إدانة المعتدي على البرلماني الطوب بالحبس ثمانية أشهر    مرشح حزب الاستقلال محمد الربيعي يفوز بدائرة مدشر الريحيين في الانتخابات الجزئية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الذكاء ‬الاصطناعي ‬بين ‬الثابت ‬والمتحول    المكتب الوطني للمطارات يعيد هيكلة أقطابه لقيادة استراتيجية "مطارات 2030"    اختتام الاجتماعات السنوية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية في الرباط بالمصادقة على انضمام الجزائر    بعد فضية 2022.. لبؤات الأطلس يبحثن عن المجد الإفريقي في "كان 2024"    كأس العالم للأندية: المهاجم البرازيلي بيدرو يعزز صفوف تشلسي أمام بالميراس    ضبط شحنة حشيش ضخمة في ألميريا قادمة من الناظور كانت مخبأة بين بطاطا مزيفة وبطيخ    دعم الكتاب والنشر لسنة 2025.. وزارة الثقافة تخصص أزيد من 10 ملايين درهم ل379 مشروعاً ثقافياً    تمديد أجل طلبات الدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر    بعد مراكش وباريس.. باسو يقدم "أتوووووت" لأول مرة في الدار البيضاء    صدمة بشفشاون بسبب تأجيل أقدم مهرجان شعري في المغرب لغياب الدعم اللازم    الرميد ينتقد حفل "طوطو" بموازين: "زمن الهزل يُقدَّم كنجاح ساحق"    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    الكاف تزيح الستار عن كأس جديدة لبطولة أمم إفريقيا للسيدات بالمغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    بتعليمات ملكية سامية.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق العمل ب13 مركزا جديدا في عدد من مدن المملكة    4 قتلى و14 جريحًا في إطلاق نار بشيكاغو    وفاة نجم ليفربول "جوتا" في حادث سير رفقة شقيقه    بونو وحكيمي يتألقان ويدخلان التشكيلة المثالية لثمن نهائي مونديال الأندية    وفاة نجم ليفربول "جوتا" بحادث سير    لفتيت يترأس حفل تخرج رجال السلطة    قاض أمريكي يعلق قرارا مثيرا لترامب    الرجوع إلى باريس.. نكهة سياحية وثقافية لا تُنسى    رئيس الاتحاد القبائلي لكرة القدم يكتب: حين تتحوّل المقابلة الصحفية إلى تهمة بالإرهاب في الجزائر    أسرة النقيب زيان تدق ناقوس الخطر بعد زيارته: إنه "يعاني صعوبة في التنفس والكلام ويتحرك بعكاز طبي"    مسؤولة أممية تدعو لحظر الأسلحة وتعليق الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل    "إبادة غزة".. إسرائيل تقتل 63 فلسطينيا بينهم 31 من منتظري المساعدات    مكتب الفوسفاط يوقع اتفاقية لتوريد 1.1 مليون طن أسمدة لبنغلاديش    حمد لله يدعم هجوم الهلال في كأس العالم    مدينة شفشاون "المغربية" تُولد من جديد في الصين: نسخة مطابقة للمدينة الزرقاء في قلب هاربين    الجزائر تُطبع مع إسبانيا رغم ثبات موقف مدريد من مغربية الصحراء: تراجع تكتيكي أم اعتراف بالعزلة؟    