الأميرة للا مريم تترأس المجلس الإداري للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة    لتطوير المشروع.. "AFC" تستثمر 14 مليون دولار للربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا    اتحاد العاصمة شدو الطريق من الجزائر للمغرب    جمهور ليفار ممنوع من الديبلاصمون لأكادير    الحبس ديال "سات فيلاج" تشد بصفة نهائية ومندوبية السجون وزعات المحابسية اللي كانوا فيه على حبسات أخرى    الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي بتنظيم التنقلات والاستعلام عن حركة المرور بمناسبة العطلة المدرسية    توقيف مطلوب لبلجيكا بميناء طريفة قادما من طنجة    الفنان المغربي الروسي عبد الله وهبي يعرض "لوحات من روسيا" في الرباط    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    دعوة لإحياء جمعة الغضب بالمغرب دعما للشعب الفلسطيني    الحكومة تقترح على النقابات زيادة 10% في الحد الأدنى للأجور    وزارة التعليم تشن حملة ضد "العلكة" في مدارس تيزنيت    ارتسامات المؤتمرين حول المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    انتخاب رئيس جديد على رأس الإتحاد الإسباني لكرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب على غزة إلى 34356 قتيلا    كأس الكاف .. نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراته أمام اتحاد العاصمة الجزائري    الطقس غدا السبت.. أمطار فوق هذه المناطق ورياح قوية مصحوبة بتناثر غبار محليا    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"            تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    طلبة الطب والصيدلة يتفاعلون بشكل إيجابي مع دعوة أخنوش    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    فضايح جديدة فالبرنامج الاجتماعي "أوراش" وصلات للنيابة العامة ففاس: تلاعبات وتزوير وصنع وثيقة تتضمن وقائع غير صحيحة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الانخفاض    جرسيف.. مشروع بكلفة 20 مليون درهم لتقوية تزويد المدينة بالماء الشروب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    مجمع الفوسفاط ينجح في تعبئة ملياري دولار عبر سندات اقتراض دولية    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطورة الذئاب المنفردة أو الإرهاب المتجول: أية إسقاطات على الأمن القومي المغربي
نشر في برلمان يوم 05 - 04 - 2019

عبد الحق الصنايبي: متخصص في ظاهرة الحركات الجهادية واستراتيجيات الأمن القومي
يقول المنظر الاستراتيجي هاري يارغر في كتابه “الاستراتيجية ومحترفو الأمن القومي” في ص 15 “لا يمكن إجراء نقاش جاد و التوصل إلى سياسة واستراتيجية ناجحتين إلا إذا كان أولئك الممسكون بزمام السلطة، والمتخصصون في شؤون الأمن القومي الذين يدعمون القادة، ووسائل الإعلام الوطنية التي تراقب هؤلاء المسؤولين، والرأي العام الواعي، جميعهم مستعدين للمشاركة”. ويشير نفس المنظر في الصفحة 41 بالقول”يجب على الخبير الاستراتيجي أن يأخذ بالحسبان البيئة الاستراتيجية بأكملها في تحليلاته ليتوصل إلى استراتيجية مناسبة تخدم هدفه المنشود في المستوى الذي يعمل به”.
في هذا الإطار وفي سياقات معالجتنا لتكتيكات الصد واستراتيجية مواجهة التنظيمات التكفيرية، سبق أن أشرنا إلى ضرورة “أقلمة” هاته التكتيكات على الميدان مع التغير الملحوظ في استراتيجية المواجهة عند التنظيمات التكفيرية. وهنا قلنا بأن تكتيكات التنظيمات التكفيرية وتغييرها لاستراتيجيتها الحربية يفرض بالضرورة إعادة بلورة استراتيجية أمنية تروم بالأساس مواجهة التغيرات الجذرية في أساليب المواجهة عند هاته المجموعات الإرهابية. هذه الأخيرة عملت منذ سنين على تجاوز البنية الهرمية الصلبة التي كانت تميزها سابقا والتي كانت تقوم أساسا على مركزية القرار والتوجيه من أجل فرض عملية الضبط والتحكّم في تحركات باقي التنظيمات الفرعية، إلى الاشتغال بطريقة عنقودية والاعتماد على تنظيمات لامركزية تقوم بالتهييء لعمليات محدودة مع العمل على تضخيمها إعلاميا من أجل إنهاك الأنظمة المستهدفة من خلال هاته العمليات النكائية ومحاولة ضربها في عمقها الأمني مما يكون له عادة انعكاسات اقتصادية واجتماعية يصعب على بعض البلدان تجاوزها.
