وزيرة المالية تدعو لتعاون دولي لمكافحة الهجمات السيبرانية    موسكو تعزز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع المغرب    القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وإدانة الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر        أمن أولاد تايمة يحجز أزيد من 60 مليون سنتيم ومواد تستعمل في أعمال الشعوذة    النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفع سقف التصعيد ضد مشروع قانون 59.24    طالبت بإطلاق سراح المعتقلين المرتبطين بالحراك الاجتماعي .. الكتابة الإقليمية بالحسيمة تحمل المسؤولين والقطاعات الوصية تبعات ونتائج ما آل إليه الإقليم من فوضى واحتقان وتراجع تنموي    المغرب يستضيف كأس العرب لكرة القدم النسوية في شتنبر 2027    القمة العربية: العدوان الإسرائيلي على قطر يقوض فرص السلام في المنطقة    بالفيديو.. وزير الصحة يتكفل ب"رضيعة أكادير" ويقرر نقلها إلى مراكش    المنتخب المغربي لكرة الطائرة ينهزم أمام نظيره الكيني    ولاية أمن أكادير تفتح بحثا لكشف ظروف وملابسات انتحار ضابط شرطة ممتاز بواسطة سلاحه الوظيفي    المغاربة يواصلون تصدر الجاليات الطلابية الأجنبية في فرنسا بنحو 42 ألف طالب    المغاربة على رأس قائمة الجاليات الطلابية في فرنسا    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    نتنياهو يهدد باستهداف قادة حماس "أينما كانوا" بالموازاة مع استضافة قطر القمة العربية الإسلامية    القيمة السوقية لشركة "ألفابت" تصل إلى 3 تريليونات دولار لأول مرة        انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بخسارة    إسبانيا تدعو إلى منع إسرائيل من المشاركة في المسابقات الدولية "طالما الهمجية مستمرة" في غزة    الاحتجاجات على تردي الوضع الصحي بأكادير تصل إلى البرلمان.. ومطالب للوزارة بتدخل عاجل    مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    منظمة الصحة العالمية تتجه لدعم تناول أدوية إنقاص الوزن لعلاج السمنة    أمير قطر: إسرائيل تتفاوض وتغتال    من 10 إلى 33 درهما.. تفاصيل الزيادة في رسوم التحويلات البنكية    غياب أكرد عن مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    جلالة الملك يهنئ السلفادور بمناسبة عيدها الوطني    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة صغيرة غرب ألمانيا    العرائش.. العثور على جثة شخص بغابة الأوسطال في ظروف غامضة    «أصابع الاتهام» اتجهت في البداية ل «البنج» وتجاوزته إلى «مسبّبات» أخرى … الرأي العام المحلي والوطني ينتظر الإعلان عن نتائج التحقيق لتحديد أسباب ارتفاع الوفيات بالمستشفى الجهوي لأكادير    الحُسيمة.. أو الخُزَامىَ مَدِينَة العِطْر حيثُ تآخَت الشّهَامَةُ والتّارِيخَ    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين        رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14    الملك محمد السادس يدعو إلى برمجة أنشطة علمية للتذكير بالسيرة النبوية        الداخلة.. ‬حجز ‬6,‬8 ‬طن ‬من ‬الأسماك ‬واعتقال ‬12 ‬شخصاً:    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفض مشروع قانون 59.24 وتلوّح بإضراب إنذاري    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط            المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطورة الذئاب المنفردة أو الإرهاب المتجول: أية إسقاطات على الأمن القومي المغربي
نشر في برلمان يوم 05 - 04 - 2019

عبد الحق الصنايبي: متخصص في ظاهرة الحركات الجهادية واستراتيجيات الأمن القومي
يقول المنظر الاستراتيجي هاري يارغر في كتابه “الاستراتيجية ومحترفو الأمن القومي” في ص 15 “لا يمكن إجراء نقاش جاد و التوصل إلى سياسة واستراتيجية ناجحتين إلا إذا كان أولئك الممسكون بزمام السلطة، والمتخصصون في شؤون الأمن القومي الذين يدعمون القادة، ووسائل الإعلام الوطنية التي تراقب هؤلاء المسؤولين، والرأي العام الواعي، جميعهم مستعدين للمشاركة”. ويشير نفس المنظر في الصفحة 41 بالقول”يجب على الخبير الاستراتيجي أن يأخذ بالحسبان البيئة الاستراتيجية بأكملها في تحليلاته ليتوصل إلى استراتيجية مناسبة تخدم هدفه المنشود في المستوى الذي يعمل به”.