الشرقاوي تعدد تحديات "المرأة العدل"    رئيس إيران يوافق على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    حجيرة يدعو بدكار إلى إحداث كونفدرالية إفريقية للكيمياء في خدمة الابتكار والإندماج الإقليمي    طنجة تحافظ على جاذبيتها المعيشية رغم التحديات العقارية    تصعيد جديد للتقنيين: إضرابات متواصلة ومطالب بإصلاحات عاجلة    31 قتيلا و2862 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    وفاة سجين محكوم بقانون مكافحة الإرهاب في السجن المحلي بالعرائش        نشرة إنذارية: موجة حر مع زخات رعدية قوية محلية في عدة مناطق بالمملكة    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    تنسيقية مهنيي الطاكسي الصغير بطنجة تستنكر الزيادة في التسعيرة دون سند قانوني    لاعبات للتنس يرفضن التمييز بأكادير    الراحل محمد بن عيسى يكرم في مصر    طنجة.. توقيف متورطين في موكب زفاف أحدث ضوضاء وفوضى بساحة المدينة    جرسيف تقوي التلقيح ضد "بوحمرون"    النقاش الحي.. في واقع السياسة وأفق الدستور! -3-    بالصدى .. «مرسوم بنكي» لتدبير الصحة    كلمة .. الإثراء غير المشروع جريمة في حق الوطن    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    ضجة الاستدلال على الاستبدال    









الحجر الصحي .. تغييرات جذرية في العادات الغذائية للأسر المغربية
نشر في بيان اليوم يوم 14 - 04 - 2020

في انتظار انقشاع غمة وباء كورونا، وعودة الحياة إلى طبيعتها، يلتزم المغاربة، على غرار غالبية سكان المعمور، بالحجر الصحي بالمنازل الذي، إلى جانب كونه الوسيلة الوحيدة الممكنة حاليا لدرء خطر الإصابة بالعدوى، أتاح ما يكفي من الوقت للكثيرين لإعادة النظر في العديد من الأمور الحياتية. ومما لاشك فيه أن كل واحد يستشعر تغييرات عديدة مست نفسيته وكذا عاداته اليومية داخل محيطه الأسري.
ومن الجوانب المهمة التي طرأ عليها تحول جذري خلال فترة الحجر الصحي، هي العادات الغذائية للمغاربة، فقد احتل النظام الغذائي صدارة أولويات العديد من الأسر التي أضحت مقتنعة بأهمية التغذية المتوازنة، باعتبارها، إلى جانب النوم الكافي ومزاولة نشاط بدني في البيت، من أسس نمط العيش السليم خلال هذه الفترة.
وحسب شهادات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء، فإن السمة البارزة التي يمكن تسجيلها خلال فترة الحجر الصحي هي تصالح النساء مع المطبخ، وإيلاء اهتمام أكبر بالأكل الصحي، من أجل تقوية مناعة جميع أفراد الأسرة.
تقول فاطمة، وهي واحدة من النساء اللواتي لم يخطر على بالهن أنهن سيحققن المصالحة مع المطبخ، “خلال الأيام الأولى من الحجر لم أتأقلم بتاتا مع نمط الحياة الجديد لأنني كنت أعتمد في إعداد الطعام على مساعدتي المنزلية التي اضطررت للاستغناء عنها مؤقتا”، مشيرة إلى أنها اعتمدت، خلال الأسبوع الأول من الحجر، على طلب الأكل الجاهز، لكن سرعان ما أدركت أن هذا الحل غير عملي من الناحيتين الصحية والمادية.
وأبرزت أن زيارة خاطفة لإحدى مجموعات الطبخ بالفيسبوك كانت كافية لتغيير موقفها، وإقناعها بضرورة إعداد وجبات صحية لها ولأبنائها، وقالت، في هذا الصدد، “فوجئت عند انضمامي لهذه المجموعة باجتهاد النساء والرجال، على حد سواء، في إعداد الأكل بالمنزل، وكذا بنوعية الوصفات ذات القيمة الغذائية العالية التي يحضرونها”، مشيرة إلى أنه تأكد لها، بعد أسبوعين من خوض تجربة إعداد الطعام بالمنزل، أن الأمر لم يكن بالصعوبة التي تخيلتها، خاصة في ظل وجود قنوات عديدة تعنى بالطبخ، وخاصة الطبخ المغربي الأصيل المعروف بخصائصه الصحية الفريدة.
