الأحزاب حليفة لمطالب الإصلاح وليست عدوا للشباب على الشباب واجب الاحترام وعلى الأحزاب واجب الإنصات وجها لوجه، سياسيون ومدونون، في مائدة واحدة، لمناقشة مطالب الإصلاح في المغرب، وإمكانات التغيير، حيث انطلق النقاش الذي ابتعد مند البداية، عن الموضوع الذي وضع له كعنوان «الانترنت في العالم العربي: بين التطور والثورة»، حيث لم يستطع شباب 20 فبراير، الالتزام بموضوع النقاش، فانساقوا نحو التعريف بمطالبهم، وتوجيه الاتهامات، واستهداف أسماء بعينها، ووعيد بالاستمرار في مسلسل الاحتجاجات حتى تتحقق مطالب الشعب، كما أسموها. السياسيون، انتبهوا إلى رغبة الشباب في الدخول مباشرة في صلب النقاش، حيث فضل وزير الشباب والرياضة، منصف بلخياط، عدم الإجابة عن موقفه المتناقض حول شباب 20 فبراير، وطالب بإخراج الملك من أي نقاش، مؤكدا في نفس الوقت أن استحقاقات 2012 هي فرصة للشباب للانخراط الفعلي في مسلسل الإصلاحات، إما عبر الالتحاق بأحزاب أو تأسيس حزب خاص بهم ودخول غمار المعركة الانتخابية. كلام الوزير، لم يرق الشباب، حيث سارع نجيب شوقي عضو الحركة الشبابية، إلى الرد قائلا: «نحن نحاور الملك، وأن الكلام موجه له، وليس للأحزاب أو الحكومة»، مضيفا أن خطاب الأحزاب مستهلك، ومتكرر ومتجاوز، قبل أن يتدخل نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ليطالب الشباب بواجب الاحترام، ويبرز أهمية المؤسسة الحزبية داخل المشهد السياسي. ولم يدع الأمين العام الفرصة تمر، دون تذكير الشباب بالأصوات الحرة التي نادت بالديمقراطية، وبالإصلاحات قبل سنوات خلت، مضيفا أن شباب اليوم هم أبناء كل تلك الأصوات الحرة، ونتاج لذلك. واستمر النقاش، حيث تدخل عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين، ليعتبر أن الوضع في المغرب، مخالف تماما للوضع في تونس أو مصر، لأن النظام في المغرب غير مبني على التخويف، كالنظام البوليسي في تونس، والعسكري في مصر، لكنه حذر في نفس الوقت من الاستهانة في التعامل مع هذه المطالب، كما حدث في تونس ومصر. وحاول منشط النقاش، الصحافي كريم الدويشي، الرجوع إلى موضوع اللقاء، لكن مطالب التغيير والإصلاحات فرضت نفسها، كمحور رئيسي وأساسي. وبعد سكون مطبق داخل القاعة، خطف سعيد البرجلي مؤسس صفحة 20 فبراير على شبكة الفايسبوك، الكلمة، ليعيد التذكير بسقف المطالب التي كانت في مجملها اجتماعية، وسرد معاناته في السجن، دون الدخول في صلب النقاش، والدفاع عن طرح الشباب. وبعد ذلك، استرجع بنعبد الله، الصوت، وأكد للشباب الذي يعتبرون الأحزاب أعداء لهم، أن حزب التقدم والاشتراكية ليس عدوا لهم، بل هو حليف لمطلب الإصلاح، مضيفا أن الحزب بصدد رفع مذكرة إلى جلالة الملك محمد السادس حول الإصلاحات السياسية والدستورية. واعتبر بنعبد الله في نفس السياق أن حركة شباب 20 فبراير تعبر في محصلتها عن سقف من المطالب التي كانت تتداولها العديد من المنابر الحزبية والإعلامية منذ سنوات، مضيفا أن انخراط الشباب، وخصوصا غير المتحزب منه، في هذا الحراك الإصلاحي أضفى «نفحة جديدة على الدينامية الإصلاحية بالمغرب»، وأنه بات من الواجب «الإنصات إلى هذه المطالب». وبصوت منتشي بتحقيق إنجاز معين، اعتبر الشاب شوقي، أن حركة شباب 20 فبراير، استطاعت خلق انقسام وشرخ كبير داخل حزب إخوان بن كيران، ليقاطعه حامي الدين مؤكدا أن الحزب لم يعرف أي انقسام بل هو خلاف صحي، يعكس الديمقراطية الداخلية للحزب. حامي الدين لم يرق له عنوان النقاش، ففتح قوسا حول التقطيع الانتخابي في المغرب، مشيرا إلى أن تقطيعا ماتزال تتحكم فيه وزارة الداخلية، أمر غير مقبول، ومنبها في نفس الوقت إلى أن المغاربة لم يذوقوا قط طعم النزاهة في الانتخابات. بعد إقفاله للقوس، حذر عضو المجلس الوطني لحزب «المصباح»، من استغلال فائض السلطة من طرف محيط الملك، وبالتي الانتقال من محاسبة الوزير الأول إلى محاسبة الملك. وبمجرد انتهاء حامي الدين من مداخلته، جدد بنعبد الله ضرورة الإنصات إلى الشباب والقدرة على التفاعل معهم، وفي مقابل ذلك أيضا على الشباب واجب الاحترام والإنصات، ليرد بعد ذلك على حديث الوزير الذي اعتبر أن المغرب قد شكل الاستثناء، حيث قال بنعبد الله إن المغرب يختلف عن باقي البلدان العربية لكنه لا يشكل الاستثناء، مؤكدا أن المغرب مطالب بإدخال جيل جديد من الإصلاحات، خصوصا الدستورية والسياسية منها، واتباع نهج متزن إزاء التعامل مع حركية الاحتجاجات، وذلك بما يتماشى مع التعددية والانفتاح الذي ارتضاه المغرب نهجا لا جدال فيه. وأبرز أن الانخراط في مسلسل الإصلاح يجب أن ينطلق في ظل الاستقرار، بعيدا أن أية مزايدات أو استغلال سياسوي، أو أعمال شغب. مشيرا أن البلد أمام أزمة السياسي وليس أزمة السياسة، مبرزا أن المشهد السياسي بالمغرب يعرف جملة من الانحرافات الخطيرة التي قد تؤدي به إلى كارثة سياسية. ومع اقتراب نهاية النقاش، تدخل فؤاد عبد المومني بصفته مناضلا يساريا، ليرد على الوزير بأنه «لا للجمع بين السلطة والثروة والقدسية»، مبرزا أن المغرب مطالب بإصلاحات عميقة لتجاوز الأزمة. وأجمع السياسيون في ختام النقاش، على أن دور الملك مهم في التحكيم والتوجيهات الكبرى والمراقبة، مضيفين أن إمارة المؤمنين يجب أن تحفظ لكي لا تستغل من أطراف أخرى وفق أجندة محددة.