في هذا الإطار وفي سياقات معالجتنا لتكتيكات الصد واستراتيجية مواجهة التنظيمات التكفيرية، سبق أن أشرنا إلى ضرورة “أقلمة” هاته التكتيكات على الميدان مع التغير الملحوظ في استراتيجية المواجهة عند التنظيمات التكفيرية. وهنا قلنا بأن تكتيكات التنظيمات التكفيرية وتغييرها لاستراتيجيتها الحربية يفرض بالضرورة إعادة بلورة استراتيجية أمنية تروم بالأساس مواجهة التغيرات الجذرية في أساليب المواجهة عند هاته المجموعات الإرهابية. هذه الأخيرة عملت منذ سنين على تجاوز البنية الهرمية الصلبة التي كانت تميزها سابقا والتي كانت تقوم أساسا على مركزية القرار والتوجيه من أجل فرض عملية الضبط والتحكّم في تحركات باقي التنظيمات الفرعية، إلى الاشتغال بطريقة عنقودية والاعتماد على تنظيمات لامركزية تقوم بالتهييء لعمليات محدودة مع العمل على تضخيمها إعلاميا من أجل إنهاك الأنظمة المستهدفة من خلال هاته العمليات النكائية ومحاولة ضربها في عمقها الأمني مما يكون له عادة انعكاسات اقتصادية واجتماعية يصعب على بعض البلدان تجاوزها.
هذا الاختيار الاستراتيجي فرضته مجموعة من العوامل الذاتية المرتبطة بطبيعة التنظيم، من جهة، وعوامل موضوعية مرتبطة ببعض الصعوبات المادية المواكبة لمثل هاته العمليات وكذا التكلفة البشرية وفي كثير من الأحيان والتي تؤدي غالبا إلى الإجهاز على التنظيم برمته بمجرد سقوط أولى الخيوط المشتركة في التهييء والتحضير والتنفيذ للعملية الإرهابية.
من هنا يمكن القول إن العوامل الذاتية التي دفعت بالتنظيمات التكفيرية للمرور من التنظيم المركزي إلى التنظيمات الفرعية العنقودية مرتبطة بالطبيعة التنظيمية لهاته الجماعات التكفيرية والتي غالبا ما تكون مخترقة من الجهات الأمنية وبالتالي فإن الإعداد لعمليات ضخمة يقوم بها أعلى هرم القيادة الهيكلية لهاته التنظيمات غالبا ما تؤدي على المدى القريب أو المتوسط إلى انكشاف التنظيم برمته والقضاء عليه جذريا وتفكيك هياكله بمجرد سقوط أولى العناصر المرتبطة به. والأمثلة على هذا الطرح لا يمكن حصرها في تنظيم واحد أو تنظيمين بل في جل التنظيمات التي تبنت المنطق الهرمي والمركزي في اتخاذ القرار العملياتي.
