“الراقصة والسياسي” فيلم سينمائي مصري مشهور يعود إنتاجه إلى العام 1990، موضوعه هو المقارنة بين ما تمارسه الراقصات وبين ما يمارسه السياسيون من أنشطة، قد تبدو مختلفة لكنها في الواقع متشابهة . الفيلم الذي عكس بصورة ساخرة لعب الراقصات والسياسيين على حبال حساسة لتحقيق “التأثير” والإفلات من “الأخطار” حظي بشعبية واسعة وتابعه المشاهدون العرب طويلا. فالرقص بتوظيف الجسد والحركات البدنية وظيفته تسلية الجمهور وهدفه تحقيق الإغراء أو “التأثير”، وهو يتشابه غالبا مع خطابات رجال السياسة الذين يعتمدون على الكلام المعسول والوعود من أجل إلهاء الجمهور ومنحه شعوراً بأن الأمور تسير على ما يرام وبشكل جيد على الرغم من أن الأحوال على أرض الواقع ربما تكون سيئة للغاية. بنكيران يرقص على أنغام الدبكة الفلسطينية وتبدو العلاقة بين الرقص والسياسة علاقة مشوقة ومثيرة للاهتمام، إذ أن المتأمل فيها يكتشف أن الراقصة والسياسي في واقع الحال وجهان لعملة واحدة، فالراقصة مخادعة بحركات جسمها، والسياسي مراوغ بحركات لسانه. بنكيران يرقص على أنغالم الدبكة الفلسطينية ويعتبر عبد الإله بنكيران ، رئيس الحكومة ، من أبرز المسؤولين السياسيين المغاربة الذين يمارسون هذه المهارة الجسدية والمهاترة اللسانية، بل تعدى ذلك إلى الإسقاط الحرفي لكلمة “رقص” حيث رصدته عدسات الكاميرا في مناسبات مختلفة وهو يرقص. ولا يتوانى بنكيران في كل مناسبة عن استعراض خطاباته اللسانية المتمثلة في “النيران اللفظية” و”التراشق بالإيحاءات القوية”، ورغم زلاته الكثيرة في حق جهات عدة، إلا أنه ينجح دائما في الإفلات من كبواته. الرقص اللفظي ليس مهارة بنكيران الوحيدة، فهو راقص بارع أيضا بالمعنى الحرفي للكلمة، ففي كل مناسبة ثقافية كانت أو إجتماعية تحضر فيها فرقة غنائية، لا يتوانى رئيس الحكومة في إبراز مهاراته في الرقص، وإظهار إمكاناته في التماهي مع نغمات وإيقاعات الموسيقى، كما يتماهى في مماراساته السياسية بشكل يومي مع المطالب الإجتماعية الملحة. بنكيران يرقص على أنغام أحواش رقص وتصفيق، يضاهيان السخرية والتحقير والارتجال و”السوقية” إن أمكن القول في الرد على المعارضين. فبنكيران إذن راقص بارع على الإيقاع، ومتحدث حاد اللسان، سليطه. ويجيب علم الاجتماع السياسي على سؤال التداخل والتفاعل بين السياسة والواقع الاجتماعي من خلال دراسة وتحليل الظواهر ذات الصلة بتلك المنطقة المشتركة، فرقص بنكيران ليس من أجل التسلية وإنما يحاول من خلاله إعطاء إنطباعات متعددة وفي جميع الإتجاهات، ورسائل لخصومه السياسيين كذلك. فالرقص للعامة، تعبير عن الإنسانية، عن البساطة، وعن القرب، وهو للخصوم تعبير عن رباطة الجأش والشعور بالأمان والقوة والسلطة، بعيدا عن التهديد الذي يخلف في نفس المُستهدف شعورا بالارتباك والخوف. بنكيران ينشر شريط فيديو يرقص مع حفيده بنكيران يصفق ويرقص داخل سيارته الوظيفية