في الوقت الذي ضبطت فيه العصابة الحاكمة في الجزائر تنقل عبر موانئها سفنا ومعدات إلى الموانئ الإسرائيلية، وكشفت القيادة العسكرية الأمريكية عن الخط الجوي الجزائري المفتوح الذي سلكته المقنبلات الأمريكية لقصف المنشآت النووية الإيرانية، تواصل هذه العصابة الهروب إلى الأمام وطمس الحقائق وصناعة الدسائس وإظهار النفاقات التي تدبر بها مواقفها من الحرب الجارية في الشرق الأوسط، والتي تقترب منها وتتحسس انزلاقات التراب من تحت أقدامها، وذلك بدسيستين: – الدسيسة الأولى: تكثيف الحملات العدوانية والتطاولية على بلادنا وشعبنا بسيل من الأخبار الكاذبة والمختلقة جملة وتفصيلا، والمواكبة للحرب في المشرق وعينها ولسانها السليط على المغرب، والتي مفادها أن المغرب يسلح إسرائيل وينقل إليها معداته العسكرية وخبراته وجنوده، وأنه يشارك ميدانيا في استهداف إيران بالضربات والجوسسة، إلى درجة فبركة وتزوير وثائق مفضوحة وضعتها العصابة وقدمتها لحلفائها الإيرانيين في هذه الظرفية العصيبة التي اختلطت فيها الأوراق والمواقف، وتنكبت فيها جزائر العصابة نفسها، سبيل الحكمة والرشاد، وأعمتها الخصومة مع المغرب عن الرؤية الواضحة لفضيحتها، إلى حد الفجور والعربدة ذات اليمين وذات الشمال. وإذا كانت الحيلة التي أعملتها في المواكبة الديبلوماسية والإعلامية للحرب الدائرة في الشرق الأوسط، بإقحام الجار المغربي، العدو الكلاسيكي كما تصفه وتصنعه في مخيلة شعبها، قد انطلت على من لا يعرف رعونة هذه العصابة وجرائمها المتواصلة في حق الشعوب والدول ومزايداتها عليها بما تسميه زورا بالمواقف والمبادئ، فإن العالم الحر الخبير بهذه الآلية الإجرامية للعصابة، لا يحتاج إلى تأكيد أن الهدف من كل هذه الحملات المفضوحة هو شيطنة الدولة المغربية الراعية للسلام والاستقرار والتعاون الدولي على خفض التوترات وتسوية النزاعات بالحوار والتفاوض والالتزام بالشرعية الدولية والقوانين الإنسانية، ومحاولة تشويه مواقف المغرب الحكيمة والناضجة والمتمتعة بالمصداقية والقدرة الإقناعية بصواب نهجها. ثم إن ما تروجه العصابة من مغالطات وتزييف للحقائق واختلاق للأحداث، تصطدم بحقيقة واحدة هي مخالفتها للمعلوم من المغرب بالضرورة في دعم السلام ودعم القضية الفلسطينية، ولوضوح الموقف المغربي الثابت من رفض الحروب، ومن صدق وجدية انخراطه الدائم والقوي في الحل السلمي للنزاعات، هذا فضلا عن أن هذه الوقائع المزورة والبروباغاندا الإعلامية للعصابة، متناقضة أيضا مع منطق الواقع والحقيقة الذي لا يشير من قريب أو بعيد إلى أية معلومة أو خبر أو واقعة مكشوفة أو مفترضة أو متوقعة عن انخراط المغرب في هذه الحرب القذرة الدائرة سواء في غزة أو إسرائيل أو إيران، مع توفر كل الدواعي والأسباب الموضوعية للمغرب لاستغلال ظرفية الحرب في تعميق السقوط الحر لأعداء وحدته الترابية ومنهم إيران، والإسهام في دحرهم ورد كيدهم إلى نحورهم وتحويل تحريضهم إليهم. ولأنه لا مصدر مؤكد وموثوق للأخبار المصنوعة عن المغرب في الغرف المظلمة للعصابة، فإن العصابة وحدها من استغل هذه الحرب البعيدة عن المنطقة المغاربية، لقضاء مآربها الضيقة بالإشارة الأبدية إلى المغرب كمحور وقطب لما يجري من حروب فيها وخارجها، وذلك بإسقاط صورة العصابة السيئة السمعة، وتصرفاتها الرعناء في أمن المنطقة وعبثها بالعلاقات الأخوية بين شعوبها، على مغرب السلام وقطب الاستقرار والتعاون والحوار الإقليمي والدولي. – الدسيسة الثانية: هي التصوير الكاذب والغادر والمنافق للعصابة نفسها على أنها تتمسك بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية في العلاقات الدولية وفي علاقات الجوار، وأنها تحذر وتدين وترفض أي مساس بالاستقرار والسلام والأمن، وتحمل رسالة الحوار والحلول التفاوضية إلى العالم، وتعظ المجتمع الدولي بها، بينما لا يرى هذا المجتمع من العصابة عمليا وديبلوماسيا وميدانيا إلا تعزيز جبهة الرفض لكل حوار أو تفاهم أو تفاوض، بل وتحريضا متواصلا على إبقاء النزاعات مشتعلة من المحيط إلى الخليج شرقا، ومن البحر المتوسط إلى العمق الإفريقي جنوبا، لأن نظام العصابة هذا يقتات من الدماء والأشلاء، ووجوده أو