إن تبني التنظيمات الإرهابية لاستراتيجية “الإرهاب المتجول” أو ما يصطلح عليه إعلاميا ب”الذئاب المنفردة”، يجد تبريره في مجموعة من المعطيات المرتبطة بهاجس الربح والخسائر عند هاته التنظيمات. وفي هذا السياق، يمكن القول إن التنظيمات الفرعية التي يصطلح عليها ب “الذئاب المنفردة” والتي يمكن أن يتغير عددها من عشرة إلى خمسة أعضاء في المعدل إلى عنصر واحد بمهام محددة وأهداف معينة، يجد قوته في قلة التكلفة المادية والبشرية لمثل هاته العمليات الإرهابية، وبالمقابل يعمل التنظيم المركزي على استغلالها إعلاميا وتضخيمها لتكون لها نفس الآثار الإعلامية في حالة العمليات الضخمة وبالتالي تحقق هدفها النكائي في إنهاك الأنظمة المستهدفة وخصوصا عند الأنظمة التي لم تستوعب وتتشرب شعوبها بالفكر المؤسساتي والارتباط بمؤسسات الدولة وبالتالي يسهل استنزافها وإنهاكها وهي المرحلة الأولى من مراحل الوصول إلى مرحلة التمكين والاستيلاء على السلطة والتي تطلق عليها هاته التنظيمات بمرحلة “شوكة النكاية والإنهاك”.
ويرى بعض المحللين للظاهرة الإرهابية (ضياء رشوان وغيرهم) عدم صحة نظرية الذئاب المنفردة مع وجود أفراد أو مجموعات صغيرة للغاية تقوم بالعمليات الإرهابية فى بعض الدول خارج العراق وسوريا وليبيا، وأنها ليست على اتصال بقيادة تنظيم داعش المركزية ولا تتلقى منها أوامر ولا تحصل منها على إمكانيات ولا تخضع لما تخططه من عمليات. والحقيقة، دائما حسب نفس العينة من المحللين. ويبررون هذا الطرح بكون عمليات باريس تتعارض تماماً مع هذه النظرية من عدة زوايا، وترجح أننا إزاء تنظيم صغير يمكن أن يصل أعضاؤه ما بين عشرين إلى أربعين عضواً، وأنه مرتبط بصورة مباشرة تخطيطاً وإمكانيات وتنفيذاً مع قيادة داعش المركزية.
غير أننا، وإن كنا لا نستبعد، بل ونؤكد وجود تنظيمات فرعية لها ارتباط تنظيمي بمركز القرار ويتم تمويلها من هذا التنظيم، إلا أننا نتحفظ عن عدم وجود خلايا لا مركزية تؤمن بفكرة التنظيمات المتطرفة وتتقاطع معها عقديا في تأصيلاتها الفقهية من دار الإسلام ودار الحرب واعتبار جميع البلدان العربية و والإسلامية هي دار حرب وجميع سكانها هم مرتدون حلالو الدم والمال والعرض. كما يتقاطعون معها في مسائل الموالاة والمعاداة ومواجهة الطائفة الممتنعة وحكم الكافر الأصلي ومسألة قتل المرتد الممتنع في دار الكفر دون استتابة ومسألة التترس وغيرها من المسائل الفقهية والتي لا يسع المجال هنا لبسطها، لكن يمكن إحالة القارئ الكريم إلى كتابات منظر التيارات التكفيرية المدعو سيد إمام الشريف وخصوصا كتابه المرجع “الجامع في طلب العلم الشريف” وكتابه الآخر “العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله تعالى”، وهي كتب مرجعية للتنظيمات الإرهابية والتي تستند عليها في تكفير المجتمعات قاطبة واستحلال دمائها.
وفي هذا السياق يقول الخبير الأمني أليكس كورتيس إن “الذئب المنفرد” لا يمتلك أي تواصل شخصي مع المجموعة التي يتماهى معها ما يجعل تعقبه من قبل مسؤولي مكافحة الإرهاب، أمرًا بالغ الصعوبة. كما يرى الباحث في قضايا الحركات التكفيرية رضا العجيمي أن الذئاب المنفردة هو مصطلح محدث في المعجم القتالي التداولي للمليشيات الإرهابية العالمية، ناجم عن تجارب طويلة المدى في المواجهات بينها وبين أمن وجيوش الدول المستهدفة، القصد منه إنزال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات بأقل خسائر ممكنة. هذا التعريف الأخير يتلاقى مع الطرح الذي نحن بصدده، حيث أن العمليات التي تقوم بها مجموعات الذئاب المنفردة غالبا ما تتكلل بالنجاح وهذا راجع إلى صعوبة وفي بعض الأحيان استحالة توقع العمليات التي تقوم بها من طرف أفراد لا تبدو عليهم مؤشرات عدائية اتجاه البلدان التي يعيشون فيها.