هذا الاختيار الاستراتيجي فرضته مجموعة من العوامل الذاتية المرتبطة بطبيعة التنظيم، من جهة، وعوامل موضوعية مرتبطة ببعض الصعوبات المادية المواكبة لمثل هاته العمليات وكذا التكلفة البشرية وفي كثير من الأحيان والتي تؤدي غالبا إلى الإجهاز على التنظيم برمته بمجرد سقوط أولى الخيوط المشتركة في التهييء والتحضير والتنفيذ للعملية الإرهابية.
من هنا يمكن القول إن العوامل الذاتية التي دفعت بالتنظيمات التكفيرية للمرور من التنظيم المركزي إلى التنظيمات الفرعية العنقودية مرتبطة بالطبيعة التنظيمية لهاته الجماعات التكفيرية والتي غالبا ما تكون مخترقة من الجهات الأمنية وبالتالي فإن الإعداد لعمليات ضخمة يقوم بها أعلى هرم القيادة الهيكلية لهاته التنظيمات غالبا ما تؤدي على المدى القريب أو المتوسط إلى انكشاف التنظيم برمته والقضاء عليه جذريا وتفكيك هياكله بمجرد سقوط أولى العناصر المرتبطة به. والأمثلة على هذا الطرح لا يمكن حصرها في تنظيم واحد أو تنظيمين بل في جل التنظيمات التي تبنت المنطق الهرمي والمركزي في اتخاذ القرار العملياتي.
إن تبني التنظيمات الإرهابية لاستراتيجية “الإرهاب المتجول” أو ما يصطلح عليه إعلاميا ب”الذئاب المنفردة”، يجد تبريره في مجموعة من المعطيات المرتبطة بهاجس الربح والخسائر عند هاته التنظيمات. وفي هذا السياق، يمكن القول إن التنظيمات الفرعية التي يصطلح عليها ب “الذئاب المنفردة” والتي يمكن أن يتغير عددها من عشرة إلى خمسة أعضاء في المعدل إلى عنصر واحد بمهام محددة وأهداف معينة، يجد قوته في قلة التكلفة المادية والبشرية لمثل هاته العمليات الإرهابية، وبالمقابل يعمل التنظيم المركزي على استغلالها إعلاميا وتضخيمها لتكون لها نفس الآثار الإعلامية في حالة العمليات الضخمة وبالتالي تحقق هدفها النكائي في إنهاك الأنظمة المستهدفة وخصوصا عند الأنظمة التي لم تستوعب وتتشرب شعوبها بالفكر المؤسساتي والارتباط بمؤسسات الدولة وبالتالي يسهل استنزافها وإنهاكها وهي المرحلة الأولى من مراحل الوصول إلى مرحلة التمكين والاستيلاء على السلطة والتي تطلق عليها هاته التنظيمات بمرحلة “شوكة النكاية والإنهاك”.
ويرى بعض المحللين للظاهرة الإرهابية (ضياء رشوان وغيرهم) عدم صحة نظرية الذئاب المنفردة مع وجود أفراد أو مجموعات صغيرة للغاية تقوم بالعمليات الإرهابية فى بعض الدول خارج العراق وسوريا وليبيا، وأنها ليست على اتصال بقيادة تنظيم داعش المركزية ولا تتلقى منها أوامر ولا تحصل منها على إمكانيات ولا تخضع لما تخططه من عمليات. والحقيقة، دائما حسب نفس العينة من المحللين. ويبررون هذا الطرح بكون عمليات باريس تتعارض تماماً مع هذه النظرية من عدة زوايا، وترجح أننا إزاء تنظيم صغير يمكن أن يصل أعضاؤه ما بين عشرين إلى أربعين عضواً، وأنه مرتبط بصورة مباشرة تخطيطاً وإمكانيات وتنفيذاً مع قيادة داعش المركزية.
غير أننا، وإن كنا لا نستبعد، بل ونؤكد وجود تنظيمات فرعية لها ارتباط تنظيمي بمركز القرار ويتم تمويلها من هذا التنظيم، إلا أننا نتحفظ عن عدم وجود خلايا لا مركزية تؤمن بفكرة التنظيمات المتطرفة وتتقاطع معها عقديا في تأصيلاتها الفقهية من دار الإسلام ودار الحرب واعتبار جميع البلدان العربية و والإسلامية هي دار حرب وجميع سكانها هم مرتدون حلالو الدم والمال والعرض. كما يتقاطعون معها في مسائل الموالاة والمعاداة ومواجهة الطائفة الممتنعة وحكم الكافر الأصلي ومسألة قتل المرتد الممتنع في دار الكفر دون استتابة ومسألة التترس وغيرها من المسائل الفقهية والتي لا يسع المجال هنا لبسطها، لكن يمكن إحالة القارئ الكريم إلى كتابات منظر التيارات التكفيرية المدعو سيد إمام الشريف وخصوصا كتابه المرجع “الجامع في طلب العلم الشريف” وكتابه الآخر “العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله تعالى”، وهي كتب مرجعية للتنظيمات الإرهابية والتي تستند عليها في تكفير المجتمعات قاطبة واستحلال دمائها.
