ضابط شرطة بمكناس يسقط في قبضة العدالة بتهمة الابتزاز والرشوة    وزارة النقل توضح بشأن جدل صفائح تسجيل مركبات السير الدولي        الركراكي: قميص المنتخب المغربي غالي    "الوردة" يتكتم على مذكرة الانتخابات    انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"    إضراب وطني لمدة يومين بسبب مشروع القانون 59.24 التعليم العالي .. استمرار التعثر    وجود 76 حافلة للنقل المدرسي بقرى طنجة أصيلة غير كافٍ بحسب الحميدي    ملاحظات "UMT" على مجلس الصحافة    الائتلاف المدني من أجل الجبل: أكثر من 7 ملايين نسمة يعيشون على هامش العدالة المجالية (فيديو)    "Baleària" تطلق أول خط بحري نظيف    زخات رعدية منتظرة يوم غد الثلاثاء بالجهة الشرقية    إجراءات إسبانية لوقف الإبادة بغزة    الأحزاب المغربية تطالب بالتصويت بالبطاقة الوطنية بدل بطاقة الناخب        بفوز سابع على زامبيا.. المغرب يواصل مساره المثالي في تصفيات مونديال 2026    عجز السيولة البنكية يتراجع بنسبة 7,48 في المائة من 28 غشت إلى 3 شتنبر    الآن: سقوط الحكومة الفرنسية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    المنتخب الوطني ينتصر على نظيره الزامبي        ترامب في مرآة كتاب جديد.. الصحفي سمير شوقي يكشف تناقضات الولاية الثانية للرئيس الأمريكي    نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    بسبب محاكمته.. تأسيس لجنة للتضامن مع الغلوسي    الاتحاد الأوروبي يحذر من مخاطر إرسال أساطيل المساعدات الإنسانية إلى غزة    مقتل شاب من مليلية في هجوم مسلح نفذه فلسطينيان بالقدس    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد استقلال بلادها    «لا بار في شيكاغو» لمحمود الرحبي خرائط سردية تعيد أحياء تائهة إلى مدنها    المستشفيات تحتضن المحكوم عليهم بالعقوبات البديلة لخدمة المجتمع    مصرع شخصين في حريق بدوار مولاي عزوز الملك بمراكش    الوطنية الاحترافية للقسم الأول برسم الموسم الرياضي 2025-2024: النادي الرياضي المكناسي يشحذ أسلحته بطموحات قارية    "نور الرياض" يعلن مواقع الاحتفال والقيّمين الفنيّين للنسخة القادمة    ربيع القاطي يطرق باب العالمية مجددًا عبر سلسلة "Atomic"    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    ميناء طنجة المتوسط يربك مدريد.. وحزب "فوكس" يرفع منسوب التصعيد ضد المغرب    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..    زخات رعدية وهبات رياح مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من المناطق    قرية لمهيريز... صيادون منسيون في قلب الصحراء يطالبون بالكرامة والإنصاف        ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحذّر من انهيار قواعد الحرب حول العالم    القدس الشرقية.. هجوم مسلح يوقع خمسة قتلى إسرائيليين    الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء    ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي                أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    نقد مقال الريسوني    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التهميش والتفكك الأسري والبطالة.. عوامل نفسية واجتماعية متشابكة تقذف بمغاربة فرنسا في مستنقع المخدرات
نشر في برلمان يوم 15 - 10 - 2018

في أول تجوال لك ببعض الضواحي الباريسية ذات الكثافة السكانية المغاربية أو بالأحياء الباريسية المهمشة مثل “كريمي” و”غاريبالدي” و”سان دوني” و”باربيص” وغيرها، ينتابك الإحساس بأنك في سوق كبيرة للمخدرات تختلط فيها الجنسيات، وتتحول منذ الصباح الباكر وإلى وقت متأخر من الليل إلى مركز للمتاجرة بالممنوعات يقصدها المتعاطون وتجار المخدرات الصغار من مختلف جهات فرنسا للتزود بما يحتاجونه من سلعة تباع في قرابة عشرة مواقع من الأحياء الساخنة في المدينة.
وتتميز كل واحدة من تلك الأحياء بالمواد المعروضة داخلها، حيث الحبوب المخدرة والحشيش مثلا، يباعان في المناطق المزدحمة، مثل “غاريبالدي” و”ستالينغراد” و”باربيص”، بينما يعمل تجار الهيروين في المناطق الراقية ببعض الأحياء اللاتينيةً.
وفي أول لقاء بحي “كريمي” وهو حي مغربي بامتياز، يطلق عليه “حي العناكب”، نظرا لازدحامه بخليط من الوافدين ومعظمهم من المتبضعين الأفارقة، وقف موقع “برلمان.كوم” على عملية الرقابة الصارمة التي يفرضها المغاربة من أبناء الجيل الثالث، ومعهم متاجرون آخرون جزائريون وأفارقة، على مسالك الحي لمنع دخول أي فضولي غريب، حيث لكل ركن من أركان الحي رقيب يقف على ناصية الشوارع يرصد الأشخاص الغرباء.