أما ليلى، التي كانت تعتمد، بشكل كلي، على الأكل خارج المنزل الذي كان يكلفها مبالغ طائلة، ويتسبب لها في العديد من المشاكل الصحية، فأكدت أن “الحجر الصحي سيمثل لا محالة نقطة فاصلة في حياتي. فقد أعدت ترتيب العديد من الأولويات، ومن أهمها الأكل الصحي الذي بدأت أوليه الاهتمام الذي يستحق”، مسجلة ما لاحظته من فرق كبير على مستوى ميزانيتها والتحسن الكبير في حالتها الصحية بعدما أصبحت تتناول أطباق صحية معدة منزليا، كخبز الشعير والطاجين المغربي.
ولم يقتصر الإقبال الملحوظ على الأكل الصحي على النساء، بل في أوساط الرجال والأبناء أيضا. يؤكد أحمد، وهو موظف يعمل من منزله، أنه “بعد الانتهاء من ساعات العمل، أقوم يوميا بإعداد وصفات بسيطة وشهية من المطبخ المغربي المعروف بمزاياه الصحية”، مؤكدا أن التزامه بالحجر الصحي بنسبة 100 بالمائة جعله يقتصد في أكله ويستهلك المواد التي كانت مخزنة بالمنزل منذ شهور والتي كادت صلاحية العديد منها أن تنتهي.
ولم تشمل التغييرات التي طالت النظام الغذائي للأسر المغربية نوعية الأكل فحسب، بل مواعيد الوجبات أيضا، فبينما يقضي العديد من الناس نهارهم متنقلين، جيئة وذهابا، إلى المطبخ بحجة الملل الذي يدفعهم للأكل بوتيرة غير منتظمة، يعاني آخرون من فقدان الشهية بسبب حالتهم النفسية المضطربة وعدم قدرتهم على التأقلم مع الواقع الجديد.
ومن الناس أيضا من اختاروا اعتماد نظام وجبتين غذائيتين فقط في اليوم بسبب تغير أوقات النوم، كما هو الحال بالنسبة لأمال : “أستيقظ يوميا عند منتصف النهار، ما يعني أن وجبة الفطور تكون عند الواحدة زوالا، والغذاء في السادسة مساء”، بينما رأى فيه آخرون نظاما يقيهم زيادة الوزن كما تعتقد نوال : “اتجهت نحو حذف وجبة العشاء من أجل التقليص من عدد السعرات الحرارية اليومية، وكي لا يزيد وزني على الرغم من أنني غير متأكدة من جدوى هذا النظام من الناحية الصحية”.
وفي خضم كل هذه التغيرات في النظام الغذائي للمغاربة، يؤكد الأخصائي في التغذية والحمية العلاجية، محمد أحليمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن فترة الحجر الصحي حملت معها مجموعة من السلوكات، منها ما هو إيجابي وأخرى سلبية. فقد تم تسجيل عودة العديد من الأسر لبعض التقاليد الغذائية المغربية الأصيلة، أهمها عجن الخبز في المنزل، وإعداد أطباق مغربية صحية، وذلك إما بهدف التقليل من مرات الخروج من المنزل، أو بسبب إيمان الكثيرين بعلاقة التغذية الصحية بتقوية المناعة.
وأعرب، في نفس الوقت، عن أسفه بسبب لجوء بعض الناس إلى تخزين العديد من المواد الغذائية، باعتباره سلوكا له آثار سلبية على اقتصاد الأسرة والاقتصاد الوطني بشكل عام، مشيرا إلى أن الأنكى من ذلك، هو أن غالبية المواد الغذائية التي تم تخزينها لا تمت بصلة للجانب الصحي الذي يخدم الإنسان في فترة الحجر المنزلي.
وبخصوص المواد الغذائية التي كثر الإقبال عليها في هذه الفترة من أجل تقوية المناعة وصمودها أمام الفيروسات، ولاسيما الشعير والثوم والبصل، أكد الأخصائي أن هذه المواد هي بالفعل مواد مناعية جيدة، لكنها غير كافية لوحدها لرفع المناعة، داعيا إلى إبقاء هذه المواد في إطار الاستهلاك العادي، وعدم التركيز على غذاء معين.
