الخط : إستمع للمقال وجّه أعضاء من الأغلبية المسيرة في سابقة داخل مجلس جهة سوس ماسة، خلال الدورة الاستثنائية المنعقدة اليوم الخميس 24 يوليوز 2025 بقاعة الاجتماعات بعمالة أكادير إداوتنان، انتقادات شديدة اللهجة إلى قسم الصفقات العمومية بالجهة، متهمين إياه بالتقصير، بل وبالتسبب في نوع من "البلوكاج" غير المعلن، الذي يعرقل تنزيل عدد من المشاريع الحيوية، خصوصاً في قطاعي الماء الصالح للشرب والبنية الطرقية. المداخلات الصادرة عن كل من سعيد الماسي، رئيس جماعة احمر لكلالشة وعضو مجلس الجهة عن حزب الأصالة والمعاصرة، وعبد العزيز البهجة، رئيس جماعة أولاد برحيل ورئيس الفريق الاستقلالي بالمجلس، لم تخلُ من نبرة احتجاج واضحة، تعكس مستوى التوتر داخل الأغلبية، وتضع رئيس الجهة كريم أشنكلي في مواجهة تساؤلات جوهرية حول فعالية الإدارة الجهوية، ومدى احترامها لمبدأي التدبير التشاركي وربط المسؤولية بالمحاسبة. ففي مداخلة غاضبة، قال سعيد الماسي بالحرف: "السيد الرئيس، أنا جيت كانسول فالمسؤول على قسم الصفقات على ملفات ديال الماء الصالح للشرب مبلوكيين 8 شهور، ولو جرة قلم كاينة عندو فشي ضوسي ديال جماعة احمر لكلالشة أو جماعات الإقليم، في إشارة لإقليم تارودانت. الضوسي اللي جا عندو كايحطو، وجيت أنا عندو كانسولُ وكايقوليا ليس لك الحق فالمعلومة، وتايناقشني بالحق ديالو هو كموظف، ولكن حنا كرؤساء ولا كمسؤولين كانمارسو المهام ديالنا اللي استثناهم كلياً". وأضاف: "فلهذا، السيد الرئيس، بغيتك تفتح تحقيق، راه مابغيناش نديرو شي خطوة أو نجروه للقضاء، ولكن هو راه قام بإهانتي وكنت دخلت عندو للبيرو وناض خلاني فالبيرو وخرج". بدوره، لم يتردد عبد العزيز البهجة في توجيه انتقادات صريحة لأداء قسم الصفقات العمومية، قائلاً: "اليوم، لنكن واضحين، لدينا مشكل في قسم الصفقات بالجهة، هناك صفقات متعلقة بحل إشكالية الماء الصالح للشرب، منذ سنة ونصف وسنتين، ولم تُطلق ولم تُنجز، وكذلك الشأن بالنسبة لصفقات الطرق المقبلة". وتابع: "إما أن يكون هذا القسم بمستوى الجهة، التي من المفروض أن تُعطي القدوة، أو أن يُعاد النظر في أدائه، لقد أصبح دون مستوى الجماعات القروية! صفقة بمليون أو مليوني درهم تمر سنة أو سنة ونصف وهي مبرمجة، ولكن حين نتابعها مع القسم لا تنجز". وتُعدّ مداخلة رئيس الفريق الاستقلالي بمثابة رسالة سياسية غير مباشرة إلى رئيس الجهة، الذي يُعتبر وفق القانون المسؤول الأول عن الإدارة، بما فيها قرارات الموظفين الذين لا يمكنهم التصرف بشكل مستقل دون تفويض أو إذن مسبق منه، خاصة وأن هذه المشاريع تخص جماعات يقودها حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة، ما يُلقي بظلال حزبية على قضايا من المفروض أن تُدار بمنطق المصلحة العامة. رئيس الجهة يُرجع المشكل إلى "الهيكلة" ويوكل المشاريع إلى الوكالة الجهوية في رده على المداخلتين، قال رئيس الجهة كريم أشنكلي: "سنشرع في تنفيذ تغيير هيكلي تنظيمي شامل، سيشمل جميع الأقسام والمصالح، وفي انتظار ذلك، فإن هذه المشاريع المهمة والموجودة حالياً سنقوم بإحالتها إلى الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، حتى لا نُعطّلها، إلى حين استكمال إعادة التنظيم الهيكلي ل(أورغانيغرام) الجهة، إن شاء الله". لكن من المعلوم قانوناً أن الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، باعتبارها آلية تنفيذية خاضعة لوصاية الجهة عبر لجنة الإشراف والمراقبة، لا يمكنها الانخراط في أي مشروع إلا بعد مصادقة المجلس عليه خلال دورة رسمية، ما يعني الانتظار إلى دورة أكتوبر المقبلة. كما أن المصادقة من طرف وزارة الداخلية على مقررات الدورة قد تستغرق وقتاً إضافياً، مما يُنذر بتأخر إضافي في إنجاز المشاريع، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية "تسخينات انتخابية" تجعل كل حزب يسعى لتسجيل النقاط لفائدة الجماعات التي يُدبرها. هذا التبرير من رئيس الجهة يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة بشأن دور وموقع الأقسام التقنية والمالية وأقسام الصفقات العمومية داخل الجهة، التي تُكلّف الميزانية الجهوية مصاريف ضخمة من حيث الأجور والتعويضات، في وقت تُحال فيه بعض المشاريع مباشرة على الوكالة، ما يُفرغ البنية الإدارية من وظيفتها، ويجعل وجودها أقرب إلى "الهيكل الإداري المُعلّق" في انتظار الهيكلة الموعودة. قراءة قانونية وسياسية من منظور قانوني، يُثير هذا الوضع تساؤلات حول نجاعة التدبير الإداري داخل مؤسسة الجهة، التي يفترض فيها أن تقود التنمية الجهوية، وفقًا لمبادئ الجهوية المتقدمة، والحكامة الجيدة، والتوازن المجالي. وعندما تأتي هذه الانتقادات من داخل الأغلبية نفسها، فالأمر يتجاوز مجرد سوء تدبير تقني، ليبلغ حد الخلل المؤسسي الذي يستوجب تدخلًا هيكليًا عاجلاً. كما يستند مطلب فتح تحقيق الذي أثاره العضو سعيد الماسي إلى مقتضيات القانون التنظيمي للجهات 111.14، الذي يُلزم الرئيس بضمان حسن سير المرافق الإدارية والتنسيق بين مصالح الجهة. أما رفض تزويد عضو بالمجلس بمعلومة تدخل في نطاق اختصاصه، فيُعد خرقًا واضحًا لمقتضيات القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، ويُفهم أيضًا على أنه مَسّ غير مبرر بصفة تمثيلية منصوص عليها في الدستور. يبقى السؤال الجوهري المطروح اليوم، هل نحن فعلاً أمام حالة "بلوكاج" تقني بسبب تقييد وتكبيل الموارد البشرية داخل قسم الصفقات العمومية؟ أم أن الأمر يُخفي خللاً بنيويًا في منظومة التدبير الجهوي؟ الوسوم أغلبية احتجاجات الصفقات بلوكاج جهة سوس ماسة مجلس الجهة