وفي هذا السياق يقول الخبير الأمني أليكس كورتيس إن “الذئب المنفرد” لا يمتلك أي تواصل شخصي مع المجموعة التي يتماهى معها ما يجعل تعقبه من قبل مسؤولي مكافحة الإرهاب، أمرًا بالغ الصعوبة. كما يرى الباحث في قضايا الحركات التكفيرية رضا العجيمي أن الذئاب المنفردة هو مصطلح محدث في المعجم القتالي التداولي للمليشيات الإرهابية العالمية، ناجم عن تجارب طويلة المدى في المواجهات بينها وبين أمن وجيوش الدول المستهدفة، القصد منه إنزال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات بأقل خسائر ممكنة. هذا التعريف الأخير يتلاقى مع الطرح الذي نحن بصدده، حيث أن العمليات التي تقوم بها مجموعات الذئاب المنفردة غالبا ما تتكلل بالنجاح وهذا راجع إلى صعوبة وفي بعض الأحيان استحالة توقع العمليات التي تقوم بها من طرف أفراد لا تبدو عليهم مؤشرات عدائية اتجاه البلدان التي يعيشون فيها.
هذا المعطى يؤكده ما عرف ب ” كتيب الأمن والسلامة” والذي قام بتأليفه تنظيم الدولة الإسلامية باالعراق والشام (داعش)، والذي يحوي أهم النصائح لخلاياها النائمة والذئاب المنفردة أو الوحيدة. يقدم الكتيب، وهو من 62 صفحة، لائحة ببرامج التشفير التي يمكن للخلايا النائمة والأفراد أن يستخدموها لتشفير محتويات الهواتف الخلوية ورسائل البريد الإلكتروني. وفي هذا “الدليل” نجد التركيز على ضرورة مشاركة عناصر الخلايا النائمة في الحياة العامة ومحاولة عدم إثارة انتباه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وهنا يوصي الدليل أتباع داعش بالقول: ” احلقوا لحاكم وارتدوا الملابس الغربية واستخدموا العطور العامة والعادية التي تحتوي على الكحول وشفروا هواتفكم”. وجاء في التعليمات، أيضا، أن أي “ذئب منفرد” يجب أن يحاول الانصهار والاندماج في المجتمع المحلي، بحيث لا يبدو “مثل المسلمين”، وهذا يعني أن يحلقوا لحاهم ويرتدوا ملابس غربية، وكذلك عدم الصلاة في المساجد بشكل منتظم. ويشير الكتيب بالقول “حاولوا أن تكونوا دائما مثل أي سائح عادي أو مسافر تقليدي وحاولوا أن تكون ألوان الملابس متناسقة فارتداء القميص الأحمر أو الأصفر مع البنطلون الأسود، يجعلكم موضع شبهة. ولا داعي لأن ترتدوا ملابس جديدة لأن ذلك قد يثير الشبهات، والبعض من الأخوة يميلون إلى شراء ملابس جديدة بالكامل، وهذا يجلب انتباه الآخرين بقوة”.
وذهب الكتيب إلى تقديم تعليمات من نوع العطر الذي يجب على أفراد التنظيم استخدامه، حيث يقول “إذا أردت أن تستخدم العطر، فعليك ألا تستخدم العطور الزيتية الخالية من الكحول التي يستخدمها المسلمون، بل استخدموا العطور التي تحتوي على الكحول كأي شخص آخر، وإذا كنت رجلا فاستخدم العطور الرجالية العضوية”.
هذه المعطيات تؤكد لنا خطورة هاته التنظيمات اللامركزية وصعوبة وضع اليد عليها، خصوصا مع تطور وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، دون إغفال لمعطى مهم جدا ويتعلق بارتباط أجندة هاته التنظيمات التكفيرية وتقاطعها في كثير من الأحيان مع أجندة بعض القوى الكبرى.