وبعدما أبرز أن 90 بالمائة من مناعة الإنسان تأتي من أمعائه، أي أن ما نأكله يتحكم في الجانب المناعي بشكل مباشر، وذلك حسبما أكدته العديد من الأبحاث والدراسات العلمية، أشار الأخصائي إلى أنه من حسن حظ المواطن المغربي أن جميع المواد الغذائية الصحية التي يمكن أن تكون عنده في نظامه الغذائي الصحي والاقتصادي في نفس الوقت متوفرة في الأسواق.
وحول خصوصية المطبخ المغربي الذي يتيح إعداد العديد من الوصفات والأطباق بمكونات بسيطة، أكد الأخصائي أن الطبخ المغربي، الذي يرجع تاريخه لقرون، يعتبر مصدرا يستلهم منه أغلب الطباخين العالميين أفكارهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مبرزا أن الفوائد الصحية للوصفات المغربية حاضرة بقوة، دونما الحاجة للعديد من المقادير.
وتوقف عند الحس الاقتصادي الحاضر بقوة في المطبخ المغربي، فهناك وجبات مغربية صحية يتم إعدادها بثلاث مكونات، كالدشيشة مثلا، إضافة إلى الطاجين الذي يتم إعداده بالخضر المتوفرة، والحريرة التي تختزن قوة غذائية كبيرة ومقاديرها في المتناول، وغيرها من الوصفات البسيطة والصحية في نفس الآن.
وبخصوص تبني بعض الناس خلال فترة الحجر الصحي لنظام غذائي قائم على وجبتين فقط في اليوم، بهدف تفادي زيادة الوزن، أكد السيد أحليمي أن الوجبات الغذائية لها حيز زمني معروف يجب احترامه، وتنقسم إلى ثلاث وجبات رئيسية : الإفطار والغذاء والعشاء، إضافة إلى لمجتين، واحدة صباحية وأخرى مسائية (على شكل فواكه)، مؤكدا أن ما يتحكم في الوزن هو “معدل الحرق” الذي يرتبط بعوامل الحركة والنوم المبكر والأكل الجيد، وليس حذف الوجبات الغذائية.
وسجل بروز العديد من قنوات الطبخ الصحي الحقيقي بوسائل التواصل الاجتماعي التي بدأت تحتل حيزا مهما في “الطوندونس المغربي” كأكثر الفيديوهات مشاهدة بفضل الاهتمام المتنامي الذي نشهده حاليا بعلاقة التغذية بالمناعة والصحوة التي تعيشها الأسر المغربية على مستوى ثقافتها الغذائية.
ولأن الكثير من الناس يعانون في هذه الفترة من مشكل فقدان الشهية، أكد الأخصائي أنه من الطبيعي أن يفقد البعض الشهية للأكل في ظل هذه الظروف، بالنظر إلى ارتفاع هرمونات القلق لديهم، داعيا إلى التخلص من المشاعر السلبية وتقاسم الطاقة الإيجابية، والحرص على تغذية الجوانب الروحية والعاطفية والعقلية والمادية التي تعيد للإنسان توازنه، بالإضافة إلى التهوية الجيدة للمنزل حيث يعد استنشاق الأوكسجين بالقدر الكافي عاملا يحمي من الإصابة بالاكتئاب.
وخلص محمد أحليمي إلى أن الحجر المنزلي يجب أن يكون أكاديمية أسرية قائمة على مبادئ الحياة الصحيحة، أي ما يعرف ب”فن الحياة”، والذي يعتبر الجانب الغذائي جزءا هاما فيه، وذلك من أجل الاستفادة من مزايا الأغذية القوية مناعيا، وترسيخ الثقافة الغذائية المغربية لدى الأجيال الصاعدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.