الخط : إستمع للمقال نظمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، اليوم الاثنين 21 يوليوز الجاري بمقرها في الرباط، ندوة صحفية تحت شعار: "لنتعبأ جميعا من أجل تمثيلية مهنية عادلة، وقواعد قانونية عصرية وديمقراطية"، وذلك قصد عرض تفاصيل المذكرة الموجّهة إلى الحكومة والبرلمان وبعض المؤسسات الوطنية، بشأن مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، ومشروع القانون رقم 027.25 القاضي بتعديل وتتميم القانون رقم 89.13 الخاص بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين. وفي هذا السياق، أكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية عبد الكبير اخشيشن، في مستهل كلمته أن النقابة الوطنية حضرت إلى هذا اللقاء من موقع مسؤوليتها التاريخية والمهنية، دفاعا عن التنظيم الذاتي كمكسب ديمقراطي تأسّس بفضل نضالات استمرت لعقود، مذكرا بأن النقابة كانت من أوائل المطالبين بالتنظيم الذاتي منذ تسعينيات القرن الماضي، ورافعت بقوة من أجل خلق مؤسسة مهنية مستقلة تدبر شؤون القطاع بعيدا عن الهيمنة الإدارية أو التوجيه السياسي. واستعرض اخشيشن المسار الطويل الذي خاضته النقابة منذ سنة 2016، حين صدرت القوانين المنظمة للمهنة، حيث كانت من أول المنتقدين لها، معتبرا أنها لم تكن سوى عتبة أولى نحو تنظيم مهني فعلي، كما أشار إلى أن المجلس الوطني للصحافة، وإن تأسس بجهد جماعي، فقد جاء نتيجة عمل دام لأزيد من 15 سنة من الترافع والتفاوض. وأوضح رئيس النقابة أن نقاش التنظيم الذاتي لم يكن قائما في السابق سوى داخل المجلس، حيث تم التوافق حينها على مبدأ التعيين، في وقت كانت فيه بعض المقاولات الصحافية قد بدأت فعليا في اعتماد نموذج تنظيمي مهني داخلي، بينما كان هناك فراغ قانوني لدى فاعلين آخرين في القطاع، ما جعل النقابة تتقدم بمشاريع قوانين واضحة، ناقشتها مع اللجان المختصة، كما استقبلت لجنة علمية عرضت ملاحظاتها حولها. وأبرز اخشيشن أن النقابة لم تشتغل في معزل عن الفاعلين، بل تنقلت، طيلة ستة أشهر، بين المركز والجهات، من أجل التشاور وتوسيع قاعدة الحوار، معتبرا أن الصحافيين والصحافيات والمهنيين بشكل عام، يجب أن يكونوا طرفا أصيلا في تحديد مصير مهنة يؤدونها يوميا. وأشار إلى أن النقابة قدّمت مذكرة مفصلة إلى اللجنة البرلمانية المكلفة، مرفقة برؤية واضحة حول المجلس الوطني المنتظر، مشددا على أن اللقاءات لم تقتصر على الفاعلين المهنيين، بل شملت لقاءً رسميا مع الوزير الوصي على القطاع في مارس 2024، بحضور أعضاء من المجلس، تم خلاله التأكيد على ضرورة إشراك المهنيين في كل خطوة تتعلق بإصلاح قوانين المهنة. غير أن مرور الوقت، حسب اخشيشن، كشف عن انحراف في المسار، وتوجه نحو فرض قوانين دون تشاور فعلي، مما دفع النقابة إلى إصدار بلاغ تنبيهي شددت فيه على خطورة الإسراع بتمرير النصوص في غياب مقاربة تشاركية. واعتبر أن الفلسفة التي تحكم هذه المشاريع أصبحت تقوم على "معارضة مطلقة" لجوهر التنظيم الذاتي، مشددا على أن المشاريع الحالية تعيد المهنة إلى الخلف بدل أن تطورها. كما انتقد المتحدث بشدة النظام الانتخابي الذي يقترحه مشروع القانون، معتبرا أنه غير قادر على ضمان تمثيلية عادلة لكل القطاعات الصحافية، خاصة في ظل تعددها واختلاف طبيعتها. وتساءل اخشيشن كيف يمكن أن يُبنى مجلس مهني ديمقراطي على نظام انتخابي لا يراعي هذا التنوع، محذرا من تداعيات ذلك على وحدة الجسم المهني. ومن أبرز النقاط التي شدّد عليها اخشيشن ضرورة الحفاظ على لحمة الجسم الصحفي من خلال إحداث صناديق مهنية مستقلة تضمن كرامة الصحافيين، بدل اللجوء إلى تركيبة مغلقة قد تفضي إلى اختلالات تمثيلية وهيكلية، كما عبّر عن استغرابه من إقحام هيئات لا علاقة لها بتنظيم المهنة، وغياب أي إشارة للمقاولة الصحافية كعنصر مركزي في ضبط الممارسة المهنية. واعتبر أن المجلس الوطني للصحافة يجب أن يكون له سلطة معنوية مستقلة، تنبثق من اختيار مهني حر، لا من منطق التعيين أو الوصاية، مؤكدا أن التنظيم الذاتي الذي تنادي به النقابة ليس تهديدا، بل هو صمّام أمان للمهنة وضمان لاستقلالها، مستغربا محاولة بعض الجهات تصوير هذا المطلب كأنه رغبة في الانفلات. كما تناول اخشيشن بإسهاب الإشكالات المهنية التي تعرفها الساحة الصحافية حاليا، مثل هشاشة وضعية الصحافيين، وانتشار الممارسات غير المهنية، قائلا "إن الكثير من المؤسسات تستغل الوضع، في وقت صار فيه الصحافيون يُحاكمون على أساس ما يُنشر أو يُروّج، بدل التركيز على المقاولة الصحافية ودورها في التأطير والمسؤولية". وضرب مثالا بتحول بعض المنصات الرقمية إلى فاعل صحافي دون أي تأطير قانوني، متسائلا عن مدى اعتبار شخص ينتج نسبة كبيرة من محتواه من خلال الذكاء الاصطناعي صحافيا حقيقيا، مشددا على ضرورة توضيح المفاهيم في ظل التحولات الرقمية. في ختام مداخلته، أكد اخشيشن أن معالجة الوضع المهني تتطلب جرأة سياسية وقانونية، داعيا إلى تعديل شامل ومتوازن للقوانين الثلاثة المرتبطة بالصحافة (المجلس الوطني، النظام الأساسي، وقانون الصحافة والنشر)، بدل مناقشتها بشكل متفرق، لضمان الانسجام والفعالية في التنزيل. كما حذّر من أن التشنج الذي تشهده الساحة المهنية اليوم يضر بصورة الصحافيين وصورة المغرب في الخارج، داعيا إلى إصلاح جدي ينطلق من احترام روح الدستور ويستند إلى الحوار الفعلي مع الجسم المهني، من أجل بناء مستقبل مهني متماسك، مستقل، ومسؤول. الوسوم النقابة الوطنية للصحافة المغربية تنظيم ذاتي مشاركة الصحافيين