هذا المعطى يؤكده ما عرف ب ” كتيب الأمن والسلامة” والذي قام بتأليفه تنظيم الدولة الإسلامية باالعراق والشام (داعش)، والذي يحوي أهم النصائح لخلاياها النائمة والذئاب المنفردة أو الوحيدة. يقدم الكتيب، وهو من 62 صفحة، لائحة ببرامج التشفير التي يمكن للخلايا النائمة والأفراد أن يستخدموها لتشفير محتويات الهواتف الخلوية ورسائل البريد الإلكتروني. وفي هذا “الدليل” نجد التركيز على ضرورة مشاركة عناصر الخلايا النائمة في الحياة العامة ومحاولة عدم إثارة انتباه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وهنا يوصي الدليل أتباع داعش بالقول: ” احلقوا لحاكم وارتدوا الملابس الغربية واستخدموا العطور العامة والعادية التي تحتوي على الكحول وشفروا هواتفكم”. وجاء في التعليمات، أيضا، أن أي “ذئب منفرد” يجب أن يحاول الانصهار والاندماج في المجتمع المحلي، بحيث لا يبدو “مثل المسلمين”، وهذا يعني أن يحلقوا لحاهم ويرتدوا ملابس غربية، وكذلك عدم الصلاة في المساجد بشكل منتظم. ويشير الكتيب بالقول “حاولوا أن تكونوا دائما مثل أي سائح عادي أو مسافر تقليدي وحاولوا أن تكون ألوان الملابس متناسقة فارتداء القميص الأحمر أو الأصفر مع البنطلون الأسود، يجعلكم موضع شبهة. ولا داعي لأن ترتدوا ملابس جديدة لأن ذلك قد يثير الشبهات، والبعض من الأخوة يميلون إلى شراء ملابس جديدة بالكامل، وهذا يجلب انتباه الآخرين بقوة”.
وذهب الكتيب إلى تقديم تعليمات من نوع العطر الذي يجب على أفراد التنظيم استخدامه، حيث يقول “إذا أردت أن تستخدم العطر، فعليك ألا تستخدم العطور الزيتية الخالية من الكحول التي يستخدمها المسلمون، بل استخدموا العطور التي تحتوي على الكحول كأي شخص آخر، وإذا كنت رجلا فاستخدم العطور الرجالية العضوية”.
هذه المعطيات تؤكد لنا خطورة هاته التنظيمات اللامركزية وصعوبة وضع اليد عليها، خصوصا مع تطور وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، دون إغفال لمعطى مهم جدا ويتعلق بارتباط أجندة هاته التنظيمات التكفيرية وتقاطعها في كثير من الأحيان مع أجندة بعض القوى الكبرى.
هذه النقطة الأخيرة قد تكون مدخلا للتركيز على هذه الظاهرة وإسقاطها على منظومة الأمن القومي للمملكة المغربية. وهنا لن نتطرق للمقاربة الأمنية التي تقودها الأجهزة الأمنية والتي لازالت تعلن تفوقها على التنظيمات التكفيرية، باعتراف هذه الأخيرة، وذلك من خلال تبني تكتيك محكم لآليات الإخبار والاستخبار ورصد المعلومة وتفكيكها واستغلالها في حينها مما ساهم في تجنيب المملكة مجموعة من الضربات التي ظلت بصمات تنظيم داعش بارزة في جميع مراحل الإعداد لها. غير أن البيئة الاستراتيجية الحالية تعرف تغيرا ملحوظا في الاختيارات التكتيكية (ولا أقول الاستراتيجية) للمملكة، من خلال محاولة تأسيس للقرار السيادي المغربي ورفض الوصايا على قرارات المملكة، حتى لا نقول تمرداً على المخطط الأمريكي في المنطقة والذي غالبا ما تعمل من خلاله على تفتيت الأنظمة التي لا تخضع لإملاءاتها وتصوراتها. ولقد عبر جلالة الملك لأول مرة صراحة على هذا الاختيار التكتيكي الذي فرضته بعض التحركات المشبوهة لدولة العم سام، حيث جاء في معرض خطاب بمناسبة القمة الخليجية التي عقدت بعاصمة المملكة العربية الرياض في 20 من شهر أبريل من السنة الجارية:
“المخططات العدوانية، التي تستهدف المس باستقرارنا، متواصلة ولن تتوقف. فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه. وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية لبلدكم الثاني المغرب….لقد حان وقت الصدق والحقيقة، إن العالم العربي يمر بفترة عصيبة، فما تعيشه بعض الدول ليس استثناء وإنما يدخل ضمن مخططات مبرمجة، تستهدفنا جميعا “.
