الخط : إستمع للمقال في الوقت الذي يعلق فيه منتخبو جماعات جهة سوس ماسة، ومن خلالهم ساكنة الجهة، آمالهم على دور مجلس الجهة في رفع مختلف التحديات التنموية، وتجسيد ذلك خلال ما تبقى من دورات المجلس التي تُعدّ على رؤوس الأصابع، خرج علينا مكتب مجلس الجهة بجدول أعمال مخيب للآمال، لا يعكس بتاتاً حجم الرهانات المعلقة على هذه المؤسسة الجهوية، بحيث لم يتضمن سوى ثمان نقاط تتعلق كلها تقريباً بتعديل أو إعادة دراسة والتصويت على اتفاقيات سبق للمجلس أن ناقشها، إضافة إلى نقطة لإبداء الرأي، دون أي مبادرات جديدة أو أوراش مهيكلة. وتُزكي هذه الخطوة التي أقدم عليها مجلس جهة سوس ماسة، الإحساس السائد لدى المتتبعين للشأن المحلي بالجهة، بأن هذا المجلس دخل فعلاً في حالة من شبه الإفلاس، نتيجة التدبير العشوائي وضعف الرؤية والقيادة، وهو ما ينذر بنهاية الولاية الانتدابية الحالية قبل الآوان، ليس فقط على مستوى الزمن السياسي، بل أيضاً على مستوى الأثر التنموي المنتظر. وأمام عجز مجلس جهة سوس الواضح في التخطيط والمبادرة، لم يجد والي جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي في إطار حرصه على تنزيل التوجيهات الملكية والسّهر على مصالح ساكنة الجهة، (لم يجد) بُداً من تفعيل مقتضيات المادة 42 من القانون التنظيمي للجهات رقم 111.14، وذلك بالتدخل لإقتراح على مكتب المجلس إدراج مجموعة من المشاريع الحيوية ضمن جدول أعمال الدورة. وتتضمن هذه المشاريع التي اقترحها الوالي أمزازي، وفق مصادر "برلمان.كوم"، اتفاقيات شراكة محورية تهم إنجاز الشطر الأول من مشروع المنطقة الصناعية المندمجة والمستدامة بتارودانت، وإحداث المعهد الوطني للعمل الاجتماعي بالجهة، إلى جانب برنامج للتأهيل والتمكين الاقتصادي للنساء في وضعية هشاشة والأشخاص في وضعية إعاقة، ناهيك عن تزويد منطقة إيغرم بالماء الصالح للشرب انطلاقاً من محطة تحلية مياه البحر، وتنظيم قوافل طبية متنقلة في مختلف مناطق الجهة، ومشروع لتأهيل والنهوض بقطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني. كما اقترح الوالي أمزازي وفق ذات المصادر، برمجة مساهمة الجهة في تمويل البرنامج الاستثماري الخاص بالنموذج الجديد لتدبير عقود التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري، برسم السنة المالية 2025، بمبلغ يصل إلى 363.71 مليون درهم، وهو رقم يعكس حجم التحديات التي تتطلب تعبئة جهوية حقيقية، لا مجرّد تسيير تحكمه النوايا السياسية التي تُضيع على الجهة زمنا تنمويا مهمّا. وفي ظل الأمر الواقع الذي فرضه مكتب المجلس بجدول أعماله الذي اطلع عليه موقع "برلمان.كوم"، تلقى عدد من رؤساء الجماعات الترابية صدمة كبيرة، بعدما كانوا يعقدون آمالاً واسعة على دورة يوليوز لتكون محطة لتمرير اتفاقيات تنموية خاصة بجماعاتهم، سواء في مجالات البنية التحتية أو الطرق أو الأسواق أو الاقتصاد الاجتماعي...، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية والجهوية، التي تدفع المنتخبين لتقديم للساكنة ما يشفع لهم بتنزيل وعودهم وبرامجهم الانتخابية على أرض الواقع، لكن مكتب المجلس، ورئيسه، خيّبا هذه الآمال، بتغييبهما لأية رؤية شمولية أو إرادة جدية في تعميم التنمية على كافة تراب الجهة. هذا الإحباط المتزايد دفع بعدد من المنتخبين إلى التساؤل عن جدوى الاستمرار في التعويل على مؤسسة جهوية عاجزة عن الوفاء بأبسط التزاماتها، بل وأصبحت تُدار بمنطق التسيير البيروقراطي، بعيداً عن نبض الجهة وهموم الجماعات، وهو ما يهدد بانفراط عقد التنسيق بين رؤساء الجماعات والمجلس الجهوي، ويزيد من مظاهر التشرذم المؤسساتي الذي يتعارض مع روح الجهوية المتقدمة. وفي ظل غياب أي مؤشرات على دينامية ذاتية داخل المجلس، باتت المبادرة التنموية بالجهة تأتي من بعض القطاعات الحكومية، وهو ما يطرح سؤالاً كبيراً حول الدور الفعلي لرئيس الجهة، كريم أشنكلي، الذي يبدو أنه فشل في الترافع كما في التدبير، وانكمش دوره إلى حد أصبح فيه وجوده السياسي محصوراً في بروتوكولات شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع. ولعلّ من المفارقات المؤلمة أن العديد من رؤساء الجماعات باتوا يفضلون السفر فرادى إلى الرباط، للبحث عن تمويلات وتنزيل مشاريع تنموية محلية، بدل انتظار مبادرات جهوية غائبة أو متعثرة، مما يحوّل مؤسسة الجهة من رافعة للتكامل والتنسيق إلى عبء إضافي على جهود التنمية، ويضرب في الصميم الورش الملكي للجهوية الذي يراهن عليه الملك محمد السادس، للمضي قُدما في تنمية كل جهات المملكة. وفي ظل هذا الواقع، قد يصح القول أن "اللي قضى الغرض" في بداية الولاية، حين كانت أبواب الجهة مفتوحة والاعتمادات المالية الموروثة عن المجلس السابق متوفرة، قد أحسن التقدير، أما اليوم، فإن ما تبقى من زمن الولاية يبدو مرشحاً ليكون وقتاً ضائعاً آخر في مسار جهة تستحق أفضل مما هي عليه بكثير، فطوبى "اللي عندو جداتو فالمعروف"، وكان الله في عون من تلقو العديد من الوعود، لكن جدول أعمال دورة يوليوز صدمهم، وفجّر لديهم الإحساس بالخديعة، بل وجعلهم يقفون على زيف تلك الوعود ويكتشفون أنها كانت "غير كلام ديال المناسبات ولحظات للاتقاط الصور فقط". الوسوم الإفلاس السياسي التنمية الجهوية الجهوية المتقدمة جدول أعمال سوس ماسة