بقاؤه رهين باستمرار بؤر التوتر وتغذية النزاعات، واختلاق غيرها، بمبرر أن الجزائر مستهدفة، وأن العدو يحيط بها من كل جهة، وأن لا تفاوض ولا حوار ولا جلوس إلى طاولة أي حل سلمي في ظل الحلم الأبدي بالهيمنة والسيطرة، وفي سياق التعبئة الشاملة للقوة الضاربة وللحرب والمواجهة المسلحة والدموية، ظاهرها عدو خارجي وهمي، وباطنها تهديد حقيقي للشعب الجزائري وقمع مطالب حراكه المكتوم والمؤجل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية التي ستعجل برحيل العصابة. ولعل بيان خارجية العصابة التحذيري بعد القصف الأمريكي للمفاعلات النووية الإيرانية، وملحقه الثاني المتمثل في بيانها التنديدي بالقصف الإيراني لدولة قطر، خير مثال على صورة تخبط العصابة في نفاقها وجبنها وخديعتها، في أبهى تجليات هذا التخبط والارتباك، حيث لم يبدر من العصابة أية عبارة صريحة وشجاعة تعبر عن إدانة أمريكا في البيان الأول، ولا عن إدانة إيران في البيان الثاني، مكتفية بلعب دور الناصح الأمين، والواعظ بأن الخيار العسكري لم يكن في يوم من الأيام سبيلا لحل المشكلات والأزمات التي تعرفها المنطقة، وأن التصعيد الخطير لا يخدم السلام، في وقت يطغى عليه إجماع دولي واسع يدعو إلى البحث عن سبيل للحد من التوترات في المنطقة، مع تأكيد العصابة وبناء على هذا الإجماع الدولي على "ضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، والسعي بصدق وحسن نية إلى البحث عن حل سلمي… وعليه، فإن أولوية الأولويات راهنا تكمن في العودة لأسلم وأنجع نهج بل الأقل تكلفة، ألا وهو النهج السياسي السلمي الذي يستند إلى أحكام وضوابط الشرعية الدولية، وميثاق الأممالمتحدة الذي من شأنه أن يجنب المنطقة المزيد من التوترات والمآسي". الذي يقرأ هذه المقتطفات من أحاديث وهلاوس العصابة ويعلم من الواقع مدى تعنت العصابة في منطقتها ورفضها وعرقلتها لأي حل سياسي تفاوضي بشأن ما اصطنعته من توترات وحروب، ويهمنا منها نزاعها المفتعل والأبدي مع المغرب حول صحرائه، لن يصدق أن المتحدث هو نظام العصابة المتعنت والممانع والرافض الذي عسكر كل علاقاته مع المغرب، وتوجه بها نحو الصدام المرتقب، ووقف في وجه مساعي السلام والتفاوض والحوار، ورفض اليد الممدودة إليه للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ومناقشة كل القضايا العالقة بين البلدين. كان جواب العصابة في مواجهة كل الداعين إلى ما تذكره اليوم في وعظها ونصيحتها للعالم، هو أن الكرامة والعزة تنال بالدم، وأن خيار السلام والحوار يعني الهزيمة والهوان، وأن دك معاقل العدو الجار هو كل ما تملكه من ردود تتكفل بها ميليشياتها الانفصالية التي أصدرت ما يفوق الألف بلاغ حربي بعد أمر العصابة بإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد، الذي تنصح به اليوم أمريكا وإسرائيل وإيران ودول الخليج العربي، ولم تلزم نفسها بنصيحتها أو صرختها في الهواء الطلق. إن آخر من يمكن أن يعظ الناس بخير السلام، ويبشرهم بفوائد الحوار والتفاوض، وينذرهم من مغبة التمادي في التعنت والخيار العسكري، هو شيطان العصابة الذي ترك منطقته خرابا ويبابا، يبشر فيها صباح مساء بالحرب والدمار، وقطع العلائق وسفك دماء الخلائق، واتجه إلى الشرق البعيد والحج المديد لغسل ذنوبه بالوعظ والإرشاد والتبشير بالسلام، قبل أن يعود إلى سبيل غيه الأبدي في مهاجمة المغرب وكل أصدقائه وحلفائه، وتغذية حربه الوجودية على جيرانه، وهي الحرب الموقدة التي لا تقبل التعطيل ولا التأجيل ولا الإطفاء بالحوار، إلى حين إسقاط المغرب وتمزيق ترابه الوطني وتفتيت سيادته ووحدته. فلِمَ يكلف شيطان العصابة نفسه ويتكلف عناء الأمر بمعروف في الشرق وفي بيوت الآخرين وسياداتهم، والأمر بمنكر في بيته ومنطقته الغربية؟ وهل العالم بهذا الغباء المربع حتى يصدق أن الشيطان يمكنه يوما أن يحمل رسالة النبوة والإنسانية ويرعى لبني آدم ذمة أو أمانا، وينصح الأمة حق النصيحة؟ ألا لعنة الله على كل منافق متعفف عليم اللسان، ملطخ اليد بدماء أهله وأشقائه وجيرانه، لا يأمنون بوائقه، غارق في الخيانة والعمالة والجرم المشهود، وهو ألد الخصوم للسلام والحوار والاستقرار.