يوجد في المغرب دركيون يشتغلون ما يقارب 100 ساعة في الأسبوع. يشتغلون ليل نهار، وقد لا يستفيد الدركي من حقه في راحة إسمها عطلة نهاية الأسبوع “الويكاند”، أو عطلة بين يومي عمل تسمى “جوغ فيريي“… قد يشتغل في مصلحة الديمومة (بيرمانوس) بمقر عمله من الثامنة صباحا حتى الثامنة من مساء ذات اليوم ، وقد يخرج لمواصلة العمل في سد قضائي على الطريق، أو للقيام بعملية أمنية، غالبا ما تكون مطاردة مبحوث عنهم في قضايا المتاجرة في المخدرات أو جرائم ضد الأصول ، أو السرقة والاغتصاب والسكر العلني و… و…و…. قد يقف الدركي في المدار 12 ساعة كاملة بدون جلوس ولا راحة ولو لدقيقة واحدة . وإذا ضبط من طرف رؤسائه أو منهم أعلى مرتبة منه يتكلم في الهاتف أو يدخن سيجارة أو جالسا في الظليلة لبعض ثوان تقيه حر الشمس اللافحة في الهجيرة، إذا ضبط يدفع الثمن غاليا، ويعرضه الأمر إلى عقوبات شتى. من الدركيين من يغادر العمل بعد أداء واجبه المهني على الساعة الثانية صباحا، وعندما يذهب للنوم، قد ينادى عليه لعمل إضافي كالقيام بإجراءات حادثة سير مميتة. فيجمع أشلاء الضحايا من الطريق ويعاين أعضاء بشرية ويتعامل معها بمشاعر من حديد. هؤلاء الدركيون لا يعرفون شيئا اسمه الدعم النفسي، ولا الراحة… من الدركيين النزهاء، من يؤدي الواجب بكل تفان واخلاص دون مد اليد لاخذ ولو درهم رشوة، رغم أن راتبه قد لا يصل إلى 5000 درهم في الشهر… الدركي انسان قبل كل شيء، وتتعدد مشاكله الاجتماعية وتتشعب، ولكنه لا يستطيع الجأر بالشكوى، لأن المؤسسة العسكرية تسير بلا عواطف انسانية إلا ما نذر كالموت أحيانا من الدركيين من أمه أو والده طريح الفراش، بعد عملية جراحية، أو مرض مزمن، وقد يكون في أنفاسه الأخيرة يصارع سكرات الموت، لكن الابن الدركي لا يستطيع الذهاب للاطمئنان على والديه، أو توديعهما حتى. من الدركيين من لم يلتقي والديه واخوته أو أبنائه وزوجته أحيان ، لأكثر من نصف سنة أو يزيد، لان رؤساءه لم يوقعوا على صك الاستفادة من عطلته السنوية والتي هي حق من حقوقه، ولكنه لا يستطيع الاحتجاج أو الشكوى في مؤسسة عسكرية، تنفذ فيها الأوامر حرفيا ولا تناقش، لأن طاعة أولي الأوسمة والنياشين، أكبر وأسمى من حقوق الدركيين في غالب الأحايين من الدركيين من أحب فتاة وقصد أهلها للزواج، ولكن عند دفعه طلب الزواج رفض زواجه منها من طرف الإدارة العامة، لأن زوج خالتها في فرنسا لديه لحية طولها خمس سنتمترات ويواظب على الصلاة في المسجد مع الجماعة. هذا الدركي ممنوع من الحب حتى في زواجه، وقذ تحول إدارته العليا بينه وبين زوجته ، عندما تنقله إلى مدينة قذ تبعد مسيرة يومين أو ثلاثة بدواعي مصلحة الوطن الدركي ليس له الحق في : التعبير لا همسا ولا جهرا عن رأي سياسي أولا اجتماعي. وليس له حق التصويت. في الانتخابات ليس له الحق في الإضراب ولا التظاهر ولا حتى الاحتجاج أو الاستنكار أو التظلم … الدركي ليس له نقابة ولا وزير ليحاوره أو يستفسره عن ظروف عمله المضني، ولا على التقاعد، ولا السكن الوظيفي، ولا …ولا … في الأخير نحن لا ندعي لا من قريب ولا من بعيد أننا أحطنا بكل مشاكل الدركيين، فهي أكبر وأعظم وأعقد من أن يحاط بها كلها في مقال واحد، وفي الأخير لا يسعنا أن نحيي بحرارة الشرفاء من رجال الأمن الوطني ،الدرك الملكي، القوات المساعدة ،القوات المسلحة الملكية، البحرية الملكية، القوات الملكية الجوية، الجنود وكل جنود الخفاء …