عديدة هي الشخصيات التي بصمت على مسار متميز في حياتها المهنية والخاصة، ونجحت في تقديم أعمال رائدة أو تحقيق إنجازات مهمة، نقلتها إلى عالم الشهرة وأدخلتها في قلوب الناس جيلا بعد جيل. عبر هذه السلسلة الرمضانية، “شخصيات صنعت التاريخ” يغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عوالم شخصيات دونت اسمها في قائمة أفضل شخصيات العالم، وسنتوقف في حلقة اليوم عند شخصية الياباني “سويتشيرو هوندا” الرجل العصامي الذي تحدى حكومة بلاده ليصنع أفضل السيارات مبيعا في السوق الأمريكية. نشأته : ولد سوتشيرو هوندا في 17 نونبرعام 1906، في عائلة عانت الفقر بمقاطعة هماماتسو في اليابان، وكان من فرط فقر عائلته أن خمسا من إخوته توفوا نتيجة سوء التغذية ولإنعدام الموارد المادية والاقتصادية، ترك هوندا المدرسة عام 1922 في سن ال 15 عامًا، ثم هجر قريتة وتوجه إلى طوكيو وعمل في محل لتصليح السيارات لمدة 6 سنوات، قبل أن يقترض مبلغ من المال ليفتح أول محل لتصليح السيارات عام 1928، حيث حصل في ذات السنة على براءة اختراع لتصميمه مكابح معدنية للسيارات بعد أن كانت تصنع من الخشب. إنشاء امبراطورية هوندا: أصبح هوندا مهتما بالسيارات والدرجات الهوائية، وشارك في سباقات السيارات، وبدأ التجارب بالمحركات، وكانت أول محاولة له لإنجاز عمل شخصي يتعلق بالسيارات في عام 1948، عندما صمم وصنع أول محرك صغير تم تعليقه في الدراجة الهوائية لصنع دراجة نارية، ونجح المشروع بشكل كبير. شجعت النجاحات السابقة هوندا في عام 1948 بتأسيس “شركة هوندا للسيارات”، وبدأت شركته بتصنيع دراجة نارية صغيرة باسم “دريم .د” وتمكن من دخول السوق اليابانية ذات القدرات التنافسية العالية، بصعوبة عن طريق الإعلانات الناجحة، وبعد مرور 10 سنوات أصبح هوندا المصنع الأول للدراجات النارية في العالم، وكانت لديه حصة كبيرة في سوق الدراجات الأميركية أكثر من شركتي تويوتا ونيسان. من الدراجات إلى عالم السيارات : تعرض هوندا للمضايقات من وزارة التجارة والصناعة اللتان منعتاه من أقتناء عدد من شركات صناعة السيارات، حيث كانتا تسعيان إلى تجميع الشركات الصغيرة في شركة واحدة لتتنافس مع نسيان وتويوتا، ولكنه أصر وحصل على موافقتهما، ليقوم بإنتاج سيارة سباق رخيصة “إس500” والتي كانت مختلفة تماما عن السيارات المنتجة من قبل الشركات المنافسة، وبالرغم من ان شركته كانت لا تزال صغيرة بإنتاجها 3000 سيارة فقط في عام 1966، فقد شكل انتاجه نصف ما تنتجه شركة تويوتا في أسبوع. في عام 1970، قدم هوندا سيارة “سيفيك” للسوق الأمريكية وكان عدد الكيلومترات فيها فعال وكاف بالنسبة لأي سيارة، حيث ارتفعت شعبية هذه السيارة خلال السبعينات، وقامت هوندا في العشر سنوات المقبلة من بيع 375.000 سيارة في السوق الأمريكية، وهو معدل يزيد عن مبيعات شركة “سبارو” بمرتين، وعن شركة “مازدا” بثلاث مرات. مع بداية الثمانينات قام هوندا بتوسيع شركته إلى ما وراء البحار، وافتتح مصنع دراجات نارية قرب كولومبس في ولاية أوهايو الأمريكية في 1979م، وبعدها بمدة قصيرة افتتح مصنع سيارات، مما جعل شركات يابانية أخرى تحذوا حذوه. وفي أواخر السبعينات باعت نسيان وتويتا ثلث سياراتها للولايات المتحدة، بينما باعت هوندا نصف سياراتها للسوق، وفي عام 1988، تم تقديمه في قاعة مشاهير السيارات كأول صانع سيارات ياباني. بعد ثلاث سنوات من الإنجازات، توفي هوندا بسبب فشل في الكبد في 5 غشت عام 1991، في أحد مستشفيات طوكيو،بعد أن تحول إلى رجل أعمال قوي، مُخلفا أزيد من 470 ابتكار وأكثر من 150 براءة اختراع باسمه.