدينة الريصاني    حريق في السوق الأسبوعي للريصاني    الحسيمة.. الدرك يحبط محاولة للهجرة السرية عبر قارب صيد تقليدي        الريسوني: الأمة الإسلامية تواجه زحفا استئصاليا احتلاليا من قبل الكيان الصهيوني    مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب    نادي باريس سان جرمان يودع حارسه الايطالي دوناروما بتكريم مؤثر    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب غزة    سائق يفقد عمله بعد رفضه الفحص الطبي والمحكمة تنصف الشركة    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    المغرب يبرم اتفاقية استشارية لفضح البوليساريو وتعزيز علاقاته بواشنطن    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب        برلمانية: الخلاف بين أخنوش ووزير النقل حول الدراجات النارية كشف هشاشة الانسجام الحكومي    كلفته 14.7 مليار سنتيم... 'البيجيدي" يسائل الحكومة عن جدوى برنامج "الزبون السري"    جمعية حقوقية تدق ناقوس الخطر من توالي الاعتداءات الجنسية بحق الأطفال في المغرب    وزير خارجية باكستان يصل إلى بنغلاديش في أول زيارة من هذا المستوى منذ 13 عاما    الذهب في المغرب .. أسعار تنخفض والمبيعات في ركود    المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    الأنشوجة المغربية .. سمكة صغيرة تصنع ريادة كبرى في القارة الأفريقية    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    كيوسك السبت | قادة إفريقيا واليابان يشيدون بالمبادرات الملكية بشأن المناخ والهجرة    أجواء حارة نسبيا في توقعات طقس السبت    ثلث الألمان يخشون فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. "أسود الأطلس" يقتربون من اللقب بتغلبهم على تنزانيا    "يويفا" يمنح برشلونة الإسباني دفعة قوية قبل انطلاق دوري أبطال أوروبا    بطولة انجلترا: تشلسي يهزم وست هام (5-1)    الإعدام للرئيس السابق للكونغو الديمقراطية مطلب النيابة العامة    احتفاء خاص بالباحث اليزيد الدريوش في حفل ثقافي بالناظور    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبعاد التربوية للهجرة النبوية
نشر في أزيلال أون لاين يوم 25 - 02 - 2008


بسم الله الرحمن الرحيم.
الأبعاد التربوية للهجرة النبوية
في كل بداية كل سنة هجرية يحيي المسلمون ذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم من مكة إلى المدينة المنورة , و لكن هل نستحضر الحدث التاريخي و كفى أم أن للهجرة أبعادا متعددة ينبغي الوقوف عندها و تمثلها في حياتنا اليومية؟ هذا ما سنحاول التطرق إلى جزء منه - الأبعاد التربوية- في هذه المقالة عن شاء الله .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما رواه الإمام أحمد و مسلم: \" لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها\"
إن الهجرة قائمة باقية ما بقيت التوبة ، و باب التوبة مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها، مصداقا لقول الله عز و جل في سورة الأنعام الآية 158 { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون } و ذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة و أشراطها كما قال الإمام البخاري في تفسير هذه الآية. و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: فإذا طلعت و رآها الناس آمنوا أجمعون و ذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل \"
فالهجرة إذن ليست حدثا تاريخيا يقرأ و كفى في انتظار سنة أخرى, و إنما هي مناسبة لاستخراج الدروس و العبر ، بل العمل بها و التأسي برسول الله صلى الله عليه و سلم لأن كل ما حولنا ينبغي أن يسخر لمصلحة دين الا سلام و في خدمة المسلمين .. لأن ضياع الدين يعني ضياع كل شيء , و قد كانت هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم مناسبة غالية تستوجب من كل مسلم و مسلمة التمعن في قراءتها و فهمها , ذلك أنها لم تكن مجرد هروب من الأذى و العذاب , و لم يكن أصحابها يبحثون عن مكان الراحة و الاسترخاء, بل هي تعبير صادق عن إيمان رجال صادقين و نساء صادقات و إذ ليس من الهين أن يدع الرجل ماله و أهله و بنيه و وطنه ليرحل عنهم ، إنها قوة الإيمان و عظمة اليقين في الله عز وجل , إنها ثمرة التربية النبوية.
و فيما يلي ذكر موجز لبعض الدروس و العبر التربوية المستفادة من الهجرة النبوية:
*************
أ - التوبة و هجران ما حرم الله:
الهجرة مستمرة ، و التوبة بابها مفتوح ن و أجل المرء غير معلوم ، مما يستوجب التعجيل بالتوبة على الله عز و جل ، دون أن يلهينا الأمل و متاع الدنيا لقوله جل جلاله: { درهم يأكلوا و يتمتعوا و يلههم الأمل فسوف يعلمون}سورة الحجر 3 . و قوله عز و جل : { و توبوا إلى الله جميعا أيها المومنون لعلكم تفلحون} سورة النور 31 و قول الحبيب المصطفى: \" توبوا إلى ربكم فوالله إني لأتوب إلى ربي في كل يوم مائة مرة\" رواه مسلم.