إن ربط هذا الخطاب مع التغير الخطير في الاستراتيجية الأمريكية اتجاه قضية الصحراء المغربية والموقف الأخير من بعثة المينورسو يدفعنا إلى النظر بعين الريبة إلى المشروع الأمريكي بالمغرب، والذي تبقى فيه نظرية التقسيم من الخيارات التي لا تستثنيها في تعاملها مع الأنظمة التي لا تتماشى مع الهوى السياسي للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا وأن هذه الأخيرة لا تنظر بعين الرضا إلى التقارب المغربي الروسي وكذا التقارب المغربي الصيني والذي ترى فيه محاولة لإعادة رسم موازين القوى الدولية على حساب مصالحها الشخصية.
إن ربط هذا المعطى مع ما نحن بصدد التأصيل له بخصوص ظاهرة الإرهاب المتجول أو “الذئاب المنفردة” قد يبدو للبعض غير مفهوم وغير متسق بل وقد يتساءل آخرون حول علاقة الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة بظاهرة الذئاب المنفردة. وهنا يمكن القول إن تتبع الوضع الأمني في مجموعة من البلدان العربية والإسلامية كمصر وتونس والسعودية وغيرها يشير إلى تورط الأجهزة الأمنية الأمريكية في إدارة بعض التنظيمات التي يصطلح عليها بالذئاب المنفردة وتحريكها لما يخدم المخطط الأمريكي بالمنطقة. وهنا يجب أن تتوفر لدينا الشجاعة الكافية للقول بأن الولايات المتحدة الأمريكية توجد على طاولتها العديد من الخيارات في مسألة التعامل مع المملكة المغربية ولعل من بينها مخطط التقسيم الذي يبقى من الخيارات الواردة جدا في المخطط الأمريكي. وهنا يمكن أن تكون هذه الذئاب المنفردة ورقة في يد الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية من أجل ضرب المغرب في نقطة قوته والمتعلقة أساسا بأمنه القومي الذي ظل دائما يشكل استثناءا بنفسه.
ختاما يمكن القول إن المغرب يمر من ظرفية حساسة في علاقته مع القوى الكبرى والتي تهدف إلى تركيعه وفق ما يخدم رسمها الاستراتيجي، وهنا لابد من التعبئة المستمرة والالتفاف حكومة وشعبا وراء جلالة الملك من أجل قطع الطريق أمام جميع محاولات الاختراق التي تحاول القيام بها هاته القوى، مع ضرورة تجاوز بعض الخلافات الجانبية قصد تشكيل جبهة قوية تقودها المؤسسة الملكية والظهور بمظهر الوطن الواحد والبدن الواحد وعدم السماح لأي كان باللعب بوحدة المغرب سواءاً الوطنية أو الترابية والتمسك بالثوابت الوطنية والمؤسسات الدستورية للدولة حتى يتجاوز المغرب هذه الظرفية وهو أكثر قوة وأكثر وحدة وتماسكا مما سيفوت الفرصة على أعداء المغرب الذي كان ولازال وسيبقى شامخا بتاريخه ونظامه ورباطه المقدس بين العرش والشعب.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن مواقف صاحبها ولا تلزم موقع برلمان.كوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.