وغدوتَ عابرا في لهيب بدا في حلكة الدهرِ ألقا تمنّاه حزنك الدافئ وغدوتَ تائها يدور في خريطة أخطأتها المرافئ حتى أوشكتَ أن تغور في لجة العبثِ وتنتهي طريدا في سحيق النائبات وهذا الليل السادي يا ولدي أقوى من جَلدي وأنت أعتى ما في نكدي وأنت تجيئني من حيث تأتي الحيرةُ على صهوة من قلقِ وأنت تجيئني، يطفح في عينيك قهر التعبِ وعشقٌ وثني ما أخيبني كان المد كاسحا، وكنتُ ساهيا على ضفاف الغفلة وكنتُ أحسبه نديا وكنت لا أعير قلبا لأسراب الدهشة وكنت غبيا وكان الوقت خاطفا حين فاجأني على حافة الوهَنِ وكنتُ رخيا ما أخيبني زاغت جادتي عن سدرة المنتهى ودارت جهة الفوضى ودارت بك الأهواء يا ولدي فما عدتَ تدري أبحرٌ هذا الذي هزمك أم ليل من زبدِ !؟ وما عاد يليق غير هذا الشجنِ وذاك الوعيد الذي بالثبور أمطرك ما أتعسك! ما أخيبني! وما عدتَ تدري يا ولدي أعار أنت عليك، أم عار على البلدِ!؟ أم حبلك متروك على مسحلٍ أهملك!؟ ما أتعسك ما أخيبني مالت ريحي إلى حيث في الوهم أصحو وفي الضوء أنام يخنقني الصبحُ ويخنقني الكلام ومنذ البدء كنت غصنا منسيا وكانت الريح لا تفتأ تدفعني في اتجاه الحطام وكنتُ طريا والليل السادي، يا ولدي ما ارعوى في غسقٍ من أن يركبني أثقلني وزرا، وشزرا أوعدك ما أتعسك ما أخيبني ومن زمان كانت تأتيني العلامات الكبرى ومن غير هزء، لم أكن بالعلامات أبالي ما أتعسني كنت غابرا في ضلالي وكنت سادرا في غلالة الوسنِ وكان الليل يأخذني عُجبا وغيا ما أتعسني لم أكن تقيا طافت بيَ الشهوة في أقاصي الغواية وما انفكت تلوينات الإغواء تحاصرني وما انفكت ريح الغدر تؤجج ذاكرة الحرمان وكان القلب غضا نقيا وكنتَ يا ولدي تظن أنك عن خيانة الدنيا في منأى وكان الظن إثما قويا فما انتبهتَ حتى أتاك طائرٌ أوجعك ما أتعسك شطّ بك التيه بعيدا من العودة يا ولدي شطّ بك في بحر الفتنِ وشاهقُ الليل من علٍ خسفك والليل السادي ما أمهلك فما أتعسك وما أخيبني الشاعر : عبد اللطيف الهدار