هذه النقطة الأخيرة قد تكون مدخلا للتركيز على هذه الظاهرة وإسقاطها على منظومة الأمن القومي للمملكة المغربية. وهنا لن نتطرق للمقاربة الأمنية التي تقودها الأجهزة الأمنية والتي لازالت تعلن تفوقها على التنظيمات التكفيرية، باعتراف هذه الأخيرة، وذلك من خلال تبني تكتيك محكم لآليات الإخبار والاستخبار ورصد المعلومة وتفكيكها واستغلالها في حينها مما ساهم في تجنيب المملكة مجموعة من الضربات التي ظلت بصمات تنظيم داعش بارزة في جميع مراحل الإعداد لها. غير أن البيئة الاستراتيجية الحالية تعرف تغيرا ملحوظا في الاختيارات التكتيكية (ولا أقول الاستراتيجية) للمملكة، من خلال محاولة تأسيس للقرار السيادي المغربي ورفض الوصايا على قرارات المملكة، حتى لا نقول تمرداً على المخطط الأمريكي في المنطقة والذي غالبا ما تعمل من خلاله على تفتيت الأنظمة التي لا تخضع لإملاءاتها وتصوراتها. ولقد عبر جلالة الملك لأول مرة صراحة على هذا الاختيار التكتيكي الذي فرضته بعض التحركات المشبوهة لدولة العم سام، حيث جاء في معرض خطاب بمناسبة القمة الخليجية التي عقدت بعاصمة المملكة العربية الرياض في 20 من شهر أبريل من السنة الجارية:
“المخططات العدوانية، التي تستهدف المس باستقرارنا، متواصلة ولن تتوقف. فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه. وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية لبلدكم الثاني المغرب….لقد حان وقت الصدق والحقيقة، إن العالم العربي يمر بفترة عصيبة، فما تعيشه بعض الدول ليس استثناء وإنما يدخل ضمن مخططات مبرمجة، تستهدفنا جميعا “.
إن ربط هذا الخطاب مع التغير الخطير في الاستراتيجية الأمريكية اتجاه قضية الصحراء المغربية والموقف الأخير من بعثة المينورسو يدفعنا إلى النظر بعين الريبة إلى المشروع الأمريكي بالمغرب، والذي تبقى فيه نظرية التقسيم من الخيارات التي لا تستثنيها في تعاملها مع الأنظمة التي لا تتماشى مع الهوى السياسي للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا وأن هذه الأخيرة لا تنظر بعين الرضا إلى التقارب المغربي الروسي وكذا التقارب المغربي الصيني والذي ترى فيه محاولة لإعادة رسم موازين القوى الدولية على حساب مصالحها الشخصية.
إن ربط هذا المعطى مع ما نحن بصدد التأصيل له بخصوص ظاهرة الإرهاب المتجول أو “الذئاب المنفردة” قد يبدو للبعض غير مفهوم وغير متسق بل وقد يتساءل آخرون حول علاقة الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة بظاهرة الذئاب المنفردة. وهنا يمكن القول إن تتبع الوضع الأمني في مجموعة من البلدان العربية والإسلامية كمصر وتونس والسعودية وغيرها يشير إلى تورط الأجهزة الأمنية الأمريكية في إدارة بعض التنظيمات التي يصطلح عليها بالذئاب المنفردة وتحريكها لما يخدم المخطط الأمريكي بالمنطقة. وهنا يجب أن تتوفر لدينا الشجاعة الكافية للقول بأن الولايات المتحدة الأمريكية توجد على طاولتها العديد من الخيارات في مسألة التعامل مع المملكة المغربية ولعل من بينها مخطط التقسيم الذي يبقى من الخيارات الواردة جدا في المخطط الأمريكي. وهنا يمكن أن تكون هذه الذئاب المنفردة ورقة في يد الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية من أجل ضرب المغرب في نقطة قوته والمتعلقة أساسا بأمنه القومي الذي ظل دائما يشكل استثناءا بنفسه.
ختاما يمكن القول إن المغرب يمر من ظرفية حساسة في علاقته مع القوى الكبرى والتي تهدف إلى تركيعه وفق ما يخدم رسمها الاستراتيجي، وهنا لابد من التعبئة المستمرة والالتفاف حكومة وشعبا وراء جلالة الملك من أجل قطع الطريق أمام جميع محاولات الاختراق التي تحاول القيام بها هاته القوى، مع ضرورة تجاوز بعض الخلافات الجانبية قصد تشكيل جبهة قوية تقودها المؤسسة الملكية والظهور بمظهر الوطن الواحد والبدن الواحد وعدم السماح لأي كان باللعب بوحدة المغرب سواءاً الوطنية أو الترابية والتمسك بالثوابت الوطنية والمؤسسات الدستورية للدولة حتى يتجاوز المغرب هذه الظرفية وهو أكثر قوة وأكثر وحدة وتماسكا مما سيفوت الفرصة على أعداء المغرب الذي كان ولازال وسيبقى شامخا بتاريخه ونظامه ورباطه المقدس بين العرش والشعب.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن مواقف صاحبها ولا تلزم موقع برلمان.كوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.