ويتوافد الزبائن منذ الصباح لاقتناء كل صنوف المخدرات من حشيش وكوكايين وهيروين وغيرها من داخل سياراتهم وفق القاعدة المألوفة “سلّم واستلم”. والبائعون وسط حي “العناكب” هم في غالبيتهم طلبة وعاطلون يعملون على توزيع كميات من المواد المخدرة بعد استلامها من المروجين الكبار. ويشهد الحي حركة رواج مستمرة خاصة في الفترة المسائية، يتم فيها عرض مختلف أنواع المخدرات بما فيها القنب الهندي والكيف المعالج، والهيروين والكوكايين والأقراص المهلوسة ومواد مخدرة أخرى.
ويتوافد على الضاحية زبائن من مدن أُخرى، في رحلة لا تتعدى يوما واحدا لابتياع احتياجاتهم الشهرية من المخدرات، وخاصة مادة الكوكايين التي تراجعت أسعارها في العقد الأخير وأصبحت في متناول شرائح أوسع من صغار المتعاطين.
وتشهد فرنسا أعلى معدلات تعاطي الكوكايين على الصعيد الأوربي (1،8 مليون شخص) من مجموع 5،2 مليون أوربي، فيما ارتفع استهلاك الأوربيين للحشيش سنة 2017 أزيد من تسعة % (21مليون)، حسب المرصد الفرنسي لمكافحة المخدرات.
وتفوق الجرائم المرتبطة بالمتاجرة في المخدرات نسبة 17 % سنة 2017، وهي نسبة أقل بكثير مما حققته سنة 2010، (22 %) معظمها من تنفيذ أعضاء الجالية المغربية (17 %) متبوعين بالأفارقة (15 %) والجزائريين (14 %) والآسيويين (12 %) والبرتغاليين (10 %) والفرنسيين (6 %) والباقي ينسب لجنسيات مختلفة.
والأرقام، كما يقدمها بتفصيل المرصد الفرنسي لمكافحة المخدرات، تضع المغاربة والجزائريين في مقدمة المتعاطين للمخدرات استهلاكا ومتاجرة مقارنة بالجاليات الأجنبية الأخرى. وتتراوح الشريحة العمرية لهؤلاء ما بين 18 و30 سنة. وينتصب التهميش والبطالة والتفكك الأسري والتعاطي من باب إثبات الفحولة أو من باب الفضول، في مقدمة العوامل الاجتماعية والنفسية لولوج عالم المخدرات الذي يزداد التوافد عليه خاصة من فئة المراهقين والشباب وحتى أطفال المدارس.
ومن المفارقات أن الجاليتين المغربية والجزائرية اللتان تعدان، حسب المرصد الفرنسي لمكافحة المخدرات، من أكثر الجاليات متاجرة إدمانا للمخدرات، هما أيضا من أكثر الجاليات تمسكا بالهوية والانتماء رغم مرور عدة عقود على وجودهما في فرنسا، حتى إن جيل الشباب وخصوصا المغاربة، يبدي اليوم إصرارا قويا على التأصل والتمسك بالهوية بشكل يفوق أحيانا الآباء القادمين في الستينات والسبعينات.
وتأتي أرقام المرصد الفرنسي الخاصة بتصاعد وثيرة الإدمان والمتاجرة في المخدرات في صفوف المغاربة، تزامنا مع تعاظم وانتفاخ الخطاب العدائي (الإسلاموفوبي) الذي يتقوى وينتشر مع أبسط مشكلة تطفو على الساحة الاقتصادية والاجتماعية الفرنسية. ويختزل الكتاب الأخير “مساجد رواسي” لصاحبه فيليب دوفيليه، رئيس حزب “الحركة من أجل فرنسا”، وهو حزب يميني متطرف، هذا الواقع باتهامه أفراد الجالية الإسلامية العاملين في المطارات والقطارات بأنهم خطر على أمن وسلامة الرحلات البرية والجوية من وإلى فرنسا.
وهناك في الواقع علامات كثيرة تشير إلى أن شريحة واسعة من الشباب المغربي يرفضون التأقلم مع بعض جوانب الثقافة والحضارة الغربية أو حتى التعامل معها بشيء من المرونة الاندماجية.. ومرد هذا الرفض أن تلك الشريحة من الشباب تعيش في معظمها داخل غيتوهات سكنية تشكل مصدرا للتهميش والغبن ويصعب في كنفها التخلص من حالات الانحصار والتقوقع التي تفرضها على نفسها. ولفرط الشحنة الدينية المزيفة أو المغلوطة التي يتلقاها شباب الهجرة من بعض الفقهاء “الظلاميين”، يتزايد لجوئهم إلى بيئتهم المنغلقة، ويعتبرون كل انتقاد للمظاهر الدينية المتشددة هجوما عليهم. وقد أفرز اختلاف النشأة والثقافات لديهم وتباين أنماط الحياة، حالات من الغموض والتعقد انتقل معها الشعور بالاغتراب من حالة انفعالية عابرة إلى حالة نفور دائمة أفرزت هي الأخرى ردودا دفاعية قوية عن الهوية تصل أحيانا إلى حد التصادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.