فهذا رسول الله المؤيد بالله و المعصوم يتوب أكثر من مائة مرة في كل يوم , فكيف بنا نحن البشر الخطاؤون المعرضون للفتن و وساوس الشيطان اللعين, فالأجدر بنا أن نقتدي بسنة الرسول الصادق المصدوق في الإكثار من التوبة و الاستغفار. و ينبغي أن تكون هذه التوبة نصوحة خالصة لوجه الله سبحانه و تعالى ، تتوفر فيها الشروط المعروفة في هذا الباب و هي الإقلاع عن الذنب و العزم على عدم الرجوع إليه و الندامة على ما مضى و رد المظالم لأهلها, و البحث عن صحبة و بيئة صالحة تعين صاحبها على ذكر الله و تخرجه من سباته و غفلاته, و هجران أصحاب السوء.
*****************
ب - صدق التوكل على الله تعالى مع الأخذ بالأسباب:
إن ترك المال و الأهل و الولد و الوطن استجابة لأمر الله عز و جل , و ثمرة تربية إيمانية عملية قوية غرضها الأسمى نيل رضى الله سبحانه و تعالى. كل ذلك كان ثمرة التربية التي تلقاها الصحابة رضي الله عنهم على يد الحبيب المصطفى في مكة المكرمة في بيت الرقم ابن الأرقم في بدء الأمر, مما يبين قمة التوكل على الله عز و جل و اليقين التام بأن نصر الله آت . فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغذو خماصا و تروح بطانا.\" رواه الترمذي و غيره و قال حسن صحيح.
كما حرص رسول الله أن تكون الهجرة خالصة لوجه الله تعالى حيث حرص على أن تكون الراحلة من حر ماله صلى الله عليه و سلم.
****************
ج - ملازمة الأخيار و الصالحين لا تثمر إلا خيرا:
لقد كان سيدنا أبا بكر على علم أن الرحلة لن تمر دون مشقة , و مع ذلك حرص على مصاحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم , لأنها مصاحبة الصادق المصدوق من لدن مؤمن كأبي بكر يعرف قيمتها و غرضها النبيل, و ظهرت فرحة أبي بكر واضحة فيما روي أمنا عائشة لما رد الرسول الأعظم على أبي بكر قائلا: الصحبة. قالت عائشة:\" فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ\"
*******************
د- هم الدعوة لا يفارقه صلى اله عليه و سلم:
حرص صلى الله عليه و سلم على دعوة الناس إلى الإسلام في طريقه إلى المدينة المنورة كما هو شأن قاطعا الطريق اللذان دعاهما على طريق ركوبة أسلما, و كذا إسلام بريدة بن الحصيب و من معه في الغميم [واد بين مكة و المدينة] حيث صلى معهم العشاء.
*******************
ه - تفعيل دور المسجد: المؤسسة الحاضنة للدعوة:
إن أول عمل قام برسول الله صلى الله عليه و سلم حين وصل المدينة المنورة بناء مسجد قباء, و لم يبنه الحبيب لأداء الصلوات فقط بل كان مؤسسة تؤدى فيه الشعائر , و تدرس فيه أمور الأمة و شؤونها, و فيه تقام حلقات العلم, و منه تخرج سرايا الجهاد و الغزو.....لقد كان المسجد في عهده صلى الله عليه و سلم مؤسسة قائمة بذاتها و كانت عمارة المسجد دأب المؤمنين الأوائل امتثالا للآية الكريمة : { ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر, أولئك حبطت أعمالهم و في النار هم خالدون, إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة و آتى الزكاة و لم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} سورة التوبة 18-17.
*******************
و - الولاية بين المؤمنين و المؤمنات:
لقد ترك المهاجرون كل شيء وراءهم بمكة , نزلوا إخوانا كراما على الأنصار أصحاب المدينة الذين نصروا و آووا و آثروا على أنفسهم و واسوا و قدموا المثال الصادق للأخوة و المحبة في الله عز و جل فقال فيهم الله عز و جل: {
و الذين تبوأوا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يوثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} الحشر 9 .
*******************
ز - حفظ الأمانات و صيانتها:
اول ما ينبغي أن يحفظ هو دين الله عز و جل و لذلك هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم, و من الدين إقامة الشعائر و التقرب إلى الله بالفرض و النفل و الصلاة في وقتها , و من الأمانات كذلك الحفاظ على ذكر الله في السكنات و الحركات. و من حفظ الأمانات تخاف علي كرم الله وجهه بطلب من الرسول المصطفى حتى يقوم بوظيفتين : الأولى أن يوهم المشركين بان الحبيب لم يغادر حجرته و الثانية : أن يرد الأمانات إلى أصحابها, و هي أمانات كان المشركون يودعونها عند رسول الله رغم تكذيبهم برسالته لما يعرفون عنه من حفظ الأمانة و صدق الحديث.
*******************
تلكم بعض الأبعاد التربوية و الدروس التي يمكن استخلاصها من الحدث النبوي العظيم , هجرة مكة على المدينة, نسال الله أن يوفقنا جميعا إلى تمثلها في حياتنا و العمل بسنة الصادق المصدوق , و السير على منهاجه القويم . و صلى الله على سيد نا محمد أشرف الخلق أجمعين . و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.